الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 4395 لسنة 48 قع

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة – موضوع

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ يحيى عبد الرحمن يوسف – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ منير صدقي يوسف خليل – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عمر ضاحى عمر ضاحى – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ محمد إبراهيم عبد الصمد – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 4395 لسنة 48 ق.ع.

المقام من

1- محافظ سوهاج بصفته.
2- وكيل وزارة الإسكان بسوهاج بصفته.

ضد

إبراهيم أمين عبد الحافظ
طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 2/ 1/ 2002 في الدعوى رقم 1534 لسنة 10ق.


الإجراءات

في يوم الأحد الموافق الثالث من مارس عام ألفين واثنين أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط – الدائرة الأولى – في الدعوى رقم 1534 لسنة 10 ق بجلسة 2/ 1/ 2002 والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع أولاً: بإلزام الجهة الإدارية بأن ترد للمدعي أصل خطاب الضمان رقم 79/ 94/ 59 الصادر من بنك القاهرة – فرع سوهاج – لصالح مديرية الإسكان بسوهاج عن العملية المذكورة ثانياً: بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي للمدعي مبلغً مقداره 47672.913 جنيهاً تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته ثالثاً: إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى المطعون في حكمها مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن الطعن على النحو المبين بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا ورفضه موضوعاً.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا ولم يحضر المطعون ضده أو من يمثله وقدم الحاضر عن الطاعنين مذكرة صمم في ختامها على الطلبات الواردة بتقرير الطعن، وبجلسة 19/ 5/ 2004 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة – موضوع – بالمحكمة لنظره بجلسة 12/ 10/ 2004 ومن ثم نظرته المحكمة بالجلسة المذكورة وماتلاها من جلسات طبقاً للثابت بمحاضرها ولم يحضر المطعون ضده أو من يمثله وبجلسة 24/ 1/ 2006 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 4/ 4/ 2006 وصرحت بإيداع مذكرات خلال شهر وانقضى الأجل ولم يقدم الطرفان شيئاً، وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات و المداولة.
من حيث أن الطعن أستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعن تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بموجب صحيفة أودعت ابتداء قلم كتاب محكمة سوهاج الابتدائية بتاريخ 30/ 3/ 1996 حيث قيدت بجدولها برقم 405 لسنة 1996 مدني كلي حكومة وطلب في ختامها الحكم بإلزام المدعي عليهما – الطاعنين – بأن يؤديا له متضامنين مبلغاً مقداره 1456396.60 جنيهاً، ورد أصل خطاب الضمان رقم 79/ 94/ 95 الصادر من بنك القاهرة فرع سوهاج بشان العملية محل النزاع واعتباره كأن لم يكن. وذكر المدعي شرحاً للدعوى أنه رست عليه المناقصة الخاصة بإنشاء نادي المحليات شرق النيل بمدينة سوهاج بمبلغ مقداره (761215.22 جنيها) سبعمائة وواحد وستون ألفا ومائتان وخمسة عشر جنيهاً واثنان وعشرون قرشاً على أن تكون مدة التنفيذ اثنا عشر شهراً وتسلم الموقع بتاريخ 21/ 1/ 1995 وقام بتنفيذ التزاماته حيث قدم خطاب الضمان رقم 79/ 94/ 95 المشار إليه بمبلغ 38100 جنيه وقام بمعاينة الموقع وبأعمال التشوين والتجهيز لبدء العمل في المواعيد المحددة إلا أنه فوجئ بخطاب صادر إليه مؤرخ 10/ 2/ 1995 من مديرية الإسكان بسوهاج بالتوقف عن العمل حتى تصدر إليه تعليمات أخرى، ولم تصدر تلك التعليمات، رغم أنه طلب من الجهة الإدارية أكثر من مرة استئناف العمل وطلبت منه الانتظار حتى ينتهي المكتب الاستشاري من إعداد الرسومات الإنشائية التي سيتم التنفيذ على أساسها، وأضاف المدعي أن ثمة أضرار مادية وأدبية لحقته من جراء توقف العمل مما يجعل التنفيذ مرهقا ويسبب له خسارة فادحة حيث زادت أسعار المواد والعمالة وانخفضت قيمة العملة المصرية وفاته تحقيق كسب من العملية المشار إليها ويتمثل الضرر المادي في عدم صرف قيمة الدفعة المقدمة وقيمتها 190303.8 جنيهاً كما تكبد مصروفات قيمتها 12354.4 جنيهاً لاستخراج خطاب الضمان المقدم في العملية فضلاً عن الفوائد والعمولة، وقد لحقه ضرر أدبي تمثل في اهتزاز سمعته وتأثر أعماله وأنه لذلك يقدر التعويض الأدبي بمبلغ مليون جنيه وما فاته من كسب ولحقه من خسارة بمبلغ 253738.4 جنيهاً ولذلك أقام الدعوى المذكورة للقضاء له بالطلبات سالفة البيان.
وبجلسة 14/ 9/ 1996 قضت المحكمة المذكورة تمهيديا وقبل الفصل في الدفع والموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بسوهاج ليندب أحد خبرائه المختصين لأداء المهمة المبينة بمنطوق ذلك الحكم، وقد باشر الخبير المهمة وأودع التقرير المرفق بالأوراق، وبجلسة 22/ 2/ 1999 قضت المحكمة المدنية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بأسيوط لنظره، وقد أحيلت إليها وقيدت بجدولها برقم 4395 لسنة 48 ق. وتدوولت أمامها بالجلسات وبعد إيداع تقرير هيئة مفوضي الدولة فيها أصدرت بجلسة 2/ 1/ 2002 الحكم المطعون فيه وشيدته على أسباب حاصلها أن الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن المدعي نفذ التزاماته بينما أخطرته الجهة الإدارية بالتوقف عن العمل لتعديل الرسومات الهندسية ولم يتم سحب العمل منه أو إسناد العملية الجديدة إليه وبذلك أخلت الإدارية بالتزاماتها وأنها إذ تطمئن إلى ما ورد بذلك التقرير فإن الإدارة تلتزم برد خطاب الضمان النهائي للمدعي، وبذلك يكون ركن الخطأ ثابت في حق الإدارة وقد ترتب عليه ضرر مادي أصاب المدعي قدره الخبير بمبلغ 45672.913 جنيهاً بالإضافة إلى ما أصابه من ضرر معنوي يتمثل في المساس باسمه وسمعته ويستحق عنه مبلغاً مقداره ألفاً جنيه ليكون إجمالي التعويض المستحق له هو 47672.913 جنيهاً.
ومن حيث إن الجهة الإدارية لم ترتض ذلك الحكم فطعنت عليه بالطعن الماثل استناداً إلى أسباب حاصلها أن المطعون ضده هو الذي أخل بالتزاماته المنصوص عليها بالعقد ومنها عدم إجراء جستين للأساسات على نفقته طبقاً لشروط العملية وطبقاً لما طلب منه في المحضر المؤرخ 21/ 1/ 1995 كما أنه لم يرشح اثنين من المهندسين لمباشرة تنفيذ العملية ولم ينشئ غرفة مؤقتة لمكتب جهاز الإشراف ولم يقم بالعمل إلا بعد العديد من الإنذارات الأمر الذي اضطرها إلى مصادرة خطاب الضمان وبذلك لا يتوافر ركن الخطأ في جانبها يبرر التزامها بالتعويض عنه وهو ما لم يلتزم به الحكم المطعون فيه مما يتعين معه إلغاؤه.
ومن حيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخطأ العقدي في العقود بصفة عامة هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد أياً كان سبب ذلك بحيث يستوي أن يكون عدم التنفيذ ناشئاً عن عمده أو إهماله أو عن فعله دون عمد أو إهمال، والثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية الطاعنة هي التي أخلت بالتزاماتها التي يرتبها العقد محل النزاع الماثل في جانبها حيث لم تلتزم بأخص هذه الالتزامات وأهمها وهو تسليم المطعون ضده الموقع المحدد للتنفيذ إذ يبين أنها عاينته معه بتاريخ 21/ 1/ 1995 وأثبتت أنه مشغول بتشوينات متنوعة تابعة لمقاول آخر ينفذ عملية مرسى العبارات بجوار موقع العملية محل النزاع، وقد طلبت الجهة الإدارية من إدارة الري بسوهاج رفع هذه التشوينات وإخلاء الموقع لإمكان تسليمه للمطعون ضده حتى يبدأ في التنفيذ، وهو ما خلت الأوراق من دليل على حدوثه حتى 15/ 2/ 1995 تاريخ إخطار المطعون ضده بالتوقف عن العمل لحين صدور تعليمات أخرى وذلك بناء على طلبات المحافظة لإجراء تعديلات في التصميمات والرسومات الهندسية بعد أن ارتأت أنه يجب استغلال الموقع المتميز المقرر لإنشاء النادي بصورة أفضل بزيادة مساحته والأدوار المقررة للمبنى حتى يمكن الاستفادة به من الناحية السياحية، وظل الأمر على ذلك حتى انتهت المدة المحددة للتنفيذ دون أن تطلب من المطعون ضده البدء في العمل أو تحدد له رسومات معدلة للأعمال، ومن ثم كان عليها أن ترد إليه خطاب الضمان النهائي رقم 79/ 94/ 95 المقدم منه في العملية وقيمته ثمانية وثلاثون ألفا ومائة جنيه باعتباره كان ضماناً للتنفيذ وإذ انتهت مدة العقد دون أن يتمكن من تنفيذ الأعمال محل هذا العقد لخطأ الإدارة وإخلالها بالتزاماتها فلا يكون من حقها الاحتفاظ بهذا الخطاب أو الحصول على قيمته من البنك الصادر منه وبالتالي يتعين إلزامها برده إلى المطعون ضده وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه وقضى به في البند أولاً من المنطوق ويكون الطعن بالنسبة لهذا الشق من الحكم غير قائم على سند يبرره. أما بالنسبة لما قضى به من تعويض للمذكور مقداره 47672.913 جنيهاً عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من خطأ الجهة الإدارية فإنه وإن كان صحيحاً ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من ثبوت الخطأ العقدي في جانبها على النحو سالف البيان فإن التعويض المستحق عن هذا الخطأ يجب أن يكون عن الأضرار التي يثبت أنها لحقت بالمطعون ضده فعلاً نتيجة للخطأ المشار إليه حتى يكون التعويض جابراً لتلك الأضرار ومتفقاً صدقاً وعدلاً مع حجمها فلا يكون دونها أو زائداً عليها أو يكون عن أمور لا دليل عليها أو لم تحدث أصلاً، وترتيباً على ما تقدم فانه ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده لم يتسلم موقع العملية وبالتالي لم يقم بأية أعمال أو تشوينات أو نقل لمعدات أو آلات إليه ولم يتكبد ثمة خسائر مادية في هذا الشأن إلا أنه لا خلاف في أن خطأ الإدارة قد فوت عليه فرصة تحقيق ربح كان يأمل الحصول عليه فيما لو أوفت بالتزاماتها ومكنته من تنفيذ العملية حتى إتمامها وبالتالي فإنه يستحق تعويضاً عن فوات هذه الفرصة، كما أنه لا خلاف حول استحقاقه تعويضا عما تكبده من نفقات ومصروفات تحملها في سبيل الدخول في المناقصة التي طرحتها الجهة الإدارية لإنشاء هذا النادي واستصداره خطاب الضمان المِشار إليه من البنك وتقديمه إليها وما يستلزمه ذلك من عمولات ورسوم وغيرها فضلاً عن استحقاقه التعويض عن واقعة عدم رد هذا الخطاب إليه منذ انتهاء المدة المحددة للتنفيذ دون أن يتمكن من ذلك بسبب خطا الإدارة، والمحكمة تقدر له عن كل ما تقدم تعويضاً جزافياً مقداره خمسة عشر ألف جنيه ترى أنه كاف لجبر الأضرار التي لحقت به وعن فوات الفرصة المشار إليها عليه، أما الضرر الأدبي الذي يطالب به فلا يوجد دليل عليه ولا يكفي لحدوثه أن تكون الإدارة أخلت بالتزاماتها العقدية ولم تسلم الموقع له للبدء في العمل.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد خلص إلى غير ما تقدم في قضائه بقيمة التعويض الذي يستحقه المطعون ضده فإنه يكون قد اخطأ في فهم الواقع في النزاع ووقع في مخالفة القانون ويتعين تعديله في هذا الشق على النحو سالف البيان، ولا ينال من ذلك ما ساقته الجهة الإدارية في تقرير الطعن إذ ليس صحيحاً أن المطعون ضده أخل بالتزاماته ولم يقم بعمل جستين بالموقع أو ينشئ غرفة لجهاز الإشراف أو يحدد مهندسين للإشراف على التنفيذ إذ الثابت كما تقدم أنها لم تسلمه الموقع خالياً من الإشغالات التابعة لمقاول آخر ثم طلبت منه التوقف عن العمل ولم تطلب منه استئنافه وبالتالي لا يكون مقبولاً القول بالتزامه بالقيام بهذه الأعمال في الموقع رغم عدم تسليمه له.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن الطرفين يلتزمان بها مناصفة عملاً بنص المادة 186 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام محافظ سوهاج بصفته بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغاً مقداره خمسة عشر ألف جنيه وبان يرد إليه خطاب الضمان رقم 79/ 94/ 95 المقدم في العملية محل النزاع وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة.
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم الثلاثاء 20 من ربيع أول سنة 1427 هجرية, الموافق 18 من أبريل سنة 2006 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات