المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 6235 لسنة 46ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة – موضوع
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي – نائب
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذةالمستشارين/ يحيي عبد الرحمن يوسف – نائب رئيس مجلس الدولة
/ منير صدقي يوسف خليل – نائب رئيس مجلس الدولة
/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن – نائب رئيس مجلس الدولة
/ عمر ضاحي عمر ضاحي – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد مصطفي عثمان – مفوض الدولة
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 6235 لسنة 46ق. عليا
المقام من
محافظ الفيوم بصفته
ضد
رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الإنتاجية لتجهيز وتوريد الأغذية
بدمنهور بصفته
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 12/ 3/ 2000 في الدعوى رقم
2956 لسنة 49ق
الإجراءات
في يوم الأربعاء الموافق العاشر من مايو سنة 2000 أودعت هيئة قضايا
الدولة نيابة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة-الدائرة العاشرة بجلسة 12/ 3/ 2000
في الدعوى رقم 2959 لسنة 49ق. المقامة من المطعون ضده على كل من الطاعن بصفته وكيل
وزارة التربية والتعليم بالفيوم والذي قضي بقبول الدعوى شكلا بالنسبة للمدعي عليه الثاني
بصفته (الطاعن) دون المدعي عليه الأول لرفعها على غير ذي صفة وفي الموضوع بإلزام الجهة
الإدارية بأن تؤدي للجمعية المدعي مبلغ 8664.752 جنيها والمصروفات.
وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء
مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وأعلن الطعن إلى المطعون ضده على الوجه الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلا وبرفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 18/ 12/ 2002 إحالته إلى المحكمة
الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وعينت لنظره أمامها جلسة 1/ 7/ 2003 حيث تدوول بالجلسات
على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 7/ 12/ 2004 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 22/
2/ 2005 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال شهر حيث أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع
طلبت فيها الحكم بالطلبات الواردة بعريضة الطعن وبتلك الجلسة قررت المحكمة إعادة الطعن
للمرافعة لجلسة 21/ 6/ 2005 للسبب المبين بمحضر الجلسة حيث استمر تداول الطعن بالجلسات
على النحو الثابت بمحاضرها وفيها أودعت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات وبجلسة 3/
10/ 2006 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة
على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في إنه بتاريخ 18/ 1/ 1995
أقام المطعون ضده الدعوى رقم 2956 لسنة 49ق أمام محكمة القضاء الإداري-الدائرة العاشرة
طلب في ختامها الحكم بإلزام الجهة الإدارية (الطاعن) بأن تؤدي له مبلغ 9895 جنيها والمصروفات.
وذكر المدعي شرحا لدعواه أنه بناء على عقد توريد مبرم بين الجمعية المدعية وبين مديرية
التربية والتعليم بأبشواي التزمت الجمعية بتوريد وجبة بسكويت لتلاميذ مدارس كل من إدارتي
إبشواي وطامية التعليمية التابعتين لمديرية التربية والتعليم بالفيوم وقد أوفت الجمعية
بالتزاماتها إلا أنها فوجئت بقيام الجهة الإدارية بخصم مبلغ 9895.97 جنيها من مستحقاتها
بمقولة إنه تنفيذ لتعليمات الجهاز المركزي للمحاسبات وذلك على التفصيل الموضح بعريضة
الدعوى ونعي المدعي على قيام الجهة الإدارية بخصم المبلغ المشار إليه بمخالفته لأحكام
القانون على أساس أن العقد نظم بنصوص خاصة كيفية حساب غرامة التأخير عند عدم التوريد
وحددها بواقع جنيه واحد عن كل مائة تلميذ أو كسورها وبالتالي فلا مجال للرجوع إلى الأحكام
العامة الواردة بالمادة 92 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات
رقم 9/ 1983.
وخلص المدعي إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 12/ 3/ 2000 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه وأقامته على إن الثابت
من الأوراق أن مديرية التربية والتعليم بالفيوم تعاقدت مع الجمعية المدعية على توريد
وجبات البسكويت المخصص لتلاميذ المدارس بإدارتي ابشواي وطامية وتضمنت تعليمات المناقصة
أن يكون توقيع الغرامة في حالة عدم توريد البسكويت بواقع جنيه واحد أو كسورها عن اليوم
الذي لا يتم فيه التوريد وأنه عقب إتمام التوريد أفاد الجهاز المركزي في تقريره عن
أعمال الجهة الإدارية بأن غرامة التأخير يجب خصمها بنسبة 4% من قيمة الأصناف التي لم
يتم توريدها طبقا لأحكام لائحة المناقصات والمزايدات المكملة للعقد فضلا عن خصم 10%
من قيمة هذه الأصناف وفقا لأحكام هذه اللائحة ليكون إجمالي المبلغ الواجب خصمه من الجمعية
هو مبلغ 6359.19 جنيها عما لم يتم توريده لإدارة ابشواي التعليمية، ومبلغ 2305.462
جنيها عما لم يتم توريده لإدارة طامية واستعرضت المحكمة نص البندين الثاني والسابع
من عقد التوريد المبرم بين الطرفين في 19/ 12/ 1992 والبند العاشر من شروط المناقصة
واستخلصت منها أن نصوص العقد بما فيها شروط المناقصة هي الواجبة التطبيق في حالة إخلال
المتعهد بالتزامات العقد فإن لم يوجد نص فيها وجب الأحتكام إلى قانون المناقصات والمزايدات
رقم 9 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية.
وأضافت المحكمة أن الجهة الإدارية وضعت جزاءاً خاصا في حالة عدم توريد البسكويت مقتضاه
توقيع غرامة تأخير بمقدار جنيه واحد لكل مائة تلميذ أو كسورها عن اليوم الواحد الذي
لا يقوم فيه المتعهد بالتوريد وهو ما جاء بشروط المناقصة التي نص العقد على كونها جزءا
لا يتجزأ من العقد وعلى ذلك فإنه يتعين إعمال هذا الشرط وتطبيق الجزاء الوارد به عن
عدم التوريد دون إعمال نص المادة 92 من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة
1983 والتي نصت على جزاءات أخرى على اعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين وأن حقوق والتزامات
المتعاقد مع الإدارة يحددها العقد المبرم بينهما وأنه لا رجوع إلى لائحة المناقصات
والمزايدات إلا فيما سكت عنه العقد بالتنظيم… واستبان للمحكمة من الأوراق أن الجهة
الإدارية قامت – بالمخالفة لما سبق بتطبيق نصوص اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات
والمزايدات، ففرضت غرامة تأخير بواقع 4% بالإضافة إلى خصم 10% من قيمة الأصناف التي
لم تورد دون تطبيق نصوص العقد التي نصت على توقيع غرامة تأخير بواقع جنيه واحد عن كل
مائة تلميذ أو كسورها عن اليوم الواحد فبلغت بذلك الغرامة الموقعة بالنسبة لإدارة ابشواي
التعليمية 6359.29 جنيها، وبالنسبة لإدارة طامية التعليمية مبلغ 2305.462 جنيها بإجمالي
مقداره 8664.752 جنيها مما يكون معه فرض هذه الغرامة قد تم بالمخالفة لأحكام العقد
وشروط المناقصة الأمر الذي يتعين معه الحكم برد قيمة تلك الغرامة للجمعية المدعية.
ومن حيث إن مبني الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله
تأسيسا على أنه وإن كانت شروط المناقصة والعقد المبرم مع المطعون ضده نظم فرض غرامات
التأخير على نحو معين، إلا أنه في ذات الوقت اعتبر أحكام قانون المناقصات والمزايدات
مكملة لشروط العقد مما يتعين معه الرجوع إليه فيما لم ينظمه، ومن ذلك الجزاءات التي
توقع في حالة عدم إنهاء التعاقد والتي نظمتها المادة 92 من اللائحة التنفيذية لذلك
القانون ومن ثم فلا تثريب على الجهة الإدارية إن هي جمعت بين الجزائين وفقا لما استقرت
عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا وأن توقيع الجهة الإدارية غرامة التأخير وفقا لنصوص
كراسة العطاء-كما يتمسك بها المطعون ضده والمتمثلة في غرامة قدرها جنيه واحد عن كل
مائة تلميذ في اليوم لا تخرج بطبيعة الحال وبعملية حسابية عن النسبة المبينة بالمادة
92 من تلك
اللائحة وأنه تم حساب مقدار الغرامة عن كل مائة تلميذ تسهيلا على مسئولي المدارس في
توقيع الغرامة ومن ثم يكون تقرير الجهاز المركزي قد جاء وفق أصول المحاسبة الصحيح.
ومن حيث إن المادة 148 من القانون المدني تنص على أنه "يجب تنفيذ العقد طبقا لما أشتمل
عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية". ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العقد
الإداري، شأنه في ذلك شأن سائر العقود يتم بتوافق إرادتين تتجهان إلى إحداث أثر قانوني
معين، وليس عملا شرطيا يتعين إسناد مراكز قانونية عامة وموضوعية إلى أشخاص بذواتهم
0 فإذا توقع المتعاقدان في العقد خطأ معينا ووضعا له جزاء بعينه فإنه يتعين أن تتقيد
جهة الإدارة والمتعاقد معها بما جاء في العقد ولا يجوز لأيهما مخالفتها، كما لا يصح
في القانون القضاء على غير مقتضاه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المناقصة التي أعلنت عنها الجهة الإدارية الطاعنة
لتوريد الوجبات الغذائية المطلوبة لتلاميذ المدارس تضمنت في البند منها أن كراسة
الشروط والتعليمات الملحقة بها متممة لهذه الشروط. كما تضمنت أيضا تحت بند "تعليمات
للمدارس والإدارات التعليمية" وشملت هذه التعليمات في البند منها تحت مسمي "بند
الغرامات" أن توقع غرامة في حالة عدم توريد البسكويت بواقع جنيه واحد لكل مائة تلميذ
وكسورها عن اليوم الذي لا يقوم فيه المتعهد بالتوريد…" وأعطي البند السابع من العقد
المبرم بين الطرفين- في حالة إخلال الجمعية المطعون ضدها بالتزاماتها بالتوريد- للجهة
الإدارية الحق في شراء الأصناف التي تأخرت الجمعية عن توريدها على حسابها واقتضاء كل
خسارة تلحقها من جراء ذلك وذلك بالإضافة إلى ما تنص عليه الشروط المبينة بكراسة العطاء
المشار إليها من جزاءات أخرى وأن أحكام القانون رقم 9/ 1983 ولائحته التنفيذية تعتبر
مكملة للعقد من كافة الوجوه.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم، فإنه ولئن كانت المادة 92 من اللائحة التنفيذية لقانون
تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9/ 1983-والذي كان ساريا وقت النزاع
الماثل-قد نظمت فرض غرامات التأخير التي توقع على المورد في حالة عدم توريد الأصناف
المتعاقد عليها أو جزء منها بأن جعلها بواقع 1% عن كل أسبوع تأخير أو جزء منه بحد أقصي
4% إلا أن العقد المبرم بين الطرفين وضع تنظيما خاصا مغايرا لفرض غرامة التأخير بما
سلف بيانه. ومن ثم فإن هذا التنظيم-فيما يتعلق باستئداء الغرامة المشار إليها-يكون
هو الواجب إعماله دون النص اللائحي الوارد بالمادة 92 سالفة الذكر ذلك لأنه تنظيم خاص
ومن المبادئ المسلم بها أن الخاص يقيد العام، ولأنه هو الذي توافقت عليه إرادة المتعاقدين
المشتركة.
ومن حيث إنه وإن كان العقد قد نظم أحكام فرض غرامة التأخير بما سلف بيانه إلا أنه اعتبر
أن أحكام القانون رقم 9 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية مكملة للعقد من كافة الوجوه، وهو
ذات ما نصت عليه المادة 40 من ذلك القانون. من أنه"يجب النص في شروط العطاء على أن
تعتبر أحكام اللائحة التنفيذية لهذا القانون جزءا مكملا لهذه الشروط ويخضع لها العقد
ومتى كان ذلك، وكانت المادة 92 آنفة الذكر قد أعطت للجهة الإدارية الحق في إنهاء التعاقد
فيما يختص بالأصناف التي تأخر المتعهد في توريدها ومصادرة التأمين المودع بما يوازي
10% من قيمتها والحصول على ما يستحق من غرامات أو تعويضات عما يلحق بها من أضرار. وإذ
ثبت أن الجهة الإدارية الطاعنة لم تقم بشراء كميات الوجبات الغذائية التي تخلفت الجمعية
المطعون ضدها عن توريدها تنفيذا على حسابها ومن ثم تلتزم تلك الجمعية بأداء ما يعادل
10% من قيمتها-في ضوء ما هو ثابت من أنها لم تقم بأداء أية تأمينات باعتبارها جمعية
تعاونية مشهرة وفقا لأحكام قانون التعاون الإنتاجي رقم 110/ 1975، وبالتالي تم إعفاؤها
من أداء التأمين عملا بحكم المادة 21 من القانون رقم 9/ 1983.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم، وكان الثابت أن الجهة الإدارية-بناء على توصية الجهاز
المركزي للمحاسبات-قامت بخصم مبلغ 6864.75 جنيها من مستحقات الجمعية المطعون ضدها-والذي
يمثل نسبة 10% من قيمة الوجبات الغذائية التي تخلفت تلك الجمعية عن توريدها-وذلك بخلاف
غرامة التأخير التي أوقعتها في حينها طبقا لنصوص العقد فمن ثم فإنها تكون قد أعملت
صحيح أحكام القانون ويكون طلب الجمعية المطعون ضدها استرداد هذا المبلغ غير قائم على
أساس من القانون وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر وقضي بإلزام الجهة الإدارية
برد هذا المبلغ إلى تلك الجمعية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين الحكم بإلغائه
وبرفض الدعوى مع إلزام الجمعية المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي عملا بحكم
المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده بصفته المصروفات عن درجتي التقاضي.
بالجلسة المنعقدة بمقر مجلس الدولة يوم الثلاثاء الموافق 29من شوال سنة 1427 هجرية
الموافق 21/ 11/ 2006 ميلادية.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
