المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 136 لسنة 49 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة "موضوع"
بالجلسة المنعقدة برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد
الرحمن اللمعي "نائب رئيس مجلس الدولة" "ورئيس المحكمة"
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ يحيى عبد الرحمن يوسف "نائب رئيس مجلس الدولة"
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ الديد أموني مصطفى أحمد"نائب رئيس مجلس الدولة"
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد ماجد محمود أحمد "نائب رئيس مجلس الدولة"
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن "نائب رئيس مجلس الدولة"
وحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ محمد مصطفى عنان "مفوض الدولة"
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوي "سكرتير المحكمة"
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 136 لسنة 49 قضائية عليا
المقام من
1- محافظ أسيوط بصفته
2- رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة أبو تيج بصفته
ضد
حنفي كامل عبد القوي
طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط
بجلسة 7/ 8/ 2002 في الدعويين رقمي 1402 لسنة 3ق و398 لسنة 6ق
الإجراءات
في يوم السبت الموافق الخامس من أكتوبر عام ألفين وأثنين أودعت
هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا
تقرير الطعن الماثل المقيد بجدولها برقم 136 لسنة 49ق عليا طعناً على الحكم الصادر
من الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 7/ 8/ 2002 في الدعويين رقمي
1402 لسنة 3ق و398 لسنة 6ق والقاضي بإلزام الجهة الإدارية بأن ترد للمدعي (المطعون
ضده) مبلغاً مقداره 17745.693 جنيهاً (سبعة عشر ألفاً وسبعمائة وخمسة وأربعون جنيهاً
و693 مليماً.
وطلب الطاعنان للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وبوقف تنفيذ ثم إلغاء
الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعويين المذكورتين وإلزام المطعون ضده المصروفات
عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً
بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، ثم نظر الطعن أمام
دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث قررت بجلسة 4/ 9/ 2004 إحالته إلى الدائرة
الثالثة – موضوع – بالمحكمة لنظره بجلسة 21/ 12/ 2004، ومن ثم نظرته المحكمة بالجلسة
المذكورة وما تلاها من جلسات حيث قدم الحاضر عن المطعون ضده بجلسة 30/ 5/ 2006 مذكرة
بدفاعه، وبجلسة 5/ 12/ 2006 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت
مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعن تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده أقام
الدعوى رقم 1402 لسنة 3ق بصحيفة أودعت بتاريخ 18/ 8/ 1992 قلم كتاب محكمة القضاء الإداري
بأسيوط وطلب في ختامها الحكم بندب خبير للإطلاع على مستندات العمليات المشار إليها
بالصحيفة ومطابقتها على الأعمال التي تم تنفيذها للوقوف على مدى سلامة المحاسبة التي
تمت محاسبته على أساسها وما إذا كانت له مستحقات قبل الجهة الإدارية من عدمه وببراءة
ذمته من أية مبالغ تطالبه بها وإلزامها بأن تؤدي له مبلغاً مقداره 18818.565 جنيهاً
الذي سدده لحساب الوحدة المحلية بأبو تيج ومديرية التربية والتعليم بأسيوط دون حق.
وذكر المدعي شرحاً للدعوى أن الوحدة المحلية المذكورة أعلنت عن مناقصة عامة لتنفيذ
ست عمليات الأول إنشاء تسعة فصول ومكتبة وورشتين بمدرسة نزلة بافور الابتدائية المشتركة
وذلك بتاريخ 22/ 9/ 1987 والعملية الثانية أعلنت عنها في 26/ 11/ 1987 لإنشاء مخزن
وورشة نجارة بقرية بدوينة، والثالثة بتاريخ 19/ 12/ 1989 لإنشاء فصلين وسلم بالدور
الأرضي بمدرسة بافور الإعدادية المشتركة، والعملية الرابعة لإنشاء أربعة فصول وسلم
بالدور الأرضي بمدرسة علي بن أبي طالب بأبو تيج وأعلنت عنها في 14/ 12/ 1989 أما العملية
الخامسة فقد أعلنت عنها في 21/ 12/ 1989 لإنشاء فصلين وسلم بالدور الأرضي بمدرسة نزلة
بافور الابتدائية بأبو تيج والسادسة لإنشاء فصلين وسلم بالدور العلوي بمدرسة أبو تيج
الإعدادية بنات بالإعلان المؤرخ 16/ 12/ 1989 وأضاف المدعي أنه تقدم بعطاءات لتنفيذ
هذه العمليات بصفته وكيلاً عن كل من أنور السيد حسن وفاطمة حسين إبراهيم صاحبي شركة
المعزية للمقاولات وقد رست عليه وحررت الجهة الإدارية العقود اللازمة عن هذه العمليات
وقام بتنفيذها كاملة طبقاً للمواصفات المقررة وسلمها ابتدائياً ونهائياً للجهة الإدارية
وصرف الختامي الخاص بكل عملية إلا أنه فوجئ في بداية عام 1992 باستدعائه من النيابة
العامة بأبو تيج للتحقيق معه بالمحضر الإداري رقم 1197 لسنة 1992 أموال عامة المنسوب
فيه إليه أنه بصفته عضواً بالمجلس الشعبي المحلي تعاقد مع الوحدة المحلية المذكورة
لتنفيذ العمليات المشار إليها من خلال زوجته وشريك آخر وأخفى صفته الشعبية وذلك بناء
على مذكرة من الرقابة الإدارية، وتم تشكيل لجنة لفحص هذه العمليات حيث ارتأت أن هناك
أخطاء في حساب بعض البنود وانتهى الرأي إلى تخييره بين سداد قيمة المخالفات التي ارتأتها
اللجنة أو قيد الأوراق جناية واتخاذ الإجراءات القانونية في هذا الاتجاه، الأمر الذي
أضطره إلى سداد مبلغ مقداره 18818.565 جنيهاً لحساب الوحدة المحلية المذكورة ومديرية
التربية والتعليم بأسيوط.
وأضاف المدعي – المطعون ضده – أنه سدد هذا المبلغ على خلاف الواقع والقانون إذ أن تعاقده
مع الجهة الإدارية عن هذه العمليات تم وفقاً للضوابط المقررة بقانون الإدارية المحلية
وقد تم تنفيذها طبقاً للشروط والمواصفات المقررة وسلمت ابتدائياً ونهائياً دون أخطاء
وبالتالي فإن تحصيل ذلك المبلغ منه لا سند له وخلص إلى طلباته سالفة البيان.
وبتاريخ 28/ 12/ 1993 أقام المطعون ضده الدعوى الثانية بصحيفة أودعت ابتداء قلم كتاب
محكمة أبو تيج الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 358 لسنة 1993 مدني كلي وطلب في ختامها
إحالة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل بأسيوط لبيان ما إذا كانت المباني الخاصة
بالعمليات المشار إليها بالدعوى الأولى مخالفة للمواصفات من عدمه وفي حالة عدم وجود
مخالفات التصريح له باسترداد المبلغ المذكور بذات الدعوى الأولى الذي سدده للجهة الإدارية،
وذلك استناداً إلى ذات الأسباب التي ذكرها في شرحه لتلك الدعوى.
وبجلسة 30/ 11/ 1994 قضت محكمة أبو تيج الكلية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها
إلى محكمة القضاء الإداري بأسيوط ومن ثم أحيلت إليها وقيدت بجدولها برقم 398 لسنة 6ق
وتدوولت أمامها هي والدعوى الأولى بالجلسات حيث قررت ضمها معاً ثم قضت بجلسة 25/ 11/
1998 بقبولهما شكلاً وتمهيدياً وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل
بأسيوط لأداء المأمورية المبينة بأسباب حكمها، وقد باشر الخبير المنتدب المأمورية المكلف
بها وأودع التقرير المرفق بالأوراق، وبجلسة 7/ 8/ 2002 أصدرت الحكم المطعون فيه بإلزام
الجهة الإدارية بأن تؤدي للمدعي -المطعون ضده – مبلغاً مقداره 17745.693 جنيهاً وألزمتها
المصروفات، وشيدت قضاءها على أن الخبير المنتدب في النزاع قد انتهى إلى ذلك وأنها تطمئن
إلى تقريره وتأخذ به محمولاً على أسبابه وقد خلص التقرير إلى أحقية الجهة الإدارية
فقط في مبلغ مقداره 1072.872 جنيهاً وليس المبالغ الذي حصلت عليه من المذكور.
ومن حيث إن الجهة الإدارية لم ترتض ذلك الحكم فطعنت عليه بالطعن الماثل استناداً إلى
أسباب تخلص في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن النيابة
العامة بأبو تيج قد باشرت تحقيقاتها في المخالفات التي شابت العمليات المشار إليها
وشكلت لجنة فنية لفحصها ثم انتهت النيابة بناء على ذلك إلى إلزام المطعون ضده بأداء
المبالغ المطالب به حيث قام بسداده بناء على قرار النيابة وهو قرار قضائي ينأى بطبيعته
عن رقابة القضاء الإداري وهو ما لم تلتزم به محكمة القضاء الإداري في حكمها وخلصت الجهة
الإدارية إلى طلباتها المبينة بتقرير الطعن سالف الذكر.
ومن حيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقديرها
يقدم فيها من الأدلة والبيانات واستخلاص ما يتفق وحقيقة الواقع فيها هو من شأن المحكمة
وتصريفها وتقرير الخبير المقدم فهيا وإن كان لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات
فيها إلا أن للمحكمة وفقاً لسلطتها التقديرية أن تأخذ بما انتهى إليه ما دامت قد اطمأنت
إلى سلامة الأسس والأبحاث التي قام عليها وبنى الخبير عليها النتيجة التي خلص إليها،
وفي أخذها به محمولاً على أسبابه ما يدل على أنها لم تجد في المطاعن التي وجهت إليه
ما يستحق الرد عليه بأكثر مما ورد بالتقرير ذاته. وإذ يبين من مطالعة تقرير الخبير
الذي انتدبته محكمة القضاء الإداري وأخذت بما أثبته فيه وخلص إليه أنه استخلص من أصول
ثابته بعيون الأوراق وقام على أبحاث كافية وأسس مقبولة وتضمن فحصاً لكل ما انتهت إليه
اللجنة التي شكلتها الجهة الإدارية لبحث مستندات العمليات محل النزاع وعقب عليه من
واقع الأوراق ثم خلص إلى أن المطعون ضده صرف دون حق مبلغاً مقداره 611.25 جنيهاً عن
أعمال العملية الأولى سالفة الذكر، ومبلغ 354.662 جنيهاً عن العملية الثانية، وبملغ
106.96 جنيهاً عن العملية السادسة وبذلك يكون إجمالي ما صرف إليه دون حق مبلغ 1072.872
جنيهاً ويكون مستحقاً له طرف الجهة الإدارية مبلغاً مقداره 17745.693 جنيهاً تلتزم
برده إليه إذ أن تحصيلها له لا مبرر له من الأوراق، وإذ تطمئن هذه المحكمة إلى سلامة
ما انتهى إليه ذلك التقرير وتأخذ به فإن الحكم المطعون فيه وقد شيد قضاءه عليه يكون
قائماً على ما يبرره من الواقع والقانون ويضحى الطعن عليه مفتقراً لما يسانده جديراً
بالرفض، ولا ينال من ذلك ما ورد بتقرير الطعن فليس صحيحاً أن النيابة العامة ألزمت
المطعون ضده بسداد المبلغ المشار إليه وأنها بذلك تكون قد تصرفت في التحقيق بقرار قضائي
يجب ألا تمتد إليه رقابة القضاء الإداري فهذا القول مردود عليه بأن قضاء مجلس الدولة
يختص بالفصل في المنازعات التي تثور بشأن العقد الإداري طبقاً لأحكام الدستور والقانون،
واختصاصه في هذا الشأن اختصاص شامل ومطلق لأصل تلك المنازعات وما يتفرع عنها يستوي
في ذلك أن تكون المنازعة عاجلة أو موضوعية أو تكون طعناً على إجراء عقدي أو طلباً لمبالغ
مالية ناشئة عن العقد حيث يكون للقاضي الإداري باعتباره قاضي العقد ولاية القضاء الكامل
التي يحسم بها أي نزاع بين طرفيه، أما التحقيق الذي تجريه النيابة العامة في نزاع يتصل
بطرفي العقد الإداري وفي شأن يتعلق به وإن كان حقاً أصلياً لها بحكم وظيفتها التي اختصها
بها الدستور والقانون أيضاًَ إلا أن ذلك التحقيق يهدف في المقام الأول إلى كشف ما قد
يكون قد ارتكب من جرائم جنائية تتصل بذلك العقد في أية مرحلة من مراحل إبرامه أو تنفيذه
وصولاً لمرتكبيها وتقديمهم للمحاكم الجنائية حتى ينالوا الجزاء الجنائي المقرر حال
إدانتهم حماية للحق العام وردعاً للمخالف ذاته، وغني عن البيان أن قيام المتعاقد مع
الإرادة – أثناء التحقيق معه بمعرفة النيابة العامة – بسداد مبالغ مالية نسب إليه صرفها
بمناسبة العقد دون حق لا يكون بقرار قضائي من هذه النيابة كما ذهبت الجهة الإدارية
في تقرير الطعن, وإنما يكون بمبادرة منه أملاً في أن تقف النيابة بالتحقيق عند هذا
الحد ولا تتخذ إجراءات محاكمته جنائياً، ولكنه – أي سداد هذه المبالغ – لا ينال بحال
من الولاية الكاملة للقاضي الإداري على كافة منازعات العقد الإداري ولا يحول دون ممارسة
اختصاصه بتحديد حقوق طرفيه وإصدار الحكم القضائي الذي يلزم كل منهما بما يخلص إليه،
ولو كان على خلاف ما أتخذ من إجراءات لسداد المبالغ المالية التي كانت محلاً للتحقيقات
بمعرفة النيابة العامة أو غيرها.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وقد خلصت المحكمة إلى سلامة الحكم المطعون فيه ورفض الطعن
الماثل فإنه يتعين إلزام الجهة الإدارية المصروفات عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
" فلهذه الأسباب "
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وألزمت
الجهة الإدارية المصروفات.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم الثلاثاء الموافق 11 محرم سنة 1428 هجرياً والموافق
30/ 1/ 2007م بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
