الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 8591 لسنة 48 قعليا

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة ( موضوع )

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ يحيى عبد الرحمن يوسف – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ يحيى خضري نوبي محمد – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ منير صدقي يوسف خليل – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عمر ضاحي عمر ضاحي – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد إبراهيم عبد الصمد – مفوض الدولة
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الأتي

في الطعن رقم 8591 لسنة 48 ق.عليا

المقام من

أيمن عبد الجابر عبد الحميد أحمد

ضد

1- محافظ سوهاج " بصفته "
2- رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة جرجا " بصفته "
عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط " الدائرة الأولى " بجلسة 20/ 3/ 2002 في الدعوى رقم 881 لسنة 10ق


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 22/ 5/ 2002 أودع الأستاذ/ فهمي عبد اللطيف أحمد المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العمومي تحت رقم 8591 لسنة 48 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط " الدائرة الأولى " في الدعوى رقم 881 لسنة 10ق. بجلسة 10/ 3/ 2002 والقاضي منطوقه: ( بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات )- وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً: أصلياً: ببراءة ذمة الطاعن من مبلغ 12964.69جنيه مع رد قيمة التأمين الابتدائي المقدم منه والبالغ قدره 800 جنيه وما يترتب على ذلك من آثار قانونية.
واحتياطياً: براءة ذمته من مبلغ 12964.69 جنيه قيمة فروق الأسعار بين عطائه وعطاء المقاول التالي له والمصروفات الإدارية، مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن- ارتأت فيه الحكم/ بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وإلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة المرافعة المنعقدة في 7/ 4/ 2004، وبجلسة 21/ 7/ 2004 قدرت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا " الدائرة الثالثة – موضوع…. وحددت لنظر الطعن أمامها جلسة 14/ 12/ 2004 ونظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسات التالية لها وذلك على النحو الموضح بمحاضرها وبجلسة 27/ 12/ 2005 قررت إصدار الحكم بجلسة 7/ 3/ 2006 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الثابت من مطالعة الأوراق أن الحكم الطعين صدر بجلسة 20/ 3/ 2002 ومن ثم يكون آخر ميعاد للطعن عليه هو 19/ 5/ 2002 طبقاً لنص المادة 44 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وإذ ثبت أن الطاعن يقيم بمدينة جهينة – محافظة سوهاج والتي تبعُد عن مقر المحكمة الإدارية العليا بالقاهرة بمسافة 495 كيلومتر وبالتالي يمتد ميعاد الطعن باحتساب ميعاد المسافة ومقداره أربعة أيام عملاً بحكم المادة 16 من قانون المرافعات إلى موعد أقصاه 23/ 5/ 2002 وإذ ثبت أن الطاعن أقام الطعن الماثل بتاريخ 22/ 5/ 2002 وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 881 لسنة 10ق أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط بموجب عريضة مودعة قلم كتابها بتاريخ 23/ 2/ 1999 بطلب الحكم أصلياً: ببراءة ذمته من مبلغ 12964.69 جنيه ورد قيمة التأمين الابتدائي وقدره 800 جنيه، واحتياطياً: ببراءة ذمته من مبلغ 12964.69 جنيه قيمة فروق الأسعار والمصروفات الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات على سند من القول أنه دخل مناقصة لعملية إنشاء ملعب ثلاثي لمركز شباب مزاتة والشيخ جبر بمركز جرجا وتضمن عطاؤه جميع بنود العملية وبلغت جملته مبلغ (74600جنيه) إلا أنه فوجئ بخطاب الوحدة المحلية لمركز جرجا عن طريق مركز شرطة جهينة متضمناً أنه تم إخطاره بالمفاوضة ولم يحضر جلسة المفاوضة فتم مصادرة التأمين والترسية على المقاول التالي له، وبعد تنفيذ العملية ظهرت فروق أسعار ومصاريف إدارية بلغت جملتها 12964.69 جنيه وقد نبهت عليه بالحضور للسداد و إلا اتخذت ضده الإجراءات القضائية.
وبجلسة 20/ 3/ 2002 أصدرت محكمة القضاء الإداري بأسيوط " الدائرة الأولى" حكمها المطعون فيه – وشيدت المحكمة قضاءها – بعد استعراض نص المادة 20 و 24 من القانون رقم 9 لسنة 1983 بشأن المناقصات والمزايدات والمادة 34 من لائحته التنفيذية – على أن الثابت أن المدعي تقدم بعطائه في مناقصة للقيام بعملية إنشاء ملعب ثلاثي لمركز شباب مزاتة والشيخ جبر بمركز جرجا وتضمن عطاؤه جميع بنود العملية بمبلغ جملته 74600 جنيه إلا أنه وبعد رسو المناقصة عليه لم يحضر للمفاوضة وقد قامت جهة الإدارة بعد إنذاره للحضور للمفاوضة و إلا سيتم مصادرة التأمين الابتدائي – بتنفيذ العملية على حسابه ومطالبته بتوريد مبلغ 5794.26 جنيه فروق أسعار وكذلك مبلغ 7570.53 جنيهاً مصاريف إدارية بواقع 10% وكان مجموع هذه المبالغ 13364.79 جنيه وقد تم خصم مبلغ 400 جنيه منها كتأمين ابتدائي لعملية توريد أدوات مياه لزوم عمارات بنك الإسكان ومن ثم فإذا ما كانت جهة الإدارة بتحميل المدعي قيمة فروق الأسعار ومصادرة التأمين الابتدائي بالإضافة إلى المصاريف الإدارية تكون قد أعملت صحيح حكم القانون.
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الطاعن فقد أقام الطعن الماثل ناعياً على الحكم المطعون فيه أ نه قد أخطأ في تحصيل الواقع من الدعوى بما يترتب عليه الخطأ في تطبيق القانون، كما أنه صدر بالمخالفة لما أستقر عليه القضاء الإداري مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وذلك للأسباب الواردة تفصيلاً بتقرير الطعن وتوجز في أنه لم يصل إلى الطاعن أي إخطار يفيد رسو العملية عليه أو طلب حضوره للمفاوضة وإن الكتب التي أشار إليها الحكم الطعين والتي حوتها حافظة مستندات الجهة الإدارية المودعة أمام محكمة القضاء الإداري بجلسة 28/ 8/ 1999 قد خلت من ثمة إخطار للطاعن برسو العملية عليه – كما خلت من أي إخطار له لحضوره للمفاوضة – كما أن الكتب التي أشار إليها الحكم المطعون فيه لاحقة على تاريخ فتح عقد العملية بل وإعادة طرحها على حسابه حيث إن تاريخها لاحق على تاريخ انتهاء العملية بعد إعادة طرحها على حسابه كما أنها تضمنت مطالبته بالمبالغ محل الدعوى وذلك على النحو المشار إليه تفصيلاً بتقرير الطعن.
كما أن الثابت من مطالعة محضر جلسة 7/ 2/ 2001 أن المحكمة كلفت الجهة الإدارية المدعى عليها بتقديم المستندات الدالة على إخطاره للحضور للمفاوضة أو إبلاغه برسو العملية عليه – بناء على طلب المدعي، إلا أن الجهة الإدارية وحتى تاريخ حجز الدعوى للحكم لم تقدم أي مستندات. فضلاً عن أن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد اختارت فسخ العقد ومصادرة التأمين الابتدائي وذلك ثابت بكتابها المؤرخ في 31/ 12/ 1998 وعلى ذلك يمتنع عليها العودة إلى التنفيذ على الحساب حيث ل ا يقوم إلا حال وجود العقد قائماً وأنه لا يجوز لجهة الإدارة الجمع بين الأمرين سحب قبول العطاء ومصادرة التأمين وإجراء التنفيذ على الحساب طبقاً لما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل ينحصر في بيان مدى التزام المناقص بسداد التأمين النهائي وتنفيذ العلمية مثار النزاع الماثل.

ومن حيث إن المادة 16 من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 – والذي يحكم النزاع الماثل – كانت تنص على أنه: ( لا يجوز بعد فتح المظاريف الدخول في مفاوضات مع أحد مقدمي العطاءات في شأن تعديل عطائه، ومع ذلك يجوز للجنة البت مفاوضة مقدم العطاء الأقل المقترن بتحفظ أو تحفظات للنزول عن كل تحفظاته أو بعضها بما يجعل عطاءه متفقاً مع شروط المناقصة بقدر الإمكان………. "
ونصت المادة 19 من ذات القانون على أنه: ( يجب أن يقدم مع كل عطاء تأمين مؤقت لا يقل عن 1% من مجموع قيمة العطاء في مقاولات الأعمال ولا يقل عن 2% من قيمة العطاء فيما عدا ذلك.
ونصت المادة 20 من القانون سالف الذكر على أنه ( على صاحب العطاء المقبول أن يودع في فترة لا تجاوز عشرة أيام تبدأ من تاريخ اليوم التالي لإخطاره بكتاب موصي عليه بعلم الوصول بقبول عطائه ما يكمل التأمين المؤقت إلى ما يساوي 5% من قيمة مقاولات الأعمال التي رست عليه، 10% من قيمة العقود الأخرى………. "
ونصت المادة 24 منه على أنه ( إذا لم يقم صاحب العطاء المقبول بأداء التأمين النهائي الواجب إيداعه في المدة المحددة له فيجوز للجهة المتعاقدة بموجب إخطار بكتاب موصي عليه بعلم الوصول ودون حاجة لاتخاذ أية إجراءات أخرى أو الالتجاء إلى القضاء أن تلغي العقد وتصادر التأمين المؤقت أو أن تنفذه كله أو بعضه على حساب صاحبه بمعرفة الجهة المتعاقدة أو بواسطة أحد مقدمي العطاءات التالية لعطائه أو بالمناقصة أو الممارسة أو بالطريق المباشر.
ويكون لها الحق في أن تخصم من أية مبالغ تكون مستحقة أو يستحق له أياً كان سبب الاستحقاق لدى الجهة المتعاقدة أو لدى أية جهة إدارية أخرى كل خسارة تلحقها وذلك كله مع عدم الإخلال بحقها في الرجوع عليه قضائياً بما لم تتمكن من استيفائه من حقوق بالطريق الإداري.
ونصت المادة 30 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور على أنه ( تجرى المفاوضة والبت في نتيجتها وفقاً لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات بقرار من السلطة المختصة بالاعتماد بعد موافقة لجنة البت.
كما نصت المادة 57 من ذات اللائحة على أنه: – يبقى العطاء نافذ المفعول وغير جائز الرجوع فيه من وقت تصديره بمعرفة مقدم العطاء بغض النظر عن ميعاد استلامه بمعرفة جهة الإدارة حتى نهاية مدة سريان العطاء المعينة باستمارة العطاء المرافقة للشروط.
وأخيراً نصت المادة 58 من اللائحة المشار إليها على أنه: ( إذا سحب مقدم العطاء عطاءه قبل الميعاد المعين لفتح المظاريف فيصبح التأمين المؤقت المودع حقاً للجهة دون حاجة إلى إنذار أو الالتجاء إلى القضاء أو اتخاذ أية إجراءات أو إقامة الدليل على حصول ضرر.
وعند انقضاء مدة سريان العطاء يجوز لمقدمه استرداد التأمين المؤقت وفي هذه الحالة يصبح العطاء ملغياً وغير نافذ المفعول- فإذا لم يطلب ذلك اعتبر قابلاً استمرار الارتباط بعطائه إلى أن يصل لجهة الإدارة إخطار منه بسحب التأمين المؤقت وعدوله عن عطائه.
ومن حيث إنه من المقرر في ضوء النصوص المتقدمة – أن عملية انعقاد العقد الإداري تتم على مرحلتين متتاليتين – لكل مرحلة إجراءاتها وأحكامها أولاهما مرحلة الإجراءات السابقة على انعقاد العقد: وهي عبارة عن أعمال تمهيدية تتمثل في وضع شروط المناقصة والإعلان عنها وتلقي العطاءات المقدمة فيها وتحقيق شروطها والبت والمفاوضة ثم إجراء المفاضلة بين العطاءات بالتوصية بالترسية على صاحب العطاء الأفضل شروطاً من الناحية الفنية والأقل سعراً والأخرى: مرحلة إبرام العقد: حيث يعتبر اختيار أفضل المتناقصين عن طريق لجنة البت لايعدو أن يكون اختياراً مؤقتا ولا يصبح نهائياً إلا بعد صدور قرار من السلطة المختصة باعتماد توصية لجنة البت ولا تبدأ التزامات الجهة الإدارية المتعاقدة إلا من تاريخ صدور هذه المصادقة.
ومن حيث إنه من المستقر عليه أن العقد سواء كان مدنياً أو إدارياً يتم بمجرد أن يتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين وذلك خلال المدة المحددة للقبول فإذا لم يوجد ما يدل على أن الموجب قد عدل عن إيجابه في الفترة ما بين الإيجاب والقبول، فإن العقد يعتبر منعقداً باتصال القبول بعلم من وجه إليه وذلك وفقاً لما تقضي به أحكام القانون المدني. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن الإعلان عن إجراء مناقصة أو مزايدة أو ممارسة ليس إلا دعوة إلى التعاقد، وأن التقدم بالعطاء وفقاً للمواصفات والاشتراطات المعلن عنها هو الإيجاب الذي ينبغي أن يلتقي عنده قبول الإدارة لينعقد العقد، وهذا القبول بوصفه تعبيراً عن الإرادة لا يتحقق وجوده القانوني إلا إذا اتصل بعلم من وجه إليه.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم من أحكام فإنه وإن كان المشرع قد ألزم كل متقدم لمناقصة بأداء التأمين المؤقت في الوقت المحدد كشرط أساسي للنظر في عطائه بحيث لا يقل عن 1% عن مجموع قيمة العطاء في مقاولات الأعمال وعن 2% في باقي العقود الأخرى إلا أنه بالنسبة لسداد التأمين النهائي فقد ألزم فقط صاحب العطاء المقبول بسداده حيث أوجب على جهة الإدارة إخطار صاحب العطاء الذي أوصت لجنة البت بقبول عطائه وذلك خلال أسبوع واحد على الأكثر من تاريخ اعتماد السلطة المختصة نتيجة المناقصة برسو العطاء عليه ويجب أن يطلب في الإخطار ذاته إيداع التأمين النهائي خلال المدة المحددة وكذلك التنبيه عليه للحضور لتوقيع العقد وذلك بخطاب مسجل بعلم الوصول وأعطى للجهة الإدارية في حالة عدم قيام صاحب العطاء المقبول بأداء التأمين النهائي في المدة المحددة الخيار بين أن تلقي العقد وتصادر التأمين المؤقت وبين أن تقوم بتنفيذ العقد على حسابه سواء بنفسها أو بإحدى طرق التعاقد الأخرى وفق هذه الحالة الأخيرة يكون لها أن تخصم من مستحقاته لديها أو لدى أية جهة إدارية أخرى كل خسارة تلحقها من جراء التنفيذ على الحساب وفي جميع الحالات يكون لها أن ترجع عليه قضائياً بما لم تستطع أن تستوفيه بالطريق الإداري.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على واقعة النزاع – فإنه لما كان الثابت من مطالعة الأوراق أن الوحدة المحلية لمركز ومدينة جرجا أعلنت عن مناقصة محلية لعملية إنشاء ملعب ثلاثي لمركز شباب مزاتة والشيخ جبر جلسة 26/ 2/ 1998 وتقدم الطاعن بعطاء في تلك المناقصة شاملاً جميع بنود العملية بقيمة إجمالية مقدارها ( 74600جنيه ) وكان صاحب أقل عطاء فقامت جهة الإدارة بإخطاره للحضور للوحدة المحلية لإتمام إجراءات المفاوضة معه وتكررت هذه الإخطارات إلا أن المقاول لم يحضر لإجراء هذه المفاوضة فقامت جهة الإدارة بإنذاره بأنه إذا لم يحضر للمفاوضة فإنه سيتم مصادرة التأمين الابتدائي الخاص به وأنه سيستدعي صاحب العطاء الذي يليه في الأسعار وتحميله فرق الأسعار واتخاذ باقي الإجراءات القانونية ضده التي يحكمها القانون رقم 9 لسنة 1983 إلا أنه لم يستجب فأخطرته بكتابها رقم 45960 في 31/ 12/ 1998 بأنه إزاء عدم حضوره لإتمام إجراءات المفاوضة فقد قامت الوحدة المحلية المذكورة بمصادرة قيمة التأمين الابتدائي لهذه العملية وبعد تنفيذ العملية على حسابه نتجت فروق أسعار ومصاريف إدارية مقدارها 12964.69 جنيه، محل المطالبة الماثلة.
( حافظة مستندات هيئة قضايا الدولة المودعة أمام محكمة أول درجة بجلسة 29/ 8/ 1999تحضير )
ومن حيث إن الأصل في القبول بوصفه تعبير عن الإرادة لا يتحقق وجوده القانوني ولا ينتج أثره – طبقاً لما سلف بيانه – إلا إذا أتصل بعلم من وجه إليه وبالتالي فإن التعاقد لا يعتبر تاماًَ إلا إذا علم الموجب بقبول إيجابه ولما كان المستفاد من استقراء الأوراق على ما سلف البيان أن جهة الإدارة وإن كانت قبلت عطاء الطاعن إلا أن الثابت أن هذا القبول لم يكن مصحوباً بإخطار الطاعن نتيجة المناقصة بعد صدور قرار من السلطة المختصة باعتمادها مع تكليفه بأداء التأمين النهائي حيث أن جميع الإخطارات المرسلة إليه تدعوه للحضور لمفاوضته في تحفظاته وما لم يتم الإخطار على هذا النحو فإن الرابطة التعاقدية بين الطرفين لا تقوم وبالتالي لا يجوز لجهة الإدارة التمسك في مواجهة الطاعن بانعقاد العقد ومن ثم يمتنع عليها تبعاً لذلك إعمال آثاره والاستناد إلى أحكامه لاتخاذ إجراء التنفيذ على الحساب ومطالبته بالآثار المترتبة على ذلك.
ولما كان الأمر كذلك فإن الحكم المطعون فيه وقد ذهب غير المذهب وقضي برفض دعوى المدعي (الطاعن) ببراءة ذمته من مبلغ 12964.69 قيمة فروق الأسعار والمصروفات الإدارية على الرغم من أن الطاعن لم يخطر بقبول عطائه ولم يكلف بسداد التأمين النهائي وبالتالي لم تقم بينه وبين الوحدة المحلية المطعون ضدها رابطة تعاقدية وبذلك يكون مسلكها بإلزام الطاعن بفرق السعر والمصروفات الإدارية نتيجة تنفيذ العقد على حسابه على غير سند من الواقع والقانون في حين لا تملك جهة الإدارة إزاء عدول الطاعن عن عطائه قبل البت فيه سوى مصادرة التامين الابتدائي ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطا في تطبيق القانون وفي تأويله الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه وببراءة ذمة الطاعن من مبلغ12964.69ج والتي تطالبه جهة الإدارة بسدادها.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلتزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة ذمة الطاعن من مبلغ 12964.69 أثنا عشر ألفا وتسعمائة وأربعة وستون جنيهاً و 69/ مليماً مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم الثلاثاء الموافق 8 من صفر سنة 1427 ه، الموافق 7/ 3/ 2006 بالهيئة المبينة بصدره.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات