المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 26367 لسنة 51 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الخامسة
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد محمد السيد الطحان – نائب
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم – نائب رئيس
مجلس الدولة
/ يحيي خضري نوبي محمد – نائب رئيس مجلس الدولة
/ أحمد محمد حامد محمد – نائب رئيس مجلس الدولة
/ عادل سيد عبد الرحيم بريك – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد المنعم شلقامي – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد سيف محمد – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 26367 لسنة 51 قضائية عليا
المقام من
أسامة حامد حسين أبو شنب
ضد
رئيس جامعة القاهرة… بصفته
عن القرار الصادر من مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بجامعة القاهرة بجلسة
12/ 9/ 2005 في الدعوى التأديبية رقم 330 لسنة 2005
الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق 27/ 9/ 2005 أودع الأستاذ/ شامل محمود
فوزي عامر المحامي نائبا عن الأستاذ/ الدكتور صلاح الدين عامر المحامي بصفته وكيلا
عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها العمومي تحت
رقم 26367 لسنة 51ق. عليا طعنا على القرار الصادر م مجلس تأديب المعيدين والمدرسين
المساعدين بجامعة القاهرة في الدعوى التأديبية رقم 330 لسنة 2005 بجلسة 12/ 9/ 2005
والقاضي منطوقه (بمجازاة المحال الثالث-الطاعن-بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع
صرف نصف الأجر).
وطلب الطاعن-للأسباب الواردة بتقرير الطعن-الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة بوقف
تنفيذ القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه مع كل ما يترتب على ذلك من آثار والقضاء
ببراءته مما أسند إليه.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول
الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه والنزول بالجزاء إلى الحد الذي
تقدره المحكمة.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27/ 4/ 2006 وتدوول بالجلسات
على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 26/ 6/ 2006 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة
الإدارية العليا-الدائرة الخامسة-موضوع-وحددت لنظره أمامها جلسة 14/ 10/ 2006 ونظرت
المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسة التالية لها المنعقدة بتاريخ 18/ 11/ 2006 على النحو
الموضح بمحاضر الجلسات وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 13/ 1/ 2007
مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء خلال ثلاثة أسابيع وبتاريخ 6/ 12/ 2006 أودعت الجامعة
المطعون ضدها مذكرة بالدفاع التمست في ختامها الحكم برفض الطعن وتأييد حكم مجلس التأديب
المطعون فيه.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا بالمادة رقم 44 من قانون مجلس
الدولة رقم 47 لسنة 1972 وإذ استوفي سائر أوضاعه الشكلية الأخرى المقررة قانونا فمن
ثم فإنه يكون مقبول شكلا.
ومن حيث إنه عن عناصر النزاع-حسبما يبين من القرار المطعون فيه وسائر الأوراق-في أنه
بتاريخ 7/ 3/ 2005 أصدر رئيس جامعة القاهرة القرار رقم 330 لسنة 2005 بإحالة أسامة
حامد حسين أبو شنب-مدرس مساعد بقسم التخدير بكلية الطب جامعة القاهرة (الطاعن) ومكلف
بالعمل بوحدة الرعاية المركزية بمستشفي المنيل الجامعي-مستشفيات جامعة القاهرة وآخرين
إلى مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بالجامعة عما نسب إليه بقضية النيابة
الإدارية رقم 132 لسنة 2004 من أنه يومي 30، 31/ 10/ 2003 وبدائرة عمله لم يؤد العمل
المنوط به بدقة بأن قعد عن القيام بأعمال النوبتجية المكلف بها عن يوم 31/ 10/ 2003
برعاية قسم خمسة مما نجم عنه قيام المحالة الأولى (نسرين عصام الدين عبد السلام-طبيب
بقسم التخدير) بفصل المريضة/ فاطمة محمد عبد المجيد عن جهاز التنفس الصناعي دون اتخاذ
التدابير اللازمة وما نجم عن ذلك من تدهور حالتها ووقاتها.
وبجلسة 12/ 9/ 2005 أصدر مجلس التأديب قراره المطعون فيه والذي قرر مجازاة الطاعن بعقوبة
الوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر.
وقد شيد مجلس التأديب قضاءه على ثبوت ما نسب إلى الطاعن بأنه لم يكلف نفسه شقة الذهاب
إلى محل عمله ولم يتقدم باعتذار لجهة عمله لتحل محله أحد الأطباء تاركا المرضي يعانون
مصيرهم المحتوم فوق وجود من ينقذهم مما أدي إلى حدوث الواقعة محل التحقيق على النحو
المبين بأسباب القرار الطعين.
وإذ لم يلق هذا القرار قبولا لدى الطاعن فقد أقام طعنه الماثل ناعيا على القرار المطعون
فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه كما شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال
فضلا عن الغلو في تقدير الجزاء للأسباب المبينة تفصيلا بتقرير الطعن.
ومن حيث إنه بالرجوع لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات يبين أنه
أفرد الباب الثالث لبيان الأحكام التي تسرى في شأن المعيدين والمدرسين المساعدين في
المواد من 130 حتى المادة 156 حيث نصت المادة 130 منه على أنه: (تسرى أحكام المواد
التالية على المعيدين والمدرسين المساعدين في الجامعات الخاضعة لهذا القانون كما تسرى
عليهم أحكام العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس فيما لم يرد في شأنه نص خاص بهم.
كما تنص المادة 148 من ذات القانون على أنه: (على المعيدين والمدرسين المساعدين بذل
أقصي الجهد في دراساتهم وبحوثهم العملية في سبيل الحصول على الماجستير أو الدكتوراه
أو ما يعادلها وعليهم القيام بما يكلفون به من تمرينات ودروس علمية وغيرها من الأعمال…".
وتنص المادة 154 من القانون سالف الذكر على أنه: (تكون مساءلة المعيدين والمدرسين المساعدين
أمام مجلس تأديب يشكل من: …".
وأخيرا تنص المادة 157 من ذات القانون على أن تسرى أحكام العاملين المدنيين في الدولة
على العاملين في الجامعات الخاضعة لهذا القانون من غير أعضاء هيئة التدريس وذلك فيما
لم يرد في شأنه نص خاص بهم في القوانين واللوائح الجامعية".
ومن حيث إن المادة 76 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة
تنص على أنه الوظائف العامة تكليف للقائمين بها هدفها خدمة المواطنين تحقيقا للمصلحة
العامة طبقا للقوانين واللوائح والنظم المعمول بها ويجب على العامل مراعاة أحكام هذا
القانون وتنفيذها وعليه:
1-أن يؤدي العمل المنوط به بدقة وأمانة وأن يخصص وقت العمل الرسمي لأداء واجبات وظيفته
ويجوز تكليف العاملين بالعمل في غير أوقات العمل الرسمية علاوة على الوقت المعين إذا
اقتضت مصلحة العمل ذلك. 2-………. 3-……….
4-المحافظة على مواعيد العمل وإتباع الإجراءات التي تحددها اللائحة الداخلية للوحدة
في حالة التغيب عن العمل أو التأخير عن المواعيد.
كما نص في المادة 62 منه على أنه: (تحدد السلطة المختصة أيام العمل في الأسبوع ومواقيته
وفقا لمقتضيات المصلحة العامة ولا يجوز للعامل أن ينقطع عن عمله إلا لأجازة يستحقها
في حدود الأجازات المقررة بالمواد التالية وفقا للضوابط والإجراءات التي تضعها السلطة
المختصة.
ومن حيث إنه يبين من هذه النصوص مع غيرها من النصوص المنظمة للأجازة التي تمنح للعاملين
أن أهم واجب وظيفي وأول فريضة على الموظف العام التي يجب أن يؤديها بناء على علاقة
الوظيفة العامة-الانتظام في أداء واجبات الوظيفة المنوطة به في المواعيد الرسمية المحددة
للعمل بمعرفة السلطات المختصة حيث يقوم الموظف العام بالأعمال المنوطة بوظيفته مع زملائه
ورؤسائه في أداء الخدمة العامة أو العمل الإنتاجي العام الذي تقوم عليه وبسببه الوزارة
أو المصلحة أو الهيئة أو المؤسسة التي يعمل بها إذ هو الغاية والهدف من وجود تلك الوحدة
الإدارية التي التحق العامل بجهازها وهذه الغاية وذلك الهدف يتعين أن يتحقق دواما بواسطة
العاملين بالوحدة الإدارية ومن نظامها الإداري بانتظام واضطراد ودور توقف ومعني ذلك
أنه إذا انقطع العامل عن عمله دون حصوله على أجازة مرخص لها بها فإنه يكون قد أخل بأهم
وأول واجب من واجبات وظيفته لإخلال ذلك بحسن سير وانتظام الجهة الإدارية التي يعمل
بها في أداء غاياتها وتحقيق أهداف وجودها مما يرتب مسئوليته التأديبية حتى ولو كان
له رصيد من الأجازات السنوية لأن الأجازة إنما تمنح بناء على طلب العامل وموافقة جهة
الإدارة وفقا لحاجات العمل ومقتضياته ومن ثم لا يسوغ لعامل أن ينقطع عن عمله وقتما
شاء بلا عذر مما يعد أخطر ما يهدر فاعلية المجاز العمل وعلى ذلك فإن التغيب عن العمل
بلا استئذان سابق ما دام هذا ممكن يعتبر سببا للمساءلة التأديبية عن هذه الجريمة التأديبية
الخطيرة التي تقتضي توقيع الجزاء الرادع.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن المدرس المساعد بقسم
التخدير بكلية الطب-جامعة القاهرة كان مكلفا بأعمال النوبتجية يوم الجمعة الموافق 31/
10/ 2003 برعاية قسم خمسة بوحدة الرعاية المركزة بمستشفي المنيل الجامعة وتغيب عن العمل
بلا عذر وبدون استئذان حسبما ثبت من واقع اعترافه بتحقيقات النيابة الإدارية في القضية
رقم 132 لسنة 2004 كما اعترف بأن الطبيب المقيم لم يتصل به ولم يتم إبلاغه بواقعة وفاة
المريضة التي تم فصل جهاز التنفس الصناعي عنها مما أدي إلى تدهور حالتها الصحية ووفاتها
في اليوم التالي على النحو الموضح تفصيلا بالأوراق.
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإن ما نسب إلى الطاعن والمتمثل في تغيبه عن عمله بلا استئذان
ثابت في حقه واقعا وقانونا.
ومن حيث إنه ولئن كان للسلطة التأديبية ومن بينها مجالس التأديب-سلطة تقدير الذنب الإداري
وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها فبذلك إلا أن مناط مشروعية هذه السلطة شأنها شأن
أي سلطة تقديرية-ألا يشوب استعمالها غلو ومن صور الغلو عدم الملاءمة الظاهرة بين درجة
خطورة الذنب الإداري وبين الجزاء ومقداره في ضوء الظروف الموضوعية التي حدثت فيها الجريمة
التأديبية بما يحقق الهدف وإلغائه من العقاب ولا يتأتى ذلك إذا كان تقدير الجزاء منطويا
على مفارقة صارخة فركوب متن الشطط في القسوى يؤدي إلى إحجام العامل عن عمل المسئولية
خشية التعرض لهذه القسوة الممعنة في الشدة أو مشوبا بالإفراط في الشفقة مما يؤدي إلى
استهانة العامل بأداء واجبات وظيفته طمعا في هذه الشفقة المفرطة في اللين فكل من طرفي
النقيض لا يؤمن انتظام سير المرافق العامة وبالتالي يتعارض مع الهدف الذي رمي إليه
القانون من التأديب وعلى هذا الأساس يعتبر استعمال سلطة تقدير الجزاء في هذه الصورة
مشوبا بالغلو فيخرج التقدير من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية ومن ثم يخضع
لرقابة محكمة الطعن.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن ما وقع من الطاعن من مخالفة التغيب عن العمل المكلف به
بلا عذر وبدون استئذان مسبق ولم تقم إدارة المستشفي بتكلف الاحتياطي له لمباشرة مهام
وظيفته ومن ثم فإن تغيب الطاعن عن العمل لا يكشف في ذاته من سبقا الأحداث الملابسة
للواقعة محل التحقيق أنه تسبب في وفاة المريضة.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فإن القرار المطعون فيه إذ قضي مجازاة الطاعن بالوقف
عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر دون تقدير للظروف والملابسات التي وقعت
فيها المخالفة المنسوبة إليه على النحو السالف بيانه فإنه يكون قد شابه غلو في تقدير
الجزاء مما يقتضي معه الحكم بإلغائه والاكتفاء بمجازاته بخصم شهر من راتبه مع ما يترتب
على ذلك من آثار.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه قد قضي بخلاف ما تقدم فإنه يكون متعين الإلغاء.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار
المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن الوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف
الأجر وما يترتب على ذلك من آثار والقضاء مجددا بمجازاة الطاعن بخصم شهر من أجره.
صدر هذا الحكم وتلي علنا في جلسة يوم السبت الموافق
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
