المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 5036 لسنة 50 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة – موضوع
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى – نائب
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ يحيى عبد الرحمن يوسف – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ د. الديداموني مصطفي أحمد – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد ماجد محمود أحمد – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عمر ضاحي عمر ضاحي – نائب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد مصطفي عنان – مفوض الدولة
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 5036 لسنة 50 ق. عليا
المقام من
1- محافظ سوهاج… بصفته
2- رئيس الوحدة المحلية لمركز ساقلته… بصفته
ضد
كحلاوى أبو الوفا أبو النجا
طعنا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 22/ 12/ 2003 في الدعوى
رقم 2173 لسنة 9ق
الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق 17/ 2/ 2004 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها
نائبة عن الطاعنين بصفتهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن الماثل
حيث قيد بجدولها تحت رقم 5036 لسنة 50ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري
بأسيوط بجلسة 22/ 12/ 2003 في الدعوى رقم 2173 لسنة 9ق القاضي بإلزام الجهة الإدارية
بأن تؤدي للمدعي مبلغا مقداره خمسمائة جنيه كتعويض.
وطلب الطاعنان للأسباب المبينة تفصيلا بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا وبوقف تنفيذ
ثم إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني
ارتأت فيه الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى.
ثم نظر الطعن أمام الدائرة السادسة عليا فحص بالمحكمة الإدارية العليا حيث قررت إحالته
إلى الدائرة السادسة موضوع التي نظرته بجلساتها على النحو المبين بالمحاضر ثم قررت
بجلسة إحالته للدائرة الثالثة عليا موضوع ومن ثم حددت هذه المحكمة لنظره بجلسة 29/
5/ 2007 وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين ولم يقدم
الطرفان شيئا وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق
به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعن تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده أقام
الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بصحيفة أودعت بتاريخ 16/ 9/ 1998 قلم كتاب محكمة
القضاء الإداري بأسبوط وطلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الصادر من
محافظ سوهاج برقم 729 لسنة 1998 بتاريخ 28/ 7/ 1998 فيما تضمنه من إزالة سور المنحل
المملوك له.
وذكر شرحا للدعوى أنه يمتلك أرضا زراعية بناحية الجلاوية مركز ساقلته ثم قام ببناء
سور منحل على مساحة ثمانية أسهم بهذه الأرض بحوض البركة رقم 19 إلا أن المحافظ أصدر
القرار المذكور بإزالته بعد أن حررت ضده مخالفة وقيدت بها الجنحة رقم 210 لسنة 1988
جنح أمن دولة ساقلته. ونعي المدعي على ذلك القرار أنه مخالفا للقانون إذ أن المشرع
في القانون رقم 53 لسنة 1966 وتعديلاته لم يخول الجهة الإدارية سلطة إزالة المباني
على الأرض الزراعية وأناط ذلك بالقضاء الجنائي وحده وبالتالي يكون القرار المطعون فيه
حريا بالإلغاء.
وبعد أن تدوولت الدعوى أمام المحكمة المذكورة أصدرت بجلسة 22/ 12/ 2003 الحكم المطعون
فيه وشيدته على أسباب تخلص في أنه لما كان المشرع بنص المادة 152 من قانون الزراعة
رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 قد حظر إقامة أية مبان أو منشآت
في الأرض الزراعية أو اتخاذ أي إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها
واعتبر المشرع الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية في حكم الأراضي
الزراعية وحدد المشرع في المادة 156 من القانون المذكور عقوبة جنائية هي الحبس والغرامة
لمن يخالف نص المادة 152 المشار إليها ونص على أنه يجب أن يتضمن الحكم الصادر بالعقوبة
الأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف وأناط بوزير الزراعة حتى صدور الحكم
في الدعوى وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف.
وخلصت المحكمة إلى أنه إعمالا لهذين النصين يكون من سلطة الجهة الإدارية فقط وقف الأعمال
المخالفة دون أن تتجاوز ذلك إلى إصدار قرار بإزالتها لأن المشرع اختص القضاء الجنائي
وحده بإزالة هذه الأعمال عند إدانة المخالف بحكم جنائي وأنه لما كان الثابت من الأوراق
أن المدعي المطعون ضده قام ببناء سور على الأرض الزراعية وذلك على مساحة قدرها ثمانية
أسهم بناحية الجلاوية مركز ساقلته بسوهاج ومن ثم حررت الجهة الإدارية ضده محضرا بهذه
المخالفة ثم صدر قرار محافظ سوهاج رقم 729 لسنة 1998 بتاريخ 28/ 7/ 1998 متضمنا إزالة
هذا السور فمن ثم يكون هذا القرار مخالفا للقانون لأنه صدر من غير مختص وبالتالي يتوافر
ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية وإذ ترتب على هذا الخطأ ضرر للمدعي من جراء هدم السور
المشار إليه وكان الخبر المنتدب في الدعوى قد قدر قيمة التعويض عنه بمبلغ 350 جنيها
فضلا عن الأضرار الأدبية فمن ثم يتعين الحكم للمدعي بتعويض بمقداره خمسمائة جنيه خاصة
وأنه قد عدل طلباته أثناء نظر الدعوى من طلب الإلغاء إلى طلب التعويض.
ومن حيث إن الجهة الإدارية لم ترتض ذلك الحكم فأقامت ضده الطعن الماثل استنادا إلى
أسباب حاصلها أن الحكم خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وخالف الثابت بالأوراق
وما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا ذلك أن ما قام به المطعون ضده عبارة عن
إقامة سور على الأرض الزراعية بالجهة المبينة بالأوراق وهذه الأعمال من شأنها تبوير
الأرض الزراعية والمساس بخصوبتها ومن حق الجهة الإدارية طبقا لنص المادتين 151 و155
من القانون رقم 53 لسنة 1966 المشار إليه وتعدلاته إصدار قرار بإزالة هذه الأعمال وإعادة
الحال إلى ما كان عليه الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه صادرا من سلطة مختصة
قانونا بإصداره ومتفقا وحكم القانون وقائما على ما يبرره من الأوراق مما كان يتعين
معه على محكمة القضاء الإداري أن تقضي برفض الدعوى أما وأنها ذهبت إلى غير ذلك بمقولة
أن إزالة المباني من سلطة القضاء الجنائي وحده رغم أن الأعمال التي قام بها المطعون
ضده لا ينطبق عليها هذا الوصف فإن حكمها يكون مخالفا للقانون جديرا بالإلغاء والقضاء
مجددا برفض الدعوى.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 151 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966
معدلا بالقانونين رقم 116 لسنة 1983 ورقم 12 لسنة 1985 تنص على أنه "يحظر على المالك
أو نائبة أو المستأجر أو الحائز للأرض الزراعية بأية صفة ترك الأرض غير منزرعة لمدة
سنة من تاريخ آخر زراعة رغم توافر مقومات صلاحيتها للزراعة ومستلزمات إنتاجها التي
تحدد بقرار من وزير الزراعة كما يحظر عليهم ارتكاب أي عمل أو الامتناع عن أي عمل من
شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها" كما تنص المادة 155 من القانون المذكور
على أن يعاقب على مخالفة حكم المادة 151 من هذا القانون بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة
جنيه ولا تزيد على ألف جنيه عن كل فدان أو جزء منه من الأرض موضوع المخالفة….. ولوزير
الزراعة قبل الحكم في الدعوى أن يأمر بوقف أسباب المخالفة وإزالتها بالطريق الإداري
على نفقة المخالف".
ومفاد هذين النصين أن المشرع حظر ترك الأرض الزراعية أو المساس بخصوتها وحدد عقوبة
جنائية لمن يخالف ذلك هي الحبس والغرامة كما أجاز لوزير الزراعة – قبل الحكم في الدعوى
الجنائية – أن يصدر قرارا بوقف أسباب المخالفة وإزالتها بالطريق الإداري على نفقة المخالف.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قام ببناء سور بارتفاع مترين بالطوب والطين
على مساحة قدرها ثمانية أسهم بحوض البركة بناحية الجلاوية مركز ساقلته بمحافظة سوهاج
وقد ترتب على هذه الأعمال تبوير المساحة المشار إليها وعدم زراعتها والمساس بخصوبتها
رغم أنها من الأرض الزراعية فمن ثم يكون القرار المطعون فيه وقد صدر بإزالة هذه الأعمال
وإعادة الحال إلى ما كان عليه – قائما على ما يبرره ومتفقا وصحيح حكم القانون وليس
صحيحا أن القرار المطعون فيه صدر من غير مختص لأنه تضمن إزالة مباني مقامة على المساحة
المذكورة وقد عقد المشرع الاختصاص بإزالتها للقضاء الجنائي حال غدانة المخالف في الدعوى
الجنائية التي تقام ضده فذلك القول مردود عليه بأن الأعمال التي حجب المشرع عن جهة
الإدارة سلطة إزالتها وأناط بها القاضي الجنائي وحده هي تلك التي اكتمل إنشاؤها وصارت
مبني صالحا للاستخدام في الغضر الذي أقيم من أجله، أما غير ذلك كالتشوينات وإقامة الأسوار
وأعمال الحفر والأساسات كالقواعد والسملات أو الأعمال التي تدل بذاتها على عدم إتمام
البناء وتهيئته للاستخدام فلا يوجد ما يبر قانونا الحيلولة بين الجهة الإدارية وبين
إصدار قرار بوقفها وإزالتها بل إن ذلك واجب عليها تلتزم بأن تهم به وتبادر إليه طبقا
للقانون وحماية للأرض الزراعية كثروة قومية للبلاد، وغني عن البيان أن ما يصدر عن الجهة
الإدارية من تصرف في شأن هذه الأعمال يخضع لرقابة القضاء الإداري الذي يتأكد من توافر
الوقائع والأسباب التي تبرر تصرف الإدارة وتبيح لها إصداره وذلك حسبما يترائ له من
الأوراق في كل حالة على حدة.
ومن حيث إنه متى كان القرار المشار إليه قد قام على سببه الذي يبرره ووافق صحيح القانون
فإن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بغير ذلك وقضي بتعويض للمطعون ضده قيمته خمسمائة جنيه
بمقولة عدم مشروعية قرار الإزالة وتوافر ركن الخطأ في حق الجهة الإدارية تبعا لذلك
بما يستوجب القضاء بذلك التعويض عن الضرر الذي تمثل في هدم ذلك السور فإنه يكون قد
جانبه الصواب وخالف القانون خاصة وأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القرار الإداري
الصحيح لا يجوز التعويض عما قد ينتج عنه من أضرار مهما بلغت ومن ثم يتعين إلغاء الحكم
المذكور والقضاء مجددا برفض الدعوى ولا ينال من أن محكمة الجنح بانقضاء الدعوى الجنائية
عن المخالفة محل القرار المشار إليه لمضي المدة فذلك لا يغل يد الجهة الإدارية عن إزالة
الأعمال المخالفة بالطريق الإداري على سند من نص المادة 151 و156 من قانون الزراعة
المشار إليه.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن المطعون ضده لا يلتزم بها عن درجتي التقاضي عملا بنص
المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
صدر هذا الحكم وتلي علنا في جلسة يوم الثلاثاء الموافق 18 من جمادي الثاني سنة 1428هجريه،
والموافق 3/ 7/ 2007 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
