المحكمة الادارية العليا – الطعن الأول رقم 10377 لسنة 49ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثانية
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد أحمد عطية إبراهيم – نائب
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة/ بخيت محمد إسماعيل – نائب رئيس مجلس الدولة
/ بلال أحمد محمد نصار – نائب رئيس مجلس الدولة
/ منير عبد الفتاح غطاس – نائب رئيس مجلس الدولة
/ د. حسين عبد الله قايد – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد الوهاب السيد عبد الوهاب – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوي – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
الطعن الأول رقم 10377 لسنة 49ق. عليا
المقام من
1- وزير التعليم بصفته
2- محافظ القاهرة بصفته
ضد
أشرف محمد عباس
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الدائرة التاسعة) في الدعوى رقم 7653 لسنة
53 فيما قضي به من قبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه
من إنهاء خدمته المدعي مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية إبان تؤدي
للمدعي تعويضا مقداره جنيه والمصروفات.
والطعن الثاني رقم 10487 لسنة 49ق. عليا0
المقام من
أشرف محمد عباس
ضد
1- وزير التعليم بصفته
2- محافظ القاهرة بصفته الرئيس الأعلى للعاملين بمديرية التربية والتعليم بمدينة نصر
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الدائرة التاسعة) في الدعوى رقم 7653 لسنة
53 السالف ذكرهما فيما قضي به من إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي للمدعي تعويضا مقداره
جنيه فقط0
الإجراءات
بالنسبة للطعن رقم 10377 لسنة 49ق. عليا
إنه في يوم الثلاثاء الموافق 17/ 6/ 2003 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن
الطاعنين بصفتيهما تقرير هذا الطعن قلم كتاب هذه المحكمة طعناً على الحكم الصادر من
محكمة القضاء الإداري بالقاهرة-الدائرة التاسعة-في الدعوى رقم 7653 لسنة 53 بجلسة 21/
4/ 2003 فيما قضي به من قبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما
تضمنه من إنهاء خدمة المدعي (المطعون ضده آنذاك) وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت
الجهة الإدارية للمدعي تعويضا مقداره ألف جنيه والمصروفات.
وطلب الحاضر عن الطاعنين بصفتيهما في ختام تقرير طعنه واستناداً لما جاء به من أسباب
تحديد أقرب جلسة أمام الدائرة المختصة بفحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم
المطعون فيه وإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لتقضي:
أولاً: بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً.: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض دعوى المطعون ضده
وإلزامه المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد حضر المطعون ضده جلسات فحص الطعون.
وأما عن الطعن الثاني فإنه في يوم الخميس الموافق 19/ 6/ 2003 أودع الأستاذ/ صبري محمد
أحمد عبد الرحمن المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيل عن الطاعن
(أشرف محمد عباس) تقريرا بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة
(الدائرة التاسعة) في الدعوى رقم 7653 لسنة 53 بجلسة 21/ 4/ 2003 فيما قضي به من إلزام
الجهة الإدارية بأن تؤدي للمدعي (الطاعن) تعويضاً قدره ألف جنيه.
وطب الطاعن استناداً للأسباب الواردة في ختام تقرير طعنه إحالة الطعن إلى دائرة فحص
الطعون لتأمر بإحالته لدائرة الموضوع لتقضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل حكم
محكمة القضاء الإداري المشار إليه فيما تضمنه من إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي له
تعويضاً مقداره ألف جنيه وتعديله بالزيادة ليصبح مائة ألف وثماني مائة جنيها مصريا
وإلزام المطعون ضدهما بصفتيهما المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي
وقد أعلن الطعن قانوناَ للمطعون ضدهما.
وقد أحيل الطعنين إلى دائرة فحص الطعون وتدوولا جلساتها على النحو الثابت بمحاضرها
إلى أن قررت إحالتهما إلى دائرة الموضوع لنظرهما بجلسة 14/ 10/ 2006 وفيها قررت دائرة
الموضوع إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه
لدى النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية فإنهما يكونا مقبولين شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعنين فإنه يخلص في أن المدعو أشرف محمد عباس أقام الدعوى رقم
7653 لسنة 53ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة وقال شرحاً لها أنه يشغل وظيفة مدرس
فلسفة بمدرسة صقر قريش الثانوية بنين (التابعة لإدارة مدينة نصر التعليمية) الدرجة
الثانية التخصصية وبتاريخ 11/ 3/ 1999 أصدرت الإدارة المذكورة القرار رقم 39 في 11/
3/ 1999 بإنهاء خدمته لانقطاعه عن العمل بدون ترخيص وذكر أنه علم بالقرار المشار إليه
في 30/ 3/ 1999 وتظلم منه في 18/ 4/ 1999 وقيد تظلمه تحت رقم 1081 ونعي على القرار
الطعين مخالفته للمادة من القانون رقم 47 لسنة 1978 الصادر بنظام العاملين المدنيين
بالدولة بدعوى أنه لم يتم إنذاره قبل صدور هذا القرار وذلك لأنه وصل إليه ثلاثة إنذارات
موضحاً بها أيام غيابه ولا يمت صلة للإنذار الذي قصدته المادة من القانون المشار
إليه واستطرد قائلا بأن الجهة الإدارية ذكرت إليه أنه انقطع من عمله يوما في حين
أنه لم يغب سوى يوماً حيث كان في أجازة مرضية في الفترة من28/ 11/ 1998 حتى 3/
12/ 1998 وقد أدخلت يومي 28، 29/ 11/ 1998 ضمن أيام الغياب حال كونه كان في أجازة مرضية
وقد اختصم المذكور في هذه الدعوى وزير التعليم بصفته ثم اختصم محافظ القاهرة بجلسة
20/ 5/ 2002 واختتم عريضة دعواه بطلب قبول الدعوى شكلاً ووقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون
فيه رقم 39 لسنة 1999 فيما تضمنه من إنهاء خدمته للانقطاع وما يترتب على ذلك ن آثار
أهمها اعتبار مدة خدمته متصلة وتعويضه عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته وإلزام
جهة الإدارة المصروفات.
وقد تصدت محكمة القضاء الإداري (الدائرة التاسعة) لهذه الدعوى وقضت بقبول الدعوى شكلاً
وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء خدمة المدعي مع ما يترتب
على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية بأن تؤدي للمدعي تعويضا مقداره (1000جنيه) ألف
جنيه والمصروفات.
وقد شيدت المحكمة المذكورة قضائها بعد أن استعرضت المادة من قانون نظام العاملين
المدنيين بالدولة المشار إليه على أن المشرع تطلب ضرورة مراعاة إجراء جوهري قبل القدوم
على إنهاء خدمة العامل وهو الإنذار كتابة وذلك بقصد الوقوف على إصرار العامل على تركه
وعزوفه عنها وفي ذات الوقت إعلامه بما يراد اتخاذه ضده بسبب انقطاعه وتمكيناً له من
إبداء عذره فإذا لم يقدم العامل خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه
كان بعذر مقبول أو قدم أسباباً ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل
وأشار إلى حكم دائرة توحيد المبادئ في الطعن رقم 395 لسنة 27ق جلسة 2/ 3/ 1986 وأضاف
الحكم أن هذا الإنذار يجب أن يكون على العنوان الثابت بملف خدمة العامل ويجب أن تكون
عبارات الإنذار دالة على أن الجهة الإدارية ستقوم بإنهاء خدمته في حالة استمرار انقطاعه
أما إذا جاءت عبارات الإنذار غير محددة وحاله بأن يذكر فيه بأنه ستتخذ ضد العامل الإجراءات
القانونية دون أن توضح الجهة الإدارية عن نوع الإجراء القانوني الذي تزمع اتخاذه ضده
فإن هذه الصيغة لا يمكن أن تنصرف إلى الإفصاح عن الاتجاه إلى إنهاء خدمة العامل ولا
تحقق الغرض من الإنذار وذهبت المحكمة إلى القول بأن الإنذارين الموجهين إلى المذكور
في 19/ 3/ 1998 و23/ 9/ 1998 لم تبين فيها الجهة الإدارية نيتها في إنهاء خدمته ومن
ثم يكون قرار إنهاء خدمته مشوباً بعيب مخالفة القانون ويتعين القضاء بإلغائه فيما تضمنه
من إنهاء خدمة المذكور وأما عن طلب التعويض فقد ذكرت المحكمة أن الخطأ ثابت في جانب
الجهة الإدارية بعد أن انتهت المحكمة لمخالفة قرارها للقانون كما أن أصابته أضرار مادية
وأدبية تمثلت في حرمانه من مورد رزقه وتكبده نفقات إقامته لدعواه من رسوم وأتعاب محاماة
فضلاً عن الآلام النفسية والإحساس بالظلم الواقع عليه وأحاطته بالشكوك بسبب إنهاء خدمته
وازدراء المجتمع له باعتباره فقد وظيفته وقد ارتبطت هذه الأضرار بالقرار الذي كان محل
طلب الإلغاء برابطة السببية وقضت بحكمها المشار إليه سلفاً ولم يرتض المدعي عليهما
بصفتيهما في هذه الدعوى هذا القضاء كما لم يرتضيه بدوره المدعي فيها فبادر المدعي عليهما
بالطعن عليه بالطعن رقم 10377 لسنة 49ق. عليا كما بادر المدعي فيها بالطعن عليه بالطعن
رقم 10487 لسنة 49ق. عليا.
وقد شيدا الطاعنان طعنهما قم 10377 لسنة 49ق. عليا على أن الحكم الطعين صدر مخالفاً
للقانون وشابه خطأ في تطبيقه وتأويله وقد أشار هذا الطعن إلى حكم دائرة توحيد المبادئ
في الطعن رقم 229 لسنة 29 بجلسة 12/ 4/ 1986 والذي جاء فيه أن الاستقالة الضمنية تقوم
على اتخاذ موقف ينبئ عن انصراف نية العامل وبما لا يدع مجالاً للشك في دلالته على حقيقة
المقصود ويتمثل هذا الموقف في الإضرار على الانقطاع عن العمل وقد أخذ المشرع هذا الأمر
في حسبانه عند صياغته لنص المادة بقوله "يعتبر العامل مقدماً استقالته…".
وذكر الطاعنان أن الجهة الإدارية قامت بإنذار المذكور في 21/ 3/ 1998 و23/ 9/ 1998
ووقع بالعلم بخط يده على استلام الإنذارين ثم انقطع عن عمله لمدة يوماً متجاوزاً
المدة المقررة قانوناً فإن ظروف الحال تدل على رغبة المطعون ضده في هذا الطعن في هجرة
للوظيفة وقد استوفي الإنذاران شكلهما ومضمونهما القانوني فإن القرار الصادر بإنهاء
خدمته يكون متفقاً مع القانون ومن ثم ينتفي ركن الخطأ في جانب الإدارة فضلاً عن انتفاء
الضرر المادي والأدبي قبل المطعون ضده لأنه أن الأخير تسبب في إصدار هذا القرار بانقطاعه
عن العمل فضلاً عن أن إلغاء القرار لعيب شكلي لا يكون سبباً للتعويض مما يقتضي رفض
طلب التعويض واختتم الطاعنان عريضة طعنهما بما سلف ذكره من طلبات.
وأما عن الأسباب التي شيد عليها الطعن رقم 10487 لسنة 49ق. عليا فإنها تركزت على بيان
صدر الضرر المادي التي أصابت الطاعن وتتمثل في نفقات إقامة دعواه وتبلغ 3000 جنيه ومرتبه
خلاف فترة فصله التي تقارب أربع سنوات ونصف السنة ويبلغ راتبه الشهري جنيها شهريا
أي 700 × 54 شهراً = 37800 جنيهاً ومكافأة الامتحان وتبلغ سنوياً ما يعادل ألفي جنيه
أي 5 سنوات × 2000 = 10000 جنيه لتصبح جملة الأضرار المادية التي أصابته جنيه
(خمسون ألف وثماني مائة جنيه) هذا بالإضافة إلى الأضرار الأدبية والنفسية الجسيمة والتي
تمثلت في ازدراء جبرانه وأصلاً به وأهله له بسبب فقده لوظيفته حيث أصبح عاطلا لاسيما
وأنه لا يستطيع أن يمارس عملا غير التدريس فتقدر الأضرار الأدبية بمبلغ خمسون ألف جنيه.
ومن حيث إنه بالنسبة لما نعاه الطاعنين في الطعن رقم 10377 لسنة 49ق. عليا على الشق
الخاص بإلغاء قرار إنهاء الخدمة من مخالفة للقانون فإن هذا السبب مردود عليه بأن المادة
من القانون رقم 47 لسنة 1978 الصادر بنظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على
أنه "يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالات الآتية:
1-إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة
عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول وفي هذه الحالة يجوز للسلطة المختصة
أن تقرر عدم حرمانه من أجره عن مدة الانقطاع إذا كان له رصيد من الأجازات يسمح بذلك
وإلا وجب حرمانه من أجره عن هذه المدة فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو
قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2-إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوماً غير متصلة في
السنة وتعتبر خدمته منتهية في هذه الحالة من اليوم التالي لاكتمال هذه المدة وفي الحالتين
السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في الحالة الأولى وعشرة
أيام في الحالة الثانية… ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في جميع الأحوال إذا كانت
قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل..".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن "أعمال حكم المادة المتقدم ذكرها لاعتبار
العامل مقدماً استقالته يتطلب مراعاة إجراء شكلي حاصلة أن تكون الجهة الإدارية قامت
بإنذار العامل كتابة بعد خمسة أيام من انقطاعه عن العمل إذا كان بغير إذن أكثر من خمسة
عشر يوماً متتالية وعشرة أيام إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من ثلاثين يوماً غير
متصلة وهذا الإجراء جوهري القصد منه أن تتبين الجهة الإدارية إصرار العامل على تركه
العمل وعزوفه عنه وفي ذات الوقت إعلانه عما يرى اتخاذه من إجراء حيال انقطاعه عن العمل
وتمكيناً له من إبداء عذره قبل اتخاذ الإجراء وأضاف هذا القضاء بأن ما يتضمنه من الإنذار
من اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة عبارة غير محددة إذ أنها تؤول إلى اتجاه الإدارة
إلى إنهاء الخدمة بالاستقالة الضمنية فإنها قد تنصرف كذلك إلى اتخاذ إجراء قانوني آخر
كالنظر في أمره تأديبيا".
(الطعن رقم 2151 لسنة 33ق جلسة 10/ 1/ 1989).
ومن حيث إنه وبإعمال ما تقدم في شأن الواقعة المعروضة يبين أن المدعو/ أشرف محمد عباس
(المطعون ضده في الطعن رقم 10377 لسنة 49ق) كان يعمل مدرساً لمادة الفلسفة بمدرسة الملك
فهد الثانوية ثم نقل إلى مدرسة صقر قريش وتسلم العمل بها اعتباراً من 24/ 9/ 1998 وقد
انقطع المذكور عن عمله إبان عمله بمدرسة الملك فهد الثانوية لفترات غير متصلة بلغت
جملتها أحد وعشرون يوماً وقد تم إنذاره بإنذارين تضمن كل منهما أنه "سوف تتخذ الإجراءات
القانونية حياله" ثم انقطع عن العمل بعد الإنذار الأخير لفترات متفرقة حتى 30/ 12/
1998 فأصدرت الجهة الإدارية القرار رقم 439 في 11/ 3/ 1999 بإنهاء خدمته للانقطاع.
ومن حيث إنه ولئن كانت الجهة الإدارية قامت بإنذار المطعون ضده مرتين حسبما سبق البيان
وقد تضمن كلاهما أن الجهة الإدارية سوف تتخذ الإجراءات القانونية حيال المطعون ضده
فإن هذين الإنذارين لم يحققا الغاية التي توخاها المشرع وسعي إليها من جراء إلزام الجهة
الإدارية باتخاذ هذا الإجراء لتبصيرالعامل لما عسي أن يتخذ حياله من إجراءات أم بإنهاء
خدمته أو بإحالته إلى المحاكمة التأديبية على نحو واضح وقاطع وصريح وذلك لأن العبارة
التي حواها الإنذارين يحتمل تفسيرها اتخاذ أيا من الإجراءين المشار إليها في صلب المادة
المشار إليها فإنهما بهذه المثابة قد تجردا من مفهوم الإنذار وفقاً للمادة المشار إليها ويضحي القرار الصادر بإنهاء الخدمة بالبناء على ذلك كأنه صدر دون أن يسبقه
إنذارا الأمر الذي بصمه بمخالفة القانون ويستوجب إلغائه وإذ انتهج الحكم الطعين هذا
النهج فإن يكون قد صادف التطبيق الصحيح للقانون وبمنأى من الإلغاء.
ومن حيث إنه عما ينعاه الطاعنان على ما قضي به الحكم الطعين من تعويض المطعون ضده بمبلغ
ألف جنيه تعويضاً عما لحقه من أضرار مادية وأدبية من صدور هذا الحكم مخالفاً للقانون
ومشوباً بالخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك تأسيساً على انتفاء ركن الخطأ في جانب الجهة
الإدارية وكذا ركن الضرر بدعوى أن ما ترتب من أضرار كانت وليد انقطاع المذكور عن العمل
مما أدي إلى صدور قرار إنهاء خدمته وفضلاً عن ذلك فإن القرار المشار إليه قد شابه عيب
شكلي وإلغائه لا يوجب القضاء بالتعويض ورداً على هذا الشق من أسباب الطعن على هذا الحكم
فإن الخطأ ثابت قبل الإدارة بما أقدمت عليه من إصدار قرارها بإنهاء خدمة المطعون ضده
دون مراعاة إجراء جوهري أوجبه المشرع وحرص عليه ويترتب البطلان جزاء لعدم مراعاته وأما
عن الأضرار التي ترتبت على صدور هذا القرار وربطت بينهما علاقة السببية فإنه ثبت في
تعيين محكمة الموضوع-وهو ما صادف الواقع-أن القرار الطعين أدي إلى حرمان المطعون ضده
من مصدر رزقه وكبده نفقات التقاضي فضلاً عما لحقه من آلام نفسية وأما عن القول بأن
هذا القرار شابه عيب شكلي لا يؤدي إلى الحكم بالتعويض فهذا مردود عليه بما جرى عليه
قضاء هذه المحكمة من أن "عيب الشكل الذي يشوب القرار فيؤدي إلى إلغائه لا يصح حتماً
بالضرورة أساساً للتعويض ما لم يكن السبب مؤثراً في موضوع القرار فإذا كان القرار سليماً
مضمونه ومحمولاً على أسبابه المبررة له".
ومن حيث إن عيب الشكل الذي شاب قرار الصادر بإنهاء خدمة المدعي جاء مؤثرًا في موضوع
القرار إذ لو تم مراعاة هذا الإجراء الشكلي على النحو الذي تطلبه القانون وجرت عليه
أحكام القضاء المشار إليها أنفاً من ضرورة تبصير العامل بما تتجه إليه نية الإدارة
على نحو واضح وصريح ربما ما كان لهذا القرار أن يخرج إلى حيزا لوجود بمبادرة المطعون
ضده بالعودة إلى عمله الأمر الذي يتعين معه رفض هذا الطعن برمته وأما عن الطعن الثاني
رقم 10487 لسنة 49ق. عليا والذي طالب الطاعن في ختامه بتعديل مبلغ التعويض المقضي به
من محكمة أول درجة ليكون مائة ألف وثماني مائة جنيها مصرياً بدلاً من ألف جنيه وقد
ذكر الطاعن تبريراً لطلب هذه الزيادة بياناً لمصدر الأضرار المادية والأدبية التي لحقت
به من جراء إنهاء خدمته فإنه ولئن كان من الجائز طلب زيادة مقدار التعويض أمام هذه
المحكمة حسبما جرى على ذلك قضائها إلا أن ما ذكره الطاعن من سرد صور الأضرار التي ألمت
به جاء مرسلاً لا يسانده دليل في الأوراق الأمر الذي يتعين معه رفض هذا الطلب أيضاً.
ومن حيث أن من يخسر دعواه يلتزم مصروفاتها عملاً بالمادة مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وألزمت
كل منهما مصروفات طعنه.
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق الخامس والعشرون من نوفمبر سنة2006 ميلادية
و4ذوالقعدة سنة1427هجرية المبينة بصدر هذه الهيئة.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
