المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 1388 لسنة 49 ق0ع
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثانية موضوعي
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد أحمد عطية إبراهيم
– نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ بخيت محمد إسماعيل – نائب رئيس مجلس الدولة
بلال أحمد محمد نصار – نائب رئيس مجلس الدولة
/ فوزي علي حسن شلبي – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ حسين عبد الله قايد – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد الوهاب السيد عبد الوهاب – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد رمضان عشماوي – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 1388 لسنة 49 ق0ع
المقامة من
1) محافظ سوهاج بصفته
2) وكيل الوزارة مديرية الشئون الصحية بسوهاج بصفته
ضد
نشأت علي أحمد
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري الدائرة الثانية بأسيوط في الدعوى رقم 2672
لسنة12ق بجلسة 12/ 9/ 2002
الإجراءات
إنه في يوم الخميس الموافق 7/ 11/ 2002 أودعت هيئة قضايا الدولة
بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط في الدعوى رقم 2672لسنة12ق بجلسة 12/
9/ 2002 والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 635لسنة2001
فيما تضمنه من إنهاء خدمة المدعي للانقطاع اعتباراً من 1/ 10/ 2000 مع ما يترتب على
ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلبت هيئة قضايا الدولة في ختام تقرير الطعن الحكم بإحالته إلى دائرة فحص الطعون لتأمر
بإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن للمطعون ضده قانوناً.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة لدى هذه المحكمة تقريراً بالرأي القانوني فيه ارتأت في ختامه
الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنان المصروفات.
وقد تدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت بجلسة
27/ 3/ 2006 إحالة الطعن إلى الدائرة الثانية "موضوع" لنظره بجلسة 3/ 6/ 2006 على أن
تقوم السكرتارية بإخطار الخصوم وقد تدوول الطعن أمام دائرة الموضوع التي قررت تأجيل
نظره لجلسة 7/ 10/ 2006 للإعلان وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت
مسودته المشتملة على منطوقه وأسٍبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فيكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن وقائع هذا الطعن تتحصل حسبما يبين من سائر أوراقه في أن
المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2672لسنة12ق أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط "الدائرة
الثانية" بإيداع صحيفتها قلم كتابها بتاريخ 6/ 6/ 2001 وطلب في ختامها الحكم بقبول
الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 635لسنة2001
الصادر في 18/ 3/ 2001 فيما تضمنه من إنهاء خدمته للانقطاع عن العمل اعتباراً من 1/
10/ 2001 وتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان وفي الموضوع بإلغائه وما يترتب على ذلك
من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن شقي الدعوى.
وقال المطعون ضده شرحاً لدعواه أنه من العاملين بمديرية الشئون الصحية بسوهاج وبتاريخ
1/ 10/ 2000 ألم به مرض وبادر إلى إبلاغ جهة عمله بمرضه تلغرافياً إلا أنها لم تحرك
ساكناً ولم تحيله إلى القومسيون الطبي أو اللجنة الطبية المختصة لتوقيع الكشف الطبي
عليه وقد عاود الإبراق إلى جهة عمله تلغرافياً بالبرقيات المرسلة منه بتاريخ 6/ 11/
2000 وبتاريخ 26/ 11/ 2000 دون جدوى وفور تماثله للشفاء توجه لعمله طالباً استلامه
بتاريخ 28/ 3/ 2001 إلا أن المختصين بجهة عمله رفضوا ذلك وبالاستفسار منهم علم بصدور
قرار مديرية الشئون الصحية رقم 635لسنة2001 بتاريخ 18/ 3/ 2001 بإنهاء خدمته للانقطاع
من العمل وقد بادر بالتظلم من هذا القرار ولم يتلق رداً مما أضطره لإقامة الدعوى المشار
إليها ونعى الطاعن على القرار الطعين مخالفته للقانون لعدم قيام جهة الإدارة بإنذار
المطعون ضده قبل إصدارها قرار بإنهاء خدمته الأمر الذي يشوب هذا القرار بالبطلان.
وبجلسة 12/ 9/ 2002 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين أن استعرضت المحكمة المادة
من القانون رقم 47لسنة1978 الصادر بنظام العاملين المدنيين بالدولة وحكم المحكمة
الإدارية العليا الدائرة المنصوص عليها في المادة مكرراً من قانون مجلس الدولة
رقم 47لسنة1972 المعدل بالقانون رقم 136لسنة1984 الصادر في الطعن رقم 395لسنة27ق جلسة
2/ 3/ 1986 والذي أكد على ضرورة إنذار العامل قبل إنهاء خدمته بسبب انقطاعه عن العمل
باعتباره إجراء جوهرى يستهدف الوقوف على إصرار العامل وعزوفه عن العمل وأضاف أن هذا
الإنذار يجب أن يكون في عبارات واضحة وصريحة لا غموض أو لبس فيها……" شيدت قضائها على
أن الجهة الإدارية قد أصدرت قرارها المطعون فيه دون أن تنذره على النحو الذي أوجبته
المادة من القانون رقم 47لسنة1978 الصادر بنظام العاملين المدنيين بالدولة إذ
اقتصرت على إخطاره بضرورة التوجه للقومسيون الطبي لتوقيع الكشف الطبي عليه والعودة
لاستلام العمل دون أن تحذره من مغبة انقطاعه وتعلمه بما يتخذ حياله من إجراءات بسبب
هذا الانقطاع والذي سيؤدي إلى إنهاء خدمته مما يعم هذا القرار بمخالفة القانون وقضت
بإلغائه.
ولم يرتض الطاعنان هذا القضاء وقد شيدا طعنهما الماثل على سند من القول بأن الحكم محل
الطعن صدر مشوباً بالخطأ في القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك لأن الثابت من الأوراق
أن المطعون ضده انقطع عن العمل بتاريخ 12/ 3/ 2000 وأبلغ بمرضه في 1/ 10/ 2000 وتم
تحويله إلى اللجنة للجلسات الطبية المنعقدة في 28/ 6/ 2000، 4/ 10/ 2000، 7/ 10/ 2000
ووردت النتائج بأنه لم يحضر أي من هذه الجلسات ولما كانت التعليمات الصادرة من مديرية
التنظيم والإدارة بسوهاج تقضي بأنه في حالة إبلاغ العامل جهة الإدارة بمرضه أكثر من
مرة ولم يتوجه للقومسيون الطبي لتوقيع الكشف عليه وعدم إبلاغه بعدم قدرته على الانتقال
فإنه يتعين على جهة الإدارة إنذار العامل كتابة لعودته للعمل وإلا ستتخذ إجراءات إنهاء
خدمته للانقطاع وقد قامت الجهة الإدارية بإنذار المطعون ضده على عنوانه المدون بملف
خدمته للعودة إلى العمل وإلا تتخذ إجراءات إنهاء خدمته للانقطاع بكتابها رقم 13 بتاريخ
23/ 10/ 2000 إلا أنه لم يحضر لاستلام عمله كما لم يقدم أسباباً تبرر انقطاعه بالرغم
من إنذار ه فأصدرت قرارها بإنهاء خدمته ومن ثم صدر هذا القرار متفقاً والواقع والقانون
ويكون الحكم الطعين إذ قضى بإلغائه فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين إلغائه.
ومن حيث إن المادة (98/ 1، 2) من القانون رقم 47لسنة1978 الصادر بنظام العاملين المدنيين
بالدولة على أنه "يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالات الآتية:
إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة
عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول وفي هذه الحالة يجوز للسلطة المختصة
أن تقرر عدم حرمانه من أجره عن مدة الانقطاع إذا كان له رصيد من الأجازات يسمح بذلك
وإلا وجب حرمانه من أجره عن هذه المدة فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو
قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوماً غير متصلة
في السنة وتعتبر خدمته منتهية في هذه الحالة من اليوم التالي لاكتمال هذه المدة وفي
الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في الحالة
الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه "يجب لاعتبار العامل مقدماً لاستقالته مراعاة
إجراء شكلي مؤداه إلزام جهة الإدارة بإنذار العامل كتابة بعد انقطاعه عن العمل وهذا
الإجراء الجوهري القصد منه أن تستبين الجهة الإدارية مدى إصرار العامل على تركه العمل
وعزوفه عنه وفي ذات الوقت إعلانه بما يراد اتخاذه من إجراء حياله بسبب انقطاعه عن العمل
وتمكينه من إبداء عذره قبل اتخاذ هذا الإجراء حتى لا يفاجئ بإعمال قرينة الاستقالة
وإنهاء خدمته في الوقت الذي لا يرغب فيه في الاستقالة وأنه كان لديه من الأعذار ما
يبرر الانقطاع وأنه يتعين أن يكون الإنذار قاطعاً وصريحاً في عباراته بأنه سيتم إنهاء
خدمة العامل إذا لم يعد إلى عمله حتى يكون على بصيرة بالآثار الخطيرة المترتبة على
انقطاعه عن العمل (الطعن رقم 2342لسنة42ق.ع جلسة 17/ 11/ 2001)
ومن حيث إنه وبإعمال المبادئ المتقدمة على واقعة الطعن الماثل يبين أن المطعون ضده
يعمل بوظيفة كاتب بمستشفى التكامل ويشغل الدرجة الأولى وعلى أثر صدور قرار بنقله من
المستشفى المذكورة إلى ديوان المديرية امتنع عن تنفيذ هذا القرار وأبلغ بمرضه في 1/
10/ 2000 وتم تحويله إلى اللجنة الطبية الفرعية بسوهاج حيث حددت له جلسة 4/ 10/ 2000
لتوقيع الكشف الطبي عليه وتم إخطاره بذلك إلا أنه عزف عن حضور جلسة الكشف الطبي وحددت
له جلستين أخرتين بتاريخي 28/ 10/ 2000، 7/ 12/ 2000 إلا أنه ظل ممتنعاً عن المثول
للكشف الطبي وذكرت الجهة الإدارية أنه تم إنذاره في صلب خطابات التحويل للكشف الطبي
الموجهة له بتواريخ 28/ 10/ 2000، 7/ 12/ 2000، 28/ 2/ 2001 دون جدوى وعليه أصدرت الجهة
الإدارية القرار رقم 635لسنة2001 بإنهاء خدمته للانقطاع اعتباراً من 1/ 10/ 2000.
ومن حيث إنه الثابت من صورة الإنذار المرفق بالأوراق أنه تضمن إخطار المطعون ضده لسرعة
التوجه لتوقيع الكشف الطبي عليه يوم 28/ 10/ 2000 والعودة لاستلام عمله.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية العليا كونها تتبوأ قمة تدرج القضاء الإداري فهي التي
تضطلع بمهمة تحديد أوجه التطبيق الدقيق للقانون وتحديد مفاهيمه وإرساء مبادئه من خلال
ما تصدره من أحكام، تقتدي بها سائر المحاكم الإدارية كما تتقيد بها المحكمة الإدارية
العليا ذاتها وتسهر على توحيد ما عسى أن يتعارض فيما بينها على نحو يجعل من مبادئها
منهجاً للقضاء وكذا لجهات الإدارة حتى تسلك السبيل القويم عند إصدارها لقراراتها وبما
ينأى بها عن الزج في ساحات القضاء وهو ما ينتهي إلى انتظام سير المرافق العامة بإضطراد
وذلك بالحد من اختصام العاملين للقرارات التي تمس مراكزهم القانونية.
ومن حيث إن الإخطار الذي وجهته الجهة الإدارية للمطعون ضده كان من أجل إعلامه بميعاد
جلسة الكشف الطبي الذي سيوقع عليه في اللجنة الطبية المختصة ثم ليعود لاستئناف قيامه
بعمله وقد خلى هذا الإخطار مما يفيد تبصير المطعون ضده بالعواقب المترتبة على انقطاعه
وما تنوي الجهة الإدارية اتخاذه حياله من إجراءات سواء كان بإنهاء خدمته أو بإحالته
إلى المحاكمة التأديبية في عبارات واضحة وصريحة فإن هذا الإخطار لم يحمل مفهوم الإنذار
بالمعنى الذي قصده المشرع في المادة المشار إليها من قانون نظام العاملين المدنيين
بالدولة رقم 47لسنة1978 كما أنه لا يتماشى وما جرت عليه أحكام القضاء السابق الإشارة
إليها الأمر الذي يعد معه قرار إنهاء خدمة المطعون ضده قد صدر مخالفاً للقانون.
ومن حيث أن الحكم الطعين قد قضى بإلغاء قرار إنهاء خدمة المطعون ضده لتخلف شرط الإنذار
فإنه يكون قد صادف صحيح القانون وبمنأى عن الإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر دعواه يلتزم مصروفاتها عملاً بالمادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت الحكمة: بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين
بصفتهما المصروفات.
صدر هذا الحكم وتلي عناً في يوم السبت من شهر لسنة 1427 ه الموافق 4/ 11/ 2006 ميلادية
بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
