المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 2246 لسنة 47 ق
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة ( موضوع )
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن
اللمعي – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ يحيى خضري نوبي محمد – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ منير صدقي يوسف خليل – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عمر ضاحي عمر ضاحي – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ مؤمن الدرديري – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الأتي
في الطعن رقم 2246 لسنة 47 ق
المقامة من
محافظ الجيزة بصفته
ضد
عصام مجدي مرقص حنا
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري- دائرة العقود والتعويضات بجلسة 25/ 9/ 2000
في الدعوى رقم 10067 لسنة 49 ق
الإجراءات
/ في يوم الثلاثاء الموافق الحادي والعشرين من نوفمبر عام ألفين
أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن محافظ الجيزة بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية
العليا تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري – دائرة العقود
الإدارية والتعويضات – بجلسة 25/ 9/ 2000 في الدعوى رقم 10067 لسنة 49ق القاضي بقبولها
شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وطلب الطاعن بصفته للأسباب
المبينة تفصيلاًٍ بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً ووقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون
فيه والقضاء مجدداً بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعن بصفته مبلغاً مقداره ثلاثة
آلاف جنيه والفوائد القانونية عنه بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى
تمام السداد والمصروفات.
وقد أعلن الطعن على النحو المبين بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي
القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً. وقد نظر الطعن أمام دائرة
فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث حضر وكيل المطعون ضده بجلسة 3/ 9/ 2005 وقدم
حافظة طويت على شهادة طبية صادرة من أحد الأطباء بتاريخ 30/ 7/ 2005 بشأن الحالة الصحية
للمطعون ضده، وقد قررت الدائرة بجلسة 15/ 3/ 2006 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة
– موضوع لنظره بجلسة 6/ 6/ 2006 وفيها نظرته المحكمة – وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم
مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين، وانقضى الأجل ولم يودع الطرفان شيئاً، وبجلسة اليوم
صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعن تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن محافظة الجيزة
أقامت الدعوى رقم 10067 لسنة 49ق المطعون في الحكم الصادر فيها بصحيفة أودعت بتاريخ
17/ 9/ 1995 قلم كتاب محكمة القضاء الإداري وطلبت في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه
– المطعون ضده – بأن يؤدي لها مبلغاً مقداره ثلاثة آلاف جنيه والفوائد القانونية بواقع
4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات.
وذلك استناداً إلى أن المذكور كان يعمل مدرساً للحاسب الآلي بمدرسة أحمد لطفي السيد
الثانوية – بنين ورشحته وزارة التربية والتعليم لدورات تدريبية متتالية على الحاسب
الآلي بعد أن وقع على تعهد يلتزم فيه بخدمة الوزارة لمدة خمس سنوات دون انقطاع أو سداد
المبلغ المذكور إذا أخل بالتزامه إلا أنه انقطع عن العمل دون سبب وأحيل إلى النيابة
الإدارية التي ارتأت حفظ ما نسب إليه لتركه الخدمة وحساب هذا المبلغ ديناً حكومياً
واجب التحصيل الأمر الذي أقامت معه الدعوى المشار إليها لإلزامه بأن يؤدي لها المبلغ
المطالب به نظراً لإخلاله بالتزامه فضلاً عن الفوائد القانونية المستحقة عنه سنوياً
لأنه دين معلوم المقدار ومستحق الأداء. وبعد أن تدوولت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري
أصدرت الحكم المطعون فيه برفضها موضوعاً وشيدت قضاءها على أسباب تخلص في أن المدعي
عليه قد مثل أمامها بجلسة 6/ 8/ 2000 وقرر بأنه لم يحضر أي دورات تدريبية للحاسب الآلي
ورغم تكليفها الحاضر عن الجهة الإدارية بإثبات غير ذلك إلا أنها لم تقدم شيئاً وخلت
الأوراق مما يفيد ذلك وبالتالي تكون مطالبتها بالمبلغ المشار إليه لا سند لها من القانون
جديرة بالرفض.
ومن حيث إن الجهة الإدارية لم ترتض ذلك الحكم فطعنت عليه بالطعن الماثل استناداً إلى
أسباب خلاصتها أن الحكم خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله إذ لم يعول على التعهد
الموقع من المطعون ضده الذي أودعته بحافظة مستنداتها عند تحضير الدعوى ولم ينكر المطعون
ضده هذا التعهد وبالتالي فإنه عقد إداري يحكم العلاقة يبن طرفيه وقد أخل المذكور بالتزامه
فيه وبالتالي يلتزم بسداد المبلغ محل المطالبة للجهة الإدارية لأنه انقطع قبل أداء
التزامه بخدمة الوزارة لمدة خمس سنوات.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه في محله لم قام عليه من أسباب تؤيدها هذه المحكمة وتأخذ
بها و تضيف دعماً لها ورداً على أسباب الطعن أنه وإن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة
أن التعهد بخدمة مرفق عام لمدة محددة مع التزام المتعهد برد ما أنفقه المرفق على تدريبه
علمياً وعملياً في حالة إخلاله بالتزامه هو عقد إداري تتوافر فيه خصائص ومميزات هذا
العقد، ومؤداه قيام التزام أصلي يقع على عاتق المتعاقد مع المرفق محله أداء الخدمة
المدة المتفق عليها، والتزام بديل محله دفع ما أنفق عليه لتدريبه علمياً وعملياً، ويحل
هذا الالتزام البديل فور الإخلال بالالتزام الأصيل، فإنه لا خلاف على أن التعهد الذي
ينتج هذه الآثار ليس مجرد ورقة مكتوبة يوقع عليها المتعهد عند التحاقه بالعمل لدى الجهة
الإدارية تحسباً لما قد يحصل عليه من دورات تدريبية علمية وعملية أثناء العمل وإنما
يتعين أن يكون متفقاً وحقيقة الواقع بأن يثبت يقيناً أن الجهة الإدارية قد أتبعت توقيع
المتعهد على هذا التعهد بإلحاقه بدورة أو دورات علمية أو عملية – أو كلاهما – وتكبدت
في سبيل ذلك مبالغ مالية معينة أنفقت عليه أو أنها كانت قد أنفقتها في سبيل تأهيله
وتدريبه مقدماً قبل أن يتم تعيينه لديها وأنه رغم ذلك لم يؤد الالتزام الأصيل الذي
تعهد به بخدمة المرفق المدة المحددة بالتعهد الأمر الذي يترتب عليه حلول الالتزام البديل
فوراً والتزام المتعهد بأدائه، فإذا لم يثبت من الأوراق ولم تقدم الجهة الإدارية ما
يفيد التحاق المتعهد بثمة دورات – سواء قبل تعيينه أو بعده – وإنها تكبدت في سبيل ذلك
نفقات معينة فإن مطالبتها له بأية مبالغ مالية استناداً إلى مجرد توقيعه على ورقة يحويها
ذلك التعهد عند التحاقه بالعمل تكون مفتقرة لما يساندها من الواقع وصحيح حكم القانون
وجديرة بالرفض.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده عين بوظيفة مدرس حاسب
آلي بمدرسة أحمد لطفي السيد الثانوية بنين التابعة لإدارة غرب الجيزة التعليمية حين
تسلم العمل بتاريخ 6/ 4/ 1994 وكان قد وقع بتاريخ 5/ 4/ 1994- أي في اليوم السابق مباشرة
على تسلمه العمل – على تعهد تضمن عدم أحقيته في النقل من التربية والتعليم بالجيزة
إلى أية محافظة أخرى إلا بعد مرور سنتين من تاريخ تسلم العمل كما تعهد فيه بالاستمرار
في العمل بالتدريس بالوزارة مدة لا تقل عن خمس سنوات من التاريخ المشار إليه وأنه إذا
أخل بذلك يلتزم بدفع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه تسدد لحساب حصيلة النشاط بالبنك الأهلي،
وإذ يبين من مطالعة هذا التعهد وما تضمنه على النحو سالف الذكر أنه قد أخذ على المطعون
ضده بمناسبة تعيينه ولم يكد بسبب إلحاقه بثمة دورات تدريبية قبل هذا التعيين حيث خلت
عباراته مما يفيد ذلك فضلاً عن أن الجهة الإدارية لم تقدم دليلاً على حصوله على أية
دورات على حسابها قبل تعيينه بالوظيفة المشار إليها أو أنها تكبدت ثمة مبالغ مالية
في سبيل تأهيله علمياً أو عملياً قبل إلحاقه بهذه الوظيفة أو حتى بعد ذلك وبالتالي
تكون مطالبتها له بأداء مبلغ ثلاثة آلاف جنيه لانقطاعه عن العمل اعتباراً من 12/ 6/
1994 أي قبل انقضاء خمس سنوات في خدمة المحافظة لا سند لها خاصة وأن تولى الوظيفة العامة
وإن كان تكليفاً يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة فإن شرف أداء رسالتها حق مكفول للمواطنين
كافة متى توافرت الشروط المقررة قانوناً لذلك وقد كفلت القوانين سبل أدائها والانتظام
فيها وكيفية مساءلة من يتخلف عن ذلك بل وإقصاء من لا يرغب في الاستمرار فيها ولا يوجد
سند قانوني لأن تأخذ الجهة الإدارية تعهداً على المطعون ضده بأن يرفع لها ثلاثة آلاف
جنيه إذا لم يقض في خدمتها خمس سنوات على الأقل فذاك التعهد لا سند له ولا يرتب أثراً
لأنه لم يكن بشأن ما تتكبده في سبيل تدريبه علمياً وعملياًَ أو بمناسبة ما أنفقته بسبب
في شأن آخر..
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد خلص إلى هذه النتيجة وقضى برفض دعوى الجهة الإدارية
مطالبة المطعون ضده بالمبلغ المشار إليه فإنه يكون موافقاً لصحيح حكم القانون ويضحى
الطعن عليه جديراً بالرفض.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإنا لجهة الإدارية تلتزم بها عملاً بحكم المادة 184 من قانون
المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن
المصروفات.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم الموافق من سنة 1427 ه، الموافق بالهيئة المبينة
بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
