المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 9943 لسنة 47 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة- موضوع
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى
عبد الرحمن اللمعي – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / يحي خضري نوبي محمد – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / منير صدقي يوسف خليل – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عبد المجيد أحمد حسن المقنن – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عمر ضاحي عمر ضاحي – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد إبراهيم عبد الصمد – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / محمد عويس عوض الله – أمين السر
أصدرت الحكم الاتى
في الطعن رقم 9943 لسنة 47 قضائية عليا
المقام من
رئيس مجلس إدارة شركة المحمودية العامة للمقاولات والاستثمارات العقارية
ضد
وزير الدفاع بصفته
والطعن رقم 10147 لسنة 47 قضائية عليا
المقام من
وزير الدفاع بصفته
ضد
رئيس مجلس إدارة شركة المحمودية العامة للمقاولات
والطعن رقم 10176 لسنة 47قضائية عليا
المقام من
رئيس مجلس إدارة شركة المحمودية العامة للمقاولات والاستثمارات العقارية
ضد
وزير الدفاع بصفته
طعنا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري – الدائرة الخامسة
بجلسة 31/ 5/ 2001 في الدعويين رقمي 775، 918 لسنة 51ق
الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق الرابع والعشرين من يوليه عام ألفين وواحد
أودع وكيل الطاعن في الطعن الأول رقم 9943 لسنة 47ق0ع تقرير هذا الطعن قلم كتاب المحكمة
الإدارية العليا ضد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري – الدائرة الخامسة – بجلسة
31/ 5/ 2001 في الدعويين رقمي 775، 918 لسنة 51ق القاضي بقبولهما شكلا وفي الموضوع
بإلزام المدعي عليها – الشركة المذكورة – بأن تؤدي للمدعي بصفته – وزير الدفاع – مبلغا
مقداره 100ر42783 جنيها ( اثنان وأربعون ألفا وسبعمائة وثلاثة وثمانون جنيها ومائة
مليم ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الجهة الإدارية المدعية المصروفات. وطلب الطاعن
للأسباب المبينة تفصيلا بتقرير ذلك الطعن الحكم بقبوله شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه فيما قضي به من إلزام الشركة بأن تؤدي للمطعون ضده المبلغ سالف الذكر وإلزام
الجهة الإدارية المصروفات.
وفي يوم الأحد الموافق التاسع والعشرين من يوليو عام ألفين وواحد أودعت هيئة قضايا
الدولة بصفتها نائبة عن وزير الدفاع بصفته تقرير الطعن الثاني رقم 10147 لسنة 47ق.ع
قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طعنا على ذات الحكم المطعون فيه بالطعن الأول سالف
الذكر, وطلبت وزارة الدفاع للأسباب الواردة تفصيلا بتقرير طعنها الحكم بقبول الطعن
شكلا وفي الموضوع – بعد ندب خبير لتحقيق عناصر الضرر الذي أصاب الوزارة من عدم تنفيذ
الشركة لالتزاماتها – بأن تؤدي للطاعن بصفته مبلغا مقداره خمسة ملايين جنية والفوائد
القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 30/
10/ 1996 حتى تمام السداد والمصروفات عن درجتي التقاضي.
وفي يوم الاثنين الموافق الثلاثين من يوليه عام ألفين وواحد أودع وكيل الشركة الطاعنة
في الطعن الأول تقرير الطعن الثالث رقم 10176 لسنة 47ق0ع قلم كتاب الإدارية العليا
ضد ذات الحكم المطعون فيه بالطعنين الأول والثاني, وطلبت الشركة للأسباب المبينة بتقرير
الطعن الثالث سالف الذكر الحكم بذات طلباتها التي أبدتها في الطعن الأول.
وقد أعلنت الطعون الثلاثة على النحو الثابت بالأوراق, كما أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا
مسببا بالرأي القانوني فيها ارتأت في نهايته الحكم بقبولها شكلا وفي الموضوع بإلغاء
الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بإلزام الشركة بأن تؤدي إلى وزير الدفاع بصفته مبلغا
مقداره 742000 جنيها والمصروفات 0
وقد تحدد لنظر الطعون الثلاثة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا جلسة
1/ 1/ 2003 وفيها قررت ضمهم ليصدر فيهم حكم واحد, ثم تدوولت الطعون أمام الدائرة بالجلسات
حيث أودعت الجهة الإدارية ملف التحكيم رقم 1197 لسنة 1991 المقام من الشركة ضد الوزارة,
كما قدم الحاضر عن الجهة المذكورة مذكرة بدفاعها, وقدم الحاضر عن الشركة ثلاث حوافظ
مستندات ومذكرة بدفاعها, وبجلسة 17/ 12/ 2003 قررت الدائرة إحالة الطعون إلى الدائرة
الثالثة – موضوع – بالمحكمة لنظرها بجلسة 6/ 4/ 2004 ومن ثم نظرتها المحكمة المذكورة
والجلسات التالية لها على النحو المبين بمحاضرها حيث قدم الحاضر عن الشركة مذكرة, وطلب
ندب خبير للانتقال إلى الأرض المقام عليها المشروع محل النزاع لإثبات إزالته, وبجلسة
14/ 2/ 2006 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 2/ 5/ 2006 وفيها قررت مد أجل النطق به
لجلسة اليوم لإتمام المداولة حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق
به.
المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعون الثلاثة قد استوفت سائر أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعون تخلص – حسبما يبين من الأوراق في أن وزارة الدفاع
أقامت الدعوى رقم 775 لسنة 51ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ
30/ 10/ 1996 طلبت في ختامها إلزام شركة المحمودية العامة للمقاولات بأن تؤدي للوزارة
مبلغا مقداره خمسة ملايين جنية ونصف مليون جنيه والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع
5% سنويا من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد, وذكرت الجهة الإدارية شرحا للدعوى أن
وزير الإسكان أصدر القرار رقم بتاريخ 14/ 11/ 1984 بتكليف الهيئة الهندسية للقوات
المسلحة بعملية تنفيذ مشروع ألف وحدة سكنية للإيواء العاجل بمنطقة القطامية على أن
تقوم إدارة المشروعات الكبرى بإنشاء الوحدات ويتم إسناد أعمال التشطيب لشركتي المحمودية
والعربية العامة للمقاولات وذلك بناء على أمر تكليف رقم 231 لسنه 1984, ثم قامت وزارة
الإسكان بإهداء هذا المشروع إلى وزارة الدفاع على أن تتحمل الأخيرة باقي مستحقات الشركتين.
وأضافت الجهة الإدارية أن موقع العمل سلم بتاريخ 11/ 1/ 1985 بواقع 500 وحدة لكل شركة,
وبعد البدء في التنفيذ امتنعت شركة المحمودية العامة للمقاولات المدعي عليها عن إتمام
الأعمال وقامت بفك بعض النجارة والألمنيوم والأدوات الصحية والكهربائية التي سبق أن
تسلمتها الجهة الإدارية دون الرجوع إلى الإدارة المشرفة على المشروع ولما طلبت الهيئة
الهندسية منها الاستمرار في العمل وإعادة الشئ لأصله بإعادة تركيب ما قامت بفكه لم
تستجب رغم إخطارها باستعداد الهيئة الهندسية سداد جميع مستحقاتها بعد نهو الأعمال المسندة
إليها إلا أنها أقامت التحكيم 1197 لسنة 1991 لإلزام الهيئة الهندسية بدفع قيمة الأعمال
التي سلمتها ابتدائيا والفوائد وأجره الحراسة للوحدات وأجرة فك وتشوين وتخزين وإعادة
تركيب الصحي والكهرباء والألمنيوم وبالفعل صدر حكم التحكيم بجلسة 15/ 3/ 1992 بإلزام
الإدارة بأن تؤدي للشركة مبلغا مقداره 440ر564514 جنيها وتم تنفيذ الحكم وسداد المبلغ
للشركة. ورغم أنه يتضح من حكم التحكيم التزام الشركة بإعادة تركيب الأشياء التي قامت
بفكها فإنها لم تقم بذلك مع أنها صرفت قيمة هذه الأعمال وقد تم إنذارها في 20/ 4/ 1993
لتنفذ التزاماتها الخاصة بأعمال التشطيب إلا أنه دون جدوى الأمر الذي تسبب في إلحاق
ضرر بالجهة الإدارية قيمته خمسة ملايين ونصف مليون جنيه على اعتبار أن عدد الوحدات
المسندة للشركة كان 500 وحدة سكنية وتكلفة الوحدة الواحدة بلغت أحد عشر ألف جنية شاملا
التعويض ومن ثم يتعين إلزام الشركة بأن تؤدي للوزارة هذا المبلغ.
وبتاريخ 4/ 11/ 1996 أقامت وزارة الدفاع أيضا الدعوى الثانية رقم 918 لسنة 51ق بإيداع
صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري المذكورة وطلبت في ختامها ذات الطلبات التي
أبدتها بصحيفة الدعوى الأولي واستنادا إلى ذات الأسباب الواردة بها.
وبعد أن ضمت محكمة القضاء الإداري الدعويين أصدرت فيهما بجلسة31/ 5/ 2001 الحكم المطعون
فيه وفيه حددت طلبات وزارة الدفاع في طلب إلزام الشركة المذكورة بأن تؤدي لها مبلغا
مقداره خمسة ملايين ونصف مليون جنيه كتعويض عن الأضرار التي لحقت بالوزارة من عدم تنفيذ
الشركة لالتزاماتها وفوائده القانونية بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية حتى
تمام السداد ثم شيدت قضاءها بإلزام الشركة بمبلغ 100ر42783 جنيها ورفض ما عدا ذلك من
طلبات على أسباب تخلص في أن الشركة أدت كافة التزاماتها وسلمت المشروع ابتدائيا دون
ملاحظات للجنة التي شكلتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالقرار رقم 129 لسنه 1988
ثم قامت الشركة بناء على طلب هذه اللجنة في 9/ 1/ 1989 بفك أعمال الكهرباء والصحي والنجارة
والألمنيوم السابق تركيبها بالمشروع مع إبقائها بمخازن الشركة حتى يتم تسليم الوحدات
للمستفيدين وذلك بسبب وجود المشروع بمنطقة نائية وحفاظا على هذه الأشياء, ولم تطلب
الجهة الإدارية من الشركة تركيب هذه الأشياء إلا في 2/ 2/ 1993 تاريخ إرسال إنذار لها
بذلك أي بعد صدور حكم التحكيم المشار إليه بإلزام الوزارة بأن تؤدي للشركة كافة مستحقاتها
عن الأعمال التي قامت بها, وبالتالي يكون قد مضت مدة طويلة تجاوز الحد المعقول تقيم
مبررا لامتناع الشركة عن إعادة تركيب هذه الأشياء واشتراط اتفاق جديد لأداء هذه الأعمال,
وخلصت المحكمة من ذلك إلى أن ركن الخطأ ينتفي في حق الشركة وإنما الخطأ يرجع للجهة
الإدارية ولا تلومن إلا نفسها, ثم عادت المحكمة وأضافت في أسبابها أنه ولئن كان ما
تقدم إلا أنه يبين أيضا من الأوراق أن جهة الإدارة عادت وتحملت على نفقتها تكاليف إعادة
الحال إلى ما كان علية بتركيب ما قامت الشركة بفكه بعد تسليمها الأعمال ابتدائيا ومن
ثم يتعين إلزامها بأداء ما سبق أن أدته لها الوزارة من مبالغ نظير أعمال إعادة التركيب
تنفيذا لحكم التحكيم حتى لا تثري الشركة على حسابها وقد قررت الجهة الإدارية هذه التكلفة
بمبلغ 100ر42783 جنيها حسبما يبين من حافظة مستنداتها المقدمة أمام هيئة المفوضين بجلسة
التحضير في 30/ 4/ 1998 فإنه يتعين إلزام الشركة بأن تؤدي لها هذا المبلغ.
ومن حيث إن الشركة لم ترتض ذلك الحكم فأقامت ضده الطعنين الأول والثالث رقمي 9943 و
10176 لسنة 47ق0ع استنادا إلى أسباب خلاصتها أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وتأويله
حيث تناقضت أسبابه مع منطوقه فقد ورد بالأسباب أن الشركة أوفت بالتزاماتها العقدية
وأن الجهة الإدارية هي التي أخطأت انتهي إلى إلزام الشركة بالمبلغ المشار إليه بمنطوقه
دون أساس من الواقع أو القانون كما أن الحكم صدر على خلاف حكم سابق حاز قوة الأمر المقضي
به وهو حكم التحكيم رقم 1197 لسنة 1991 حيث لجأت الشركة إلى هيئة التحكيم بعد أن امتنعت
الجهة الإدارية عن صرف مستحقاتها لمدة تزيد على عامين ونصف وقدمت للهيئة المستندات
الخاصة بالنزاع في حضور ممثل الجهة الإدارية وكان مطروحا على التحكيم الأعمال الخاصة
بالأشياء التي تم فكها بعد تركيبها وما أثير حولها من نزاع وطلبات ومع ذلك صدر الحكم
المطعون فيه على خلاف ما قضي به حكم التحكيم, ولا ينال من ذلك أن الجهة الإدارية أشارت
إلى أنها تطلب التعويض عن عدم تنفيذ الشركة لالتزاماتها فذلك كان لتجنب الحكم بعدم
جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها, وأضافت الشركة أن الحكم شابه القصور في التسبيب
والفساد في الاستدلال حيث قضي بمبلغ حددته الجهة الإدارة دون أي سند من الواقع أو القانون
وهو ما لم يبينه الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون جديرا بالإلغاء.
ومن حيث إن الجهة الإدارية لم ترتض الحكم المطعون فيه كذلك فطعنت عليه بالطعن الثاني
رقم 10147 لسنة 47ق0ع طالبة إلزام الشركة بأن تؤدي مبلغا مقداره خمسة ملايين ونصف مليون
جنيه والفوائد القانونية عن هذا المبلغ وذلك بعد ندب خبير في النزاع لبحث الضرر الذي
لحق بها من جراء عدم تنفيذ الشركة لالتزاماتها وتحديد عناصر هذا الضرر, وأسست طعنها
على أسباب تخلص في أن الحكم خرج على مقتضي التطبيق الصحيح للقانون إذ أن الشركة لم
تنفذ التزاماتها الخاصة بإعادة تركيب ما تم فكه من الأدوات الصحية والألمنيوم والنجارة
والكهرباء رغم صرف مستحقاتها مما الحق بالوزارة ضررا يتمثل فيما تكلفته لتنفيذ ذلك
والتعويض عنه بنسبة 100% عن كل وحدة سكنية خاصة وأن قيام الشركة بفك بعض الأشياء المشار
إليها قد تم دون أخذ رأي الجهة الإدارية وبعد صدور حكم التحكيم وتنفيذه حيث تأخرت في
تسليم المشروع في المواعيد المحددة بزعم عدم صرف مستحقاتها رغم صرفها كاملة طبقا لحكم
التحكيم, ولما طلبت منها الجهة الإدارية إعادة تركيب ما قامت بفكه لم تلتزم بذلك الأمر
الذي يتوافر معه ركن الخطأ في جانبها وتلتزم بالتعويض عنه وبأداء ما تكلفته الوزارة
نتيجة لعدم تنفيذها لالتزاماتها.
ومن حيث إنه تجدر الإشارة بداية إلى أن الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أن محكمة
القضاء الإداري – كما تقدم – قد حددت طلبات الجهة الإدارية في الدعويين في طلب التعويض
عن الأضرار التي لحقت بها من عدم تنفيذ الشركة المذكورة لالتزاماتها وقدرت الجهة الإدارية
لهذا التعويض مبلغا مقداره خمسة ملايين ونصف مليون جنيه والفوائد القانونية عنه, ولما
كان من المقرر أن الخطأ العقدي في العقود بصفة عامة هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته
الناشئة عن العقد أيا كان سبب ذلك بحيث يستوي أن يكون عدم التنفيذ ناشئا عن عمده أو
إهماله أو عن فعله دون عمد أو إهمال, والثابت من الأوراق أن شركة المحمودية العامة
للمقاولات كلفت بقرار وزير الإسكان رقم 23 لسنة 1984 في 17/ 2/ 1984 بتنفيذ أعمال القواطع
الداخلية والتشطيبات الخاصة بمشروع الألف وحدة سكنية إيواء عاجل بمنطقة القطامية واختصت
الشركة بهذه الأعمال عن خمسمائة وحدة من هذا المشروع, وأثناء التنفيذ أهدت وزارة الإسكان
هذا المشروع إلى وزارة الدفاع على أن تتحمل الأخيرة مستحقات الشركة إلا أنه حدث خلاف
بعد ذلك بينهما فأقامت الشركة التحكيم رقم 1197 لسنة 1991 ضد وزارة الدفاع مطالبة إياها
بسداد مستحقاتها عن الأعمال التي أدتها وبعد أن تدوول النزاع أمام هيئة التحكيم في
حضور من يمثل كل طرف أصدرت الهيئة فيه الحكم بجلسة 15/ 3/ 1992 بإلزام الوزارة بأن
تؤدي إلى الشركة مبلغا مقداره 445ر564514 جنيها والمصروفات وقامت الوزارة بتنفيذ هذا
الحكم وكذلك الأمر الصادر بإلزامها برسوم التحكيم ومصروفاته وقيمته 100ر42783 جنيها,
وقد شيد حكم التحكيم حسبما يبين من أسبابه على أن الثابت من الأوراق والمستندات أن
الشركة أوفت بالتزاماتها بشأن الأعمال المسندة إليها وفق الثابت من محاضر الاجتماعات
والخطابات المتبادلة بين الطرفين ومعهما وزارتي الإسكان والدفاع وقضي لها الحكم بمستحقاتها
عما قامت به من أعمال, وعن أجرة الحراسة, وقيمة فك وتركيب الأجهزة الصحية والنجارة
والألمنيوم والكهرباء السابق تركيبها, ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أيضا أن مؤدي
نص المادة 101 من قانون الإثبات أن الأحكام النهائية التي تضمنت حسم النزاع معين بين
طرفيه يكون لها حجية الأمر المقضي التي تمنع إعادة طرح النزاع على القضاء مرة أخري
تحقيقا لاستقرار الحقوق ومنعا للتضارب بين الأحكام وإضفاء للثقة والاحترام الواجبين
لها وهي حجية تتعلق بالنظام العام فلا يجوز مخالفتها أو القول بما ينال منها أو على
خلافها بحيث يكون الحكم النهائي البات عنوانا للحقيقة فيما فصل فيه وكان ضروريا للنتيجة
التي خلص إليها بما مؤداه عدم جواز المجادلة مرة أخري فيما حسمه الحكم, وإذ يبين مما
تقدم أن حكم التحكيم سالف الذكر قد حسم موقف الشركة المذكورة من الأعمال التي كلفت
بها وفصل في وضوح بأنها أوفت بالتزاماتها وقضي لها بما تستحقه عن هذه الأعمال خاصة
أعمال فك وتركيب النجارة والصحي والكهرباء والألمنيوم فمن ثم لا يجوز معاودة المجادلة
في هذه الواقعة مرة أخري أو القول بأن الشركة قد أخلت بالتزاماتها وارتكبت خطأ عقديا
وتستحق الجهة الإدارية التعويض الذي يجبر الضرر الناتج عنه فذلك القول يناقض ما قضي
به حكم التحكيم وهو حكم له ما للأحكام من حجية يتعين احترامها ومتى انتفي ركن الخطأ
في جانب الشركة فلا يكون ثمة سند قانوني لمطالبتها بالتعويض مما كان يتعين معه على
محكمة القضاء الإداري أن تقضي برفض الدعويين الصادر فيها الحكم المطعون فيه أما وإنها
قد خلصت إلى غير ذلك فإن حكمها يكون مخالفا للقانون وغير قائم على ما يسانده من الواقع
ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعويين المشار إليهما دون أن ينال من ذلك ما ساقته الجهة
الإدارية من دفاع وأسانيد لطعنها إذ أن المجادلة فيما إذا كان على الشركة ثمة التزامات
وأخلت بها من عدمه يعد مجادلة في حجية حكم التحكيم سالف الذكر وما أورده بأسبابه المرتبطة
بمنطوقه وهو أمر تأباه طبيعة النظام القضائي ويخالف النظام العام خاصة وأن طلبات الجهة
الإدارية كما تقدم كانت طلب التعويض مما يستلزم توافر الخطأ بداية وهو ما حسمه حكم
التحكيم ينفي الخطأ عن الشركة على النحو سالف البيان.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن الجهة الإدارية تلتزم بها عن درجتي التقاضي عملا بحكم
المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة/ بقبول الطعون الثلاثة شكلا وفي الموضوع بإلغاء
الحكم المطعون فيه وبرفض الدعويين وألزمت الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.
صدر هذا الحكم وتلي علنا يوم 10 من جمادى أول سنة 1427 ه، الموافق 30/ 5/ 2006 ميلادية
بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
