المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 7676 لسنة 51 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة – موضوع
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي – نائب
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيي عبد الرحمن يوسف – نائب رئيس مجلس الدولة
/ منير صدقي يوسف خليل – نائب رئيس مجلس الدولة
/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن – نائب رئيس مجلس الدولة
/ عمر ضاحي عمر ضاحي – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ مؤمن محمد الدرديري – مفوض الدولة
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 7676 لسنة 51 ق. عليا
المقام من
عمر محمد السيد الدالي
ضد
1- رئيس جامعة الزقازيق " بصفته "
2- محمد بهجت السيد عوض – عميد كلية الطب بجامعة الزقازيق
في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثانية –
بجلسة 30/ 4/ 2005 في الطعون أرقام 9226 و 9310 و 9346 لسنة 50 ق. عليا
الإجراءات
في يوم الأربعاء الموافق التاسع والعشرين من يونيه عام ألفين وخمسة،
أودع وكيل المدعي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا صحيفة دعوى البطلان الماثلة ضد
الحكم الصادر من الدائرة الثانية بالمحكمة بجلسة 30/ 4/ 2005 في الطعون أرقام 9226
و 9310 و 9346 لسنة 50 ق. عليا القاضي بقبولها شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول
الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب المدعي للأسباب المبينة تفصيلاً بصحيفة الدعوى الحكم ببطلان الحكم المطعون فيه
وإحالة الطعون إلى إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا للفص فيه مجدداً من دائرة غير
التي أصدرت الحكم المطعون فيه.
وقد أعلنت الدعوى على النحو الثابت بالأوراق ثم أعدت هيئة مفوضي الدولة بالدائرة الثانية
" عليا " تقرير بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم برفض الدعوى – ثم تقدم وكيل المدعي
بطلب إلى السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة لنظر الدعوى الماثلة أمام دائرة
غير التي أصدرت الحكم محل الطعن حيث قرر إحالة الدعوى إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة
الإدارية العليا، ومن ثم تحدد لنظرها أمام المحكمة جلسة 8/ 11/ 2005 ثم تدوولت بالجلسات
على النحو المبين بمحاضرها حيث أودع الحاضر عن المدعي بجلسة 22/ 11/ 2005 حافظة مستندات،
وبجلسة 14/ 2/ 2006 قدم الحاضر عن المدعي عليه الثاني مذكرة بدفاعه، كما قدم الحاضر
عن الجامعة حافظة ومذكرة، وطلب الطرفان حجز الدعوى للحكم فقررت المحكمة إصداره بجلسة
اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية..
ومن حيث إن عناصر النزاع في الدعوى تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن المدعي في
دعوى البطلان الماثلة كان قد أقام الدعوى رقم 2350 لسنة 8 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب
محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية ( الدائرة الثانية – شرقية ) بتاريخ 4/ 1/ 2003
اختصم فيها رئيس جامعة الزقازيق بصفته وطلب إلغاء قراره رقم 1541 الصادر بتاريخ 18/
12/ 2002 يتعين الدكتور محمد بهجت السيد عوض عميداً لكلية الطب بالجامعة، مع ما يترتب
على ذلك من آثار، أخصها تعيينه أي المدعي/ عمر محمد السيد الدالي – عميداً للكلية المذكورة،
وذكر شرحاً للدعوى أن القرار المشار إليه صدر بالمخالفة للقانون ومنطوياً على إساءة
استعمال السلطة والانحراف بها حيث إنه يفضل زميله المذكور في كل عناصر المقارنة بينهما
سواء من حيث التأهيل العلمي أو الأقدمية أو القدرة على القيادة أو الخبرة الإدارية
في رئاسة القسم، ومع ذلك تخطي في شغل هذه الوظيفة بالمخالفة للأصل المقرر في قوانين
الوظيفة العامة من عدم جواز أن يتخطى الأحدث من هو أقدم منه إلا إذا كان يفضله في الكفاءة،
ولا يسوغ للجامعة التذرع في هذا الشأن بالسلطة التقديرية باعتبارها ليست مطلقة ومحكومة
دائماً باستهداف الصالح العام والبعد عن الانحراف والهوى ومن ثم يكون قرار تخطيه وتعيين
المذكور عميداً لكلية الطلب مفتقراً لسببه الذي يبرره خاصة وأن هناك علاقة خاصة ومصالح
شخصية بين من ثم تعيينه ورئيس الجامعة حيث اشتركا مع آخرين في تأسيس شركة مستشفى العبور
وهي شركة مساهمة مصرية بالزقازيق مما يدل على أن مصدر القرار لم يستهدف به وجه المصلحة
العامة، وخلص المدعي إلى طلباته سالفة البيان.
وأثناء تداول الدعوى المذكورة بالجلسات أمام محكمة القضاء الإداري تدخل فيها محمد بهجت
السيد عوض الذي صدر القرار المطعون فيه بتعيينه عميداً لكلية الطب كخصم منضم إلى الجامعة
وطلب رفض الدعوى.
وبجلسة 24/ 4/ 2004 قضت المحكمة المذكورة بقبول التدخل المشار إليه وقبول الدعوى شكلاً
وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 1541 الصادر في 18/ 12/ 2002 فيما تضمنه
من تخطي المدعي في التعيين في وظيفة عميد كلية الطب بالجامعة مع ما يترتب على ذلك من
آثار، وشيدت قضاءها على أسباب حاصلها أن المدعي يفضل زميله المذكور وأكثر منه جداره
لشغل وظيفة عميد الكلية سواء من حيث الكفاءة العلمية أو الخبرة الإدارية والقدرة على
تولي الوظائف القيادية وقد رشح لوظيفة نائب رئيس الجامعة لشئون الطلاب وهي أرفع وأرقى
من الوظيفة محل التخطي، وأضافت المحكمة أن القضايا الجنائية التي أتهم فيها المدعي
صدرت في بعضها أحكام ببراءته أو بانقضائها بالتصالح عدا القضية رقم 8230 لسنة 1996
حيث أدين فيها مع وقف تنفيذ العقوبة وذلك بالحكم الصادر بجلسة 21/ 4/ 1998 وبالتالي
يعتبر الحكم كأن لم يكن ولا ينال من براءة المدعي ولا تفقده هذه القضايا حسن السمعة
أو تنال من نزاهته خاصة وأنها خاصة بشيكات تتعلق بمعمل التحاليل ونشاطه به، كما أن
العلاقة التي بين زميل المدعي ورئيس الجامعة والتي أشار إليها بصحيفة الدعوى دون إنكار
من زميله أو من الجامعة من شأنها أن تلقى ظلاً لا من الشك والريبة حول استهداف الجامعة
وجه المصلحة العامة في إصدار القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن ذلك الحكم لم يلق قبولاً من جامعة الزقازيق فطعنت عليه بالطعن رقم 9226
لسنة 50 ق. ع وطلبت وقف تنفيذه ثم إلغائه والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى شكلاً وفقاً
لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 ورفض الدعوى موضوعاً، كما لم يلق الحكم قبولاً لدى
محمد بهجت السيد عوض الذي عين عميداً للكلية بالقرار المطعون فيه، فأقام ضده الطعنين
رقم 9310 و 9346 لسنة 50 ق. ع وطلب فيها وقف تنفيذ ذلك الحكم ثم إلغائه والقضاء مجدداً
بعدم قبول الدعوى واحتياطياً رفضها موضوعاً وقد أوردت الجامعة في تقرير طعنها أن الحكم
الصادر من محكمة القضاء الإداري مخالف للقانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأن الدعوى
غير مقبولة شكلاً ومن حيث الموضوع فإن تعيين العميد متروك لتقدير واختيار الجهة الإدارية
دون قيد سوى الصالح العام طبقاً للمادة 43 من قانون تنظيم الجامعات كما ذكر الخصم المتدخل
محمد بهجت السيد في تقريري طعنيه أن الحكم شابه البطلان لصدوره من قضاة بينهم وبين
المدعي – عمر محمد الدالي – مودة يرجع معها عدم استطاعة الحكم بغير ميل كما شاب الحكم
قصور في تحصيل الواقعات والتسبيب وأخل بحق الدفاع وأخطأ في تطبيق القانون.
وبجلسة 30/ 4/ 2005 أصدرت المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثانية – الحكم في الطعون
الثلاثة بقبولها شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى موضوعاً وشيدت قضاءها
على أسباب حاصلها بالنسبة للشكل أن الدعوى أقيمت طبقاً للإجراءات والمواعيد المقررة
قانوناً بالمادتين 12 و 14 من قانون مجلس الدولة ولا ينال من ذلك أن المدعي بادر إلى
إقامة الدعوى ولم يترتب حتى تصدر لجنة التوفيق في المنازعات توصيتها فمرد ذلك استشعاره
أنه لا طائل أو فائدة ترجى من الانتظار ولم يجد ما يشير إلى إجابته لتظلمه.
كما أن اللجوء إلى لجنة التوفيق في المنازعات طبقاً للقانون رقم 7 لسنة 2000 ليس طريق
طعن مقابل أو مواز لدعوى الإلغاء التي تنتهي بصدور حكم قضائي ملزم وبالتالي لا ترتيب
عليه في اللجوء إلى القضاء. ومن حيث الموضوع ذكرت المحكمة الإدارية العليا بعد استعراض
نص المادة 43 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 معدلة بالقانون رقم 142 لسنة
1994 أن المشرع ناط برئيس الجامعة الاختصاص بتعيين عميد الكلية ولم يورد على سلطته
في الاختيار سوى قيد واحد هو أن يكون من يعين من بين الأساتذة العاملين بالكلية وفيما
عدا هذا القيد أطلق النص سلطة رئيس الجامعة في الاختيار لمن يقدر صلاحيته وقدرته على
شغل هذه الوظيفة وإدارة شئونها، وقد جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن الجهة
الإدارية تترخص في التعيين بالوظائف العامة بما لا معقب عليها إلا في حالة إساءة استعمال
السلطة وما لم يقيدها المشرع بنص خاص أو تقيد نفسها بقواعد تنظيمية معينة فإن التعيين
يكون متروكاً لها باعتبارها مسئولة عن حسن سير المرافق العامة، وبالتالي إذا حدد المشرع
شروطاً للصلاحية أو عناصر يراها عند المفاضلة لترجيح أحد المرشحين عند المزاحمة فإنه
يتعين مراعاة ذلك أما إذا لم يجد المشرع ثمة عناصر فإن تقدير الجهة الإدارية في هذا
الشأن يكون طليقاً من كل قيد طالما خلا من إساءة استعمال السلطة، ولما كان المشرع لم
يحدد في نص المادة 43 من قانون تنظيم الجامعات سالف الذكر ثمة عناصر للمفاضلة عند اختيار
عميد للكية ولم يقيد سلطة رئيس الجامعة في هذا الشأن فإن إصداره للقرار رقم 1541 لسنة
2002 بتعيين الدكتور محمد بهجت السيد الأستاذ بكلية الطب عميداً لها يكون موافقاً لأحكام
القانون بريئاً من عيب إساءة استعمال السلطة وتكون الدعوى المشار إليها جديرة بالرفض
ويتعين القضاء بذلك دون أن ينال منه أن رئيس الجامعة وعميد كلية الطب ( المعين بالقرار
المذكور ) قد ورد اسميهما ضمن المساهمين بعقد تأسيس شركة مستشفى العبور ووافقت على
ذلك الهيئة العامة للاستثمار عملاً بالقانون 8 لسنة 1997 بشأن ضمانات وحوافز الاستثمار
إذ لا يعد ذلك بمفرده دليلاً على أن القرار معيب بالانحراف بالسلطة وتنكب وجه المصلحة
العامة حيث يجب أن يقوم الدليل على أن هذا الانحراف كان الدافع الأصلي الذي قصده مصدر
القرار وهو ما لم يتوافر في الدعوى المذكورة خاصة وأن الثابت أن عقد الشركة المذكورة
تضمن سبعين شريكاً مساهما منهم ما يزيد على أربعين مدون قرين اسم كل منهم درجة " أستاذ
دكتور " ومما ينفي هذا الانحراف أن رئيس الجامعة مصدر القرار المشار إليه كان قد رشح
المذكور في كتابه المرسل إلى وزير التعليم العالي ضمن ثلاثة لشغل وظيفة نائب رئيس الجامعة
وذلك قبل تعيينه عميداً لكلية الطب، وبالإضافة لما تقدم فإن الأمر يتعلق بتعيين لا
يتمخص عنه ترقية كما أنه لم يكن في نطاق حركة تعيينات تنطوي على منافسة بين المتقدمين
لشغل الوظيفة، وعلى الفرض جدلاً بأن شغل هذه الوظيفة كان يستوجب إجراء مفاضلة فإن من
أولويتها حسن السمعة والسيرة ولا ريب أن صدور أحكام قضائية بإدانة المدعي بصرف النظر
عن إلغاء بعضها والقضاء ببراءته فيها والتصالح في البعض الآخر بالتنازل عن الحق المدني
من شأنه أن يخدش سمعته ويتضمن مساساً بها يفقده الصلاحية لشغل الوظيفة المذكورة.
ومن حيث إن المدعي – عمر محمد السيد الدالي، أقام دعوى البطلان الماثلة ضد الحكم الصادر
من المحكمة الإدارية العليا في الطعون الثلاثة سالفة الذكر مؤسساً إياها على سبين الأول
الإخلال الجسيم بحق الدفاع إذ أنه لم يعلن بالجلسات التي نظرت فيها الطعون أمام الدائرة
السابعة عليا – فحص – بدءاً من جلسة 5/ 5/ 2004 حتى جلسة 26/ 3/ 2005 أمام الدائرة
الثانية – موضوع مروراً ببعض الجلسات الأخرى أمام الدوائر الأخرى الأمر الذي يخل بحقه
في الدفاع وينم في ذات الوقت عن تعسف الهيئة تجاه بما فيه إهدار للعدالة.
السبب الثاني عدم صلاحية أثنين من أعضاء المحكمة للفصل في الدعوى وهما المستشار أحمد
أمين حسان نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس الدائرة والمستشار بلال أحمد محمد نصار نائب
رئيس مجلس الدولة وعضو الدائرة إذ أن الأول تربطه بالمستشار الدكتور محيي شوقي أحمد
نائب رئيس مجلس الدولة والمستشار القانوني لجامعة الزقازيق علاقة صداقة وطيدة حيث كانا
يعملان معاً بمحكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية – الدائرة الثانية – عام 1996 وتوجد
خصومة بين المدعي وبين المستشار محيي شوقي وسبق أن قدم ضده شكوى إلى السيد المستشار
الدكتور رئيس مجلس الدولة مما يثير شبهة عدم حياد المستشار رئيس الدائرة المذكور عند
إصدار حكم يكون المدعي طرفاُ فيه، كما أن المستشار بلال نصار كان مستشاراً قانونياً
للجامعة بقرار رئيس مجلس الدولة رقم 59 لسنة 2002 وقت أن صدر القرار المطعون فيه رقم
1541 في 18/ 12/ 2002 ومن المؤكد أن رئيس الجامعة أخذ رأيه في الدعوى المقامة ضد هذا
القرار من المدعي وذلك مما يدخل في إطار عمله كمستشار قانوني لرئيس الجامعة الأمر الذي
يقيم قرينة قانونية قاطعة على عدم صلاحيته لنظر الطعون المشار إليها لتوافر سبب من
أسباب عدم الصلاحية المقررة في المادة 146 من قانون المرافعات.
من حيث إن قضاء المحكمة الإدارية مستقر على أنها بما وسد إليها من اختصاص في الرقابة
على الأحكام التي تصدر من محاكم مجلس الدولة تحقيقاً للشرعية وسيادة القانون، وبما
تحمله من أمانة القضاء وعظيم رسالته بغير معقب على أحكامها، تستوي على القمة في مدراج
التنظيم القضائي لمجلس الدولة وعظيم رسالته بغير معقب على أحكامها، تستوي على القمة
في مدراج التنظيم القضائي لمجلس الدولة ولا يكون من سبيل لإهدار أحكامها إلا استثناء
محضاً بدعوى البطلان الأصلية وهي دعوى ذات طبيعة خاصة لا يجوز أن تتخذ مناسبة لمعاودة
المجادلة فيما قضى به الحكم أو سعياً لإهدار حجيته والنيل من سلامته أو التشكيك من
عدالة حسمه للنزاع وقطعه لدابر الجدل في موضوعه باعتبار ذلك يقيناً مفترضاً في الأحكام
الإنتهائية لتلك التي تصدر عن المحكمة الإدارية العليا التي هي خاتمة المطاف في سلم
التقاضي أمام مجلس الدولة، ولذلك فمن المستقر عليه أنه في غير حالات البطلان المنصوص
عليها بقانون المرافعات المدنية والتجارية يجب أن تقف هذه الدعوى عند الحالات التي
تنطوي على عيب جسيم يمثل إهداراً للعدالة على نحو يفقد معها الحكم وظيفته وتتزعزع به
قرينة الصحة التي تلازمه أما إذا قام الطعن على أسباب موضوعية تندرج كلها تحت احتمالات
الخطأ والصواب في تفسير القانون وتأويله فإن هذه الأسباب لا تمثل إهداراً للعدالة يفقد
معها الحكم وظيفته وبالتالي لا تصمه بأي عيب ينحدر به إلى درجة الانعدام.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من مطالعة محاضر الجلسات التي نظرت فيها الطعون
محل دعوى البطلان الماثلة سواء أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا أو
دائرة الموضوع بعد إحالتها إلهيا أن محامي المدعي قد حضر أمام المحكمة في مرحلتي نظر
الطعون المذكورة خاصة جلسة 26/ 3/ 2005 أمام الدائرة الثانية التي أصدرت الحكم المطعون
فيه والتي قررت فيها حجز الطعون للحكم وصرحت للخصوم جميعاً بإيداع مذكرات دفاع خلال
أجل حددته مما يبين معه واضحاً عدم صحة ما زعمه المدعي في السبب الأول للبطلان من الإخلال
بحقه في الدفاع حيث لا يقوم ذلك على سند سليم من الواقع أو القانون، ومن المقرر في
قضاء المحكمة الإدارية العليا أن إجراءات نظر الطعن أمامها في مرحلتيها أمام دائرة
الفحص ثم الموضوع تعتبر متصلة ومتكاملة في درجة واحدة من درجات التقاضي وبالتالي تلتفت
المحكمة عن هذا السبب.
ومن حيث إنه عن السبب الثاني سواء ما زعمه المدعي بصحيفة الدعوى من عدم صلاحية أثنين
من الهيئة التي أصدرت الحكم في الطعون المشار إليها وهما المستشار أحمد أمين حسان رئيس
الدائرة والمستشار بلال أحمد نصار عضو الدائرة أو ما ذكره بعد ذلك في دفاعه من عدم
صلاحية عضو آخر بالدائرة هو المستشار بخيت محمد إسماعيل بمقولة أن الأخير من مدينة
الزقازيق التي هي محل إقامة الخصمين المتنازعين على وظيفة عميد كلية الطب المذكورة،
كما أن أبنته طالبه بذات الكلية وهي سبب العلاقة بين المستشار المذكور وعميد الكلية
الدكتور/ محمد بهجت السيد، فإن كل ما ذكره المدعي شرحاً لهذا السبب من الدعوى غير سديد
ذلك أن المادة 146 من قانون المرافعات تنص على أنه " يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى
ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم في الأحوال الآتية: –
1- إذا كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة.
2- إذا كان له أو لزوجته خصومة قائمة مع أحد الخصوم في الدعوى أو مع زوجته.
3- إذا كان وكيلاً لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية أو وصياً عليه أو قيما أو مظنونة
وراثته له، أو كانت له صلة قرابة أو مصاهرة للدرجة الرابعة بوصى أحد الخصوم أو بالقيم
عليه أو بأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة المختصة أو بأحد مديريها وكان لهذا العضو أو
المدير مصلحة شخصية في الدعوى.
4- إذا كان له أو لزوجته أو لأحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب أو لمن يكون هو وكيلاً
عنه أو وصياً أو قيما عليه مصلحة في الدعوى القائمة.
5- إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل
اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً أو كان قد أدى
شهادة فيها ".
وغنى عن البيان أن الحالات التي عددها النص سالف الذكر قد وردت على سبيل الحصر فلا
يجوز القياس عليها أو التوسع في تفسيرها أو إطلاقها على وقائع أو أحوال غيرها ويتعين
توافر الدليل القاطع على ثبوت إحدى هذه الحالات للقول بعدم صلاحية القاضي لنظر دعوى
معينة بحيث لا يكون مقبولاً وصفة بذلك بناء على وهم سيطر على ذن الخصم أو ظن رتبه على
واقعة رأي – خاطئا – ارتباطها بغيرها ثم أعمل خياله فيها فأدت به إلى الاعتقاد على
غير الحقيقة أن هذا القاضي تجرد من الصلاحية التي تؤهله للفصل في الخصومة المطروحة
عليه.
ومن المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن علة عدم صلاحية القاضي في الأحوال المنصوص
عليها في البند الخامس من المادة 146 مرافعات سالفة الذكر هي أن الإفتاء أو المرافعة
أو الكتابة لمصلحته، كما أن فيه إظهاراً لرأي القاضي وقد يأنف من التحرر منه، كما أن
منع القاضي من نظر الدعوى التي أدلى فيها بشهادة يتمشى مع مبدأ أن القاضي لا يجوز له
أن يقضي بناء على معلوماته الشخصية، وعله عدم صلاحية القاضي للفصل في الدعوى التي سبق
له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً هي الخشية من أن يلتزم برأيه الذي كشف عنه عمله
المتقدم ويأنف من التحرر منه فيتأثر قضاؤه.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكانت الأوراق قد خلت من أي دليل على قيام إحدى حالات
عدم الصلاحية المشار إليها في أي من المستشارين الثلاثة الذين زعم المدعي كما تقدم
عدم صلاحيتهم للفصل في الطعون المذكورة حيث لا يوجد دليل على أن أحداً منهم سبق وأبدى
رأيه في موضوعها سواء بالإفتاء – شفاهة أو كتابة – أو بغير ذلك من وسائل الكشف عن الرأي
والتعبير عنه، ولا ينال من ذلك أن المستشار/ بلال أحمد نصار كان منتدباً لبعض الوقت
في غير أوقات العمل الرسمية للعمل كمستشار قانوني لرئيس جامعة الزقازيق فبصرف النظر
عن تاريخ انتهاء انتدابه فمن المقرر في قضاء المحكمة الإدارية أن هذا الندب في حد ذاته
ووحده ليس مبرراً للقول بعدم صلاحية عضو مجلس الدولة لنظر أي نزاع تكون الجهة المنتدب
إليها طرفاً فيه طالما لم يسبق له إبداء رأيه فيه بأي وسيلة من وسائل التعبير عن ذلك،
أما ما ذهب إليه المدعي من قول للتدليل على عدم صلاحية كل من رئيس الدائرة التي أصدرت
الحكم وهو المستشار/ أحمد أمين حسان والمستشار/ بخيت محمد إسماعيل عضو الدائرة فلا
يستحق الرد بأكثر من أنه قول قائم على مجرد الافتراض المحض الذي خيله للمدعي سواء ظنه
والخطأ في تقدير بعض الوقائع والأحوال التي وجدها فيها كلاهما، فلا يعيب القاضي أو
ينال من صلاحيته لأداء رسالته العظمى أن يخالط الناس في المجتمع كغيره من آحادهم بحيث
يشاركهم ويحيا معهم في وقار وعزة يترفع بها عما يشينه دون أن تكون وظيفته مدعاه لعزله
عنهم أو لتحريم اتصاله بهم بما يحول بينه وبين قضاء أبسط حقوقه وحقوق من يعول في الحياة،
ومن ثم لا يجوز اعتبار مجرد التحاق أبنه القاضي بإحدى الكليات سبباً يزج به للقول بعدم
صلاحيته لنظر نزاع يكون شأن من شئون هذه الكلية طرفاً فيه حتى ولو لم يكن ثمة دليل
أو صلة بين ذلك النزاع ودراسة أبنه القاضي في الكلية، كما اعتبر هذا البعض أن اشتراك
القاضي مع زميل له وعملها معاً في دائرة أو محكمة معينة يجعل أحدهما غير صالح للفصل
في نزاع يتعلق بجهة إدارية يكون زميله الذي عمل معه بالقضاء قد انتدب كمستشار قانوني
لها، والثابت كما تقدم أن المعدي في دعوى البطلان الماثلة قد ارتكن في القول بعدم صلاحية
المستشار أحمد حسان لنظر الطعون إلى سبق عمله بمحكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية مع
المستشار محيي شوقي الذي انتدب لبعض الوقت مستشاراً قانونياً لرئيس جامعة الزقازيق
الذي أصدر القرار محل النزاع وهو ما لا ترى فيه المحكمة أية دلالة على عدم الصلاحية
بل أنه يشير إلى محاولة النيل من الحكم بأية وسيلة ولو كانت تجريحاً في أعضاء الدائرة
التي أصدرته وتصوير سبق مشاركة بعضهم لغيره في رسالة القضاء على أنه سبب لعدم الحيدة
ودليل على عدم الصلاحية وهو قول عجيب لا تملك المحكم إلا الالتفات عنه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم عدم صحة السببين الذين ارتكن إليهما المدعي في الدعوى الماثلة
كما خلت الأوراق من دليل آخر على أن الحكم المطعون فيه قد لحقه عيب آخر يفقده كيانه
أو يجرده من وظيفته وبالتالي يتعين القضاء برفضهما وإلزام رافعها المصروفات عملاً بحكم
المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
