الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 9733 لسنة 47 ق

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثانية- موضوع

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د/ فاروق عبد البر السيد إبراهيم – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ أحمد أمين حسان – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ بخيت محمد إسماعيل – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ لبيب حليم لبيب – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى سعيد مصطفى – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد مصطفى عنان – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوي – أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 9733 لسنة 47 ق

المقام من

1. محافظ أسوان
2. مدير عام مديرية الزراعة بأسوان
3. مدير الإدارة الزراعية بكوم أمبو

ضد

محمد عبد الكريم محمد أحمد
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة قنا) في الدعوى رقم 174 لسنة 9 ق بجلسة 23/ 5/ 2001


الإجراءات

في 15 من يوليه سنة 2001 أودعت الأستاذة/ شادية فخري مفتاح المستشار بهيئة قضايا الدولة بصفتها نائباً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 9733 لسنة 47 القضائية عليا وذلك في حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة قنا) الصادر في الدعوى رقم 174 لسنة 9 القضائية بجلسة 23/ 5/ 2001 والقاضي بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن – قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي في أي من الحالتين.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/ 3/ 2004 وتداول نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 11/ 6/ 2005 حيث نظر بالجلسة المحددة وما تلاها من جلسات على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر إصدار الحكم بجلسة 29 من أكتوبر 2005 وفيها أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت المسودة المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن المطعون ضده (المدعي) أقام دعواه ابتداء أمام المحكمة الإدارية بقنا بإيداع صحيفتها سكرتارية المحكمة في 22/ 7/ 1999 طالباً فيها إلغاء قرار إنهاء خدمته رقم 206 لسنة 1993 على سند من القول أنه كان يعمل في وظيفة فني زراعي رابع بالإدارة الزراعية بكوم أمبو وقد حصل على أجازة بدون مرتب منذ عام 1988 ظلت تتجدد سنوياً حتى فوجئ عند عودته لاستلام عمله مرة أخرى بعد انتهاء أجازته في عام 1999 بأن جهة الإدارة قد أنهت خدمته للانقطاع عن العمل ولم تسبق هذا القرار بإنذار وفق ما استلزمه القانون.
وبجلسة 5/ 3/ 2000 قضت المحكمة الإدارية بعدم اختصاصها لنظر الدعوى وأحلتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص وتداولت الدعوى أمام المحكمة حتى قضت فيها بجلسة 23/ 5/ 2001 بإلغاء القرار المطعون فيه وشيدت المحكمة قضاءها على سند من أن الجهة الإدارية قد أصدرت قراراها بإنهاء خدمة المدعي للانقطاع اعتباراً من 8/ 4/ 1993 وأن هذا القرار صدر دون أن يسبقه إجراء جوهري استلزمه القانون عند إنهاء خدمة الموظف بسبب الانقطاع عن العمل وهو توجيه إنذار إليه الأمر الذي يكون معه القرار الصادر في هذا الشأن حرياً بالإلغاء.
وقد طعنت الجهة الإدارية على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري وشيدت الطعن على أسباب حاصلها أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وتأويله حين قضى بقبول الدعوى شكلاً لان المدعي لم يرفع دعواه إلا بعد مرور عدة سنوات على صدور القرار المطعون فيه وقد استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا على أن استطالة الأمد بين صدور القرار المطعون فيه وسلوك سبيل المطالبة بإلغائه يرجح العلم بالقرار المطعون فيه بما يستوجب المبادرة إلى طلب إلغائه في الميعاد الذي حدده القانون فإن تراخى في ذلك ولم يبادر إلي اتخاذ الإجراءات القانونية في هذا الموعد فإن دعواه تكون غير مقبولة وأضاف الطعن أن حكم محكمة القضاء الإداري أخطأ في تطبيق القانون وتأويله حين قضى بإلغاء القرار المطعون فيه لأن الجهة الإدارية قد أعملت صحيح حكم القانون حين أصدرت قرارها بإنهاء خدمة المدعي بعد أن انقطع عن العمل عقب انتهاء الأجازة الممنوحة له ووضحت نيته في هجر الوظيفة في ضوء الظروف والملابسات التي أحاطت بانقطاعه، وأنه لا ينال من صحة قرار الجهة الإدارية أنها لم تنذر المدعي قبل إصدار قرارها ذلك أن هذا الإجراء ليس مقصوداً لذاته وإنما الغرض منه أن تستجلي الجهة الإدارية نية الموظف في هجر وظيفته فإذا استبان لها من ظروف الحال وملابساته وبما لا يحتمل الجدل أو الشك أن الموظف عازف عن الاستمرار في وظيفته وانقطعت الصلة بينه وبين الجهة الإدارية فلا تثريب عليها إن أنهت خدمته دون إنذاره.
ومن حيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل وفقاً لأحكام قانون مجلس الدولة أن ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء هو ستون يوماً تسري من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به، إلا أنه يقوم مقام الإعلان علم صاحب الشأن به بأي وسيلة من وسائل الإخبار بما يحقق الغاية من الإعلان ولو لم يقع هذا الإعلان بالفعل، بيد أن العلم الذي يمكن ترتيب هذا الأثر عليه من حيث سريان الميعاد المقرر لرفع دعوى الإلغاء يجب أن يكون علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً، وأن يكون شاملاً لجميع العناصر التي يمكن لصاحب الشأن على أساسها أن يتبين مركزه القانوني بالنسبة على هذا القرار ويستطيع أن يحدد على مقتضي ذلك طريقة إلى الطعن فيه والحاصل في المنازعة المطروحة أن القرار المطعون فيه لم ينشر ولم يعلن إلى المدعي وأن أوراق الدعوى وظروف الحال لا تنبئ بعلم المدعي يقينياً بصدور هذا القرار خاصة أنه لم يتم إنذاره قبل إصدار قرار إنهاء الخدمة ولا تستقيم وصحيح تطبيق أحكام القانون بعد ذلك أن تعد استطالة المدة بين صدور القرار المطعون فيه واللجوء إلى القضاء قرينة على العلم اليقيني بهذا القرار بعدما أغفلت الجهة الإدارية إعلان المدعي بقرارها, ولا يمكن أن ينسب له في ظروف الحال وملابساته قصور أو تقاعس عن الاتصال بالجهة الإدارية للوقوف على القرار الصادر بإنهاء خدمته والطعن عليه في الميعاد الذي حدده القانون. ولما كان الأمر كذلك وكانت الأوراق قد خلت من تاريخ علم المدعي بالقرار المطعون فيه فيفترض علمه به في تاريخ إقامة الدعوى وتكون الدعوى مقبولة شكلاً وإذا كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر فإن قضاءه في هذا الخصوص يكون جديراً بالتأييد.
ومن حيث إن المادة 98 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 نصت على أن يعتبر العامل مقدماً إستقالته في الحالات الآتية:
1 إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم في الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول… فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2………………….
ومن الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في الحالة الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية. ولا يجوز اعتبار العامل مستقبلاً في جميع الأحوال إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل…….."
ومن حيث إنه إذا كان مؤدي هذا النص التزام الجهة الإدارية بإنذار العامل كتابة بعد انقطاعه عن العمل وكان القصد من هذا الإجراء أن تستقي جهة الإدارة مدى إصرار العامل على ترك العمل وعزوفه عنه وفي ذات الوقت إعلانه بما يراد اتخاذه حياله من إجراء بسبب انقطاعه عن العمل وتمكينا له من إبداء عذره قبل اتخاذ الإجراء ولئن كان الأمر كذلك إلا أن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن الإنذار ليس مقصوداً لذاته وإنما الهدف منه أن تتبين جهة الإدارة مدى إصرار العامل على تركه العمل وهجره الوظيفة حتى لا يفاجأ العامل بإعمال قرينة الاستقالة وإنهاء خدمته في الوقت الذي لا يرغب في الاستقالة وكان لديه من الأعذار المبررة للانقطاع فإذا كان هذا هو القصد من الإنذار ومراد المشرع منه فإن مقتضى ذلك إذا كشفت ظروف الانقطاع عن العمل بذاتها وقطعت بأن العامل لديه نية هجر الوظيفة وعازف عنها بما لا يحتمل الجدل أو الشك فإن الإصرار على القول بضرورة الإنذار في ظل هذه الظروف لا مبرر له ولا جدوى فيه.
ومن حيث أنه لما كان ذلك وكان العامل في النزاع الماثل قد انقطع عن العمل انقطاعاً متصلاً مدة زادت على خمس سنوات دون أن يحاول فيها الاتصال بجهة الإدارة أو مخاطبتها بما يفيد أن لديه أعذاراً لها ما يبررها كانت سبباً في انقطاعه فإن هذا الانقطاع الطويل مع خلو الأوراق من أي اتصال بينه وبين جهة عمله كاف وحده للقطع بأن العامل لا يرغب في وظيفته وكشف عن نيته في هجر الوظيفة وتركها فلا جدوى من الإنذار ولا فائدة منه ولا تثريب على جهة عمله أن تنهي خدمته اعتباراً من تاريخ انقطاعه دون أن توجه له إنذاراً قبل اتخاذ هذا القرار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر الصحيح لتطبيق القانون فإنه يكون حرياً بالإلغاء والقضاء برفض الدعوى مع إلزام الطاعن المصروفات عن درجتي التقاضي عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة اليوم السبت الموافق 10 شوال 1426ه والموافق 12/ 11/ 2005, بالهيئة المبينة بصدره

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات