المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 4011 لسنة 50ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي نائب
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة/ يحيي عبد الرحمن يوسف – نائب رئيس مجلس الدولة
/ د. الديداموني مصطفي أحمد – نائب رئيس مجلس الدولة
/ منير صدقي يوسف خليل – نائب رئيس مجلس الدولة
/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد مصطفي عثمان – مفوض الدولة
وحضر السيد/ محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 4011 لسنة 50ق. عليا
المقام من
رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته
ضد
ورثة/ زكريا فهمي غنيم وهم:
1-محمود زكريا فهمي غنيم. 2-فهمي زكريا فهمي غنيم.
3-ورثة حسام زكريا فهمي غنيم وهم هنوده إبراهيم الخيال عن نفسها وبصفتها وصية على زكريا،
محمد، وحنان أولاد حسام زكريا فهمي غنيم.
طعنا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بطنطا-الدائرة الأولى-بجلسة 30/ 11/
2003 في الدعوى رقم 4137 لسنة4ق
الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق العشرين من يناير عام ألفين وأربعة أودع
وكيل الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر
من محكمة القضاء الإداري بطنطا-الدائرة الأولى-بجلسة 30/ 11/ 2003 في الدعوى رقم 4137
لسنة 4ق القاضي بقبولها شكلا وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار
وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
وطلب الطاعن بصفته للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا وبوقف تنفيذ ثم
إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا أصليا بعدم قبول الدعوى رقم 4137 لسنة 4ق شكلا
لرفعها بعد الميعاد واحتياطيا: برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي
التقاضي.
وقد أعلن الطعن على النحو المبين بالأوراق وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني
ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا ورفضه موضوعا ثم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة
الإدارية العليا حيث حضر الطرفان كل بوكيل عنه وقررت الدائرة بجلسة 5/ 4/ 2006 إحالة
الطعن إلى الدائرة الثالثة-عليا-موضوع بالمحكمة لنظره بجلسة 4/ 7/ 2006 وفيها نظرته
وقدم الحاضر عن المطعون ضدهم حافظة مستندات ومذكرة وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة
3/ 9/ 2006 وصرحت بتقديم مذكرات خلال شهر، وأثناء فترة حجز الطعن للحكم قدمت الهيئة
الطاعنة طلبا لإعادته للمرافعة وأرفقت به صورا ضوئية لبعض المستندات ومن ثم أعادت المحكمة
الطعن للمرافعة لجلسة 31/ 10/ 2006 لضم تلك المستندات وليطلع عليها المطعون ضدهم وبالجلسة
المذكورة حضر الطرفان وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته
المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعن تخلص-حسبما يبين من الأوراق-في أن المطعون ضدهم أقاموا
الدعوى المشار إليها المطعون في الحكم الصادر فيها بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء
الإداري بطنطا بتاريخ 3/ 7/ 1997 طلبوا في ختامها الحكم بقبولها شكلا وبوقف تنفيذ ثم
إلغاء قرار تحصيل مبالغ منهم زيادة عن المقررة لانتفاعهم بمساحة الأرض المبينة بصحيفة
الدعوى ومحاسبتهم على أساس الانتفاع فقط وإلغاء قرار معاملتهم بصفة غير ذلك مع تنفيذ
الحكم في شقه العاجل بموجب مسودته دون إعلان.
وذكروا شرحا لدعواهم أنهم ورثة المنتفع الأصلي زكريا فهمي غنيم الذي وزعت عليه مساحة
من الأرض الزراعية قدرها فدانان من الإصلاح الزراعي بناحية بلاى مركز السنطة التابعة
لمنطقة القرشية بالغربية وذلك منذ عام 1962 إلا أنه صدر قرر الهيئة العامة للإصلاح
الزراعي رقم 2885 في 14/ 5/ 1989 متضمنا إلغاء انتفاعهم لقيام بالتصرف في جزء من هذه
المساحة إلا أن مجلس إدارة الهيئة أثبت في اجتماعه بالمحضر رقم بتاريخ 16/ 7/ 1990
أنهم استردوا أرضهم ووضعوا أيديهم على جميع المساحة الموزعة على مورثهم ولا توجد ثمة
مخالفة في حقهم وبالتالي ظلوا يسددون مقابل الانتفاع المقرر عنها إلى أن فوجئوا عام
1993 بمنطقة الإصلاح الزراعي بالقرشية تحصل منهم إيجارا عن هذه المساحة وهو ما يزيد
بكثير على مقابل الانتفاع ولذلك تظلموا من هذا الإجراء وحصلوا على إقرار من الجمعية
الزراعية بناحية بلاى يفيد استردادهم لمساحة أربعة قراريط التي كانوا باعوها لآخر كما
حصلوا على إقرار بذلك من المشترى وأصبحوا يضعون اليد على تلك المساحة ولكن دون جدوى
حيث استمرت المنطقة تحصل منهم على مبالغ تزيد على مقابل الانتفاع المقرر ومن ثم أقاموا
الدعوى المشار إليها استنادا إلى أن قرار التحصيل مخالف للقانون وللواقع ويتضمن إساءة
استعمال للسلطة من جانب الهيئة لأنهم لما تبين لهم مخالفة بيع المساحة المشار إليها
للقانون قاموا بتصحيح ذلك واسترداد هذه المساحة وهو ما أثبته مجلس الإدارة ذاته في
اجتماعه المشار إليه.
وبعد أن تدوولت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا أصدرت فيها الحكم المطعون فيه
بإلغاء القرار الخاص بتحصيل مبالغ من المطعون ضدهم زيادة على المقررة للانتفاع وشيدت
قضاءها على أسباب تخلص في أن الورثة وأن تصرفوا في جزء من المساحة التي ينتفعون بها
وأصدرت الهيئة القرار رقم 2885 لسنة 1989 بإلغاء انتفاعهم بالمساحة الموزعة على مورثهم
فإنها لم تسترد تلك المساحة كلها من الورثة وإنما استردت فقط الجزء الذي تم التصرف
فيه بالبيع من جانبهم طبقا لما ورد بمحضر اجتماع مجلس إدارة الجمعية الزراعية بناحية
بلاى-مركز السنطة الذي لم تعقب عليه الهيئة، وخلص الحكم إلى أنه بالتالي يكون الورثة
غير مخالفين لشروط الانتفاع ويكون قرار زيادة مقابل انتفاعهم عن المساحة الموزعة على
مورثهم غير قائم على سند يبرره من القانون ويتعين إلغاؤه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لم ترتض ذلك الحكم فطعنت عليه بالطعن الماثل
مؤسسة إياه على أسباب تخلص في أن الحكم خالف صحيح القانون وشابه القصور في التسبيب
والفساد في الاستدلال حيث كان على المحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد
الميعاد لأن المدعين-المطعون ضدهم-أقروا في صحيفة الدعوى بعلمهم بالقرار المطعون فيه
منذ عام 1993 ومع ذلك لم يرفعوا الدعوى إلا بتاريخ 3/ 7/ 1997، كما أن الثابت أن قرار
إلغاء الانتفاع صدر استنادا إلى القانون رقم 3 لسنة 1986 ومع ذلك لم تتعرض له المحكمة
وفضلا عن ذلك فقد أورد الحكم بأسبابه ثبوت تصرف الورثة في جزء من المساحة الموزعة على
مورثهم وتجاهل أثر ذلك في النتيجة التي انتهت إليها حيث اعتبر المطعون ضدهم غير مخالفين
لشروط الانتفاع رغم أن استمرار وضع أيديهم على الأرض كان نفاذا للقانون على اعتبار
أنهم صاروا مستأجرين لها وهو وضع لا يحظره القانون.
من حيث إنه تجدر الإشارة بداية إلى أنه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا
أن تكييف الدعوى وتحديد طلبات الخصوم فيها هو من تصريف محكمة الموضوع تجريه وفقا لما
هو مقرر من أن القاضي الإداري يهيمن على الدعوى الإدارية وله فيها دور إيجابي يحقق
من خلاله مبدأ المشروعية وسيادة القانون ولذلك فإنه يستخلص مما يطرح عليه من أوراق
ومستندات ودفاع طلبات الخصوم فيها وما يستهدفونه من إقامة الدعوى دون توقف على حرفية
الألفاظ التي تستخدم في إبداء تلك الطلبات ودون تحريف لها أو قضاء بما لم يطلبوا أو
يهدفون إلى تحقيقه والعبرة دائما بالمقاصد والمعاني وليست بالألفاظ والمباني. وإعمالا
لذلك فإن حقيقة ما كان الطاعنون يهدفون إليه من إقامة الدعوى المشار إليها هو الطعن
على قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي رقم 2885 لسنة 1989 فيما تضمنه
من إلغاء انتفاعهم بالمساحة الموزعة على مورثهم وقدرها 1س-2ف (فدانان وسهم واحد) وذلك
واضح من الأسانيد التي استندوا إليها في إقامة الدعوى على النحو سالف البيان وغني عن
الذكر أن مطالبتهم بأن يعاملوا كمنتفعين بتلك المساحة وتحصيل المقابل المقرر لذلك وهو
أقساط التمليك واعتراضهم على ربطها عليهم بالإيجار إنما يتعلق بالآثار التي ترتبت على
قرار إلغاء الانتفاع ولذلك تناولوها في دعواهم على أساس عدم أحقية الهيئة في ترتيب
تلك الآثار الأمر الذي يبين معه أن حقيقة طلباتهم هي الطعن بالإلغاء على القرار رقم
2885 لسنة 1989 بإلغاء انتفاعهم بالمساحة المشار إليها مع ما يترتب على ذلك من آثار
ومنها بلا شك أحقيتهم في الاستمرار في سداد أقساط التمليك المقررة عنها وعدم أحقية
الهيئة في مطالبتهم بقيمة ايجارية عنها ويتعين الفصل في الطعن وفقا لهذا التكييف لطلبات
الطاعنين وليس كما ذهبت محكمة القضاء الإداري التي قصرت نطاق موضوع الدعوى على الآثار
التي ترتبت على قرار إلغاء الانتفاع.
ومن حيث إنه وإن كان قرار إلغاء انتفاع الطاعنين بالمساحة المشار إليها صدر بتاريخ
14/ 5/ 1989 فإن الأوراق خلت من دليل على أنهم أخطروا بهذا القرار أو علموا به علما
يقينيا في تاريخ محدد قبل رفع الدعوى محل هذا الطعن بتاريخ 3/ 7/ 1997 على اعتبار أن
العلم اليقيني الذي يقوم مقام الإخطار بالقرار كما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية
العليا هو العلم الشامل بالقرار ومضمونه وكافة عناصره بحيث يتمكن صاحب الشأن من خلاله
أن يتبين مركزه القانوني منه ويحدد موقفه من الطعن عليه وهذا العلم تستخلصه المحكمة
من أية واقعة تدل عليه بالأوراق ولا يكفي للقول بتوافر هذا العلم أن يتم ربط الأرض
على المنتفع بالإيجار أو مطالبته به أو تظلمه من ذلك إذ يتعين توافر الدليل القاطع
على العلم بصدور قرار محدد من الجهة الإدارية بإلغاء الانتفاع بالمساحة المنتفع بها
وكما تقدم فإن الأوراق خلت من الدليل الذي يتوافر به العلم بالقرار المشار إليه وبالتالي
تكون الدعوى مقبولة شكلا وتلتفت المحكمة عما أوردته الهيئة في هذا الشأن بتقرير الطعن
وبمذكرات دفاعها.
ومن حيث إنه عن الموضوع فالثابت من الأوراق أن القرار رقم 2885 لسنة 1989 المطعون فيه
تضمن إلغاء انتفاع مورث الطاعنين بكل المساحة السابق توزيعها عليه وقدرها 1س-2ف فدانان
وسهم واحد بناحية بلاى مركز السنطة بمحافظة الغربية وذلك استنادا إلى نص المادة الرابعة
من القانون رقم 3 لسنة 1986 في شأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح
الزراعي، وهذه المادة تخول رئيس مجلس إدارة الهيئة إلغاء توزيع الأرض الزراعية على
المنتفع أو ورثته إذا ثبت للجان الحصر التي أناط بها هذا القانون حصر وتحديد المساحات
الموزعة على صغار الفلاحين وتتبع الوضع الحيازي لها حتى تاريخ العمل به- أن واضع اليد
على تلك الأرض ليس هو المنتفع أو ورثته، والثابت أن لجنة الحصر المشار إليها تبين لها
عند معاينة المساحة الموزعة على مورث الطاعنين أن المدعو/ على محمود خير-وهو من غير
الورثة-يضع يده منذ عام 1980 على مساحة قدرها 12س-7ط سبعة قراريط واثنا عشر سهما كائنة
بحوض الترعة والهندسة-قطعة رقم 47/ 140 من أصلية وهي من الأرض الموزعة على المنتفع
الأصلي مورث الطاعنين، وقد أثبتت ذلك لجنة الحصر بالكشف رقم 4ب المودعة صورته من الهيئة
بحافظتها أمام هذه المحكمة بجلسة 3/ 9/ 2006 ولا شك أن هذه الواقعة تمثل مخالفة لأحكام
القانون وتبيح للهيئة الحق في إلغاء الانتفاع ولكن بالنسبة للمساحة محل المخالفة فقط
وليس إلغاء الانتفاع بكل المساحة الموزعة كما ذهبت إلى ذلك الهيئة في القرار المطعون
عليه، وعلى ذلك فإن هذا القرار يكون صحيحا وقائما على ما يبرره ومتفقا وحكم القانون
فيما تضمنه من إلغاء انتفاع الورثة بمساحة 12س-7ط من المساحة الإجمالية المشار إليها
ويتعين رفض الطعن عليه في هذا الشق بينما يكون خاطئا وغير قائم على سبب يبرره من الواقع
أو القانون ويتعين إلغاؤه فيما تضمنه من إلغاء الانتفاع ببقية هذه المساحة وقدرها 13س-16ط-1ف
فدان وستة عشر قيراطا وثلاثة عشر سهما وإذ ذهبت محكمة القضاء الإداري إلى غير ما تقدم
فإنه يتعين تعديل الحكم المطعون فيه ليكون على النحو سالف الذكر واستنادا للأسباب المتقدم
بيانها، وغني عن البيان أن الهيئة المطعون ضدها تكون وشأنها في اتخاذ الإجراءات التي
يقررها القانون بالنسبة للمساحة محل المخالفة التي ثبت للجنة الحصر وجود وضع يد من
غير الورثة عليها.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإنه يتعين إلزام الطرفين بها مناصفة عن درجتي التقاضي عملا
بنص المادة 186 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم
المطعون فيه ليكون بإلغاء قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي رقم 2885
لسنة 1989 فيما تضمنه من إلغاء انتفاع الطاعنين بمساحة 13س-16ط-1ف (فدان وستة عشر قيراطا
وثلاثة عشر سهما) من إجمالي المساحة الموزعة على مورثهم والمبينة الحدود والمعالم بكشف
لجنة الحصر رقم 4ب مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الطرفين
المصروفات مناصفة عن درجتي التقاضي.
بالجلسة المنعقدة بمقر مجلس الدولة يوم الثلاثاء الخامس عشر من ذو القعدة سنة 1427
هجرية الموافق الخامس من ديسمبر سنة 2006 ميلادية.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
