المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 445 لسنة 45 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة (موضوع)
بالجلسة المنعقدة علنًا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي
عبد الرحمن اللمعي – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / يحيى عبد الرحمن يوسف، منير صدقي يوسف خليل،/
عبد المجيد أحمد حسن المقنن، عمر ضاحي عمر ضاحي (نواب رئيس مجلس الدولة)
وحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد / محمد إبراهيم عبد الصمد – مفوض الدولة
وحضور السيد / محمد عويس عوض الله – أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 445 لسنة 45 ق. عليا
المقام من
1- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للأبنية التعليمية "بصفته".
2- مدير الهيئة العامة للأبنية التعليمية "بصفته".
ضد
عبد النبي سعد محمود الدرجلي "بصفته الممثل القانوني لشركة الدرجلي
للمقاولات العمومية".
طعنًا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري – دائرة العقود الإدارية والتعويضات
بجلسة 30/ 8/ 1998 في الدعوى رقم 4021 لسنة 50 ق.
الإجراءات
سبق إيراد الإجراءات تفصيلاً في الحكم التمهيدي الصادر من هذه المحكمة بجلسة 26/ 9/ 2000 والذي قضت فيه بقبول الطعن شكلاً، وتمهيديًا وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالجيزة لأداء المأمورية المبينة بأسباب ذلك الحكم، ومن ثم تحيل إليه المحكمة في هذا الشأن، وإذ قدم الخبير تقريره المرفق بالأوراق وقررت المحكمة تأجيل نظر الطعن لجلسة 5/ 8/ 2003 للإطلاع على التقرير ثم قررت إصدار الحكم بجلسة 23/ 3/ 2004 وفيها أعيد الطعن للمرافعة لجلسة 11/ 5/ 2004 لتبين الهيئة الطاعنة ما تم بشأن القضية رقم 1231 لسنة 1995 نيابة الأموال العليا الخاصة بالمخالفات التي شابت تنفيذ المدرسة الثانوية الصناعية الحديثة بزرزارة المسندة إلى الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بمحافظة جنوب سيناء، وبجلسة 5/ 10/ 2004 قدم الحاضر عن الهيئة كتاب مدير عام نيابة الأموال العامة العليا المؤرخ 4/ 9/ 2004 ويفيد بأن النائب العام وافق على استبعاد شبهة الجناية في القضية المذكورة وأرسلت الأوراق للنيابة الإدارية لإحالة بعض الموظفين إلى المحاكمة التأديبية، وبجلسة 30/ 11/ 2004 قدم الحاضر عن المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب في ختامها رفض الطعن، وبجلسة 11/ 1/ 2005 قدم الحاضر عن الهيئة حافظة مستندات ومذكرة طلب في ختامها أصليًا إعادة الطعن إلى مكتب الخبراء لندب لجنة ثلاثية على ضوء الاعتراضات المقدمة منها واستكمال المأمورية التي لم يستكملها الخبير السابق، وقد قررت المحكمة بجلسة 8/ 3/ 2005 إصدار الحكم بجلسة 14/ 6/ 2005 وصرحت بمذكرات خلال شهر حيث أودع المطعون ضده مذكرة خلال هذا الأجل وقد تقرر مد أجل النطق بالحكم لأكثر من جلسة لإتمام المداولة، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن عناصر النزاع في الطعن سبق إيرادها تفصيلاً في الحكم التمهيدي الصادر من
هذه المحكمة بجلسة 26/ 9/ 2000، ومن ثم تحيل إليه المحكمة وتعتبره وما ورد به من مستندات
ومذكرات جزءًا من هذا الحكم وتكتفي بذكر وجيزها الذي يكفي لحمل هذا الحكم وهو أن المطعون
ضده أقام الدعوى رقم 4021 لسنة 50ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ
10/ 2/ 1996 وطلب فيها الحكم بصفة عاجلة وقف تسييل خطابات الضمان أرقام 177/ 95، 207/
95، 2290/ 1995 حتى تمام الفصل في الدعوى وصرف قيمة المستخلصات الثلاثة عن المدارس
المبينة بالصحيفة ومقدارها 324724.97 جنيهًا حتى يتسنى له تنفيذ الأعمال المسندة إليه،
وفي الموضوع بإعطائه مهلة إضافية لمدة العملية عن المدارس الأربع من تاريخ منع الصرف
في 17/ 12/ 1995 حتى الصرف الفعلي للمستخلصات وإلزام الهيئة المصروفات وذكر شرحًا للدعوى
أنه أبرام مع الهيئة المدعى عليها – الطاعنة – أربعة عقود لإنشاء أربعة مدارس وأن العقد
الأول كان بتاريخ 16/ 9/ 1995 بشأن مدرسة الصف الابتدائية بالجيزة والثاني بتاريخ 5/
10/ 1995 بشأن مدرسة الصف الثانوية بالجيزة، والثالث كان في 5/ 10/ 1995 بشأن مدرسة
الصف الثانوي الصناعي، أما العقد الرابع فكان بتاريخ 30/ 10/ 1995 لإنشاء مدرسة الكداية
الثانوية الصناعية، وقد بدأ في التنفيذ الفعلي للمدارس الثلاثة الأول بإجراء المرحلة
الأولى للإنشاء وهي أعمال تطهير المواقع وأعمال الحفر ونقل المخلفات إلى المقالب العمومية
وعمل الخرسانة العادية والمسلحة للأساسات والأعمدة والردم حول الأساسات وقامت لجنة
من مهندس الهيئة بعمل مستخلصات بما قام به حيث بلغت قيمة المستخلص رقم بتاريخ 7/
12/ 1995 عن مدرسة الصف الابتدائية المحرر عنها العقد الأول مبلغًا مقداره 109801.52
جنيهًا، أما مدرسة الصف الثانوية المحرر عنها العقد الثاني فقد أعد عنها المستخلص رقم
بتاريخ 11/ 12/ 1995 بمبلغ 131634.45 جنيهًا أما مدرسة الصف الثانوية الصناعية
المحرر عنها العقد الثالث فقد بلغت قيمة المستخلص رقم الذي أعد عنها مبلغ 83289
جنيهًا وبذلك تكون جملة قيمة هذه المستخلصات مبلغًا مقداره 324724.97 جنيهًا وقد اعتمدت
هذه المستخلصات وتمت مراجعتها وسدد عنها التأمينات الاجتماعية إلا أنه فوجئ بعدم صرف
الشيكات الخاصة بها ورغم تظلمه للهيئة في 31/ 1/ 1995 ثم إنذاره لها في 15/ 1 و18/
1996 لم تصرف له وأضاف أنه لذلك يكون توقفه عن العمل بسبب يرجع للهيئة المدعى عليها
وكان عليها أن تمنحه مهلة للتنفيذ أما المدرسة الرابعة وهي الكداية الثانوية الصناعية
فلم يبدأ العمل بها لسببين أولهما: أن شركته تأثرت بعدم صرف المستخلصات المشار إليها
باعتبارها شركة واحدة وأموالها واحدة وهي القائمة بالعمليات الأربع، والثاني أنها قامت
بعمل جسات للموقع وقدمت تقريرها للهيئة في 16/ 12/ 1995 إلا أنها لم ترد عليه رغم استعجاله
الرد مرة أخرى في 18/ 1/ 1996.
وقد تدوولت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري حتى أصدرت بجلسة 30/ 8/ 1998 الحكم المطعون
فيه بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع ببطلان قرار الهيئة المدعى عليها بسحب العمل من
المدعى من العمليات موضوع العقود الأربعة وإلزام الهيئة بأن تؤدي للمدعي قيمة خطابات
الضمان أرقام 177/ 95 و207/ 95 و208/ 95 و2290/ 95 الصادرة من بنك الإسكندرية فرع الجيزة،
وبأن تؤدي له مبلغًا مقداره 324724.97 جنيهًا (ثلاثمائة وأربعة وعشرون ألفًا وسبعمائة
وأربعة وعشرون جنيهًا و97 مليمًا والمصروفات).
وشيدت قضاءها على أسباب سبق إيرادها بالحكم التمهيدي المشار إليه وتخلص في أن توقف
المدعي – المطعون ضده – عن العمل يرجع إلى إخلال الجهة الإدارية بالتزاماتها العقدية
حيث ينص البند الثاني من العقود المبرمة معه على أنه:
"يجوز بموافقة الطرف الأول صرف دفعة على الحساب للطرف الثاني تبعًا لتقدم العمل ووفقًا
للبرنامج الزمني المقدم من الطرف الثاني وذلك بموجب مستخلصات معتمدة من مهندس الهيئة
المكلف بالإشراف على التنفيذ".
وقد أخلت الهيئة بهذا الالتزام ولم تصرف للمدعي المستخلصات سالفة الذكر دون إبداء أية
أسباب في حين كان عليها أن تمد له يد العون خاصة وأن قيمة المستخلصات تمثل دافعًا له
لاستكمال التنفيذ وتوفر له السيولة اللازمة لذلك وعدم صرفه له يعد عقبة مادية حالت
بينه وبين الاستمرار في العمل فضلاً عن أن الهيئة حالت بينه وبين الاستمرار في العمل
بالمدرسة الرابعة بامتناعها دون مبرر عن اعتماد تقرير الجسات الخاص بالموقع، الأمر
الذي يكون معه توقفه عن العمل بالعمليات الأربع راجعًا إلى نكول الهيئة وإخلالها بالتزاماتها
العقدية ويضحى قرار السحب وتنفيذ الأعمال على حسابه باطلاً ولا يترتب أية آثار قانونية
ويكون من حق المدعي استرداد قيمة خطابات الضمان والحصول على قيمة المستخلصات الثلاثة
المشار إليها.
ومن حيث إن الهيئة العامة للأبنية التعليمية لم ترفض ذلك الحكم فطعنت عليه استنادًا
إلى ما سبق إيراده من أسباب بالحكم التمهيدي السالف ذكره حيث ارتأت أن الحكم خالف القانون
وأخطأ في تطبيقه وتأويله حيث قضى بإلزام الهيئة برد قيمة خطابات الضمان مع أنه طبقًا
للمواد (20، 28، 29) من القانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات فإن هذا
التأمين يعد ضمانًا للتنفيذ ويجب سريانه طوال مدة التنفيذ ومن المقرر أن سحب الأعمال
يظل معه العقد ساريًا ويكون الحكم قد انطوى على تناقص حيث قضى ببطلان قرار السحب ومع
ذلك ألزم الهيئة برد قيمة هذا التأمين مع أن العقد لم يفسخ وإنما يتم تنفيذه على الحساب
مما كان يتعين معه بقاء التأمين ساريًا ضمانًا للتنفيذ، وأضافت الهيئة أن الحكم المطعون
فيه لم ينطق به في جلسة علنية بالمخالفة للدستور والقانون، وفضلاً عن ذلك فقد شابه
الفساد في الاستدلال والإسناد إذ أن تنظيم دفع مبالغ مالية للمقاول متروك لتقدير الهيئة
طبقًا لظروف التنفيذ ومن المقرر أن الدفع بعدم التنفيذ كأصل عام غير جائز في العقود
الإدارية ولا يجوز للمقاول أن يتوقف عن العمل لأي سبب حتى لو كان الخطأ أو التقصير
في تنفيذ الالتزام من جانب الإدارة، وأخيرًا فإن سبب عدم صرف مستحقات المطعون ضده من
هذه المستخلصات كان بسبب سلوكه بصفته مقاول الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بجنوب
سيناء المنفذة لبعض عمليات إنشاء مدارس بمحافظة الجيزة وتنفيذه لها بالمخالفة للشروط
والمواصفات مما أسفر عن مخالفات مالية بلغت قيمتها 642519 جنيهًا مما كان يستوجب التريث
في صرف قيمة هذه المستخلصات له باعتباره المقاول الظاهر للجمعية المذكورة ويتسلم الشيكات
الخاصة بها، وفضلاً عن ذلك فإن تدبير المبالغ اللازمة للعمل مسئوليته وقيمة هذه المستخلصات
قليلة الأهمية بالنسبة للالتزامات الواردة بالعقود ند ما يثبت للهيئة عدم مسئوليته
عن المخالفات المشار إليها كانت ستصرف له هذه المبالغ على الفور وعند الاستلام النهائي
كان سيحصل على مستحقاته ويرد إليه التأمين النهائي أو ما تبقى منه.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكانت المحكمة ترى أن أوراق الطعن ما تزال غير كافة كي تقف
على حقيقة كل تفصيلات النزاع والفصل فيه خاصة وأن الهيئة الطاعنة تمسكت في مذكرتها
المودعة بجلسة 11/ 1/ 2005 بإعادة الطعن إلى الخبرة مرة أخرى وأبانت فيها أوجه اعتراضها
على تقرير الخبرة المقدم في النزاع كما عقب المطعون ضده عليه بمذكرة أودعت بتاريخ 3/
4/ 2005 أثناء فترة حجز الطعن للحكم، الأمر الذي ترى معه المحكمة استكمالاً للعناصر
اللازمة للفصل في النزاع واستجلاء لوجه الحق فيه إعادة الطعن إلى مكتب خبراء وزارة
العدل لجنوب محافظة الجيزة ليندب بدوره لجنة ثلاثية يكون من بينها خبير حسابي وآخر
هندسي وذلك للإطلاع على أوراق الطعن وما قد يقدمه الخصوم أمامها ثم تحقيق وفحص الاعتراضات
التي أوردتها الهيئة الطاعنة في مذكرتها المودعة بجلسة 11/ 1/ 2005 على التقرير السابق
والرد على كافة الجزئيات الواردة بها وتحقيق دفاع الطرفين، وتحديد تاريخ توقف المطعون
ضده عن العمل بالمدارس المتعاقد عليها وسببه وما إذا كان سابقًا أم معاصرًا أم لاحقًا
على امتناع الهيئة عن صرف المستخلصات المشار إليها، وبيان ما إذا كان يجب على المطعون
ضده البدء في تنفيذ مدرسة الكداية في ضوء المواصفات المحددة من جانب الهيئة ومنها تقرير
كلية الهندسية – جامعة القاهرة – حسبما أشارت في مذكرة دفاعها أم كان لزامًا عليه أن
يتقدم بتقرير أبحاث للتربة وجسات للهيئة ولا يبدأ في أعمال المدرسة قبل اعتمادها له،
وعلى اللجنة أيضًا بيان حقيقة الاستقطاعات التي ترى الهيئة أنه كان يجب خصمها من المستخلصات
المشار غليها وبيان وجه الحق في التشوينات التي تنسب للمطعون ضده رفعها من الموقع دون
حق رغم إثباتها في المستخلصات وعدم استخدامها وقيمتها إن وجدت، ثم تحديد قيمة ما يستحقه
المطعون ضده عما قام بتنفيذه أعمال وما إذا كان للهيئة ثمة مبالغ في ذمته وسندها خاصة
ما إذا كان مدنيًا لها بسببه أعمال يسأل عنها بمدرسة الصف الثانوية الصناعية بزرزارة
مع تحديد سند ذلك وقيمة المبالغ المدين بها إن وجدت وما تم بشأنها، وبصفة عامة تحقيق
كافة عناصر النزاع في الطعن بما يساعد في كشف وجه الحق فيه وذلك بذات الصلاحيات المبينة
بالحكم التمهيدي السابق.
– فلهذه الأسباب –
حكمت المحكمة: وقبل الفصل في الموضوع بإعادة الطعن إلى مكتب
خبراء وزارة العدل بجنوب الجيزة ليندب لجنة ثلاثية يكون من بين أعضائها خبير حسابي
وآخر هندسي لمباشرة المأمورية المبينة بأسباب هذا الحكم وذلك بذات الصلاحيات المبينة
بالحكم التمهيدي السابق الصادر بجلسة 26/ 9/ 2000 وعلى الهيئة الطاعنة إيداع خزينة
المحكمة بمبلغ ثلاثمائة جنيه كأمانة تكميلية على ذمة أتعاب الخبراء يصرف لهم دون إجراءات،
وحددت جلسة 18/ 4/ 2006 لنظر الطعن في حالة عدم إيداع الأمان وجلسة 20/ 6/ 2006 في
حالة إيداعها، وأبقت الفصل في المصروفات وعلى قلم كتاب المحكمة وإرسال ملف الطعن إلى
مكتب الخبرة فور سداد الأمانة.
صدر هذا الحكم وتلي علنًا في يوم الثلاثاء الموافق 8 من محرم لسنة 1427 ه والموافق
7/ 2/ 2006 بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
