المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 13299 لسنة 50 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة "موضوع"
بالجلسة المنعقدة برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد
الرحمن اللمعي "نائب رئيس مجلس الدولة" "ورئيس المحكمة"
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ يحيى عبد الرحمن يوسف "نائب رئيس مجلس الدولة"
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ الديد أموني مصطفى أحمد"نائب رئيس مجلس الدولة"
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / منير صدقي يوسف خليل "نائب رئيس مجلس الدولة"
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عبد المجيد أحمد حسن المقنن "نائب رئيس مجلس الدولة"
وحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ محمد مصطفى عنان "مفوض الدولة"
وسكرتارية السيد / سيد رمضان عشماوي "سكرتير المحكمة"
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 13299 لسنة 50 قضائية عليا
المقام من
مصطفى جاب الله جمعة
ضد
1- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي… بصفته
2- مدير عام مديرية الإصلاح الزراعي بالفيوم… بصفته
3- مشرف الجمعية الزراعية للإصلاح الزراعي بقلمشاه – مركز أطسا.. بصفته
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري – دائرة الفيوم وبني سويف
بجلسة 11/ 5/ 2004 في الدعوى رقم 443 لسنة 3ق
الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق السادس من يوليه سنة 2004 أودع وكيل الطاعن
قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر من محكمة القضاء
الإداري – دائرة الفيوم وبني سويف بجلسة 11/ 5/ 2004 في الدعوى رقم 443 لسنة 3ق المقامة
من الطاعن وشقيقته "فهيمه جاب الله والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام
المدعيين المصروفات.
وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء
القرار رقم 3025/ 1991 المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلن الطعن إلى المطعون ضدهم على الوجه الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله
شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء القرار المطعون
فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وفيها أودع وكيل
الطاعن مذكرة دفاع طلب فيها الحكم بطلباته الواردة بعريضة الطعن. كما أودعت الحاضرة
عن الهيئة المطعون ضدها مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم برفض الطعن.
وبجلسة 7/ 6/ 2006 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة
الثالثة) وعينت لنظره أمامها جلسة 3/ 10/ 2006 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة ثم بجلسة
5/ 12/ 2006 وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة 6/ 2/ 2007 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال
شهر. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 19/ 2/ 1998 أقام الطاعن وشقيقته "فهيمة
جاب الله جمعه" الدعوى رقم 2827 لسنة 53ق أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات
الأفراد" طلباً في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم
3025 لسنة 1991 الصادر بإلغاء انتفاع مورثهما مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذكر المدعيان
شرحاً لدعواهما أن مورثهما المرحوم/ جاب الله جمعه عبد الحميد انتفع بمساحة 8س، 6ط،
2ف بحوض أبو حامد بناحية قلمشاه – مركز أطسا – الفيوم على ثلاث قطع، وأنه وورثته من
بعده يقومون بزراعة الأرض لمدة أكثر من 37 سنة متصلة ولم يخالفوا أي التزام من الالتزامات
التي يفرضها عليهم قانون الإصلاح الزراعي إلا أنهم علماً بتاريخ 28/ 11/ 1998 – وعن
طريق الصدفة – بسابقة صدور القرار رقم 3025 لسنة 1991 بتاريخ 1/ 11/ 1991 بإلغاء انتفاع
مورثهم ونعى المدعيان على هذا القرار مخالفته لحكم المادة 14 من القانون رقم 178/ 1952
على أساس أنه لم يتم التحقيق معهما عن طريق اللجنة المنصوص عليها قانوناً ولم يسمع
دفاعهما ولم يخطرا بالقرار، كما لم يصدق عليه من مجلس إدارة الهيئة وخلص المدعيان إلى
طلب الحكم بطلباتهما سالفة البيان.
وبمناسبة إنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإداري لمحافظتي الفيوم وبني سويف فقد أحيلت الدعوى
إلى تلك المحكمة وقيدت بجدولها برقم 443 لسنة 3ق.
وبجلسة 11/ 5/ 2004 أصدرت حكمها المطعون فيه. وأقمته – بعد أن استعرضت نص المادتين
2، 4 من القانون رقم 3 لسنة 1986 في شأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح
الزراعي – على أن الثابت من الأوراق أن مورث المدعيين كان منتفعاً من الإصلاح الزراعي
بمساحة 8س، 6ط، 2ف باستيلاء هدية رفعت بالقانون رقم 178/ 1952 بناحية قلمشاه – مركز
أطسا – الفيوم وأن هذه المساحة كانت على ثلاث قطع الأولى ومقدارها 12س، 14ط بالحوض
رقم 19أ والثانية وقدرها 4س، 17ط بحوض 20ج، والثالثة وقدرها 16س، 22ط بحوض رقم 23ز.
وأن اللجنة المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 3 لسنة 1986 المشار إليه
أثبتت أن واضع اليد الحالي على القطعتين الأولى والثانية هم ورثة المنتفع الأصلي جاب
الله جمعه. أما واضع اليد الحالي على القطعة الثالثة هو من يدعي عبد الحميد محمد عبد
القوي، وهذا وضع يد مخالف وأنه استناداً للمادة سالفة الذكر صدر القرار المطعون
فيه من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالتصديق على إلغاء انتفاع ورثة
المنتفع الأصلي جاب الله جمعه، وهو ما يكون معه هذا القرار متفقاً وصحيح حكم القانون.
وتضحى الدعوى بطلب إلغائه فاقدة لسندها متعينه الرفض.
ومن حيث إن مبني الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه تأسيساً
على أن الثابت أن مساحة الأطيان محل النزاع موزعة على مورثة بالتمليك بالقانون رقم
178/ 1952، بعد أن تم بحثه وتوافرت فيه الشروط المنصوص عليها قانوناً. وأن مورثة استلم
الأرض منذ أكثر من أربعين سنة وقام بزراعتها بنفسه. وبعد وفاته آلت إلى الطاعن بالميراث
الشرعي، وقام هو أيضاً بزراعتها بنفسه. ولم يخل بأي شرط أو التزام يفرضه عليه القانون
وأضاف الطاعن أن المشرع ناط باللجنة المنصوص عليها في المادة 14 من القانون رقم 178/
1952 ببحث مخالفات المنتفعين، وهي التي من سلطتها إصدار قرار مسبب بالإلغاء الانتفاع
بعد سماع أقوال المخالف. وأنه ليس للجنة المنصوص عليها في المادة من القانون رقم
3/ 1986 أي اختصاص في هذا الشأن حيث يقتصر دورها على حصر الأراضي المستولى عليها ابتدائياً
والتي مضى عليها 15 سنة بدون أن تقدم عنها اعتراضات. وأن القرار المطعون فيه صدر من
رئيس مجلس إدارة الهيئة المطعون ضدها وليس من مجلس إدارة تلك الهيئة على ما يتطلبه
نص المادة 14 سالفة الذكر. مما يصم هذا القرار بمخالفته للقانون.
ومن حيث إنه عندما أصدر المشرع المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي
نص في المادة 14 منه على أن "تسلم الأرض لمن آلت إليه من صغار الفلاحين خالية من الديون
ومن حقوق المستأجرين……. ويجب على صاحب الأرض أن يقوم بزراعتها بنفسه وأن يبذل في
عمله العناية الواجبة. وإذا تخلف صاحب الأرض عن الوفاء بأحد التزاماته المنصوص عليها
في الفقرة السابقة…….. أو أخل بأي التزام جوهري يقضي به العقد أو القانون حقق الموضوع
بواسطة لجنة تشكل من……….. ولها بعد سماع أقوال صاحب الشأن أن تصدر قراراً مسبباً
بإلغاء القرار الصادر إليه واستردادها منه واعتباره مستأجراً لها من تاريخ تسليمها
إليه وذلك كله ما لم تكن قد مضت خمس سنوات على إبرام العقد النهائي…."
ثم عاد المشرع وأصدر القانون رقم 3/ 1986 في شأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين
الإصلاح الزراعي، وحدد في المادة الأولى منه الأراضي الخاضعة لأحكامه. ونص في المادة
الثانية منه على تشكيل تتولى حصر وتحديد الأراضي المشار إليها وإعداد قوائم توضح أسم
العزبة والمساحة والقطعة أو الوحدة والحوض والحدود وأسم صاحب التكليف. وناط في مادته
الثالثة باللجان المذكورة حصر وتحديد المساحات الموزعة على صغار المزارعين من الأراضي
المشار إليها في المادتين السابقتين وتتبع الوضع الحيازي لها حتى تاريخ العمل بهذا
القانون في 11/ 4/ 1986 واعتبرت الفقرة الثانية من هذه المادة أن التوزيعات التي تمت
نهائية إذا لم يكن قد قدمت بشأنها اعتراضات أو طعون، أو قدمت ورفضت بصفة نهائية. وفي
هذه الحالة تصدر الهيئة العامة للإصلاح الزراعي شهادات توزيع للمنتفع ومن معه من المقبولين
في بحث التوزيع أو إلى الورثة منهم مشاعاً حسب الأحوال…… بيد أن المادة الرابعة
من هذا القانون نصت صراحة على أنه إذا ثبت أن واضع اليد على المساحة الموزعة من الأراضي
المشار إليها هو غير المنتفع أو ورثته يصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة قراراً بإلغاء التوزيع
الصادر إليه ويجري بحث لواضع اليد، فإذا توافرت فيه الشروط المقررة قانوناً للتوزيع
وكان ملتزماً بأداء الواجبات المقررة على المنتفعين ومضى على وضع يده خمس عشر سنة أعتد
بوضع يده وصدرت شهادات التوزيع إليه……..
ومفاد ما تقدم – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه ولئن كان المشرع قد وضع تنظيماً
عاماً للجزاءات التي توقع على من يخل من المنتفعين بقوانين الإصلاح الزراعي بالتوزيع
نظمته المادة 14 من ذلك القانون – وذلك بعد إجراء تحقيق تسمع فيه أقوال صاحب الشأن
ورتب عليه إلغاء قرار التوزيع بالتمليك واسترداد الأرض منه واعتباره مستأجراً لها من
تاريخ تسليمها إليه وذلك كله إذا لم تكن قد مضت خمس سنوات على إبرام العقد النهائي.
إلا أنه خص بالقانون رقم 3/ 1986 مخالفة بعينها بأحكام خاصة بما قررته المادة الرابعة
منه من إلغاء التوزيع الصادر إلى المنتفع إذا ثبت أن واضع اليد على المساحة الموزعة
من تاريخ العمل بذلك القانون في 11/ 4/ 1986 هو غير المنتفع أو ورثته.
وهذان الحكمان يجب تطبيقهما بالتوازي جنباً إلى جنب على الحالات التي يتحقق فيهما شروط
انطباق كل منهما ولا يفسخ أي منهما الحكم الآخر.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم وكان مورث الطاعن المرحوم/ جاب الله جمعه انتفع بمساحة
8س، 6ط، 2ف بناحية قلمشاه مركز أطسا بطلب الشراء رقم 9621 وبقيام اللجنة المنصوص عليها
في المادة الثانية من القانون رقم 3/ 1986 المشار إليه بتتبع الوضع الحيازي في تلك
الأرض أتضح لها وضع يد المدعو/ عبد الحميد محمد عبد القوي على مساحة 16س، 22ط بحوض
أبو أحمد البحري/ 21 بالحوشة 23ز القطعة 16/ 34 من إجمالي المساحة الموزعة على مورث
الطاعن، وأن الورثة يضعون يدهم على مساحة 12س، 14ط بحوض الحدودة بالحوشة 19أ، ومساحة
4س، 17ط بحوض أبو المجد البحري/ 21 بالحوشة 23ز. ومتى كان ذلك فإنه إعمالاً لحكم المادة
الرابعة من القانون رقم 3/ 1986 سالفة الذكر يكون للهيئة المطعون ضدها – وعلى ما جرى
به قضاء هذه المحكمة – إلغاء توزيع المساحة محل المخالفة فقط – مع بقاء انتفاع الورثة
بباقي المساحة الموزعة على مورثهم. وعلى ذلك يكون القرار رقم 3025/ 1991 الصادر بتاريخ
1/ 9/ 1991 المطعون فيه صحيحاً وقائماً على سببه الذي يبرره وفقاً لحكم القانون فيما
تضمنه فقط من إلغاء توزيع مساحة 16س، 22ط بالحوشة 23ز بحوض أبو أحمد البحري/ 21، ويكون
خاطئاً ومخالفاً للقانون فيما تضمنه من إلغاء توزيع باقي المساحة على مورث الطاعن.
وغني عن البيان أنه ولئن كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 8/ 2/ 2004 في
الدعوى الدستورية رقم 176/ 21ق دستورية عليا "بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة
الرابعة من القانون رقم 3/ 1986 سالف الذكر فيما أنطوى عليه من عدم استثناء المنتفعين
الذين قاموا بالوفاء بالثمن كاملاً قبل صدور هذا القانون من الحكم الصادر بإلغاء التوزيع"
إلا أن مناط أعمال هذا الحكم وبصريح نص العبارة أن يكون قد تم الوفاء بالثمن كاملاً
قبل صدور القانون المعمول به في 11/ 4/ 1986. ومتى كان ذلك، وإذ خلت الأوراق مما يفيد
قيام الموزع عليه الأرض أو ورثته من بعده بسداد كامل الثمن حتى تاريخ العمل بالقانون
آنف الذكر، فمن ثم تخضع للقاعدة العامة الواردة بنص المادة الرابعة من ذلك القانون
بالالتزام بزراعة الأرض وعدم تركها للغير.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بغير هذا النظر وقضى برفض الدعوى بالنسبة لكل المساحة
الموزعة على مورث الطاعن والبالغ مقدارها 8س، 6ط، 2ف ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق
القانون ويتعين تعديله على النحو الذي سيرد بالمنطوق. مع إلزام طرفي الخصومة المصروفات
مناصفة عن درجتي التقاضي عملاً بحكم المادة 186 من قانون المرافعات.
" فلهذه الأسباب "
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم
المطعون فيه ليكون بإلغاء قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي رقم
3025 المؤرخ 1/ 9/ 1991 فيما تضمنه من إلغاء التوزيع لمساحة 16س، 7ط، 1ف (فدان واحد
وسبعة قراريط وستة عشر سهماً) بحوض الحدوده/ 22 بناحية قلمشاه – مركز أطسا من المساحة
الموزعة على مورث الطاعن المرحوم/ جاب الله جمعه عبد الحميد والمبينة والمعالم بكشوف
لجنة الحصر مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. وألزمت الطرفين
المصروفات مناصفة عن درجتي التقاضي.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم الثلاثاء الموافق 11 محرم سنة 1428 هجرياً والموافق
30/ 1/ 2007م بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
