المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 10718 لسنة 49 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي
عبد الرحمن اللمعي – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / يحيي عبد الرحمن يوسف – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ الديداموني مصطفى أحمد – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / منير صدقي يوسف خليل – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عبد المجيد أحمد حسن المقنن – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد مصطفى عنان – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الأتي
في الطعن رقم 10718 لسنة 49 قضائية. عليا
المقام من
1- وزير الزراعة بصفته
2- محافظ الغربية بصفته
ضد
سعيد السيد خليفة
طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بطنطا
بجلسة 27/ 4/ 2003 في الدعوى رقم 4683 لسنة 8 ق
الإجراءات
في يوم الأحد الموافق 22/ 6/ 2003 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن الماثل حيث قيد بجدولها تحت رقم 1078 لسنة 49ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بطنطا بجلسة 27/ 4/ 2003 في الدعوى رقم 4683 لسنة 8 ق القاضي بقبولها شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وطلب الطاعنان للأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون المصروفات وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعا – ثم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث قدم الحاضر عن المطعون ضده حافظتي مستندات وبجلسة 7/ 3/ 2007 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة عليا – موضوع – لنظره بجلسة 22/ 5/ 2007 وفيها لم يحضر المطعون ضده أو من يمثله وقررت المحكمة التأجيل لجلسة 26/ 6/ 2007 للإطلاع حيث لم يحضر المذكور أيضا وحضر وكيل عن الجهة الإدارية الطاعنة وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعن تخلص حسبما يبين من الأوراق في المطعون ضده أقام
الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بصحيفة أودعت بتاريخ 10/ 9/ 2001 قلم كتاب محكمة
القضاء الإداري بطنطا وطلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار محافظ الغربية
بصفته رقم 1875 لسنة 2000 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وذكر شرحا للدعوى أن القرار
المطعون فيه تضمن إزالة أعمال المباني الكائنة بقرية أبيار مركز كفر الزيات بحوض الصندل
والنبقة بمقولة أنها تمت على أرض زراعية بالمخالفة للقانون وقد حررت الجهة الإدارية
ضده مخالفة عن هذه الأعمال، ونعى المدعي على ذلك القرار أنه غير مشروع لأن البناء الذي
أقامه كان على أرض بور غير صالحة للزراعة لعدم وجود مصدر ري لها لأنها محاطة بالمباني
من جميع الجهات ومن ثم يكون هذا القرار مخالفا للقانون ويتعين إلغاؤه.
وبعد أن تدوولت الدعوى أمام المحكمة المذكورة أصدرت بجلسة 27/ 4/ 2003 الحكم المطعون
فيه وشيدته على أسباب تخلص في أنه لما كان المشرع بنص المادة 152 من قانون الزراعة
رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 قد حظر إقامة أية مبان أو منشآت
في الأرض الزراعية أو إتخاذ أي إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها
واعتبر المشرع الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية في حكم الأراضي
الزراعية، وحدد المشرع المادة 156من القانون المذكور عقوبة جنائية هي الحبس والغرامة
لمن يخالف نص المادة 152 المشار إليها ونص على أنه يجب أن يتضمن الحكم الصادر بالعقوبة
الأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف، وأناط بوزير الزراعة حتى صدور الحكم
في الدعوى وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف، وخلصت المحكمة إلى
أنه إعمالاً لهذين النصين يكون من سلطة الجهة الإدارية فقط وقف الأعمال المخالفة دون
أن تتجاوز ذلك إلى إصدار قرار بإزالتها لأن المشرع أختص القضاء الجنائي وحده بإزالة
هذه الأعمال عن إدانة المخالف بحكم جنائي، وأنه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعي
– المطعون ضده. قام بالتعدي على الأرض الزراعية طبقاً للوصف الوارد بمحضر المخالفة
المحرر ضده برقم 40791 لسنة 2000 بأن أقام اساسات بالطوب الطفلي والمونة الخضراء ثم
أصدرت الجهة الإدارية القرار المطعون فيه رقم 1875 لسنة 2000 متضمناً إزالة هذه الاعمال
رغم أن القانون قصر سلطتها على وقفها فقط دون إزالتها حيث جعل ذلك من سلطة القضاء الجنائي
في حكم الإدانة فمن ثم يكون ذلك القرار مخالفاً للقانون ويتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن الجهة الإدارية لم ترتض ذلك الحكم فأقامت ضده الطعن الماثل استنادا إلى
أسباب حاصلها أن الحكم خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وخالف الثابت بالأوراق
وما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا ذلك أن ما قام به المطعون ضده عبارة عن
إقامة أساسات على المساحة المشار إليها دون ترخيص يبرر له ذلك من الجهة الإدارية المختصة،
وهذه الأعمال من شأنها تبوير الأرض الزراعية والمساس بخصوبتها ومن حق الجهة الإدارية
طبقا لنص المادتين 151 و 155 من القانون رقم 53 لسنة 1966 المشار إليه وتعديلاته إصدار
قرار بإزالة هذه الأعمال وإعادة الحال إلى ما كان عليه الأمر الذي يكون معه القرار
المطعون فيه صادرا من سلطة مختصة قانونا بإصداره ومتفقا وحكم القانون وقائما على ما
يبرره من الأوراق مما كان يتعين معه على محكمة القضاء الإداري أن تقضي برفض الدعوى
أما وأنها ذهبت إلى غير ذلك بمقولة أن إزالة المباني من سلطة القضاء الجنائي وحده رغم
أن الأعمال التي قام بها المطعون ضده لا ينطبق عليها هذا الوصف فإن حكمها يكون مخالفا
للقانون جديراً بالإلغاء والقضاء مجدداً برفض الدعوى.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 151 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966
معدلاً بالقانونين رقم 116 لسنة 1983 ورقم 2 لسنة 1985 تنص على أنه " يحظر على المالك
أو نائبه أو المستأجر أو الحائز للأرض الزراعية بأية صفة ترك الأرض غير منزرعة لمدة
سنة من تاريخ آخر زراعة رغم توافر مقومات صلاحيتها للزراعة ومستلزمات إنتاجها التي
تحدد بقرار من وزير الزراعة، كما يحظر عليهم ارتكاب أي عمل أو الامتناع عن أي عمل من
شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها ". كما تنص المادة 155 من القانون المذكور
على أن يعاقب على مخالفة حكم المادة 151 من هذا القانون بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة
جنيه ولا تزيد على ألف جنيه عن كل فدان أو جزء منه من الأرض موضوع المخالفة…….
ولوزير الزراعة قبل الحكم في الدعوى أن يأمر بوقف أسباب المخالفة وإزالتها بالطريق
الإداري على نفقة المخالف".
ومفاد هذين النصين أن المشرع حظر ترك الأرض الزراعية دون زراعة لمدة سنة أو القيام
بأي عمل أو الامتناع عن أي عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها، وحدد
عقوبة جنائية لمن يخالف ذلك هو الحبس والغرامة كما أجاز لوزير الزراعة – قبل الحكم
في الدعوى الجنائية – أن يصدر قراراً بوقف أسباب المخالفة وإزالتها بالطريق الإداري
على نفقة المخالف.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قام بعمل أساسات بالطوب الطفلي والمونة
الخضراء على مساحة مائتي متر بناحية قرية أبيار مركز كفر الزيات دون تصريح من الجهة
الإدارية المختصة وتحرر ضده المخالفة رقم 40791 في 16/ 9/ 2000 وقد ترتب على هذه الأعمال
تبوير المساحة المشار إليها وعدم زراعتها والمساس بخصوبتها رغم أنها من الأرض الزراعية
فمن ثم يكون القرار المطعون فيه وقد صدر بإزالة هذه الأعمال وإعادة الحال إلى ما كان
عليه – قائما على ما يبرره ومتفقا وصحيح حكم القانون، وليس صحيحا أن القرار المطعون
فيه صدر من غير مختص لأنه تضمن إزالة مباني مقامة على المساحة المذكورة بمقولة أن المشرع
عقد الاختصاص بإزالتها للقضاء الجنائي حال إدانة المخالف في الدعوى الجنائية التي تقام
ضده فذلك القول مردود عليه بأن الأعمال التي حجب المشرع عن جهة الإدارة سلطة إزالتها
وأناط بها القاضي الجنائي وحده هي تلك التي اكتمل إنشاؤها وصارت مبنى صالحا للاستخدام
في الغرض الذي أقيم من أجله، أما غير ذلك كالتشوينات وإقامة الأسوار وأعمال الحضر والأساسات
كالقواعد والسملات أو الأعمال التي تدل بذاتها على عدم إتمام البناء وتهيئته للاستخدام
فلا يوجد ما يبرر قانونا الحيلولة بين الجهة الإدارية وبين إصدار قرار بوقفها أو إزالتها
بل أن ذلك واجب عليها تلتزم بأن تهم به وتبادر إليه نزولاً على حكم المادتين 151 و
155 من القانون رقم 53 لسنة 1966 وتعديلاته المشار إليهما وحماية للأرض الزراعية كثروة
قومية للبلاد، وغني عن البيان أن ما يصدر عن الجهة الإدارية من تصرف في شأن هذه الأعمال
يخضع لرقابة القضاء الإداري الذي يتأكد من توافر الوقائع والأسباب التي تبرر تصرف الإدارة
وتبيح لها إصداره وذلك حسبما يتراءى له من الأوراق في كل حالة على حدة.
ومن حيث إنه متى كان القرار المطعون فيه قد قام على سببه الذي يبرره ووافق صحيح القانون
فإن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بغير ذلك يكون مخالفا للقانون ويتعين إلغاؤه والقضاء
مجددا برفض الدعوى، ولا ينال من ذلك صدور حكم بجلسة 9/ 6/ 2004 في الجنحة رقم 14266
لسنة 2004 كفر الزيات ببراءة المطعون ضده من تهمة تبوير الأرض الزراعية ذلك أنه من
المقرر أن القاضي المدني لا يرتبط بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها الأخير
وكان فصله فيها لازما وضروريا خاصة فيما يتعلق بوقوع الفعل ووصفه القانوني ونسبته إلى
فاعله وغني عن البيان أن تلك الحجية تثبت للحكم الجنائي إذا كان مبنيا على انتفاء التهمة
أي فيما قطع به من أن الواقعة لم تحدث أصلاً أو أنها لم تقع من المتهم بالذات. أما
إذا استقي الحكم الجنائي قضاء البراءة من أسباب وأسانيد أخرى ارتكن فيها إلى ظروف الواقع
المحيطة بالاتهام وخلص منها إلى أن المتهم لم يكن له دخل فيها دون أن ينفي حدوث الواقعة
المنسوبة إليه أو يفصل في صحة ارتكابه لها من عدمه فإن حكم البراءة في هذه الحالة لا
يحول بين القاضي المدني وبين بحث دليل ارتكاب المتهم للمخالفة التي تكون تلك الواقعة
محلها أو موضوع التصرف المطروح عليه القضاء في أمر يتعلق به. وذلك كما هو الشأن في
النزاع الماثل حيث يبين أن حكم البراءة الصادر لصالح المطعون ضده في الجنحة المشار
إليها لم يقم على نفي حدوث واقعة التبوير أصلا أو عدم ارتكاب المذكور للأفعال الصادر
بشأنها قرار الإزالة وإنما يقوم على أن المساحة التي وقعت بها الأعمال محاطة بالمباني
وأنحسر عنها مصدر الري والصرف وبالتالي فلا تمتد حجية ذلك الحكم إلى القول بنفي حدوث
هذه الأعمال من المطعون ضده فذلك ما لم يفصل فيه الحكم الجنائي ولم يكن فصله فيه لازما
وضروريا للوصول إلى البراءة حيث أسسها على أسباب أخرى بعيدة عن مدى صحة نسبة الأعمال
المخالفة للمذكور من عدمه باعتبارها تشكل الركن المادي لجريمة تبوير الأرض الزراعية
وهي أعمال من حق الجهة الإدارية إصدار قرار بإزالتها على النحو السالب بيانه.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن المطعون ضده يلتزم بها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة/ بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه ورفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
صدر هذا الحكم وتلي علنا يوم الأحد 20 من شعبان سنه 1428 هجرية والموافق 2من سبتمبر
سنة 2007 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
