الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 7181 لسنة 46ق

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثانية

بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أحمد أمين حسان – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ بخيت محمد إسماعيل – نائب رئيس مجلس الدولة
/ لبيب حليم لبيب – نائب رئيس مجلس الدولة
/ محمود محمد صبحي العطار – نائب رئيس مجلس الدولة
/ بلال أحمد محمد نصار – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / سلامة السيد محمد – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سلامة السيد محمد – سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 7181 لسنة 46ق

المقامة من

المتولي حسن حسن الشال

ضد

1- وزير التربية والتعليم
2- محافظ دمياط
3- وكيل وزارة التربية والتعليم بدمياط


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 1/ 6/ 2000 أودع السيد الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 7181 لسنة 46ق. عليا في المحكمة الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 2/ 4/ 2000 في الطعن رقم 327 لسنة 19 ق أسس المقام من السيد/ المتولي حسن حسن الشال ضد السادة/ 1 وزير التربية والتعليم 2 محافظ دمياط 3 وكيل وزارة التربية والتعليم بدمياط، والقاضي بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء خدمة المدعي للانقطاع، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.
وقد نظرا الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة والتي قررت إحالته إلى الدائرة الثانية موضوع لنظره بجلسة 19/ 2/ 2005، وفيها نظر أمام هذه المحكمة، وتقرر إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر، أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تحصل حسبما يبين من الأوراق في أن السيد/ المتولي حسن حسن الشال أقام الدعوى رقم 265 لسنة 24 ق بعريضة أودعت ابتداء قلم كتاب المحكمة الإدارية ببورسعيد بتاريخ 19/ 2/ 1994 وقيدت بجدولها برقم 437 لسنة 3ق طالبا الحكم بقبولها شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 237 بتاريخ 8/ 8/ 1989 فيما تضمنه من إنهاء خدمته بسبب الانقطاع، وما يترتب على ذلك من آثار، أهمها اعتبار مدة خدمته متصلة.
وقال المدعي شرحا لدعواه انه كان يشغل وظيفة مدرس بمدرسة ناصر الإعدادية الثانوية التابعة لإدارة فارسكور التعليمية بدمياط، ولظروف عائلية انقطع عن العمل اعتبارا من 19/ 10/ 1982، وبعد زوال تلك الظروف تقدم بطلب لاستلام عمله، وقد تسلمه في 1/ 12/ 1993 إلا أن الإدارة التعليمية بفارسكور أخطرته بتاريخ 10/ 2/ 1994 بأنه أعيد تعيينه بالقرار رقم 48 في 28/ 11/ 1993، وأسقطت مدة الانقطاع من مدة خدمته، وقد تبين له انه صدر القرار رقم 237 في 8/ 8/ 1989 بإنهاء خدمته فتظلم منه بتاريخ 10/ 2/ 1994، إلا أن الجهة الإدارية لم تستجب لتظلمه رغم صدور القرار المطعون فيه بالمخالفة لأحكام المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 إذ لم توجه إليه الجهة الإدارية إنذارا قبل إصدار القرار، الأمر الذي حدا به إلى إقامة دعواه بغية الحكم له بالطلبات المتقدمة.
وقد أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية للمنصورة للاختصاص، وقيدت بجدولها بالرقم عالية.
وبجلسة 21/ 4/ 1997احكمت المحكمة الإدارية بالمنصورة بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وألزمت المدعي المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعي قد انقطع عن العمل دون إذن اعتبارا من 19/ 10/ 1982، وبتاريخ 8/ 8/ 1989 أصدر القرار الطعن تنفسنا أنها خدمته وقد خلت الأوراق مما يفيد ثمة اتصال بين المدعي وجهة الإدارة طوال تلك المدة التي ناهزت السبع سنوات بل لم يتصل المدعي بجهة الإدارة سوى في نهاية عام 1993، ومن ثم فان ما ينعاه المدعي على القرار الطعن من مخالفته القانون لعدم إنذاره قبل صدوره يغدو في غير محله، إذ القول بضرورة الإنذار في مثل تلك الحالة إنما تنتفي المحكمة التي من اجلها استلامه المشرع، وتغدو الدعوى الراهنة غير قائمة على سند من القانون يبررها خليقة بالرفض.
ولم يرتضي هذا القضاء فأقام الطعن رقم 327 لسنة 19 ق. أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة الدائرة الأولي التي قضيت بجلسة 2/ 4/ 2000 بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعي قد انقطع عن العمل بدون إذن اعتبارا من 19/ 10/ 1982، وسافر إلى دولة ليبيا للعمل بها لتحسين وضعه المادي، واستمر في الانقطاع حتى 10/ 10/ 1993، وهي مدة تناهز احد عشر عامان ثم تقدم في هذا التاريخ بطلب لجهة الإدارة أورد فيه بما تقدم، وبإنهاء عقود العاملين بليبيا في عام 1993، وذلك على النحو الثابت بالأوراق، ولذلك يكون القرار الصادر من الجهة الإدارية بإنهاء خدمته قد صدر قائما على أسبابه ومتفقا وأحكام القانون، ولا يلزم أن يسبقه إنذار المدعي بإنهاء خدمته بمراعاة الظروف سالفة البيان ويكون لذلك صحيحا ما انتهي إليه الحكم المطعون فيه من القضاء برفض دعواه، ويتعين لذلك الحكم برفض هذا الطعن.
ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل والمقامة من السيد/ رئيس هيئة مفوضي الدولة انه إذا كان المشرع قد أوجب المادة من قانون العاملين المدنيين بالدولة على الجهة الإدارة قبل الشروع في اتخاذ إجراءات إنهاء خدمة العامل للانقطاع أن تنذره بما سوف يترتب على انقطاعه من إجراءات إنهاء خدمته أعمالا تعريفه الاستقالة الضمنية، فانه ليس من شك في أن أغراض المشرع تجاه هذا الإنذار واضحة وجلية في أمرين الأول يتعلق في مواجهة الحالة الافتراضية وليست الصريحة بالنسبة لقرينة الاستقالة الضمنية فهو بالإنذار يحيط العامل المنقطع علما بمضمون هذه القرينة، والأمر الثاني هو التعرف على قصد العامل من الانقطاع، والي أي أمر تتجه نيته هل إلى هجر الوظيفة، ولكي نصل إلى هذين الفرضين فلا بد من إنذار العامل، ووصول الإنذار إليه، وإذا كان المشرع قد أخلق الوجوب بضرورة التزام لجهة الإدارة بإنذار العامل كتابة قبل إصدار قرار إنهاء خدمة العامل، ولا يجوز تقييد هذا الإطلاق بالاستعاضة بحكم أخر لم يرد النص عليه حتى لو امتدت لعلمه في الحكمين إذ انه في ذلك تقييد بغير مقيد قانون، وانه إذا كانت العله من الإنذار يمكن أن تتحقق في انقطاع العامل فترة طويلة من الزمن دون أن يحاول طوال هذه المدة أن يخاطب الجهة الإدارية بما يفيد وجود أعذار مقبولة لها ما يبررها إلا انه لا يجوز أعمال مقتضاها للمغايرة في الحكمين إذ أن الإنذار اشتق له المشرع تنظيما قانونيا يجب الالتزام بأحكامه لاستيفاء شرائطه وأركانه لكي يحقق الغرض منه، ومن ذلك ضرورة إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام حال الانقطاع المتصل وبعد عشرة أيام حال الانقطاع المتقطع ولا يجوز أعمال مقتضى قرينة لانقطاع الطويل إلا بموجب نص تشريعي صريح ينظم أحكامها.
ومن حيث أن المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978تنص على انه يعتبر العامل مقدما استقالته في الحالات الآتية:
1- إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوما متتالية، ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوما التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول، وفي هذه الحالة يجوز للسلطة المختصة أن تقرر عدم حرمانه من أجره عن مدة الانقطاع إذ كان له رصيد من الأجازات يسمح بذلك، وإلا وجب حرمانه من أجره عن هذه المدة، فإذا لم يقدم العامل أسبابا تبرر الانقطاع، أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2- إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوما غير متصل في السنة وتقيد خدمته منتهية في هذه الحالة من اليوم التالي لاكتمال هذه المدة.
وفي الحالتين السابقتين يتبين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في الحالة الأولي 6 وعشرة أيام في الحالة الثانية.
3- ……………..
ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلا في جميع الأحوال إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر الثاني لانقطاعه عن العمل…."
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مؤدي حكمه هذه المادة انه يجب لاعتبار العامل مقدما استقالته مراعاة إجراء شكلي صالحه إلزام الجهة الإدارية بإنذار العامل كتابة بعد انقطاعه عن العمل، وهذا الإجراء جوهري القصد منه أن تستبين الجهة الإدارية مدى إصدار العامل على شركة العمل وعزوفة عنه، وفي ذات الوقت إعلانه بما يراه اتخاذه من إجراء خاليه بسبب انقطاعه عن العمل وتمكينا له من إبداء عذره قبل اتخاذ الإجراء. غير انه وان كان الإنذار إجراء جوهريا يلزم اتخاذه قبل إنهاء خدمة العامل على أساس قرينة الاستقالة المستفادة من انقطاعه عن العمل مدة تزيد على خمسة عشر يوما متصلة وفقا للمادة من قانون العاملين المدنيين بالدولة، إلا أن هذا الإجراء ليس مقصودا بذاته دائما، فالهدف منه أن تثبين جهة الإدارة مدى إصرار العامل على ترك العمل وعزوفه عنه وفي ذات الوقت إعلانه بما يراه اتخاذه من إجراء حياله بسبب انقطاعه عن العمل، وتمكينا له من إبداء عذره قبل اتخاذ الإجراء، كما انه إذا كان المستضر عليه أن هذا الإجراء جوهري يمثل ضمانه للعامل، وان إغفاله يعتبر إهدارا لهذه الضمانة حتى لا يفاجأ العامل بأعمال قرينة الاستقالة وإنهاء خدمته في الوقت الذي لا يرغب في الاستقالة، وانه كان لديه من الأعذار المبررة للانقطاع، لذا كان هذا هو القصد من الإنذار ومراد المشرع منه، فان مقتضى ذلك ولازمة انه إذا كشفت ظروف الانقطاع عن العمل بذاتها، وقطعت بان العامل لديه نية هجر الوظيفة، وعازف عنها بما لا يحتمل الجدل أو الشك، فان الإصرار على القول بضرورة الإنذار في مثل هذه الظروف أمر لا مبرر له، ولا جدوى منه، ومن ذلك مثلا انقطاع العامل المتصل مده تزيد على خمسة سنوات عقب انتهاء إعارته أو أجازته، دون أن يحاول طوال هذه المدة أن يخاطب الجهة الإدارية بما يفيد أن هناك أعذارا مقبولة لها ما يبررها حتى في سبب الانقطاع، كما أن من المنطق والمعقول طبقا للمجرى العادي للأمور، لو أن العامل لديه رغبة في الحفاظ على وظيفته أن يبادر بتقديم أسباب انقطاعه عن العمل بعد اكتمال مدة الانقطاع القانونية حتى يمكن حمل هذه الأسباب على نية عدم رغبته في ترك الوظيفة، أما ولم يفعل العامل ذلك واستطالته مدة انقطاعه زمنا طويلا، فان الانقطاع عن العمل طوال هذه المدة، دون أي اتصال بينه وبين جهة عمله لكان وحده يقطع بان العامل لا يرغب في وظيفته، وكشف هذا الانقطاع الطويل الذي استمر سنوات عبرت عن نيته في هجر الوظيفة وتركها، وهو القصد من الإنذار، فإذا كان هذا هو القصد بات واضحاً وجليا من الانقطاع الطويل والذي جاوز سنين عددا، فقد انتفي موجب الإنذار ومقتضاه، وجب التمسك بالإنذار نوعا منن الأغراض في الشكليات لا مبرر له. كما أن المشرع عندما نظم الأحكام الواردة في المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وأوجب على العامل إبداء عذر الانقطاع خلال الخمسة عشر يوما التالية، وأوجب الإنذار بعد ذلك إنما كان هدفه تصرفا من العامل عقب الانقطاع مباشرة بإبداء عذر ينفي به قرينة الاستقالة، وتبينها من الإدارة له بذلك وفقا لحكم المادة سالفة الذكر في الفترة اللاحقة والقريبة من اكتمال مدة الانقطاع والتي فيها لا تنضم الأمور لدى جهة الإدارة، وهل الانقطاع بعذر مقبول، أم انه انقطاع بنية ترك الوظيفة، وهذا الشك في تأويل مسالة الانقطاع في تلك الفترة يلزم لحسمه إنذار من الإدارة يوجه للعامل على النحو المبين في المادة 98 سالفة الذكر، أما إذا كان هدف الانقطاع واضحا تماما، محسوما بان نيته هجر الوظيفة كما هي الحال في الانقطاع محل الطعن والتي فيها يشكل انقطاع العامل بوضع سنين فلا جدوى من الإنذار، ولا فائدة ترجى منه، بل أن مثل هذه الحالة تخرج عن نطاق حكم الإنذار الوارد في المادة 98 سالفة الذكر لعدم جدواه في تحديد قصد العامل من الانقطاع في مثل هذه الظروف فهو إجراء لأهداف منه.
ومن حيث أنه لما كان ما تقدم وكان الثابت في الأوراق أن السيد/ المتولي حسن حسن الشال أنقطع عن عمله بدون إذن اعتباراً من 19/ 10/ 1882 وحتى 30/ 11/ 1883 سافر خلالها إلى خارج البلاد للعمل، وهي مدة تزيد على أحد عشر عاماً، فإن القول بضرورة إنذاره لبيان مدى إصراره على ترك العمل في غير محله، ولا يجوز له التمسك بعدم إنذاره لعدم جدوى هذا الإنذار في تحقيق الهدف الذي وصفه المشرع من أجله وهو التحقق من نية الموظف ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه وقد قضي بهذا النظر فيكون قد أصاب وجه الحق، وصادف صحيح حكم القانون، مما يتعين معه القضاء برفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يومالموافق ه السبت الموافق 18/ 6/ 2005م

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات