المحكمة الادارية العليا – الطعن ين رقمي 2126 لسنة 48 ق عليا و 2851 لسنة 48 قعليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة
بالجلسة المنعقدة علناً بالمحكمة برئاسة السيد المستشار/ يحي عبد
الرحمن يوسف – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ الديداموني مصطفي أحمد – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ منير صدقي يوسف خليل – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عمر ضاحي عمر ضاحي – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد مصطفي عنان – مفوض الدولة
وحضور السيد الأستاذ/ محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعنين رقمي 2126 لسنة 48 ق. عليا و 2851 لسنة 48 ق.عليا
المقام أولهما من
1- رئيس الجمهورية "بصفته"
2- وزير العدل "بصفته"
3- رئيس هيئة قضايا الدولة "بصفته"
4- رئيس محكمة النقض "بصفته"
5- النائب العام "بصفته"
6- رئيس مجلس الدولة "بصفته"
7- رئيس هيئة النيابة الإدارية "بصفته"
8- أمين عام هيئة قضايا الدولة "بصفته"
ضد
عبد العاطي محمد حمد الطحاوي
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري – الدائرة الأولي
بجلسة 20/ 11/ 2001 في الدعوى رقم 2569 لسنة 55 ق.
والمقام ثانيهما عن ذات الحكم من
عبد العاطي محمد حمد الطحاوي.
ضد
1- رئيس الجمهورية "بصفته"
2- وزير العدل "بصفته"
3- رئيس هيئة قضايا الدولة "بصفته"
4- رئيس محكمة النقض "بصفته"
5- النائب العام "بصفته"
6- رئيس مجلس الدولة "بصفته"
7- رئيس هيئة النيابة الإدارية "بصفته"
8- أمين عام هيئة قضايا الدولة "بصفته"
الإجراءات
في يوم السبت الموافق التاسع والعشرين من ديسمبر سنة 2001 أودعت
هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين في الطعن رقم 2126/ 48 ق.عليا سكرتارية المحكمة
الإدارية العليا عريضة هذا الطعن ضد عبد العاطي محمد حمد الطحاوى في الحكم الصادر من
محكمة القضاء الإداري – الدائرة الأولي – بجلسة 20/ 11/ 2001 في الدعوى رقم 2869/ 55
ق المقامة من المطعون ضده علي الطاعنين بصفاتهم والذي قضي بقبول الدعوى شكلاً، وبأحقية
المدعي في صرف مرتب شهر عن انتخابات مجلس الشعب لعام 2000 ومرتب شهر آخر عن انتخابات
مجلس الشورى لعام 2001 ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعي وجهة الإدارة المصروفات
مناصفة بينهما.
وطلب الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء
مجدداً برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وفي يوم السبت الموافق التاسع عشر من يناير سنة 2002 أودع الأستاذ/ أحمد دياب المحامي
بصفته وكيلاً عن عبد العاطي محمد حمد الطحاوي قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن عن ذات
الحكم قيد بجدولها برقم 2851 لسنة 48 ق.عليا طلب فيه تحديد أقرب جلسة لنظر هذا الطعن
أمام الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا مباشرة وفقاً لأحكام القانون رقم 2
لسنة 2002 بتعديل بعض أحكام قانون هيئة قضايا الدولة رقم 75/ 1963 المنشور بالجريدة
الرسمية بالعدد 20 مكرراً الصادر بتاريخ 13 يناير سنة 2002 وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه فيما تضمنه من رفض طلبات الطاعن الواردة بصحيفة دعواه. والقضاء مجدداً
بإلغاء قرار وزير العدل بشأن التفرقة التحكمية بين أعضاء الهيئات القضائية بشأن المقابل
النقدي للإشراف علي العملية الانتخابية لأعضاء مجلس الشعب والشورى وما ترتب عليها من
حرمان الطاعن من هذا المقابل كاملاً أسوة بأقرانه الذين حصلوا عليها وكذلك إلغاء قرار
رئيس هيئة قضايا الدولة بالامتناع عن أداء هذا المقابل للطاعن كاملاً، وبأحقيته في
استحقاق وصرف هذا المقابل كاملاً أسوة بزملائه وأقرانه من ذات فئة وظيفته مع إلزام
المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلن الطعنان علي الوجه الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في كل من الطعنين ارتأت فيه الحكم
بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونظر الطعنان أمام الدائرة السابعة بالمحكمة الإدارية العليا علي النحو الثابت بمحاضر
جلساتها المرفقة وبجلسة 6/ 3/ 2005 قررت تلك المحكمة التنحي عن نظرهما وإحالتهما بحالتهما
إلي الدائرة الثامنة بالمحكمة الإدارية العليا والتي نظرتهما بجلسة 5/ 5/ 2005 وفيها
تنحت عن نظرهما وقررت إحالتهما إلي الدائرة الخامسة، والتي نظرتهما بجلسة 9/ 7/ 2005
ثم بجلسة 24/ 9/ 2005 وفيها قررت التنحي عن نظرهما ورفع الأمر إلي السيد المستشار رئيس
مجلس الدولة رئيس المحكمة الإدارية العليا لتحديد دائرة أخرى لنظر الطعنين حيث أشار
سيادته بإحالتهما إلي هذه المحكمة والتي نظرتها علي النحو الثابت بمحاضر الجلسات وفيها
تقدم الطاعن في الطعن رقم 2851/ 48ق.عليا بمذكرة دفاع سلم صورة منها للحاضر عن المطعون
ضدهم ضمنها إضافة طلب أشار إلي أنه مكمل للطلب الأصلي والمتمثل أحقيته في صرف المقابل
النقدي المقرر للإشراف علي انتخابات رئيس الجمهورية عام 2005، وكذلك المقابل النقدي
المقرر للإشراف علي انتخابات مجلس الشعب التي أجريت في شهري نوفمبر وديسمبر سنة 2005
أسوة بزملائه وأقرانه من أعضاء هيئة قضايا الدولة وكافة أعضاء الهيئات القضائية، واستمر
تداول الطعنين بالجلسات علي النحو الثابت بمحاضرها حيث أودع كل من طرفي الخصومة ما
عن له تقديمه من مذكرات ومستندات يري أنها تؤيد وجهة نظره في موضوع الطعنين والموضحة
بياناتها تفصيلاً بمحاضر الجلسات، سواء أمام هذه المحكمة أو أمام دوائر المحكمة الإدارية
العليا الأخرى التي نظرت الطعنين طوال مراحل النزاع والتي كانت كلها تحت بصر هذه المحكمة
عند الفصل فيه وبجلسة 21/ 11/ 2006 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعنين بجلسة 13/
2/ 2007 وبتلك الجلسة قررت مد أجل النطق بالحكم 20/ 3/ 2007 ثم لجلسة 17/ 4/ 2007 ثم
لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه لدي النطق
به.
المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إنه عما تضمنته عريضة الطعن رقم 2851/ 48 ق عليا المقام من عبد العاطي محمد
حمد الطحاوى – من اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى مباشرة وفقاً لأحكام القانون رقم
2/ 2002 بتعديل بعض أحكام قانون هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة 1963، فإن المادة 25
مكرراً من هذا القانون المضافة بالقانون رقم 2 لسنة 2002 آنف الذكر تنص علي أن " تختص
إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها – بالفصل في الطلبات التي يقدمها أعضاء
هيئة قضايا الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم متى
كان مبني الطلب عيب في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح…………. كما تختص الدائرة
المذكورة – ودون غيرها بالفصل في طلبات التعويض عن تلك القرارات، وتختص أيضاً دون غيرها
بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لأعضاء هيئة قضايا
الدولة أو المستحقين عنهم ولا تحصل رسوم علي هذه الطلبات".
وتنص المادة الخامسة من القانون رقم 2 لسنة 2002 علي أن "تحال الطلبات والمنازعات المنصوص
عليها في المادة الثانية من هذا القانون والتي لم يفصل فيها حتى تاريخ العمل به إلي
الدائرة المختصة المشار إليها في تلك المادة.
وتنص المادة السادسة منه علي أن ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم
التالي لتاريخ نشره، وقد نشر هذا القانون بتاريخ 13/ 1/ 2002.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم من أحكام أنه اعتباراً من 14/ 1/ 2002 أصبحت إحدى دوائر المحكمة
الإدارية العليا التي تحددها جمعيتها العمومية هي المحكمة المختصة بنظر المنازعات الخاصة
بأعضاء هيئة قضايا الدولة والمشار إليها بالمادة الثانية من القانون رقم 2 لسنة 2002،
وتحال إليها المنازعات التي لم يفصل فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم، وكان الثابت أنه سبق للطاعن المذكور أن أقام الدعوى
رقم 2869 لسنة 55 ق. أمام محكمة القضاء الإداري بطلب الحكم بأحقيته في صرف المقابل
النقدي كاملاً الذي تم صرفه لأعضاء الهيئات القضائية نظير إشرافهم علي انتخابات بمجلس
الشعب لعام 2000 ومجلس الشورى لعام 2001، وأنه بجلسة 20/ 11/ 2001 قضت تلك المحكمة
بأحقيته في صرف مرتب شهر عن انتخابات مجلس الشعب لعام 2000 ومرتب شهر آخر عن انتخابات
مجلس الشورى لعام 2001 ورفض ما عدا ذلك من طلبات وأن هذا الحكم صدر قبل العمل بالقانون
رقم 2 لسنة 2002 سالف الذكر في 14/ 2/ 2002 ومن ثم فإن هذه المنازعة لا يشملها حكم
وجوب إحالتها إلي الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا المنصوص عليه في المادة
الخامسة المشار إليها بحسبان أن هذا الحكم قاصر – وبصريح النص – علي المنازعات التي
لم يفصل فيها بعد وعلي ذلك يخضع الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في تلك الدعوى
للطعن عليه بطرق الطعن المحددة قانوناً وفقاً لنص المادة 23 من قانون مجلس الدولة الصادر
بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ويتحدد اختصاص هذه المحكمة بنظر المنازعة الماثلة كمحكمة
طعن تتولى محاكمة الحكم المطعون فيه إعمالاً لقواعد الاختصاص التي كانت سارية وقت صدوره،
وليست كمحكمة مختصة موضوعياً بنظرها طبقاً لقواعد الاختصاص الذي أصبح مخولاً لها بمقتضي
القانون رقم 2 لسنة 2002، وينبي علي ذلك أن ما يطالب به الطاعن في الطعن رقم 2851 لسنة
48 ق. عليا من إضافة طلب الحكم له بصرف مقابل الإشراف علي انتخابات رئيس الجمهورية
وانتخابات مجلس الشعب خلال عام 2005 خارجاً عن نطاق الطعن الماثل، ويكون الطاعن وشأنه
في المطالبة بما يراه حقاً له بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى أمام المحكمة المختصة.
ومن حيث إنه ترتيباً علي ما تقدم فمتى كان الثابت أن الطاعن في الطعن رقم 2581/ 48ق.عليا
أقام طعنه بالتقرير به بسكرتارية المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 19/ 1/ 2002 – أي
خلال المواعيد المقررة قانوناً في المادة 44 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون
رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، وقد استوفي الطعن سائر أوضاعه الشكلية المقررة
كما استوفي الطعن رقم 2126 لسنة 48ق.عليا المقام من الجهة الإدارية سائر أوضاعه الشكلية
فمن ثم يكون الطعنان مقبولين شكلاً.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 30/ 1/ 2001
أقام عبد العاطي محمد حمد الطحاوى (الطاعن في الطعن رقم 2851/ 48ق.عليا) الدعوى رقم
2869 لسنة55 ق أمام محكمة القضاء الإداري – الدائرة الأولى طلب في ختامها الحكم بوقف
تنفيذ وإلغاء قرار وزير العدل بصرف المقابل النقدي لأعضاء الهيئات القضائية بشأن أداء
العملية الانتخابية لعضوية مجلس الشعب لعام 2000 وذلك فيما تضمنه من تفرقة بين أعضاء
هذه الهيئات وما ترتب عليها من حرمانه من هذا المقابل وكذلك وقف تنفيذ وإلغاء قرار
رئيس هيئة قضايا الدولة بحرمان المدعي من الحصول علي هذا المقابل كاملاً – مع ما يترتب
علي ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات وذكر المدعي شرحاً لدعواه أنه عضو بهيئة
قضايا الدولة، وأنه حصل علي أجازة مرضية لإصابته بأحد الأمراض المزمنة وأثناء مرضه
أجريت انتخابات مجلس الشعب لعام 2000، وكذلك انتخابات مجلس الشورى لعام 2001 تحت إشراف
أعضاء من الهيئات القضائية تنفيذاً لأحكام القانون رقم 167 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام
قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 الصادر تنفيذاً لأحكام المحكمة الدستورية
العليا بجلسة 8/ 7/ 2000 في القضية رقم 11 لسنة 13 ق دستورية وقد اقتضي الأمر إجراء
العمليات الانتخابية علي عدة مراحل نظراً لقلة عدد أعضاء الهيئات القضائية، وحرصاً
علي عدم تأثر العمل القضائي بسبب القيام بهذه المهمة – وبناء عليه تم تكليف بعض الأعضاء
للقيام بتلك المهمة واستيفاء البعض الآخر لتسيير دفة العمل اليومي دون توقف، وهو ما
ألقي علي هؤلاء الأعضاء عبء العمل مضاعفة إلا أنه فوجئ بحرمانه من المقابل النقدي للإشراف
علي العملية الانتخابية كاملاً أسوة بزملائه الذين أشرفوا علي هذه العملية.
كما أن رئيس هيئة قضايا الدولة أمر بحرمانه – أي المدعي من المقابل المقرر للأعضاء
المستبقين لتسيير العمل، وهو مرتب شهر، وذلك بسبب وجوده في أجازة مرضية لإصابته بمرض
التهاب الأعصاب الطرفية المزمن بالساقين والقدمين، وكذا إصابته بالانزلاق الغضروفي
القطني أسفل الظهر، حيث تقرر منحه أجازة مرضية بمعرفة اللجنة الطبية المختصة بهيئة
التأمين الصحي، وخلص المدعي إلي طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 20/ 11/ 2001 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً، وبأحقية المدعي
في صرف مرتب شهر عن انتخابات مجلس الشعب لعام 2000 ومرتب شهر آخر عن انتخابات مجلس
الشورى لعام 2001 ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعي وجهة الإدارة المصروفات مناصفة
بينهما، وأقامت المحكمة قضاءها بعد أن استعرضت نص الماد 66 مكرراً من قانون العاملين
المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1978 والمضافة بالقانون رقم 115 لسنة 1983
ونص المادتين 5، 78 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 –
علي أن المشرع أولي العاملين المصابين بالأمراض المزمنة عناية خاصة نظراً لما يحتاجونه
من رعاية اجتماعية خلال فترة المرض التي قد تستغرق أمداً طويلاً نظراً لطبيعته فوضع
نظاماً خاصاً للأجازات المرضية التي يحصل عليها المريض بأمراض مزمنة يغاير في أسسه
وقواعده نظام الأجازات العام المقرر في قوانين العاملين. وقد قرر المشرع تحقيقاً لهذه
الغاية منح المريض بأحد الأمراض المزمنة أجازة استثنائية بأجر كامل إلي أن يشفي أو
تستقر حالته استقراراً يمكنه من العودة إلي مباشرة عمله أو يتبين عجزه عجزاً كاملاً
وفي هذه الحالة يظل العامل في أجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغه سن المعاش.
وأضافت المحكمة أن الأجر الكامل طبقاً لقانون التأمين الاجتماعي الذي اعتبره المشرع
وعاء للتأمين، هو ذلك الأجر الأساسي المنصوص عليه في الجداول المرفقة بنظم التوظف التي
يخضع لها العامل، وأن الأجر المتغير والذي يقصد به ما يحصل عليه المؤمن خاصة الحوافز
والبدلات التي تعتبر عنصراً من عناصر أجر الاشتراك، والأجور الإضافية، والمنح والمكافآت
الجماعية التي يتطلب الحصول عليها المشاركة الإسهام الفعلي في الإنتاج والمقررة لشاغلي
الوظيفة التي يشغلها المريض طالما كان الشاغل لهذه الوظيفة مخاطباً بأحكامها وفقاً
لوضعه الوظيفي، كما لو كان المريض قائماً بالعمل ومشاركاً فيه.
ورتبت المحكمة علي ما تقدم أن أية مبالغ يحصل عليها العاملون القائمون بالعمل ولا تدخل
في وعاء التأمين والتي يحصلون عليها بمناسبة قيامهم بأعمال لا تتعلق بأعبائهم الوظيفية
الأصلية، وإنما بمهمة محددة يقوم بها بعض العاملين دون بعض فإنها لا تعد ضمن عناصر
الأجر المتغير التي يحصل عليها المريض بأحد الأمراض المزمنة حالة قيامه بأجازة مرضية
بينما المبالغ التي يتم صرفها بصورة جماعية كحافز إنتاج فإنه يستحقها أسوة بزملائه
المتواجدين بالعمل، إذ أنها تدخل علي النحو السالف بيانه ضمن عناصر الأجر المتغير وأردفت
المحكمة أن المستقر عليه أن مبدأ المساواة يستوي قائماً عندما يكون الأمر متعلقاً بمراكز
قانونية متماثلة أما إذا اختلفت هذه المراكز القانونية وتباينت فإنه لا يسوغ القول
بأعمال مبدأ المساواة، إذ لا يستوي من أدي بمن لم يؤد، ومن عمل بمن لم يعمل.
واستطردت المحكمة أنه بإنزال ما تقدم علي واقعات النزاع الماثل وكان الثابت من الأوراق
أن المدعي عضو بهيئة قضايا الدولة وحصل علي أجازة مرضية اعتباراً من 27/ 9/ 1997 وحتى
12/ 4/ 2001 بأجر كامل ولا يزال في أجازة مرضية حتى الآن وقد أجريت انتخابات مجلس الشعب
لعام 2000 ومجلس الشورى لعام 2001 ولم يكن المدعي من بين المشاركين في الإشراف علي
هذه الانتخابات بسبب حصوله علي الأجازة المرضية المشار إليها وبناء عليه حرم من صرف
المقابل النقدي للإشراف علي العملية الانتخابية والذي تم صرفه لزملائه المشاركين في
الإشراف عليها طبقاً لما قرره وزير العدل في هذا الشأن وأنه بطلب الحكم بأحقيته في
صرف هذا المقابل كاملاً باعتباره عنصراً من عناصر الأجر المتغير ورأت المحكمة أن الإشراف
علي العملية الانتخابية مهمة محددة ومؤقتة لا علاقة لها بالعمل الأصلي للمدعي ويتطلب
القيام بها وإنجارها التواجد الفعلي للمدعي بالعمل وأن البدل الذي تم صرفه للمشاركين
في الإشراف القضائي علي تلك العملية لا يدخل ضمن وعاء التأمين، ومن ثم لا يعد عنصراً
من عناصر الأجر المتغير الذي يحصل عليه المدعي لكونه قائماً بأجازة مرضية بغرض أن المرض
المصاب به المدعي ضمن الأمراض المزمنة المنصوص عليها بقرار وزير الصحة رقم 259 لسنة
1995 ويستحق عنه المدعي أجراً كاملاً – ومن ثم فإن المدعي لا يستحق صرف المبالغ التي
صرفها زملاؤه المشاركون في الإشراف علي انتخابات مجلس الشعب والشورى المشار إليها ولا
تثريب علي جهة الإدارة فيما اتخذته من عدم صرف هذه المبالغ للمدعي وليأتي أعضاء الهيئات
القضائية المتواجدين بالعمل والذين لم يقوموا بالإشراف علي العملية الانتخابية لاختلاف
المراكز القانونية بين من أشرفوا ومن لم يشرفوا علي هذه العملية والمستبقين في العمل.
ثم أضافت المحكمة أنه عن المبالغ التي صرفها أعضاء الهيئات القضائية الذين لم يشرفوا
علي العملية الانتخابية والمستبقين بالعمل ومقدارها مرتب شهر عن كل عملية انتخابية
لكل عضو والتي صرفت كحافز إنتاج وتم صرفها جماعية فإن المدعي يكون مستحقاً لها باعتبارها
عنصراً من عناصر الأجر المتغير، وأنه لذلك يكون طلب المدعي بأحقيته في صرف كامل المقابل
النقدي للإشراف علي العملية الانتخابية لمجلس الشعب والشورى المشار إليهما غير قائم
علي أساس – وخليقاً بالرفض مع أحقيته في صرف حافزاً إنتاج مقداره مرتب شهر عن انتخابات
مجلس الشعب وشهر آخر عن انتخابات مجلس الشورى أسوة بجميع زملائه.
ومن حيث إن مبني الطعن رقم 2126 لسنة 48ق.علياً المقام من الجهة الإدارية مخالفة الحكم
المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لصدوره بالمخالفة لنص المادتين 46 و
66 مكرراً من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1978 إذ أن
الثابت من الأوراق أن المطعون ضده لم يؤد أعمال وظيفته العادية، ومن باب أولي فهو لم
يؤد أعمالها غير العادية "الإضافية" لكونه في أجازة مرضية طوال فترة العملية الانتخابية،
ومن ثم فإنه لا يستحق مقابل ذلك العمل الإضافي بحسبان أن هذا المقابل لا يعتبر مطلقاً
عنصراً من عناصر الأجر المتغير، إذ أنه مقرر لقاء أداء مهمة محددة ومؤقتة وله طبيعة
خاصة تتطلب التواجد الفعلي بالعمل حتى يتم إنجاز العمل الإضافي وهو تسيير دفة العمل
اليومي فعلاً لا حكماً، وأنه لما كان المطعون ضده لم يكن متواجداً بمقر عمله طوال فترة
العملية الانتخابية لكونه في أجازة مرضية فمن ثم فإنه لا يستحق صرف المقابل الذي قرره
السيد المستشار وزير العدل لقاء القيام الفعلي لا الحكمي لتسيير دفة العمل اليومي،
ومن ثم يكون قرار حرمانه من هذا المقابل قد صدر سليما ومطابقاً لأحكام الواقع والقانون،
ويكون الحكم المطعون فيه فيما قضي به من أحقية المطعون ضده في صرف مرتب شهر من انتخابات
مجلس الشعب لعام 2000 ومرتب شهر آخر عن انتخابات مجلس الشورى لعام 2001 غير قائم علي
أساس سليم حرياً بالإلغاء.
ويقوم الطعن رقم 2851/ 48 ق.عليا المقام من عبد العاطي محمد حمد الطحاوى علي مخالفة
الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق تأسيساً علي أنه
اعتبر أن الإشراف علي العملية الانتخابية مهمة محددة ومؤقتة لا علاقة لها بالعمل الأصلي
للمدعي وأن إنجازها يتطلب التواجد الفعلي له بالعمل………. وهذا يخالف القانون بحسبان
أن الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها أن المدعي حال وأثناء العملية الانتخابية كان
مريضاً بمرض مزمن ويطبق عليه قرار وزير الصحة رقم 259/ 1995 بالأجر الكامل – وهو ما
أقر به الحكم المطعون فيه – ومن ثم فإن المانع الذي كان حائلاً دون توجه المدعي للإشراف
علي العملية الانتخابية مثل أقرانه ومن هم علي درجته الوظيفية يرجع أصلاً إلي مانع
قانوني ومادي هو المرض المزمن والأجازة المرضية الممتدة، وأنه لولا هذا المرض لما كان
هناك سبب يحول دون قيامه فعلاً بالإشراف علي الانتخابات.
وأنه من ناحية أخري فإن اعتبار الحكم أن عدم صرف ومساواة المدعي وأعضاء الهيئات القضائية
في المبالغ المنصرفة علي العملية الانتخابية بين من قاموا بالإشراف عليها وبين من استبقوا
لتسيير دفة العمل اليومي، يرجع إلي ما وصفه الحكم باختلاف المراكز القانونية لهم، فهذا
القول في غير محله وقد جانبه الصواب أيضاً، إذ أن اختلاف المراكز القانونية بين المخاطبين
بها لا يستمد وجوده إلا من أحكام القانون مباشرة والقواعد القانونية المقررة من أجله،
وأن الثابت أن المادة 88 من الدستور وأحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 بشأن مباشرة الحقوق
السياسية والمعدل بالقانون رقم 167 لسنة 2000 قد ناطا الإشراف علي العملية الانتخابية
بأعضاء الهيئات القضائية دون ثمة تفرقة بينهم في هذا الشأن وأن جهة عملهم – في مجال
اختيارها للأعضاء المشرفين علي تلك الانتخابات أو المستبقين للعمل اليومي لا تجري بينهم
ثمة أفضلية أو أولوية ومن هنا فإن نطاق المسألة ينحصر ويدور في فلك الاعتبارات التنظيمية
للتوثيق بين الأمرين، وعليه تكون المراكز القانونية لكافة الأعضاء متماثلة ومتطابقة
ولا اختلاف فيها".
وأضاف الطاعن أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بالأوراق حين اعتبر أن الإشراف علي
العملية الانتخابية مهمة محددة ومؤقتة ولا علاقة لها بالعمل الأصلي وأنها لا تعتبر
من عناصر الأجر المتغير الذي يحصل عليه المدعي لكونه في أجازة مرضية………. وأن
هذا التخريج من الحكم غير سديد ذلك أن إشراف الهيئات القضائية علي العملية الانتخابية
ليست مهمة محددة ومؤقتة سيما بعد أن جاء التكليف بها بدستور البلاد والتزام القانون
بتقريرها وإنقاذها فصارت بذلك مهمة دائمة وأبدية حين يحل ميعادها.. وبذلك صارت عملاً
أصلياً يستمد سند وجوده من القانون مباشرة وبالتالي يكون المبلغ المنصرف للقائمين علي
أداء هذه العملية من قبيل الأجر المتغير الواجب أداؤه للطاعن ولا يجوز حجبه عنه أو
حرمانه منه – سيما وأن من طبيعة الأجر المتغير أنه يتسم بعدم الثبات والدوام، لذا فإنه
يشمل حسب وضعه القانوني كل ميزة مالية تتقرر أو تصرف بالعمل بين الأقران والمتماثلين
في المراكز القانونية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بمناسبة إجراء انتخابات أعضاء مجلس الشعب لعام 2000
وانتخابات مجلس الشورى لعام 2001 تحت الإشراف الكامل للقضاء باللجان العامة والفرعية
تنفيذاً لأحكام القانون رقم 167/ 2000 بتعديل بعض أحكام قانون مباشرة الحقوق السياسية
رقم 73 لسنة 1956 الصادر إعمالاً لحكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 11 لسنة
13ق. دستورية – فقد تم ندب بعض الأعضاء من الهيئات القضائية المختلفة للإشراف علي هذه
الانتخابات – ومن بينهم بعض أعضاء هيئة قضايا الدولة وتم استيفاء البعض الآخر لتسيير
دفة العمل بكل جهة من هذه الجهات وقد قرر السيد المستشار وزير العدل صرف مبلغ ألفي
جنيه لكل عضو من الأعضاء الذين اشتركوا من الأشراف علي الانتخابات عن كل مرة من المراحل
الثلاثة التي شملتها عملية الانتخاب كحافز إنتاج لهؤلاء الأعضاء، كما قرر أيضاً صرف
مرتب شهر شامل للسادة أعضاء الهيئات القضائية الذين لم يشاركوا في الإشراف علي العملية
الانتخابية وقاموا بتسيير العمل بمحاكهم وهيئاتهم القضائية كحافز إنتاج أيضاً، وأنه
أثناء إجراء هذه الانتخابات كان الطاعن في الطعن رقم 2851 لسنة 48ق. عليا في أجازة
مرضية عادية اعتباراً من 27/ 9/ 1997 امتدت حتى 27/ 8/ 2004 (يراجع حكم هذه المحكمة
الصادر بجلسة اليوم في الدعوى رقم 3916 لسنة 49ق عليا) أي أنه لم يكن متواجداً بالعمل
وبالتالي فهو لم يشاركه في الإشراف الفعلي علي الانتخابات أو في تسيير العمل فعلياً
بالجهة التي يتبعها إبان إجراء هذه الانتخابات، ومن ثم فإنه لا يستحق صرف أية مبالغ
مما تم صرفه لزملائه في الحالتين ويغدو طلبه والحالة كذلك الحكم له بالمقابل الذي تم
صرفه لزملائه فمن أشرفوا علي الانتخابات غير قائم علي أساس من القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بغير هذا النظر وقضي بأحقية الطاعن في الطعن رقم
2851/ 48ق عليا في صرف مرتب شهر عن انتخابات مجلس الشعب لعام 2000 وصرف مرتب شهر آخر
عن انتخابات مجلس الشورى لعام 2001 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين الحكم
بإلغائه، كما يكون من المتعين الحكم برفض الطعن رقم 2851 لسنة 48ق.عليا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة/ بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه وبرفض الدعوى ورفض الطعن رقم 2851 لسنة 48ق.عليا.
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم 21 من شهر ربيع آخر سنة 1428ه، الثلاثاء الموافق
8/ 5/ 2007م بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
