الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 9779 لسنة48ق عليا

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثالثة " موضوع "

بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة
السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحي عبد الرحمن أبو يوسف، منير صدقي يوسف خليل، عبد المجيد احمد حسن المقنن، عمر ضاحى عمر ضاحى " نواب رئيس مجلس الدولة "
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد إبراهيم عبد الصمد – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الاتى

في الطعن رقم 9779 لسنة48ق عليا

المقام من

رئيس مجلس إدارة معهد بحوث أمراض العيون " بصفته "

ضد

– شركة القاهرة العامة للمقاولات
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى " الدائرة الخامسة " بجلسة 18/ 4/ 2002.
في الدعويين رقم 2882لسنة51ق و6317لسنة52ق


الاجراءات

في يوم السبت الموافق الخامس عشر من يونية عام ألفين واثنين أودع وكيل الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى الدائرة الخامسة بجلسة 18/ 4/ 2002 في الدعويين رقم 2882لسنة51ق و 6317لسنة52ق والقاضي بقبول الدعوى رقم 2882لسنة51ق شكلا ورفضها موضوعا وألزمت المدعى بصفته المصروفات، وفى الدعوى رقم 6317لسنة52ق بإلزام رئيس مجلس إدارة معهد بحوث إمراض العيون بصفته بأن يؤدى للشركة المدعية مبلغا مقداره سبعمائة وعشرون ألف جنية وفوائده القانونية بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات ورفض ماعدا ذلك من طلبات، وطلب الطاعن بصفته للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى المقامة من الشركة المطعون ضدها وإلزامها المصروفات.
وقد أعلن الطعن على النحو المبين بالأوراق، واعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه لأسبابه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا 0
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث حضر الطرفان كل بوكيل عنه وقدم مذكرة بالدفاع، وبجلسة 20/ 10/ 2004 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة عليا – موضوع – لنظره بجلسة 18/ 1/ 2005 وقد نظرته المحكمة بالجلسة المذكورة وما تلاها من جلسات على النحو الثابت بالمحاضر إلى أن قررت بجلسة 27/ 12/ 2005
إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر النزاع في الطعن تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الشركة المطعون ضدها كانت قد أقامت الدعوى رقم 299لسنة1996 تجارى كلى الجيزة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة الجيزة الابتدائية اختصمت فيها رئيس مجلس إدارة معهد بحوث إمراض العيون بصفته " الطاعن " ووزير البحث العلمي وطلبت في ختامها الحكم بالزامهما متضامنين بأن يؤديا لها مبلغا مقداره سبعمائة وعشرون ألف جنية والفوائد القانونية والبنكية والتعويض المناسب عن الأضرار المادية التي أصابتها نتيجة حبس هذا المبلغ عنها طوال تلك المدة دون أن تتمكن من الاستفادة منه، وذكرت الشركة شرحا للدعوى أن وزير الإسكان والمرافق اسند إليها بموجب أمر التكليف رقم 120لسنة1964 عملية إنشاء بناء معهد بحوث إمراض العيون بالجيزة على أن تتم محاسبتها بناء على لجان تحديد الأسعار والتي تشكل من ممثلي وزارة البحث العلمي والمؤسسة المصرية للمقاولات، وقد تكون هذا المشروع من أربعة مباني بمشتملاتها وأنها قامت بتسليمه ابتدائيا على مراحل بموجب محاضر رسمية بدءا من عام 1981 واعدت الختامي الخاص بالأعمال وقدمت للمعهد وثابت به أن مستحقاتها بلغت طرف المعهد مبلغا مقداره سبعمائة وعشرون ألف جنية إلا أن هذه المستحقات لم تصرف لها رغم أنها قدمت الختامي للمعهد بتاريخ 5/ 7/ 1995 ورغم كثرة مطالباتها إلا انه اخذ يطالبها بإعادة تسليم الأعمال نهائيا مرة أخرى بعد أن مضى على بعضها أكثر من عشرة أعوام من عام 1983 حتى 1995 اى أن فترة الضمان المنصوص عليها بالمادة 86 من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9لسنة1983 قد انقضت فضلا عن فوات مدة الضمان المنصوص عليها بالقانون المدني " الضمان العشري " إذ أن الأعمال سلمت نهائيا بمحاضر تسليم رسمية كان أخرها في 7/ 7/ 1992 وبالتالي لا يكون من حق المعهد المطالبة بإعادة تسليم الأعمال تسليما نهائيا مرة أخرى ولما طالبته بمستحقاتها بل وعرضت اللجوء إلى التحكيم الاختياري لحل النزاع فانه لم يستجب دون سند قانوني مما دعاها إلى إقامة تلك الدعوى.
وقد تدوولت الدعوى أمام المحكمة المدنية المذكورة حيث قضت بجلسة 19/ 10/ 1996 وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالجيزة ليندب احد خبرائه المختصين لأداء المأمورية المبينة بمنطوق ذلك الحكم وقد باشر الخبير المنتدب المهمة التي كلف بها وأودع التقرير المرفق بالأوراق وفيه خلص إلى أحقية الشركة في مبلغ سبعمائة وعشرين ألف جنية قيمة مستحقاتها عن الأعمال التي أنشأتها بالمعهد المذكور وان الجهة الإدارية لم تقم بصرفه إليها، وبجلسة 28/ 2/ 1998حكمت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى مجلس الدولة بهيئة قضاء أدارى للاختصاص بنظرها، وقد أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الادارى – الدائرة الخامسة – وقيدت بجدولها برقم 6317لسنة52ق ونظرتها بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها – وكان الطاعن بصفته قد أقام الدعوى رقم 2882لسنة51ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى بتاريخ 11/ 1/ 1997 اختصم فيها الشركة المطعون ضدها وطلب في ختامها الحكم بإلزامها بأن تؤدى للمعهد مبلغا مقداره 35ر921421 جنيها قيمة غرامة تأخير مستحقة عليها ومبلغ عشرين ألف جنية سدد لها دون حق لإصلاح عيوب نتجت عن الزلزال فضلا عن التعويض المستحق عن ذلك التأخير وذلك استنادا إلى أن الشركة تأخرت في تنفيذ وتسليم مبنى المعهد قرابة ثلاثين عاما ونتج عن ذلك عدم الاستفادة به وارتفاع أسعار المواد من اسمنت وحديد وأخشاب وغيرها مما حمل موازنة المعهد أعباء مالية إضافية ولو نفذت الشركة الأعمال في وقتها لتمت محاسبتها قبل ارتفاع الأسعار، وان الشركة لما سلمت المبنى في 7/ 7/ 1992 ولما تعرضت البلاد إلى الزلزال ظهرت بعض العيوب بمبنى المعهد تم إصلاح جزء منها ولكن الشركة طالبت بأتعابها عن ذلك وحصلت دون وجه حق على عشرين ألف جنية من مطالبتها التي حددتها بمبلغ 24ر68822 جنيها خلال فترة الضمان بالمخالفة للقانون ثم عادت وأقامت دعوى للمطالبة بمبلغ 720000 جنية قيمة تسوية مستحقاتها وتناست غرامة التأخير المستحقة منها والتعويض الذي تلتزم به والمبالغ التي صرفت إليها دون حق.
وقد تدوولت الدعوى الثانية بالجلسات أمام محكمة القضاء الادارى إلى أن قررت ضم الدعويين معا ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 18/ 4/ 2002 أصدرت فيهما الحكم المطعون فيه وأوردت به أن طلبات الشركة هي إلزام المعهد ووزارة البحث العلمي متضامنين بأن يؤديا لها مبلغا مقداره سبعمائة وعشرون ألف جنية والفوائد القانونية عنه بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والفوائد البنكية والتعويض المناسب عن الأضرار المادية التي أصابتها نتيجة حبس مستحقاتها أما طلبات المعهد في الدعوى الثانية فهي إلزام الشركة بأن تدفع له مبلغا مقداره 35ر921421 جنيها قيمة غرامة تأخير وان ترد له مبلغ 890ر87521 جنيها الذي سدد لها على ذمة إصلاح العيوب الناتجة عن الزلزال مع التعويض المناسب عما لحق المعهد من خسارة وفاته من كسب نتيجة عدم الاستفادة بالمعهد طوال تلك المدة وذلك طبقا للطلبات الختامية التي قدمت في الدعويين، وبعد أن خلصت المحكمة إلى إخراج وزير البحث العلمي من الدعوى المرفوعة من الشركة لأنه غير ذي صفة فيها قبلت الدعويين شكلا وشيدت قضاءها في موضوع الدعويين على أسباب تخلص في أن أمر التكليف المشار إليه لم ينص على مدة محددة تلتزم خلالها الشركة " المطعون ضدها " بتنفيذ المشروع خلالها وقد بدأ التنفيذ اعتبارا من 16/ 5/ 1968 بعد إتمام الرسومات والانتهاء من مشكلات تعارض المشروع مع خط التنظيم وانه نظرا لان المشروع يتكون من أربعة مباني ولحاجة المركز القومي للبحوث لمبنى معهد أبحاث الرمد فقد رؤى التنفيذ على خمس مراحل مدة كل مرحلة ثلاث سنوات اعتمادا على توافر الاعتمادات المالية، وأضافت المحكمة أن الشركة قامت بتنفيذ المشروع بصورة غير منتظمة نظرا للظروف التي مر بها من عدم تكامل مواصفات الأعمال الميكانيكية للمعهد وكثرة التعديلات في مواصفات الأعمال من جانب الجهة الإدارية أثناء التنفيذ والأعمال الإضافية المتعددة على النحو الوارد تفصيلا بالأوراق فضلا عن ضعف الاعتمادات المالية خاصة عامي 84/ 1985، 85/ 1986 بعد صدور تعليمات رئيس مجلس الوزراء المرسلة بالكتاب رقم 19 في 1/ 1/ 1986 إلى وزير الإسكان بعدم العمل في مشروعات غير مدرج لها مبالغ بالميزانية، وقد جرى تسليم ما يتم تنفيذه أولا بأول حيث تم تسليم مبنى المعهد لشغله وذلك بتاريخ 2/ 3/ 1981 ونهائيا في 28/ 2/ 1983 اى بعد انتهاء سنة الضمان المنصوص عليها بالمادة 86 من القانون رقم 9لسنة1983 بشأن تنظيم المناقصات والمزايدات ثم جرى تسليم باقي الأعمال تباعا ابتدائيا ونهائيا – أعمال المصاعد والكهرباء والتكييف – خلال الفترة من 9/ 12/ 1987 حتى 29/ 10/ 1988 وأخيرا تم تسليم المرحلة الخامسة الخاصة بقاعة المؤتمرات في 31/ 12/ 1989 ثم سلمت نهائيا بتاريخ 5/ 7/ 1992 وقام رئيس الجمهورية بافتتاح مبنى المعهد بتاريخ 8/ 3/ 1990، وخلصت المحكمة إلى انه ليس من حق المعهد توقيع غرامة تأخير على الشركة إذ أن البطء في التنفيذ وتأخر تسليم المشروع كان لأسباب ترجع كلها للمعهد – وان الشركة وفت بالتزاماتها في الوقت المناسب حسبما سمحت الظروف المالية لجهة الإسناد، كما أنها لم تخطئ حتى تتم مطالبتها بالتعويض عن الأضرار التي ترتبت على عدم استخدام المبنى خاصة وان الجهة الإدارية لم تحدد للشركة مدة معينة للتنفيذ أو تحرر معها عقدا ينص على ذلك، أما بالنسبة لما أحدثه الزلزال الذي ضرب مصر في 12/ 10/ 1992 فان شركة الدراسات المتكاملة قدمت تقريرا عن ذلك أوردت به أن المعاينة أسفرت عن عدم تأثر أساسات المبنى ولم يحدث بها هبوط والحوائط بجميع الأدوار ليس بها شروخ ومبنى المعهد من الناحية الإنشائية سليم وان الأعمدة والكمرات سليمة بينما أن الشروخ التي ظهرت بالجزء الأسفل من الأعمدة الدائرية الحاملة لأرض ممر السيارات كان نتيجة لعدم تغطية حديد البدروم ولسوء استعمال المكان بخراطيم رش الحدائق وغسيل السيارات والأرضيات، وان هذه الشروخ ظهرت قبل الزلزال أما الشروخ الأفقية بين المباني والأعمدة فلا تأثير لها على المبنى وقد حدثت بسبب التأثير الافقى لهذا الزلزال ولكن بمنى المعهد سليم ولم يتأثر بالزلزال ويجب ترميم الشروخ الرأسية والأفقية والجزء السفلى من الأعمدة الدائرة، وقد وافق المعهد على المقايسة اللازمة لإصلاح هذه الترميمات وبلغت قيمتها 890ر87521 جنيها وطلب من الشركة الطاعنة القيام بها وأنها أثمت تنفيذها ومن ثم لا يكون للمعهد حق في طلب استرداد ما صرف لها مقابل هذه الأعمال خاصة وان تلك الشروخ قد حدثت بعد انتهاء مدة الضمان العشري ولا تشكل هدما كليا أو جزئيا فضلا عن سقوط الحق في المطالبة بها استنادا إلى دعوى الضمان لمضى أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ اكتشاف العيب وهو 28/ 10/ 1992 تاريخ ذكر هذه الشروخ بتقرير الاستشاري بينما لم تقم الجهة الإدارية الدعوى إلا في 11/ 1/ 1997.
وبالنسبة لمستحقات الشركة التي طالبت بها في الدعوى رقم 6317لسنة51ق فالثابت أن مستحقات الشركة عن باقي أعمال المشروع في المرحلة الرابعة طبقا لتحديد لجنة الأسعار هو مبلغ سبعمائة وعشرون ألف جنية وقد امتنعت الجهة الإدارية عن صرفه رغم أن الخبير الذي انتدبته المحكمة المدنية انتهى إلى أحقيتها في صرف هذا المبلغ ولم تحضر الجهة الإدارية أمامه ويتعين إلزام المعهد بأن يؤديه لها وفوائده القانونية بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 8/ 8/ 1996 حتى تمام السداد عملا بحكم المادة 226 من القانون المدني وهذا هو التعويض القانوني الذي استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على استحقاقه عن المبالغ المتأخرة ولا وجه للإلزام بفوائد بنكية عنه كما تطالب الشركة.
ومن حيث أن المعهد المذكور لم يرتض ذلك القضاء فطعن على الحكم بالطعن الماثل وأسس الطعن على أسباب حاصلها أن الحكم خالف القانون وجاء على عكس الثابت من الأوراق إذ أن المعهد يستحق مبلغ 890ر87521 جنيها وكذلك مبلغ عشرين ألف جنية قيمة ما سدد للشركة دون حق لأنها مسئولة عن إصلاح الآثار التي نتجت عن الزلزال لأنها حدثت في فترة الضمان طبقا لقواعد القانون المدني كما أن تراخى الشركة في تسليم الأعمال حتى 7/ 7/ 1992 يجعل للمعهد الحق في توقيع غرامة تأخير قيمتها 350ر921421 جنيها بالإضافة إلى التعويض عما لحق المعهد من أضرار وما فاته من كسب نتيجة التأخير في تسليم الأعمال الخاصة بالمعهد.
ومن حيث انه من المسلم به أن الجهة الإدارية بحكم وظيفتها ورعايتها للمصلحة العامة وقيامها على كافة احتياجات المرافق العامة بما تراه من وسائل مقررة لها قانونا – حين تقوم بتحديد مدة معينة لإنجاز عمل ما والانتهاء من تنفيذه تكون قد قدرت أن حاجة المرفق تستوجب التنفيذ خلال هذا الميعاد دون اى تأخير فان تأخير من كلفته أو تعاقدت معه عن إتمام التزامه والانتهاء منه في الميعاد الذي حددته له كان من حقها أن توقع عليه غرامة تأخير طبقا للأوضاع وفى الأحوال المتفق عليها، وذلك على اعتبار أن غرامة التأخير هي جزاء يقصد به ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزاماته في المواعيد المتفق عليها حرصا على سير المرفق العام بانتظام، إلا أن قضاء المحكمة الإدارية العليا جرى على أن مناط توقيع هذه الغرامة أن يكون التأخير راجعا إلى عمل المتعاقد مع الإدارة وتراخيه في إتمام تنفيذ الأعمال خلال المدة المقررة ولذلك يعفى منها إذا كان التأخير لأسباب لا ترجع إليه وإنما لجهة الإدارة التي أسندت إليه الأعمال، ولا شك انه إذا كان واقع الحال ومسلك الجهة الإدارية منذ إسناد الأعمال للمقاول تم تصرفاتها ومواقفها تجاهه طوال مدة التنفيذ وحتى استلامها ابتدائيا ونهائيا يشير إلى أنها لم تكن حريصة على أن تتم الأعمال في موعد معين فمن ثم ينتفي اى مبرر لها لتوقيع تلك الغرامة ولا يكون من حقها أن تنسب إليه ثمة تأخير.
ومن حيث انه لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن العملية محل النزاع الماثل أسندت إلى الشركة المطعون ضدها بموجب قرار تكليف برقم 120لسنة1964 الصادر عن وزير الإسكان والمرافق بتاريخ 2/ 7/ 1964 ولم ينص هذا القرار إلا على تكليف الشركة بتنفيذ هذه العملية على أن تتم محاسبتها بمعرفة لجنة معينة بعد اعتماد الوزير للأسعار التي تحددها، ولم يحدد القرار مدة معينة تلتزم الشركة خلالها بالانتهاء من تنفيذ هذه العملية بحيث تكون جاهزة للتسليم الابتدائي، كما لم تبرم الجهة الإدارية مع الشركة عقدا تحدد فيه كافة ما يتعلق بهذه العملية من حقوق والتزامات لكلا الطرفين الأمر الذي يشير بداهة إلى أن الجهة الإدارية منذ بداية تفكيرها في إنشاء هذا المعهد لم تكن حريصة على إتمامه في وقت محدد دون تأخير بل أن الثابت أن ثمة أسباب كثيرة ترجع إلى تلك الجهة كانت سببا في عدم البدء في التنفيذ عقب صدور أمر التكليف ثم استغراقه تلك المدة الطويلة التي بلغت ثلاثون عاما تقريبا إذ يبين من الأوراق المودعة ملف الطعن أن الرسومات والتصميمات والمواصفات الفنية الخاصة بالأعمال والتجهزيات اللازمة لها لم تكن معدة إعدادا كافيا ومتوافرة قبل تكليف الشركة بتنفيذ العملية وإنما كان يتم الإعداد لها أو استكمالها ثم تعديلها أثناء طلب الجهة الإدارية من الشركة بتنفيذها الأمر الذي كان يؤدى إلى توقف العمل لفترات طويلة وذلك فضلا عن عدم توافر الاعتمادات المالية اللازمة للتنفيذ وقد أثبتت اللجنة التي نص عليها قرار التكليف وهى تشكل من مندوب عن الشركة وأخر عن وزارة الإسكان وثالث عن المركز القومي للبحوث في اجتماعها بتاريخ 18/ 5/ 1977 أن الشركة المطعون ضدها بدأت في تنفيذ العملية بتاريخ 16/ 5/ 1968 – اى بعد أربع سنوات من صدور قرار التكليف – وذلك بسبب عدم إتمام الرسومات المعمارية والإنشائية وكانت تسير في العمل في حدود الاعتمادات المالية التي كانت ترد إلى المركز القومي للبحوث من اعتمادات الباب الثالث – الاستثمارات – وانه أتضح للجنة أن سبب تأخر الشركة في العمل يرجع إلى عدم توافر الاعتمادات المالية للمشروع والتي كانت تعتمد سنويا من وزارتي التخطيط والخزانة، ومما يؤكد عدم مسئولية الشركة عن تأخر البدء في التنفيذ وعدم الاستمرار فيه على النحو الواجب ما هو ثابت بملف الطعن من مستندات ومكاتبات تدل على ذلك ومنها على سبيل المثال أنها كانت حتى 24/ 1/ 1973 تطلب من الجهة الإدارية الرسومات التكميلية للأعمال الصحية في المعامل ودورات المياه وأعمال الكهرباء والبياض والكريتال والتكييف وحتى 30/ 10/ 1974 كانت ما تزال تطلب الرسومات النهائية بعد تعديلها والخاصة بالمساقط المعمارية لكافة الأدوار للمبنى أ، ب، ج وغرفة العمليات بالدور الثاني ولوحات التوزيع والتعديل الانشائى لمدخل المدرج في المبنى "ب " وغير ذلك من أعمال، كما تقدمت بالعديد من الشكاوى للجهة الإدارية كي تحدد لها الاعتماد المالي المحدد خلال السنة لتستطيع وضع برنامج زمني لتنفيذ الأعمال المطلوبة منها خلال تلك السنة من ذلك كتابها المؤرخ 3/ 3/ 1979 المرسل إلى أمين عام المركز القومي للبحوث تتضرر فيه من تعثر العمل بالمعهد وتشير إلى أسباب ذلك وكلها ترجع إلى الجهة الإدارية وعدم توفيرها الرسومات والتجهيزات الفنية اللازمة لتقوم باستئناف الأعمال والانتهاء منها، والثابت انه رغم كل هذه الظروف والملابسات التي تم التنفيذ فيها فان الشركة كانت تمضى في العمل في ضوء ما تجيزه لها الجهة الإدارية من رسومات وتصميمات ومواصفات وتطلب منها تنفيذه وفى حدود ما يتوافر من اعتمادات مالية وأنها كانت تقوم بتسليم ما تنتهي منه من أعمال تسليما ابتدائيا ثم نهائيا إلى أن قامت بتسليم المشروع كله – عدا قائمة المؤتمرات في المبنى "د" – بالمحضر المؤرخ 21/ 11/ 1990 وقد أثبتت لجنة الاستلام فيه أنها فقدت منشآت المشروع وتجهيزاته وتبين لها أنها على خير وجه وارتأت انه لا مانع من صرف مستحقات الشركة والتأمين المحجوز كما أشارت في المحضر إلى انه سبق استلام أعمال نهائيا بمحاضر في تواريخ مختلفة بدءا من 28/ 2/ 1983 حتى 29/ 10/ 1988 كما يبين انه بتاريخ 5/ 7/ 1992 تم تسليم قاعة المؤتمرات نهائيا وأثبتت لجنة الاستلام أن كافة الأعمال بها من ديكورات وتكييف وكهرباء تعمل بحالة جيدة ولا مانع من استلامها نهائيا وصرف جميع مستحقات الشركة عنها، وخلاصة ما تقدم انه رغم صدور قرار التكليف للشركة بإنشاء مباني المعهد المذكور وتنفيذ الأعمال والتجهيزات الخاصة بها في عام 1964 واستطالة مدة التنفيذ حتى 5/ 7/ 1992 فان الأوراق خلت مما يفيد أن الشركة المطعون ضدها هي المسئولة عن استغراق هذه المدة في التنفيذ بل على العكس تزخر أوراق الطعن بالأوراق والمستندات التي تؤكد أن ذلك يرجع إلى الجهة الإدارية خاصة وأنها من ناحية أولى لم تحدد للشركة مدة زمنية معينة وتلزمها بالانتهاء من التنفيذ خلالها وبالتالي فليس من حقها أن تنسب لها تأخيرا في هذا الشأن لان الالتزام لم يتحدد اصلا حتى تزعم الإخلال به أو التقصير فيه خلال اجل حددته، ومن ناحية أخرى فان الشركة لم تقصر في التنفيذ في ضوء ظروف الجهة الإدارية وما كانت توفره من اعتمادات مالية للمشروع وتوافق عليه من رسومات ومواصفات وتجهيزات فنية وتطلب من الشركة تنفيذها ورغم أنها ارتأت تنفيذ المشروع على خمس مراحل مدة كل منها ثلاث سنوات فان الجهة الإدارية لم تمكنها من ذلك، ومما يؤكد سلامة موقف الشركة وان التأخير لم يكن يرجع إليها وإنما لأسباب ترجع للجهة الإدارية أن الأخيرة طوال هذه المدة الكبيرة التي استغرقها تنفيذ المشروع لم يثبت أنها نسبت للشركة تأخيرا أو تراخيا في التنفيذ أو استنهضت همتها للإسراع في العمل على نحو معين أو هددتها بتوقيع غرامة تأخير عليها أو زعمت أنها لم تنفذ عمل ما خلال مدة حددت لها سلفا بل أن الأوراق خلت مما يفيد أن الجهة الإدارية قد أثبتت ثمة ملاحظة بشأن مدة التنفيذ فيما تسلمته من أعمال نهائيا طوال مدة التنفيذ وعلى العكس فالثابت أن مديرة المعهد قد أرسلت العديد من الكتب إلى الشركة التي تثنى فيها على مهندسة الشركة المديرة للمشروع على مجهودها الكبير في العمل وتسليمه رغم الصعوبات التي واجهتها، وكذلك فعلت شركة الدراسات المتكاملة وهى المهندس الاستشاري للجهة الإدارية حيث أرسلت كتابا مماثلا للشركة في 17/ 3/ 1992 0
ومن حيث انه لما تقدم فليس من حق الجهة الإدارية الطاعنة أن توقع على الشركة المطعون ضدها غرامة تأخير عن العملية محل النزاع لعدم توافر مناط توقيعها على النحو سالف البيان وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذلك واخذ به في قضاء في الدعوى رقم 2882لسنة51ق المقامة من المعهد فانه يكون في هذا الشق قائما على ما يبرره من الواقع ومتفقا وصحيح حكم القانون، كما يكون صائبا أيضا فيما انتهى إليه من رفض طلب إلزام الشركة بالتعويض المناسب عما لحق الجهة الإدارية من أضرار نتيجة تأخر استفادتها بالمشروع إذ الثابت مما تقدم أن ذلك يرجع إلى الجهة الإدارية ولا يوجد ثمة خطأ يمكن نسبته للشركة حتى يمكن مساءلتها عنه وإلزامها بالتعويض عنه، أما بالنسبة لطلب الجهة الإدارية إلزام الشركة بأن ترد إليها مبلغا مقداره 890ر87521 جنيها قيمة ما حصلت عليه مقابل إصلاح وترميم بعض العيوب التي ظهرت بمباني المعهد.
فانه لما كانت المادة 651 من القانون المدني تنص على أن:
1 – يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلى أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى وذلك ولو كان التهدم ناشئا عن عيب في الأرض ذاتها أو كان رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة ".
2 – ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني والمنشأت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته.
3 – وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل…….. ".
كما تنص المادة 654 من القانون المذكور على أن " تسقط دعوى الضمان المتقدمة بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب " وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن مفاد هاتين المادتين أن المشرع الزم المقاول بضمان سلامة البناء من التهدم الكلى أو الجزئي أو العيوب التي يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته وحدد لذلك الضمان مدة معينة هي عشر سنوات تبدأ من وقت تسلم المبنى وانه يشترط شرطان في العيب الموجب للضمان المنصوص عليه بالمادة 651 مدني سالفة الذكر الأول أن يكون من الخطورة بحيث يهدد سلامة البناء أو متانته فإذا كان العيب في الدهان أو البلاط أو غير ذلك من أجزاء البناء بحيث لا يكون من شأنه إحداث ذلك التهديد فانه لا يوجب الضمان وتسرى في شأنه القواعد العامة، والشرط الثاني أن يكون العيب خفيا فان كان ظاهرا يمكن اكتشافه بالفحص المعتاد فان استلام رب العمل للأعمال دون اعتراض يعد نزولا منه عن الضمان بل أن تسليم العمل دون اعتراض يفترض انه خال من العيوب الظاهر، ولما كان ذلك فانه وان كان الثابت من مطالعة تقرير شركة الدراسات التكاملية الذي أعدته عن مباني المعهد المشار إليه عقب حدوث الزلزال الذي ضرب مصر بتاريخ 12/ 10/ 1992ان الشروخ التي حدثت بالمبنى بين المباني والخرسانة وفى أماكن أخرى لا تؤثر على سلامة المبنى ولم تظهر ثمة شروخ بالكمرات أو الأعمدة وان أساسات المبنى سليمة ولم يتأثر بالزلزال فانه وعلى فرض اعتبار ما ورد بذلك التقرير عيوبا توجب الضمان العشري المقرر بنص المادة 651 مدني سالفة الذكر فان الثابت اكتشاف هذه العيوب بتاريخ 16/ 10/ 1992 وبالتالي تكون دعوى الضمان عن هذه العيوب قد سقطت بمضي المدة المنصوص عليها بالمادة 654 مدني المشار إليها وهى ثلاث سنوات من تاريخ اكتشاف العيب إذ أن المعهد لم يرفع دعواه وتسمك فيها بالضمان المذكور إلا بتاريخ 11/ 1/ 1997 اى بعد انقضاء المدة المقررة قانونا للتمسك بها وبالتالي لا يكون من حق المعهد مطالبة الشركة برد المبلغ المذكور الذي حصلت عليه مقابل قيامها بترميم وإصلاح هذه العيوب وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فانه يكون موافقا لصحيح حكم القانون أيضا فيما خلص إليه في هذا الشق من الدعوى المرفوعة من المعهد ويضحى قضاؤه في كل طلبات المعهد فيها موافقا لصحيح القانون ولذلك يتعين رفض الطعن عليه.
ومن حيث انه عما قضى به الحكم المطعون فيه في الدعوى رقم 6317لسنة52ق المقامة من الشركة المطعون ضدها فانه سديد حيث يبين من الأوراق خاصة تقرير الخبير الذي انتدبته المحكمة المدنية في النزاع أن اجمالى المستحق للشركة عما قامت بتنفيذه من أعمال طبقا للختامي الخاص بها هو مبلغ 720000 جنية " سبعمائة وعشرون ألف جنية " ورغم أن الشركة طلبت من المعهد الطاعن منذ 5/ 7/ 1995 صرف هذا المبلغ لها وسلمته الختامي الثابت به مستحقاتها فانه رفض وطلب منها إعادة تسليم الأعمال نهائيا مرة أخرى دون سند قانوني يبرر ذلك على اعتبار أن الأعمال قد سبق تسليمها نهائيا على النحو السالف البيان، وإذ لم تنكر الجهة الإدارية أن مستحقات الشركة قد بلغت المبلغ المشار إليه كما لم تزعمه صرفه كله أو جزء منه إليها فانه يتعين إلزامها بأن تؤديه للشركة وبأن تؤدى لها فوائد عنه بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 8/ 8/ 1996 حتى تمام السداد عملا بحكم المادة 226 من القانون المدني وما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا في شأن التعويض عن حبس المبالغ المستحقة للتعاقد مع الإدارة، وإذ اخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فانه يكون موافقا لصحيح حكم القانون مما يتعين معه رفض الطعن عليه.
ومن حيث انه لما كان ما تقدم وكانت المحكمة قد خلصت إلى سلامة الحكم المطعون فيه فيما قضى به بالنسبة للدعويين المذكورتين فانه يتعين رفض الطعن وإلزام الطاعن بصفته المصروفات عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

" فلهذه الأسباب "

حكمت المحكمة.. بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعن بصفته المصروفات 0
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم الثلاثاء الموافق 8 من محرم سنة 1427 هجرية. والموافق 7/ 2/ 2007 بالهيئة المبينة بصدره.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات