الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن ين رقمي 7377 و 8294 لسنة 50 ق عليا

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة – موضوع

بالجلسة المنعقدة برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيي عبد الرحمن يوسف – نائب رئيس مجلس الدولة
و/ د. محمد ماجد محمود أحمد – نائب رئيس مجلس الدولة
/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن – نائب رئيس مجلس الدولة
/ عمر ضاحي عمر ضاحي – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد مصطفى عنان – مفوض الدولة
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي

في الطعنين رقمي 7377 و 8294 لسنة 50 ق. عليا

المقامين من

عادل نادر بندري
" بصفته " رئيساً لمجلس إدارة الشركة المصرية للأسلاك الكهربائية

ضد

1- رئيس مجلس إدارة الشركة الهندسية للتبريد والإنشاءات سابقة التجهيز " بصفته "
2- محافظ الجيزة " بصفته "
وفي الطعن رقم 8505 لسنة 50 ق. عليا

المقام من

محافظ الجيزة " بصفته "

ضد

الممثل القانوني للشركة الهندسية للتبريد والإنشاءات سابقة التجهيز " بصفته "
طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري – الدائرة الخامسة
بجلسة 24/ 2/ 2004 في الدعوى رقم 8827 لسنة 52 ق.


الإجراءات

في يوم السبت الموافق السابع والعشرين من مارس عام ألفين وأربعة أودع وكيل الطاعن في الطعن الأول قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير ذلك الطعن حيث قيد بجدولها برقم 7377 لسنة 50 ق في الحكم الصادر من الدائرة الخامسة بمحكمة القضاء الإداري بجلسة 24/ 2/ 2004 في الدعوى رقم 8827 لسنة 52 ق القاضي أولاً: بإلغاء قرار محافظ الجيزة رقم 221 لسنة 1998 وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. ثانياً: بقبول تدخل رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للأسلاك الكهربائية ( عادل نادر بندري ) هجومياً، ورفض طلب التعويض وألزمته مصروفات التدخل.
وطلب الطاعن في الطعن المذكور الحكم بقبوله شكلاً، ووقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض الدعوى واحتياطياً: إحالة الدعوى إلى مكتب خبراء بوزارة العدل لتقدير التعويض المستحق له، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
في يوم السبت الموافق السابع والعشرين من إبريل عام ألفين وأربعة أودع وكيل الطاعن في الطعن الأول قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الثاني المقيد بجدولها برقم 8294 لسنة 50 ق.ع في ذات الحكم المطعون فيه بالطعن الأول، وطلب للأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بالتعويضات اللازمة الواردة بصحيفة الطعن واحتياطياً إحالة الطعن إلى مكتب خبراء بوزارة العدل لتقدير التعويض المناسب.
في يوم الثلاثاء الموافق العشرين من إبريل عام ألفين وأربعة أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن محافظ الجيزة بصفته تقرير الطعن الثالث قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، حيث قيد بجدولها برقم 8505 لسنة 50 ق.ع طعناً على ذات الحكم المطعون فيه بالطعنين الأول والثاني، وطلب الطاعن للأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير ذلك الطعن الحكم بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً أصلياً: بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الابتدائية المختصة وإبقاء الفصل في المصروفات، واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، وعلى سبيل الاحتياط الكلي برفض الدعوى.
وقد أعلنت الطعون الثلاثة على النحو المبين بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعون ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن المقام من محافظ الجيزة شكلاً، ورفضه موضوعاً، وقبول الطعنين الأول والثاني شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بالنسبة لطلب التعويض ليكون بتعويض الشركة بالتعويض الذي تقدره المحكمة.
وقد نظرت الطعون أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، حيث حضر الخصوم كل بوكيل عنه وأودع مذكرة بدفاعه، وبجلسة 3/ 5/ 2006 قررت الدائرة إحالة الطعون الثلاثة إلى الدائرة الثالثة – موضوع – بالمحكمة بنظرها بجلسة 18/ 7/ 2006 حيث نظرته المحكمة بالجلسة المحددة وما تلاها من جلسات على النحو المبين بالمحاضر، وقد أودع الحاضر عن الشركة الهندسية للتبريد والإنشاءات مذكرة بجلسة 16/ 1/ 2007 وحافظة مستندات، وبجلسة 27/ 2/ 2007 قررت المحكمة ضم الطعون الثلاثة ليصدر فيها حكم واحد بجلسة 15/ 5/ 2007 وفيها قررت مد أجل النطق به لجلسة اليوم، لإتمام المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إن الطعون الثلاثة استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن الشركة الهندسية للتبريد والإنشاءات سابقة التجهيز – المطعون ضدها في الطعون الثلاثة – أقامت الدعوى رقم 8827 لسنة 2 ق أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 12/ 8/ 1998 وطلبت في ختام صحيفتها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار محافظ الجيزة رقم 221 لسنة 1998 استنادا إلى أنها بموجب عقد بيع مؤرخ 9/ 6/ 1992 وتم شهره برقم 1622 لسنة 1992 الجيزة اشترت من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية قطعة أرض مساحتها 18 س 10 ط 9 ق كائنة خارج الزمام بأبو رواش قسم إمبابة بمحافظة الجيزة عند الكيلو 8و28 بطريق القاهرة/ الإسكندرية الصحراوي بالحدود والمعالم المبينة بصحيفة الدعوى إلا أن محافظ الجيزة أصدر القرار المطعون فيه رقم 220 لسنة 1998 بفسخ هذا العقد بمقولة عدم استغلال المساحة المبيعه للشركة في الغرض المخصصة له طبقاً للمادة الثامنة من العقد.
وأضافت الشركة أن قرار فسخ العقد صدر من غير مختص حيث لم يكن مصدره طرفاً في العقد المبرم بشأن المساحة المذكورة فضلاً عن أن ذلك القرار معيب بالتعسف في استعمال السلطة ومخالف للقانون ولنصوص العقد التي تلزم الشركة فقط بعدم استخدام الأرض في غير الغرض المخصصة من أجله ولم يتضمن إلزامها باستغلال كل المساحة في فترة زمنية معينة وبالتالي فإن الشركة لم تخل بالتزاماتها، وإذ يترتب على تنفيذ ذلك القرار أضرار يصعب تداركها، فإنها تطلب وقف تنفيذه ثم إلغاؤه، وبجلسة 10/ 1/ 1999 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكماً بقول الدعوى شكلاً، ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأحلت طلب الإلغاء إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيه.
وبعد أن أودع ذلك التقرير أصدرت محكمة القضاء الإداري الحكم المطعون فيه ( في الشق الموضوع ) وشيدته على أسباب حاصلها بالنسبة لتدخل الشركة الطاعنة في الطعنين الأول والثاني أن لها مصلحة في التدخل لأن قرار محافظ الجيزة رقم 221 لسنة 1998 بفسخ العقد المبرم بين الهيئة المذكورة والمدعية وسحب الأرض منها ترتب عليه تخصيص هذه المساحة للشركة المتدخلة ولما صدر حكم في الشق العاجل من الدعوى بوقف تنفيذ القرار المشار إليه أعيد تسليم الأرض إلى الشركة المدعية وبالتالي تتحقق مصلحة الشركة – الطاعنة في التدخل في الدعوى طبقاً لنص المادة 126 مرافعات.
وبالنسبة للموضوع استعرضت المحكمة عقد بيع الأرض محل النزاع وأنه تم في ظل العمل بالقانون رقم 100 لسنة 1964 الذي كان يعطي الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية الحق في التصرف في الأراضي الصحراوية وأن محافظ الجيزة أشار في ديباجة القرار المطعون فيه إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 41 لسنة 1992 الذي يبين من مادتيه الأولى والثانية أن أية منازعة بشأن تنفيذ العقد محل النزاع تظل محكومة بالقواعد والإجراءات التي كان معمولاً بها وقت التعاقد ويكون الاختصاص بمتابعة تنفيذ ذلك العقد معقودا للهيئة دون محافظة الجيزة التي يقتصر اختصاصها على إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي التي لم يسبق التصرف فيها عند العمل بقرار رئيس الجمهورية سالف الذكر الذي عمل به اعتبارا من 7/ 2/ 1992 – اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية، وخلصت المحكمة إلى أن القرار المطعون فيه يكون تبعاً لما تقدم صادراً من غير مختص ويتعين إلغاؤه.
وبالنسبة لطلب الشركة المتدخلة – الطاعنة – التعويض عن الإجراءات التي لحقت بها من جراء قرار محافظ الجيزة رقم 4320 لسنة 1999 بسحب الأرض محل النزاع منها وإعادة تسليمها إلى الشركة المدعية – المطعون ضدها – فالثابت أن الجهة الإدارية خصصت لها أرضاً بديلة هي القطعة رقم 98 بالمنطقة الصناعية بأبو رواش فضلاً عن أنها لم تقم بتشييد أية مشروعات بالأرض محل النزاع وبالتالي لا تكون ثمة أضرار لحقت بها ويكون طلب التعويض لا سند له ويتعين رفضه.
ومن حيث إن الشركة المتدخلة – الطاعنة في الطعنين الأول والثاني – لم ترتض ذلك الحكم فطعنت عليه بالطعنين الأول والثاني رقمي 7377 و 8294 لسنة 50 ق. وساقت للطعن الأول أسباباً تخلص في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي تفسيره وخالف الوقائع الثابتة بالأوراق لأن مؤدي قرار رئيس الجمهورية رقم 41 لسنة 1992 أن محافظ الجيزة أصبح وحده صاحب الحق في التصرف في أراضي المنطقة الصناعية بأبو رواش من تاريخ العمل بالقرار المشار إليه، ولكن ليس معنى ذلك أن تستمر الجهة البائعة هي المختصة بمراقبة تنفيذ العقود التي أبرمت قبل العمل بالقرار الجمهوري سالف الذكر، وإنما هو انتزع منها ذلك الاختصاص أيضا ويكون من حق المحافظ إلغاء البيوع التي تمت في هذه الأراضي إذا وقعت مخالفة لشروط العقود المبرمة في هذا الشأن وهو ما حدث بالنسبة للأرض محل النزاع إذ أن الشركة المطعون ضدها لم تستغلها في الغرض الذي بيعت من أجله، وبالتالي يكون قرار المحافظ بفسخ البيع قائماً على سببه الذي يبرره ويكون ما قضت به محكمة القضاء الإداري من إلغائه لعدم اختصاص المحافظ بإصداره لا سند له، أما ما ذهبت إليه المحكمة من رفض طلب التعويض فإنه مخالف للقانون وللواقع حيث إن إعطاء الشركة أرضاً بديلة تم بعد مضى سنتين كانت خلالها أقامت المنشآت على الأرض المسحوبة منها واستوردت الآلات والمعدات ولذلك طلبت إحالة النزاع إلى الخبرة لإثبات حالة الأرض والمنشآت ولكن المحكمة رفضت طلبها مما يعد إخلالا بحق الدفاع.
وبالنسبة للطعن الثاني رقم 8294 لسنة 50 ق. عليا شيدته الشركة على أسباب تخلص في أن الحكم شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون حيث رفض طلب التعويض مع أن ركن الخطأ ثابت في حق الجهة الإدارية بإصدار قرار سحب الأرض من الشركة المطعون ضدها على خلاف حكم القانون ومن غير مختص بإصداره ثم قامت بتنفيذ الحكم الصادر بوقف تنفيذ ذلك القرار بطريقة صورية تمت داخل محافظة الجيزة ولما حاولت الإدارية تنفيذه على الواقع أبلغت الشركة الطاعنة الشرطة باعتبار أن الأرض محل النزاع كانت في حيازتها وحررت بذلك المحضر رقم 8594 لسنة 1999 إداري مركز إمبابة.
وأضافت الشركة الطاعنة أن الأرض التي تدعي المحافظة أنها خصصتها لها مساحتها 4500 مترا أي نصف المساحة محل النزاع التي سلمت من قبل للشركة وهي 8000 متر، وقد ترتب على خطأ الجهة الإدارية أضرار مادية مباشرة للشركة تتمثل فيما فاتها من كسب وما لحقها من خسارة وهي على سبيل المثال مبلغ 68000 جنيهاً، قيمة المبلغ الذي تم سداده لحساب مشروعات صندوق الإسكان الاقتصادي بالمحافظة حتى يتم تخصيص الأرض محل النزاع للشركة الطاعنة ومبلغ 130124.14 جنيهاً، تكلفة بناء سور حول قطعة الأرض ومبلغ 161037.76 جنيها، قيمة دراسات الجدوى اللازمة لإقامة المشروع الذي كانت ستقيمه على هذه المساحة ومصاريف الحراسة ونفقات التقاضي، ومبلغ 467105.08 جنيهاً.
قيمة بناء دور مسحور بمصنع الشركة بالمنطقة الصناعية بالعباسية بسبب عدم استطاعتها إقامة المصنع الذي كانت تريد إنشاؤه بالأرض محل النزاع ولم تستطع مما أدى إلى تراكم الماكينات التي استوردتها وتكدس العمالة واضطراب الإنتاج وتراكم الخسائر بدلاً من الأرباح، ومبلغ 10060 دولاً أمريكي مقدم ثم إحدى الآلات ولم تقم بشرائها لعدم وجود مكان بالمصنع القديم وعدم إنشاء المصنع الجديد على الأرض محل النزاع، ومبلغ عشرة ملايين جنية قيمة ما فات الشركة من كسب بسبب عدم إقامته ذلك المصنع لسبب لا يرجع إليها وإنما إلى جهة الإدارة ومبلغ عشرة ملايين أخرى قيمة ما لحقها من خسارة نتيجة فوائد البنوك والعمولات والمصاريف منذ استيراد أول ماكينة جديدة للمصنع الذي كانت ستقيمه على هذه الأرض.
وخلصت الشركة إلى أنها لذلك تستحق التعويضات سالفة الذكر.
ومن حيث إن الجهة الإدارية لم ترض أيضاً الحكم المطعون فيه فأقامت ضده الطعن الثالث رقم 8505 لسنة 50 ق.عليا استناداً إلى أسباب خلاصتها أن الحكم خرج على مقتضى التطبيق السليم للقانون وخالف أحكامه، حيث إن محكمة القضاء الإداري غير مختصة ولائياً بنظر النزاع لأنه يتعلق بأملاك الدولة الخاصة وبعقد بيع تم وفقاً لحكم القانون رقم 100 لسنة 1964 والقانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية وبالتالي تختص المحاكم المدنية بنظره والفصل فيه وأضافت الجهة الإدارية أن الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها أقيمت بعد الميعاد المحدد لرفع دعوى الإلغاء بنص المادة 24 من قانون مجلس الدولة لأن قرار فسخ عقد بيع الأرض محل النزاع صدر بتاريخ 3/ 2/ 1998 وتم تنفيذه على الواقع بتاريخ 19/ 4/ 1998 وتقدمت الشركة المدعية – المطعون ضدها في الطعن المذكور بشكوى إلى وزير شئون مجلس الوزراء حيث أحيلت إلى المحافظة ورفضت الشكوى بتاريخ 9/ 5/ 1998 ومع ذلك لم تقم الدعوى ضد ذلك القرار إلا في 12/ 8/ 1998 أي بعد الميعاد المقرر قانوناً مما كان يتعين معه على محكمة القضاء الإداري أن تقضي بعدم قبولها شكلا ولكنها لم تفعل فمن ثم يكون حكمها مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء.
ثم أضافت الجهة الإدارية أن قرار فسه العقد المشار إليه صدر من الجهة المختصة قانوناً بإصداره حيث حلت محافظة الجيزة حلولاً قانونياً محل الهيئة العامة لمشروعات التعمير بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 41 لسنة 1992 وأصبح لها حق مراقبة تنفيذ العقود التي أبرمت مع الهيئة واتخاذ الإجراء المناسب بشأنها ومنها فسخ تلك العقود وهو ما حدث في النزاع الماثل حيث تبين للمحافظة أن الشركة خالفت شروط العقد المبرم معها ولذلك قررت فسخه وهي مختصة بذلك، والثابت أن الشركة لم تقم بإنشاء المصنع على كل المساحة طبقاً للعقد وإنما أقامت عنبراً واحداً على 650 مترا فقط تمثل 4% من المساحة الكلية وقد ثبت أن العمل متوقف به ولا يوجد عمال أو موظفين به ثم قامت الشركة ببيع باقي المساحة كأرض فضاء بمبلغ أربعة ملايين ونصف مليون جنيه مع أنها اشترت المساحة كلها بمبلغ مقداره سبعة وثمانون ألف وأربعمائة وواحد وعشرون جنيها، ورغم إنذار الشركة لتنفيذ المشروع طبقاً للعقد لم تلتزم مما يحق للمحافظ فسخ العقد المبرم معها ويضحى قرار الفسخ مشروعاً وإذ لم يأخذ بذلك الحكم المطعون فيه فإنه يكون مخالفاً لصحيح حكم القانون ويتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العقد يعتبر إدارياً إذا كان أحد طرفيه شخصاً معنوياً عاماً، ومتصلاً بمرفق عام، ويتضمن شروط غير مألوفة في العقود التي تبرم في إطار قواعد القانون الخاص، وإذ يبين من الأوراق أن العقد محل النزاع أبرم بين الشركة الهندسية للتبريد والإنشاءات سابقة التجهيز والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وأشهر برقم 1622 في 9/ 6/ 1992 مكتب الجيزة، وتضمن بيع الهيئة للشركة قطعة أرض مساحتها 18 س 10 ط 9 ف كائنة خارج زمام أبو رواش – قسم إمبابة بمحافظة الجيزة – عند الكيلو 28 بطريق مصر/ إسكندرية الصحراوي نظير مبلغ 9252.87 جنيها، للفدان الواحد وذلك بغرض إقامتها مصنع لإنتاج الأجزاء والإنشاءات سابقة التجهيز عليها، والثابت أن هذا العقد أبرم بناء على موافقة هيئة المجتمعات العمرانية على هذا المشروع ضمن 39 مشروعاً أخطرت بها محافظة الجيزة بالكتاب رقم 54 في مايو عام 1983 وقد نص البند الرابع منه على أنه " إذا لزم الهيئة خلال الخمس سنوات التالية لتاريخ التوقيع على العقد أي مسطح من العقار المبيع للأعمال المتعلقة بالمنافع العامة يكون لها استرداد المسطح اللازم لها من هذا العقار بالثمن الذي بيع به " ونص البند السابع منه على أنه " في حالة مخالفة الطرف الثاني لأي شرط من شروط هذا العقد اعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو حكم قضاء مع عدم رد المبالغ التي سددت من المشترى واعتبارها حقاً خالصاً لصالح الهيئة " كما نص البند الثامن من ذات العقد على أن " يلتزم الطرف الثاني " المشتري " بعدم استغلال الأرض المبيعه إلا في الغرض المخصص لأجله والذي تم على أساسه البيع، وهو إقامة مصنع لإنتاج الأجزاء والإنشاءات سابقة التجهيز عليها "
وإذ يبين مما تقدم أن العقد محل النزاع عقد إداري نظرا لتوافر الشروط سالفة الذكر لاعتباره كذلك حيث أحد طرفيه شخص معنوي عام وأبرم في غرض متصل بنشاط مرفق عام وهو مرفق الصناعة كما تضمن شروطا استثنائية ليست مألوفة في عقود القانون الخاص على النحو الذي ورد في البنود الرابع والسابع والثامن السالف بيانها، ومتى كان ذلك العقد إدارياً فإن الفصل في كافة المنازعات التي تثور بشأنه – أيا كانت – يكون من اختصاص محاكم مجلس الدولة طبقاً لتنظيمها المبين بقانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وعلى ذلك يكون النعي على الحكم المطعون فيه بأنه صدر من محكمة غير مختصة بنظر النزاع بمقولة أن الاختصاص به معقود قانوناً لمحاكم القضاء العادي غير صحيح ولا سند له من القانون وتلتفت عنه المحكمة.
ومن حيث إنه تبعاً لما تقدم فإن قرار محافظ الجيزة المطعون فيه بفسخ العقد محل النزاع ليس من قبيل القرارات الإدارية النهائية التي تكون تعبيراً عن إرادة الجهة الإدارية بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح وإنما هو إجراء عقدي صدر بمناسبة ذلك العقد واستناداً لأحكامه وتكون المنازعة فيه منازعة عقدية ولا تتقيد بالميعاد المقرر قانوناً لدعوى إلغاء القرار الإداري وبالتالي فإن القول بأنه كان يجب على محكمة القضاء الإداري أن تقضي بعدم قبول الدعوى شكلاً، سواء لرفعها بعد الميعاد أو لانتفاء القرار الإداري لا يستند إلى سند صحيح من الواقع أو القانون وتلتفت عنه المحكمة.
ومن حيث إن عناصر النزاع ما تزال غير كافية لتكوين عقيدة المحكمة للفصل في الموضوع الأمر الذي ترى معه استخدام الرخصة المخولة لها قانوناً بندب مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة الجيزة وذلك للإطلاع على الأوراق والمستندات المقدمة في الطعون الثلاثة وما قد يقدمه أطرافها أمامه والانتقال إلى أرض النزاع ومعاينتها وتحديد المساحة التي خصصت للشركة المصرية للأسلاك الكهربائية – الطاعنة في الطعنين الأول والثاني – من مساحة العقد الذي كان مبرماً مع الشركة المطعون ضدها – الهندسية للتبريد والإنشاءات سابقة التجهيز، وتحديد تاريخ استلام الشركة الطاعنة لتلك المساحة وحالتها عند الاستلام وتاريخ سحبها منها تنفيذا للقرار رقم 4320 لسنة 1999 الصادر تنفيذ لحكم محكمة القضاء الإداري بجلسة 10/ 1/ 1999 وبحث وتحقيق الحالة التي كانت عليها تلك المساحة عند سحبها منها وبصفة خاصة بيان ما إذا كانت محاطة بسور من عدمه وفي الحالة الأولى تحديد تاريخ إقامته والجهة التي شيدته وتكلفته وهل الشركة الطاعنة هي التي أقامته على الجزء الخاص بمساحتها أم تسلمتها وهي محاطة به ضمن باقي مساحة العقد المشار إليه، وما تم بشأن تكلفة هذا السور – إن وجد – بعد سحب المساحة من الشركة الطاعنة وهل حصلت على قيمته من أية جهة أم لا، وعلى الخبير أيضاً بيان ما إذا كانت الطاعنة قد سددت مبلغ 68000 جنيها ( ثمانية وستون ألف جنيه ) لحساب مشروعات صندوق الإسكان الاقتصادي بمحافظة الجيزة بالشيك رقم 874506 بتاريخ 12/ 7/ 1998 المسحوب على بنك مصر رومانيا لتحصل على المساحة التي خصصت لها كما ذكرت في تقرر الطعن الثاني والمستندات المقدمة منها أم كان سدادها لهذا المبلغ لغرض آخر وتحديده إن وجد، وفي الحالة الأولى بيان ما تم بشأن هذا المبلغ بعد سحب الأرض من الطاعنة وإعادة تخصيص قطعة أرض بديلة لها وبصفة عامة على الخبير المنتدب تحقيق كافة أوجه النزاع بما يكشف عن وجه الحق فيه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعون الثلاثة شكلاً، وتمهيدياً وقبل الفصل في موضوع النزاع فيها بندب مكتب خبراء شمال الجيزة ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين للإطلاع على الأوراق والمستندات المودعة بملفات الطعون وما قد يقدمه الخصوم أمامه لأداء المأمورية المبينة بأسباب هذا الحكم، وعليه في سبل أدائها الانتقال إلى الأرض محل النزاع ومعاينتها والانتقال إلى محافظة الجيزة والإطلاع على ما لديها من سجلات ومستندات تتصل بهذا النزاع وله الانتقال إلى أية جهة أخرى والاستماع لأقوال الخصوم وشهودهم ومن يرى لزوماً لسماع أقواله دون حلف يمين، وعلى الشركة الطاعنة في الطعنين 7377 و 8294 لسنة 50 ق.ع إيداع مبلغ ثلاثمائة جنيه بخزينة المحكمة على ذمة أتعاب الخبير تصرف له دون إجراءات وحددت جلسة 26/ 6/ 2007 لنظر الطعون إذ لم تسدد الأمانة وجلسة 2/ 9/ 2007 حال سدادها لورود التقرير، وأبقت الفصل في المصروفات، وعلى قلم الكتاب إرسال الأوراق إلى مكتب الخبرة فور سداد الأمانة.
صدر هذا الحكم وتلى علناً بجلسة يوم الثلاثاء الموافق 5 من جماد أول سنة 1428 ه الموافق 22/ 5/ 2007 بالهيئة المبينة بصدره.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات