المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 8511 لسنة 50 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي
عبد الرحمن اللمعي – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / يحيي عبد الرحمن يوسف – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / منير صدقي يوسف خليل – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عبد المجيد أحمد حسن المقنن – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عمر ضاحي عمر ضاحي – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد مصطفى عنان – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الأتي
في الطعن رقم 8511 لسنة 50 ق. عليا
المقام من
1- محافظ المنوفية بصفته
2- وزير الزراعة بصفته
ضد
رضا عبد السلام بيومي أبو الخير
عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنوفية
بجلسة 16/ 3/ 2004 في الدعوى رقم 967 سنة 5ق.
الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق العاشر من مايو سنة 2004 أودعت هيئة قضايا
الدولة نيابة عن الطاعنين بصفتيهما سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل
عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنوفية بجلسة 16/ 3/ 2004 في الدعوى رقم
967 لسنة 5ق. المقامة من المطعون ضده على الطاعنين والذي قضي بقبول الدعوى شكلاً وبوقف
تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة مصروفاته وبإحالة
الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في الموضوع.
وطلب الطاعنان الحكم بقبول الطعن وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا
برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه بعد إعلان عريضة
الطعن إلى المطعون ضده – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون
فيه والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونظر الطعن أمام الدائرة السادسة فحص بالمحكمة الإدارية العليا التي قررت إحالته إلى
المحكمة الإدارية العليا – الدائرة السادسة موضوع حيث تدوول بالجلسات أمامها على النحو
الثابت بمحاضر جلساتها المرفقة بالأوراق، وفيها أودعت هيئة قضايا الدولة محضر إعلان
المطعون ضده بعريضة الطعن. وبجلسة 15/ 11/ 2006 قررت تلك المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة
الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) للاختصاص حيث تحدد لنظر الطعن جلسة 27/ 2/ 2007
وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 24/ 4/ 2007 قررت المحكمة إصدار
الحكم بجلسة 10/ 7/ 2007 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال شهر. وخلال هذا الأجل أودع
المطعون ضده حافظة مستندات التفتت عنها المحكمة وبتلك الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق
بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى
النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 29/ 11/ 2003
أقام الدعوى رقم 697 لسنة 5ق. أمام محكمة القضاء الإداري بالمنوفية طلب في ختامها الحكم
بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 2149 لسنة 2003 فيما تضمنه من إزالة المملوكة له مع ما
يترتب على ذلك من آثار – وذكر المدعي شرحا لدعواه أن الجهة الإدارية أصدرت القرار المطعون
فيه متضمنا وقف الأعمال بالطريق الإداري وإعادة الحال إلى ما كانت عليه من التعدي على
الأرض الزراعية وتحرر ضده محضر مخالفة عن تبوير الأرض الزراعية بإقامة قواعد وسملات
خرسانية بناحية الفرعونية – مركز اشمون. ونعى على القرار المطعون فيه بمخالفته للقانون
وخلص إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 16/ 3/ 2004 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه. وأقامته – بعد أن
استعرضت نص المادتين 152، 156 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 معدلاً بالقانونين
رقم 116 لسنة 1983 و 2 لسنة 1985 – على أن المشرع حظر كأصل عام إقامة أية مبان أو منشآت
على الأرض الزراعية وما في حكمها باستثناء حالات حددها على سبيل الحصر. وعالج حالة
إقامة مبان أو منشآت في الأرض الزراعية وما في حكمها للقانون بطريقين أحدهما قضائي.
والثاني إداري، فأوجب في الحالة الأولى الحكم في حالة المخالفة أو الشروع فيها بالحبس
والغرامة مع الأمر وجوباً بإزالة المخالفة. وأجاز من الحالة الثانية لوزير الزراعة
حتى صدور الحكم في الدعوى الجنائية – اتخاذ إجراء مؤقت يقصد به التحوط من الاستمرار
في القيام بمزيد من الأعمال المخالفة – وهو وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على
نفقة المخالف مع إبقاء الوضع على ما هو عليه والحيلولة دون استكمال الأعمال القائمة
وعلى الا يتجاوز هذا الاختصاص إلى حد إزالة المباني المخالفة بحسبان أن ذلك من اختصاص
القضاء الجنائي وحده في حالة القضاء بالإدانة.
وأضافت المحكمة أن البادي من ظاهر الأوراق أن المدعي أقام قواعد وسملات خرسانية مسلحة
على مساحة 84م بحوش الشدبة بناحية الفرعونية مركز أشمون. وقد أصدر وزير الزراعة القرار
المطعون فيه متضمنا إزالة الأعمال المخالفة المقامة من المدعي. ومن ثم فإنه يكون قد
تجاوز حدود الاختصاص المخول قانونا لجهة الإدارة وتضمن الافتئات على اختصاص القضاء
الجنائي الأمر الذي يصمه بحسب الظاهر بعدم المشروعية وهو ما يرجح معه إلغاؤه موضوعا.
كما أنه يترتب على تنفيذ هذا القرار نتائج يتعذر تداركها. وبذلك يكون قد توافر لطلب
وقف التنفيذ ركناه واستقام على صحيح سنده. ومن ثم فإنه يتعين إجابة المدعي إليه بوقف
تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه تأسيساً
على أن الثابت بمحضر المخالفة أن المطعون ضده تعدى على مساحة من الأرض الزراعية بدون
ترخيص من وزارة الزراعة بالمخالفة للحظر المقرر بقانون الزراعة وبالأمر العسكري رقم
1 لسنة 1996 حيث أصدر وزير الزراعة القرار المطعون فيه بموجب الاختصاص المسند إليه
بالأمر العسكري المذكور متضمنا وقف أسباب المخالفة وإعادة الحال إلى ما كانت عليه حتى
يفصل في الدعوى الجنائية. وبذلك فإن هذا القرار يكون صادرا ممن يملك سلطة إصداره قانونا
مبرءا من عيب عدم الاختصاص. ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس من القانون.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط الحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري وفقاً
لحكم المادة 49 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 هو توافر ركنين
مجتمعين هما ركن الجدية – بأن يكون القرار بحسب الظاهر من الأوراق مرجح الإلغاء. وركن
الاستعجال – بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة 151 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53
لسنة 1966 معدلاً بالقانونين رقم 116 لسنة 1983 و 2 لسنة 1985 تنص على أن "يحظر على
المالك أو نائبه أو المستأجر أو الحائز للأرض الزراعية بأية صفة ترك الأرض غير منزرعة
لمدة سنة من تاريخ آخر زرعة رغم توافر مقومات صلاحيتها للزراعة ومستلزمات انتائجها
التي تحدد بقرار من وزير الزراعة. كما يحظر عليهم ارتكاب أي عمل أو الامتناع عن أي
عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها".
وتنص المادة 155 منه على أن "يعاقب على مخالفة حكم المادة 151 من هذا القانون بالحبس
وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه عن كل فدان أو جزء منه من الأراضي
موضوع المخالفة………….. ولوزير الزراعة قبل الحكم في الدعوى أن يأمر بوقف أسباب
المخالفة وإزالتها بالطريق الإداري على نفقة المخالف".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع حظر ترك الأرض الزراعية دون زراعة لمدة سنة أو القيام
بأي عمل أو الامتناع عن أي عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها. وحدد
عقوبة جنائية لمن يخالف ذلك هو الحبس والغرامة وأجاز لوزير الزراعة – قبل الحكم في
الدعوى الجنائية – أن يصدر قرارا بوقف أسباب المخالفة وإزالتها بالطريق الإداري على
نفقة المخالف.
ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق أن الجهة الإدارية نسبت إلى المطعون ضده قيامه بوضع
أساسات خرسانية مسلحة وعمل سملات خرسانية على مساحة 84 مترا بحوض الشدية بناحية الفرعونية
– مركز أشمون – منوفية – وتحرر عن ذلك محضر المخالفة رقم 54893 في 21/ 6/ 2003 – والذي
تضمن أن هذه الأعمال من شأنها تبوير الأرض الزراعية لذا أصدر وزير الزراعة القرار رقم
2149 لسنة 2003 ونص في المادة الأولى منه على أن "توقف جميع التعديات الواقعة على الأراضي
الزراعية وما في حكمها ويعاد الحال إلى ما كانت عليه بالطريق الإداري على نفقة المخالفين
وتضمن الكشف المرفق بهذا القرار اسم المطعون ضده تحت رقم . ومتى كان ذلك فإن هذا
القرار يكون صادرا ممن يملك سلطة إصداره قانونا وقائما على سببه المبرر متفقا وأحام
القانون وأنه ليس صحيحا ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن ذلك القرار صدر من غير
مختص لأنه تضمن إزالة مباني مقامة على المساحة المذكورة. وأن المشرع عقد الاختصاص بإزالتها
للقضاء الجنائي حال إدانة المخالف في الدعوى الجنائية التي تقام ضده – ذلك أن هذا القول
مردود بأن الأعمال التي حجب المشرع عن جهة الإدارة سلطة إزالتها وأناط بها للقاضي الجنائي
وحده هي تلك التي اكتمل إنشاؤها وصارت مبنى صالحا للاستخدام في الغرض الذي أقيم من
أجله. أما غير ذلك، كالتشوينات وإقامة الأسوار وأعمال الحفر والأساسات والسملات وغيرها
من الأعمال التي تدل بذاتها على عدم إتمام البناء وتهيئته للاستخدام فيما أعد له فلا
يقوم ما يبرر قانونا للحيلولة بين الجهة الإدارية وبين إصدار قرارها بوقف تلك الأعمال
وإزالتها، بل أن ذلك واجب عليها تلتزم بأن تهتم به وتبادر إليه حماية للأرض الزراعية
كثروة قومية.
وغني عن البيان أن ما يصدر عن الجهة الإدارية من تصرف في هذا الشأن يخضع لرقابة القضاء
الإداري الذي يتأكد من توافر الوقائع والأسباب التي تبرر تصرف تلك الجهة وتتيح لها
اتخاذه حسبما يبين له من الأوراق من كل حالة على حدتها.
ومن حيث إنه ترتيبا على ما تقدم – وإذ تبين على ما سلف بيانه – قيام القرار المطعون
فيه على سببه المبرر قانونا مما يجعله غير مرجح الإلغاء عند نظر الشق الموضوعي من الدعوى
مما لا يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه. الأمر الذي يتعين معه رفض هذا الطلب
دون حاجة لبحث ركن الاستعجال وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر وقضي بوقف تنفيذ
القرار المطعون فيه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون الأمر الذي يتعين معه القضاء
بإلغائه. وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده مصروفات هذا
الطلب عن درجتي التقاضي عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة/ بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وألزمت المطعون
ضده مصروفات هذا الطلب عن درجتي التقاضي.
صدر هذا الحكم وتلي علنا يوم الأحد 20 من شعبان سنه 1428 هجرية والموافق 2 من سبتمبر
سنة 2007 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
