المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 7225 لسنة 47 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة موضوعي
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الحمن اللمعي – نائب
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ منير صدقي يوسف خليل – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد ماجد محمود أحمد – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عمر ضاحي عمر ضاحي – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد مصطفي عنان – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 7225 لسنة 47 ق. عليا
المقامة من
مدير مديرية الإسكان والتعمير بأسوان بصفته
ضد
رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بأسوان بصفته
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بقنا
بجلسة 28/ 2/ 2001 ف يالدعوى رقم 1136لسنة2ق
الإجراءات
في يوم الأحد الموافق التاسع والعشرين من إبريل سنة 2001 أودعت
هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير
الطعن الماثل في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بقنا بجلسة 28/ 2/ 2001 في الدعوى
رقم 1136لسنة2ق المقام من المطعون ضده على الطاعن والذي قضى بإلزام الجهة الإدارية
بأن تؤدي إلى الجمعية المدعية مبلغ 154932جنيهاً والمصروفات.
وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء
مجدداً أصلياً: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة واحتياطياً: برفض الدعوى وفي
أي من الحالتين بإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلن الطعن إلى المطعون ضده على الوجه الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله
شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 4/ 6/ 2003 إحالته إلى المحكمة الإدارية
العليا (الدائرة الثالثة) وعينت لنظره أمامها جلسة 9/ 12/ 2003. حيث تدوول بالجلسات
أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها وفيها أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع
طلبت فيها الحكم أصلياً: ب الطلبات الواردة بختام تقرير الطعن. واحتياطياً بندب لجنة
من الخبراء الحسابيين والمهندسين لتصفية الحساب بين الطرفين. وبجلسة 4/ 4/ 2006 قررت
المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 27/ 6/ 2006. وبتلك الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم
لجلسة 3/ 9/ 2006 لاتمام المداولة وفيها قررت إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 28/ 11/ 2006
لتقدم الجهة الإدارية الطاعنة ما يفيد أن دورها في تنفيذ الأعمال موضوع العقد المبرم
مع الجمعية المطعون ضدها اقتصر على الإشراف على تنفيذ الأعمال المملوك بعضها للهيئة
القومية للبريد، والبعض الآخر منها للشركة المصرية لتسويق الأسماك في ضوء ما هو ثابت
في الأوراق من أن الجهة الطاعنة هي التي قامت بطرح الأعمال في مناقصات عامة، وأنها
هي التي تعاقدت مع الجمعية المطعون ضدها ولم تظهر صفتها في هذه العقود كوكيلة عن جهة
أخرى. وتم تأجيل نظر الطعن لهذا السبب لجلسة 30/ 1/ 2007 وفيها قررت المحكمة إصدار
الحكم بجلسة اليوم. حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن المادة من قانون المرافعات المدنية والتجارية بعد تعديلها تنص على أن
"تحكم المحكمة على من يتخلف من الخصوم عن إيداع المستندات أو عن القيام بأي إجراء من
إجراءات المرافعات بالغرامة…… ويجوز للمحكمة بدلاً من الحكم على المدعي بالغرامة أن
تحكم بوقف الدعوى لمدة شهر…………"
ومن حيث إن الثابت أن المحكمة كلفت الجهة الإدارية الطاعنة بتقديم البيان المشار إليه
بقرار إعادة الطعن للمرافعة بيد أنها لم تقدم هذا البيان رغم تأجيل نظر الطعن لهذا
السبب لأكثر من جلسة دون جدوى، ومتى كان ذلك وكان الطعن بحالته غير مهيأ للفصل في المسائل
المثارة فيه. فمن ثم فإنه لا مناص والحالة كذلك من الحكم بوقف الطعن جزاء لمدة شهر
عملاً بحكم المادة 99 من قانون المرافعات الذكر.
السابع من يوليه عام ألفين وأربعة أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا
تقرير الماثل ف يالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية الدائرة الأولى
بجلسة 8/ 6/ 2004 في الدعويين رقم 2823 و4856لسنة1ق القاضي برفضهما موضوعاً وإلزام
الشركة المدعية المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله
شكلاً وبوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء قرار محافظ الإسماعيلية
رقم 1463لسنة1993 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي
القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً. ثم نظر الطعن أمام دائرة
فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث حضر الطرفان
كل بوكيل عنه، وبجلسة 5/ 4/ 2006 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة موضوع
بالمحكمة لنظره بجلسة 4/ 7/ 2006 وفيما نظرته المحكمة ثم تدوول بالجلسات حيث أ,دع الحاضر
عن الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها بجلسة 5/ 12/ 2006 وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة 30/
1/ 2007 وفيها قررت مد أجل النطق به لجلسة اليوم لاتمام المداولة وفيها صدر وأودعت
مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعن تخلص حسبما يبين من الأوراق ف ي أن الشركة الطاعنة
أقامت الدعوى رقم 1822لسنة14ق بصحيفة أودعت بتاريخ 14/ 7/ 1992 قلم كتاب محكمة القضاء
الإداري بالمنصورة طلبت في ختامها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار رقم 686لسنة1992
المؤرخ 16/ 5/ 1992 وإلغاء كافة ما ترتب عليه من آثار، وذكرت شرحاً للدعوى المذكورة
أن محافظ الإسماعيلية أصدر بتاريخ 7/ 6/ 1978 القرار رقم 537لسنة1978 بتخصيص مساحة
ثلاثة آلاف فدان لموضحة بالخريطة الصادرة من وزارة الري لمشروع استصلاح واستزراع الأراضي
الصحراوية ثم أصدر القرار رقم 503لسنة1979 بتخصيص ذات المساحة لشركة أدفينا للأغذية
المحفوظة التي حلت محل المشروع المشار إليه وبعد عدة إجراءات تم تغيير اسم هذه الشركة
ليكون شركة الإسماعيلية الوطنية للصناعات الغذائية (فوديكو) وصدر القرار الوزاري رقم
159لسنة1983 بتأسيسها كشركة مساهمة مصرية خاضعة لقانون الاستثمار وتضمن غرضها استصلاح
واستزراع ثلاثة آلاف فدان بمنطقة الفردان بمحافظة الإسماعيلية بمحصول الطماطم والخضر
الصالحة للتعليب وإقامة مصنع لإنتاج صلصة الطماطم وتعليب العصائر والبقول والمربات،
وباشرت الشركة أعمالها لتحقيق أغراضها حيث قامت بشراء مساحة قدرها 10 ط 1097ف من المساحة
سالفة الذكر من إدارة أملاك الدولة وسجلت العقد برقم 1132 في 21/ 5/ 1986 وثم إرجاء
التصرف في باقي المساحة لدواعي أمنية وأضافت الشركة أنها استصلحت الأرض وزراعتها واحاطتها
بالأشجار إلا أن محافظ الإسماعيلية أصدر القرار 686لسنة1992 بإلغاء القرارات رقم 537
و958لسنة1978 و503لسنة1979 وتسليم باقي المساحة للمحافظة بعد استبعاد المساحة التي
تم بيعها للشركة ومساحة أخرى مؤجرة لأحد المواطنين.
ونعت الشركة على هذا القرار مخالفة القانون وانعدام ركن السبب وإساءة استعمال السلطة
والمساس بحقوقها المكتسبة وخلصت إلى لطباتها سالفة البيان. وقد أحيلت الدعوى المذكورة
إلى محكمة القضاء الإداري ببورسعيد للاختصاص حيث قيدت بجدولها برقم 3531لسنة1ق وبعد
أن تدوولت أمامها قضت في شقها العاجل بجلسة 3/ 5/ 1993 برفض طلب وقف تنفيذ القرار المشار
إليه (686لسنة1992) ونظراً لصدور قرار رئيس مجلس الدولة رقم 167لسنة1995 بإنشاء دائرة
لمحكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية أحيلت الدعوى إليها للاختصاص وقيدت بجدولها برقم
2823لسنة1ق الموارد بصدر الحكم الماثل ونظرتها بجلساتها إلى أن قررت ضمها إلى الدعوى
رقم 4856لسنة1ق التي كانت الشركة أقامتها أمام محكمة القضاء الإداري ببورسعيد وقيدت
بجدولها برقم 619لسنة3ق ثم أحيلت إلى محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية للاختصاص وكانت
طلبات الشركة فيها هي الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار محافظة الإسماعيلية رقم 1463لسنة1993
الصادر بتاريخ 9/ 12/ 1993 مع ما يترتب على ذلك من آثار، استناداً إلى أنها رغم شرائها
لمساحة 10ط 1097ف كما تقدم فإن القرار المذكور صدر متضمناً سحب مساحة منها قدرها 844
فداناً بحجة عدم قيام الشركة بزراعتها واستصلاحها وانتهاء المهلة القانونية لذلك، ونعت
الشركة على هذا القرار مخالفته للقانون حيث انتزع هذه المساحة منها دون اتخاذ إجراءات
نزع الملكية، كما أنه معيب بعيب عدم الاختصاص إذ أن قانون الإدارة المحلية رقم 43لسنة1979
لم يخول المحافظ أي اختصاص ف ينزع الملكية الخاصة سواء للأفراد أو الشركات التي تعمل
في مجال الاستثمار وكذلك القانون رقم 7لسنة1991 لم يمنح المحافظ هذا الاختصاص وأضافت
الشركة أن السبب الذي ارتكن إليه القرار المطعون فيه وهو انتهاء المدة المحددة بنص
المادة 26 من القانون رقم 100لسنة1964 دون استصلاح الأرض أو زراعتها غير صحيح لأن العقد
يستند إلى المادة 51 من القانون المذكور وهي تعفي الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة
من التقيد بأحكامه بالنسبة للعقارات اللازمة لتنفيذ مشروعات لتنمية الاقتصاد القومي
أو لإقامة منشآت ذات نفع عام، وبالتالي فإن الشركة لا تتقيد بمدة العشر سنوات المنصوص
عليها في المادة 26 من القانون رقم 100لسنة1964 وذلك طبقاً للبند الخامس من العقد،
واستطردت الشركة تقول أنه طبقاً للبند الثامن من العقد كان يجب أن يكون مسخ العقد بقرار
من اللجنة التي أشار إليها ذلك البند، ولكن المحافظة تنكبت وجه المصلحة العامةوشاب
قرارها إساءة استعمال السلطة فلم تكن ثمة مصلحة للاقتصاد القومي من وراء قرار المحافظ
الذي من شأنه تعطيل مشروع الشركة. وخلصت الشركة إلى طلباتها السالفة.
وبجلسة 8/ 6/ 2004 أصدرت محكمة القضاء الإداري الحكم المطعون فيه وشيدته على أسباب
حاصلها أن القرار رقم 686لسنة1992 المطعون فيه صدر صحيحاً وموافقاً للقانون إذ أن القانون
52لسنة1975 بشأن الحكم المحلي باعتباره القانون الواجب التطبيق لصدور القرار المشار
إليه في ظله لم يجعل للمحافظ سلطة في التصرف بالمجان في مال ثابت أو منقول من أموال
المحافظة أو تأجيره وبالتالي فإن قرار المحافظ رقم 503لسنة1979 بتخصيص الأرض المشار
إليها للشركة يكون معيباً بعيب عدم الاختصاص الجسيم الذي ينحدر به لدرجة الانعدام ويجوز
سحبه ف يأي وقت، ولما كان القرار رقم 686لسنة1992 قد تضمن إلغاء القرار رقم 503لسنة1979
فإنه يكون مطابقاً للقانون.
أما بالنسبة للقرار رقم 1463لسنة1993 فالثابت أن الشركة تسلمت الأرض بتاريخ 18/ 10/
1983 طبقاً لما نص عليه العقد الذي أبرمته مع الجهة الإدارية والمدة المقررة لأداء
التزاماتها المنصوص عليها بالعقد هي عشر سنوات أي تنتهي ف ي17/ 10/ 1993 طبقاً لأحكام
القانون رقم 100لسنة1964 وإذ تبين للجنة التي شكلتها المحافظة أن المساحة المنزرعة
هي 253 فداناً فمن ثم تكون مساحة الأرض الغير مزروعة هي 844 فداناً وقد أصاب القرار
المطعون فيه بسحب هذه المساحة عن الشركة خاصة وأن وزير الزراعة فوضه بالقرار رقم 1546لسنة1992
في الاختصاصات المخولة له بالقانون رقم 100لسنة1964 ويضحي النعي عليه بعدم الاختصاص
غير قائم على ما يبرره.
ومن حيث إن الشركة لم ترتض ذلك الحكم ولذلك طعنت عليه بالطعن الماثل وطلبت في ختام
صحيفة الطعن إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء قرار محافظ الإسماعيلية
رقم 1463لسنة1993 المشار إليه مع ما يترتب على ذ لك من آثار وساقت الشركة لطعناه أسباباً
تخلص في أن القرار المذكور معيب لصدوره من غير مختص لأن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي
هي المختصة بإصداره وقد اغتصب محافظ الإسماعيلية سلطتها في هذا الشأن، كما خالف القرار
المذكور بنود عقد البيع المبرم بين الطرفين وتم شهره برقم 1132 الإسماعيلية في 21/
9/ 1986 خاصة البند العشرين منه الذي أناط بلجنة بين تشكيلها سلطة الفصل في أي إخلال
من الشركة بالتزاماتها العقدية متى لم تكن قد مضت خمس سنوات من تاريخ التصرف، ولما
كانت الشركة قد تسلمت الأرض بتاريخ 18/ 10/ 1983 فإن إصدار قرار بفسخ عقد البيع كان
يجب أن يصدر خلال خمس سنوات من التاريخ الأخير وإذ صدر القرار المطعون فيه بعد ذلك
فإنه يكون مخالفاً للعقد وتضمن في الحقيقة الاستيلاء على الأرض وصدر من جهة أجنبية
على العقد المشار إليه.
وأضافت الشركة أن الهدف من تخصيص تلك المساحة كان استصلاحها بقصد زراعتها وهو ما لم
يتحقق لعدم توافر مصدر ري لها حتى تاريخ سحبها من الشركة وبالتالي فإن سحبها لن يحقق
الغرض من تخصيصها وفضلاً عن ذلك فقد أعاد القرار تخصيصها للتخطيط العمراني بالمحافظة
وهو إجراء مخالف للقانون كما أخلت الجهة الإدارية بالتزاماتها المقررة بالقانون رقم
143لسنة1981 بعدم توفير مصدر ري لهذه الأرض كما أن إصدارها للقرار رقم 1463لسنة1993
يمثل اعتداء على الأثر القانوني المقرر لشهر المحررات بالنظر إلى أن عقد بيع المساحة
المشار إليها تم شهره على النحو السالف بيانه، وخلصت الشركة إلى طلباتها سالفة البيان.
من حيث إنه تجدر الإشارة بداية إلى أن الثابت من الأوراق والحكم المطعون فيه أن طلبات
الشركة في الدعويين محل ذلك الحكم كانت إلغاء قراري محافظ الإسماعيلية رقمي 686لسنة1992
و1463لسنة1993 المشار إليهما وإذ قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدعويين فإن الشركة
في طعنها الماثل حددت طلباتها في إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء القرار
رقم 1463لسنة1993 ولم تذكر ثمة طلبات بشأن القرار 686لسنة1992 الأمر الذي مؤداه أنها
ارتضت قضاء الحكم بالنسبة للقرار الأخير وركزت طعنها على ما تضمنه من قضائه بالنسبة
للقرار الأخر رقم 1463لسنة1993.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العقد يعتبر إدارياً إذا كان أحد طرفيه
شخصاً معنوياً عاماً ومتصلاً نشاطه بمرفق عام ومتضمناً شروطاً غير مألوفة في نطاق القانون
الخاص، والعقود الإدارية شأنها شأن العقود المدنية التي يبرمها الأفراد تخضع للأصل
العام المقرر في القانون المدني وهو أن العقد شريعة المتعاقدين ويجب تنفيذها بما اشتملت
عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية في تفسير هذه العقود ومؤدى ذلك أن قواعد العقد
هي الشريعة التي تحكم العاقدين ويتحدد عن طريقها حقوق والتزامات كلاهما باعتبارها تقوم
مقام قواعد القانون فيما بينهما. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية
أبرمت عقد البيع محل النزاع الماثل مع الشركة الطاعنة بغرض استصلاح وزراعة الأرض المبيعة
ومساحتها 10 ط 1097ف بمحصول الطماطم والخضر الصالحة للتعليب وإقامة مصانع لإنتاج صلصة
الطماطم وتعليب العصائر والبقول المربات وخلافه للمساهمة في تنمية الاقتصاد القومي
طبقاً لما نص لعيه البند السادس منه، وقد تم هذا البيع طبقاً لأحكام القانون رقم 100لسنة1964
بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها ولائحته التنفيذية،
وتضمن العقد شروطاً استثنائية يغر مألوفة في عقود الأفراد مع بعضهم والتي تتم في إطار
قواعد القانون الخاص، ومن بين هذه الشروط ما تضمنه البند السادس من أنه يخطر على الشركة
استعمال أو استغلال الأرض في غير الغرض المخصصة له، كما تضمن البند السابع منه حق الإدارة
في فسخ العقد بإرادتها المنفردة دون حاجة لرضاء الشركة إذا لم تقم باستصلاح الأرض وزراعتها
خلال المدة المقررة قانوناً لذلك، كما أناط البند العشرون من العقد بلجنة تشكل برئاسة
مستشار مساعد من مجلس الدولة مساءلة الشركة عن إخلالها بالتزاماتها المحددة بالعقد
أو القانون إذا لم تكن قد مضت على إبرام العقد خمس سنوات ومنحها سلطة فسخ العقد حال
ثبوت المخالفة وتعتبر الشركة مستأجرة للأرض من تاريخ تسليمها إليها طبقاً للبند الواحد
والعشرين من العقد، ومؤدى ذلك أن هذا العقد يعد عقداً إدارياً توافرت له أركانه وخصائصه
التي استقر عليها قضاء هذه المحكمة تكون القواعد والأحكام التي تضمنها هي الحاكمة لعلاقة
الشركة بالجهة الإدارية ويتحدد في ضوئها حقوق والتزامات كلاهما.
ومن حيث إن البند السابع من هذا العقد تضمن النص على التزام الشركة باستصلاح الأرض
المشار إليها وزراعتها خلال المدة المقررة قانوناً لذلك وإلا اعتبر العقد مفسوخاً من
تلقاء نفسه دون الحاجة تنبيه أو إنذار أو حكم قضائي وكان الثابت أن الشركة أخلت بهذا
الالتزام حيث أنها تسلمت الأرض بتاريخ 18/ 10/ 1983 ورغم مضى عشر سنوات لم تكن قد زرعت
إلا مساحة قدرها 253 فداناً فقط حسبما تبين للجنة التي قامت بمعاينة هذه الأرض بتاريخ
26/ 10/ 1993 وبالتالي تكون الشركة قد أخلت بالتزامها المشار إليها بالعقد حيث انتهت
المدة المقررة بالفانسون رقم 100لسنة1964 ولائحته التنفيذية لاستصلاح وزراعة هذه الأرض
دون أن تقوم الشركة بذلك بالنسبة لمساحة 844 فداناً من المساحة المبيعة لها ولذلك يكون
من حق الجهة الإدارية طبقاً لأحكام العقد أن تطبق عليها الخبراء المنصوص عليه فيه في
هذه الحالة، وإذ صدر قرار محافظ الإسماعيلية رقم 1463لسنة1993 بتاريخ 9/ 12/ 1993 متضمناً
سحب المساحة غير المنزرعة وقدرها 844 فداناً من الشركة فإنه يكون قائماً على ما يبرره
من الواقع والقانون متفقاً وأحكام العقد المشار إليه، وإذ أخذ بذلك الحكم المطعون فيه
بالنسبة لهذا القرار فإنه يكون موافقاً لصحيح حكم القانون ويضحى الطعن عليه مقتصراً
لما يسانده جديراً بالرفض.
ولا ينال من ذلك ما أوردته الشركة بأسباب طعنها فذلك مردود عليه بأن القرار المذكور
صدر ممن يختص قانوناً بإصداره حيث يبين من الأوراق أن وزير الزراعة بصفته رئيساً للهيئة
العامة للإصلاح الزراعي البائعة للأرض فوض محافظ الإسماعيلية بكتابه رقم 2994 في 29/
6/ 1993 في الاختصاصات المخولة له بمقتضى القانون ر قم 100لسنة 1964 سالف الذكر، أما
القول بأن فسخ العقد وسحب الأرض منها لا يجوز إلا خلال خمس سنوات من تاريخ البيع وعن
طريق اللجنة التي نص عليها البند العشرون من العقد وبعد مضي هذه المدة لا يجوز الفسخ
فإنه قول لا سند له ويخالف ما التقت عليه إرادة الطرفين وينحرف عما قصداه صراحة في
البند المشار إليه من أن تلك اللجنة تختص بتحقيق إخلال الشركة بالتزاماتها وتوقيع جزاء
فسخ العقد عليها وذلك خلال مدة زمنية محددة وهي خمس سنوات من تاريخ البيع، أما إذا
انقضت هذه المدة وتحقق إخلال الشركة بالتزامها كما هو شأن واقع المنازعة تعين إعمال
بقية أحكام العقد وبصفة خاصة نص البند السابع على النحو سالف البيان إذ ليس مقبولاً
إهمال حكمه أو تعطيل أثره دون سند أو مبرر مقبول سواء من العقد أو القانون، أما عما
ذهبت إليه الشركة من عدم وجود مصدري وبالتالي لا تسأل عن عدم استصلاح الأرض وزراعتها
فذلك مردود عليه بأن الأمر يتعلق بالتزام عقدي ارتضته والتقت عليه إرادتها مع إرادة
الجهة الإدارية عند إبرام العقد وبالتالي يقع عليها عبء الالتزام به وتنفيذه وتحمل
تبعات الإخلال به، خاصة وأن البند السادس عشر من العقد نص على أن الجهة الإدارية البائعة
غير مسئولة عن معدن الأرض المبيعة أو عن طرق الري والصرف أو المواصلات الخاصة بها،
وفضلاً عما تقدم فإنه يبين من مذكرة البحث رقم 55لسنة1993 الذي أعدته الشئون القانونية
بمحافظة الإسماعيلية أن وزارة الري وافقت بتاريخ 17/ 11/ 1988 على التصريح بإقامة فتحة
ري على ترعة بورسعيد لري مساحة ثلاثة آلاف فدان وقد وافقت الشركة على تنفيذ ذلك خلال
عام واحد اعتباراً من 17/ 5/ 1989 ولكنها لم تلتزم مما جعل اللجنة المشتركة بالهيئة
العامة للاستثمار أن تقرر في 25/ 3/ 1990 قصر غرض الشركة علىاستصلاح وزراعة 245 فداناً
فقط التي قامت باستصلاحها وزراعتها إلا أن الشركة تظلمت من قرار اللجنة حيث قامت بإعادة
دراسة الموضوع وقررت بتاريخ 12/ 8/ 1990 قصر غرض الشركة على مساحة 1097فداناً التي
تعاقدت عليها، وبتاريخ 25/ 9/ 1990 وافقت الإدارة العامة للأملاك على مد المهلة الممنوحة
للشركة لاستصلاح وزراعة المساحة الأخيرة إلى عشر سنوات، ورغم ذلك فإنها أخلت بالتزامها
بالنسبة للمساحة التي سحبت منها.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وقد خلصت المحكمة إلى أن الحكم المطعون فيه يتفق وصحيح
حكم القانون مما يتعين معه رفض الطعن فإنه وعملاً بنص المادة 184 مرافعات تلتزم الشركة
الطاعنة بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الشركة
الطاعنة المصروفات.
صدر هذا الحكم وتلي علناً في جلسة يوم السبت الموافق الخامس والعشرين من شهر محرم 1428ه
الموافق 13/ 2/ 2007م، وبالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
