أصدرت الحكم الآتيلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثانية- موضوع
بالجلسة المنعقدة برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أحمد أمين حسان
– نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ لبيب حليم لبيب – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ محمود محمد صبحي العطار – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ بلال أحمد محمد نصار – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى سعيد حنفي – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ أسامة الورداني – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوي – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في طلب الرد رقم 12423 لسنة 52 ق
المقام من
محمد توفيق أحمد
ضد
1- السيد الأستاذ المستشار الدكتور عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة الإدارية العليا
2- السيد الأستاذ المستشار الدكتور محمد كمال منير نائب رئيس مجلس الدولة. عضو المحكمة
الإدارية العليا
الإجراءات
في يوم الأحد الموافق 26/ 2/ 2006 أودع السيد/ محمد توفيق أحمد
قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً برد السيد الأستاذ الدكتور عبد الرحمن عثمان
أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة الإدارية العليا والسيد المستشار الدكتور
محمد كمال منير نائب رئيس مجلس الدولة عضو المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الأولى
موضوع – وذلك عن نظر الطعن رقم 10139 لسنة 51ق المقام منه طعناً على الحكم الصادر بجلسة
2/ 4/ 2005 في الدعوى المقامة منه ضد السيد الدكتور محافظ البنك المركزي والسيد الدكتور
رئيس مجلس الوزراء رقم 13637 لسنة 57ق والقاضي برفض الدعوى وبإلزامه بالمصروفات.
وقد تحدد لنظر طلب الرد أمام الدائرة الثانية عليا موضوع جلسة 6/ 5/ 2006 وفيها مثل
طالب الرد بوكيل وقدم حافظة مستندات ومذكرة صمم فيها على الحكم له بطلباته. وبجلسة
3/ 6/ 2006 قررت المحكمة حجز طلب الرد لإصدار الحكم فيه بجلسة اليوم. وفيها أصدرت الحكم
وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 13/ 3/ 2003
أقام طالب الرد بصفته رئيس مجلس إدارة شركة الأسواق المالية للصرافة ضد السيد محافظ
البنك المركزي والسيد رئيس مجلس الوزراء الدعوى رقم 13637 لسنة 57 ق أمام محكمة القضاء
الإداري – الدائرة الثانية عشر – بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بالترخيص
للشركة المدعية بالتعامل في النقد الأجنبي وشطب قيدها من سجل البنك المركزي المعدل
مع ما يترتب على ذلك من آثار. وذكر شرحاً لدعواه أنه نسب إلى الشركة مخالفة القواعد
المنظمة لنشاط الصرافة فأصدر السيد محافظ البنك المركزي قراره المطعون عليه بإلغاء
القرار الصادر بالترخيص للشركة بالتعامل في النقد الأجنبي وبشطب قيدها من سجل البنك.
ونعى المدعي على هذا القرار مخالفته للقانون لصدوره من غير مختص وأنه جاء مشوباً بالتعسف
وإساءة استعمال السلطة. وبجلسة 1/ 11/ 2003 قضت المحكمة المذكورة برفض طلب وقف تنفيذ
القرار المطعون فيه وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي
القانوني. وإذ أودعت الأخيرة تقريراً ارتأت فيه الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات
فقد أعيد نظر الدعوى – على النحو المبين بمحاضرها – وبجلسة 2/ 4/ 2005 قضت المحكمة
برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات. وأقامت قضاءها بعد أن إستعرضت نصوص المواد 2،
6، 7 من قانون تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي رقم 38 لسنة 1994 والمادتين 13 و 14 من
اللائحة التنفيذية للقانون المذكور على أن الأصل في التعامل في النقد الأجنبي انما
يكون للمصارف المعتمدة إلا أن المشرع في القانون رقم 38 لسنة 1994 أجاز للوزير المختص
الترخيص في هذا النشاط لجهات غير المصارف شريطة أن تلتزم هذه الجهات بقواعد وإجراءات
هذا التعامل وفقاً للقرار الذي يصدره الوزير المختص في هذا الشأن. وهى قواعد وإجراءات
تهدف في مجملها إلى تطوير أسس هذا النشاط على وجه يقيم التوائم بين سياسة الانفتاح
الاقتصادي واستقرار سعر الصرف. وأنه إذ كان المشرع قد أضفى المشروعية على تجارة العملة
خارج البنوك والمصارف المعتمدة فإنه يتعين على الشركات المرخص لها في هذا التعامل أن
تكون رائدة في عملها وأن تساهم في دفع عجلة الاقتصاد القومي والمحافظة على العملة الوطنية.
وأنه نظر لخطورة النشاط الذي تباشره هذه الشركات فإن المشرع لم يقتصر على أن النص على
العقوبات الجنائية التي توقع على المخالفين. وأنما أناط بالوزير المختص اتخاذ إجراءات
إدارية في حالة مخالفة تلك الشركات للقواعد والإجراءات المنظمة للعمل في النقد الأجنبي.
وتندرج هذه الإجراءات – حسب نوع المخالفة ومدى خطورتها- بإيقاف الترخيص لمدة لا تجاوز
سنة. وفى حالة تكرار المخالفة يتم إلغاء الترخيص الممنوع للشركة. وأن المشرع لم يستلزم
لإلغاء الترخيص أن تكون المخالفة جسيمة أو من ذات نوع المخالفة التي سبق للشركة ارتكابها
فإن مجرد تكرار ارتكاب المخالفة أمر يسوغ معه لجهة الإدارة إصدار قرار بإلغاء الترخيص
سواء كانت المخالفة التي توافر بها التكرار بسيطة أو جسيمة أو من ذات نوع المخالفة
السابقة أو تختلف عنها، على أنه في جميع الأحوال يلزم لمشروعية قرار إلغاء الترخيص
– في حالة تكرار المخالفة – أن تثبت صحة المخالفة وأن يكون قد سبق صدور قرار بوقف ترخيص
الشركة لمخالفة أو مخالفات ارتكبتها. لأن مجرد ارتكاب الشركة لعدد مخالفات لا يسوغ
إصدار قرار بإلغاء الترخيص طالما أنه لم يسبق إصدار قرار أو قرارات بوقف الترخيص لمخالفة
أو مخالفات ارتكبتها الشركة. وبالتالي فإن سابقة إصدار قرار أو قرارات بوقف ترخيص الشركة
لمخالفة ومخالفات ارتكبتها يعد بمثابة الإجراء الجوهري اللازم توافره لصحة قرار إلغاء
ترخيص الشركة في حالة تكرار المخالفة. وأضافت المحكمة أن السيد رئيس الجمهورية أصدر
القرار رقم 415 لسنة 2001 وفيه أناط بالسيد رئيس الوزراء ممارسة اختصاصات وزير الاقتصاد
في بعض القوانين ومنها القانون رقم 38 لسنة 1994 ثم أصدر السيد رئيس مجلس الوزراء القرار
رقم 245 لسنة 2002 الذي فوض بمقتضاه محافظة البنك المركزي في مباشرة اختصاصات الوزير
المختص المنصوص عليها في ذلك القانون. ومن ثم فإن القرار المطعون عليه وقد صدر من محافظ
البنك المركزي فإنه يكون قد صدر ممن يملك حق إصداره بعد أن ثبت أن قرار رئيس مجلس الوزراء
استند إلى أحكام القانون رقم 42 لسنة 1967 في شأن التفويض في الاختصاصات وبالتالي فإنه
لا تثريب على المسند إليه إذا أسند إلى محافظ البنك المركزي اختصاصات وزير الاقتصاد.
وأضافت المحكمة أن الثابت من الأوراق أنه أجرى تفتيش على الشركة المدعية بتاريخ 28/
10/ 2003 أسفر عن عدم التزام الشركة بسعر الصرف المبلغ إليها من البنك العربي بالنسبة
لعمليات بيع وشراء اليورو وقد ثبتت هذه المخالفات في حقها وتعد إخلالاً منها بالقواعد
المنظمة لنشاط الصرافة. وإذ كان الثابت أيضاً أنه سبق توقيع عقوبات مختلفة على الشركة
وقد أقرت بها ومن ثم فإن شرط التكرار يكون متوافراً وبالتالي فإن القرار المطعون عليه
يكون قائماً على سببه المبرر له ويضحى الطعن عليه في غير محله جدير بالرفض.
ولم يرتض طالب الرد هذا القضاء فبادر إلى الطعن عليه بتقرير أودعه قلم كتاب المحكمة
الإدارية العليا بتاريخ 4/ 4/ 2005 ناعياً على الحكم المشار إليه مخالفته للقانون لأن
المشرع وأن كان قد أجاز لرئيس الجمهورية أن يفوض رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء أو المحافظين
في بعض الاختصاصات المخولة له بموجب القوانين العادية فإنه لا يملك هذا التفويض إذا
كان الاختصاص محدداً بقوة القانون وأنه إذا كان القانون رقم 38 لسنة 1994ه الذي منح
السيد وزير الاقتصاد هذا الاختصاص فإن السيد رئيس الجمهورية لا يملك أن يفوض في هذا
الاختصاص لأن مرتبة القانون أعلى من مرتبة قرارات رئيس الجمهورية بقانون. فضلاً عن
أن الحكم الطعين أول نصوص القانون 38 لسنة 1994 تأويلاً مخالفاً لما استقر عليه قضاء
مجلس الدولة من وجوب التناسب بين جسامة الجزاء وموجبه. وقد أعطي هذا الحكم جهة الإدارة
سلطة إلغاء الترخيص لمجرد تكرار المخالفة دون اشتراط أن يكون الترخيص قد سبق إيقافه
لمدة سنة.
وقد قيد الطعن برقم 10139 لسنة 51 ق وعرض على دائرة فحص الطعون فقررت بجلستها المعقودة
بتاريخ 16/ 1/ 2006 بإجماع الآراء بإحالة الطعن إلى الدائرة الأولى عليا موضوع لنظره
بجلسة 25/ 2/ 2006 وفيها حضر الطاعن شخصياً ومعه محاميه وطلب رد السيد الأستاذ المستشار
الدكتور رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وقررت المحكمة التأجيل لجلسة 4/ 3/ 2006 لاتخاذ
إجراءات الرد.
وحيث ان طلب الرد يقوم على أن هناك أحكاماً صادرة من الدائرة الأولى عليا يخالف بعضها
البعض وأن المبدأ الذي أرسته يخالف نصوص قانون النقد الأجنبي وهو أمر يستوجب إحالة
الطعن إلى الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972
وإذ سبق لبعض الطاعنين أن تقدموا بتاريخ 8/ 2/ 2006 بطلب لإحالة الطعون المتاحة منهم
إلى الدائرة المشار إليها إلا أن الحكمة لم تستجب إلى هذه الطلبات كما أن السيد الأستاذ
المستشار الدكتور محمد كمال الدين منير كان ضمن تشكيل الدائرة الأولى عليا فحص وموضوع
وهو مستشار لمحافظ البنك المركزي فإنه يعد خصماً وحكماً. وإذا كان الطعنين رقمي 10208
و 10510 لسنة 47ق قد صدر فيهما حكم بإجماع الآراء برفضهما وبالتالي فإنه بات من المؤكد
أن سيادته سيكون ضمن التشكيل الذي ينظر الطعن موضوعاً.
ومن حيث إن المادة الثالثة من مواد إصدار قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على
أن تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون، وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما
لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي.
ومن حيث إنه ومنذ أنشاء مجلس الدولة وحتى اليوم لم يصدر بعد قانون بالإجراءات الخاصة
بالقسم القضائي بمجلس الدولة فإن يتعين أعمال أحكام قانون المرافعات لا سيما وأن المادة
52 من قانون مجلس الدولة قد نصت على أن تسري في شأن رد مستشاري المحكمة الإدارية العليا
ذات القواعد المقررة لرد مستشاري محكمة النقض.
ومن حيث إن المادة 148 من قانون المرافعات تنص على أنه يجوز رد القاضي لأحد الأسباب
الآتية: –
1- إذا كان له أو لزوجته دعوى مماثلة للدعوى التي ينظرها، أو إذا وجدت لأحدهما خصومة
مع أحد الخصوم. أو لزوجته بعد قيام الدعوى المطروحة على القاضي ما لم تكن هذه الدعوى
قد أقيمت بقصد رده عن نظر الدعوى المطروحة عليه.
2- إذا كان لمطلقته التي له منها ولد لأحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب خصومة قائمة
أمام القضاء مع أحد الخصوم في الدعوى أو مع زوجته ما لم تكن الخصومة قد أقيمت بعد قيام
الدعوى المطروحة على القاضي بقصد رده.
3- إذا كان أحد الخصوم خادماً له أو كان هو قد أعتاد مؤاكلة أحد الخصوم أو مساكنته
أو كان تلقى منه هدية قبل رفع الدعوى أو بعده.
4- إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها على استطاعته الحكم بغير
ميل.
ومن حيث إن المادة 151 من ذات القانون تنص على أنه: يجب تقديم طلب الرد قبل تقديم أي
دفع أو دفاع وإلا سقط الحق فيه……… ويجوز طلب الرد إذا حدثت أسبابه بعد المواعيد
المقررة، أو إذا أثبت طالب الرد أنه لم يعلم بها إلا بعد مضي تلك المواعيد.
وتنص المادة 153 على أن يحصل الرد بتقرير يكتب بقلم كتاب المحكمة التي يتبعها القاضي
المطلوب رده، يوقعه الطالب بنفسه، أو وكيله المفوض فيه بتوكيل خاص يرفق بالتقرير. ويجب
أن يشتمل الرد على أسبابه. وأن يرفق به ما قد يوجه من أوراق أو مستندات مؤيدة له. وعلى
طالب الرد أن يودع عند التقرير بالرد ثلاثمائة جنيه على سبيل الكفالة.
وتنص المادة 159 على أن: تحكم المحكمة عند رفض طلب الرد، أو سقوط الحق فيه، أو عدم
قبوله، أو إثبات التنازل عنه على طالب الرد بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على
ألف جنيه ومصادرة الكفالة. وفى حالة ما إذا كان الرد فيها على الوجه الرابع من المادة
148 من هذا القانون يجوز إبلاغ الغرامة إلى ثلاثة آلاف جنيه. وفى كل الأحوال تتعدد
الغرامة بتعدد القضاة المطلوب ردهم.
ومفاد ما تقدم أن جميع أسباب الرد ترجع إلى أصل واحد هو عدم الحياد. وقد جعل المشرع
أسباب رد القضاة جوازية فهي ليست من النظام العام بخلاف حالات التنحي الوجوبي فهي من
النظام العام ويتعين عند توافر أحداها التنحي وإلا كان قضاء القاضي وعمله باطلاً بطلاناً
مطلقاً لا تصححه أجازة الخصوم أو موافقتهم.
ومن حيث إن المشرع قد حدد على سبيل الحصر الأسباب التي يجوز فيها رد القاضي. وهذا الأسباب
تدور في عدة حالات:
الأولى: إذا كان للقاضي أو لزوجته دعوى مماثلة، بمعنى أن تثير دعوى القاضي أو زوجته
نفس المسألة القانونية التي تثيرها الدعوى المطلوب رده عن نظرها لأنه سيميل بطبيعة
الحال إلى حل المسألة على النحو الذي يتفق مع وجهه نظره في دعواه أو دعوى زوجته أو
أنه سيعمد إلى إنشاء سابقة قضائية صالحة له.
الثانية: نشوء خصومة جديدة القاضي أو زوجته مع أحد الخصوم. ويشترط في هذه الخصوم ألا
يكون خصم القاضي أو زوجته قد بدأها بقصد خلق سبب لرد القاضي عن نظر الدعوى.
الثالثة: وجود خصومة قائمة أمام القضاء بين مطلقة القاضي واحد الخصوم. واعتبر المشرع
مطلقة القاضي التي له منها ولد في حكم الأقارب. فإذا كان القاضي قد أنجب من مطلقته
اعتبرت في حكم أقاربه وإصراره على عمود النسب. ويكون هناك سبب للرد إذا كانت بين هذه
المطلقة أو أحد الأقارب خصومة قائمة أمام القضاء مع أحد الخصوم في القضية التي يراد
رده عن نظرها.
الرابعة: الخدمة واعتياد المؤاكلة والمساكنة. فاعتياد المؤاكلة أي تكرار المشاركة في
تناول الطعام ولو على مائدة الغير. والسكني المشتركة طول الوقت أو بعضه أو إذا كان
أحد الخصوم خادماً للقاضي فإن أي حالة من هذه الحالات تصلح أن تكون سبباً للرد.
الخامسة: وجود عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعة الحكم بغير ميل. ويشترط في العداوة
أو المودة أن تكون شخصية، فلا يكفي اتفاق القاضي أو اختلافه مع الخصم في أرائه الفكرية
أو السياسية، ويجب إلا تكون العداوة قد بدأها الخصم مع القاضي بعد رفع الدعوى بقصد
رده عن نظرها. وأخيراً يجب أن تكون المودة أو العداوة من القوة بحيث يستنتج منها أنه
لا يمكن للقاضي أن يحكم بغير ميل. أي أن يكون من شأنها أن تدفعه إلى القضاء بغير حق.
وإذا كانت الحالات السابقة هي الحالات التي أجاز فيها المشرع للخصوم رد القضاة عن نظر
الدعوى فإن معنى ذلك أن خصومة الرد خصومة حقيقية بين طالب الرد والقاضي ترمي إلى تقرير
وجوب التزام القاضي بالتنحي وعدم الصلاحية لنظر الدعوى. وهى خصومة ذات طبيعة قضائية
تهدف إلى صدور حكم يقرر حقاً للمدعي طالب الرد في مواجهة القاضي. وهو حكم يجوز حجية
الأمر المقضي. شأنه شأن أي حكم خاصة في دعوى قضائية.
ومن حيث إن طالب الرد استند في رد السيد الأستاذ المستشار الدكتور عبد الرحمن عثمان
أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة الإدارية العليا على أن محافظ البنك المركزي
أصدر ما يقرب من عشرين قرار بشطب بعض شركات الصرافة، وأن هذه الشركات طعنت على هذه
القرارات، إلا أن محكمة القضاء الإداري قضت برفضهم جميعاً، ورغم أن دائرة فحص الطعون
قبلت ما يقرب من عشرة طعون أقامت هذه الشركات على تلك الأحكام وأمرت بإحالتها إلى الدائرة
الأولى عليا موضوع إلا أن الأخيرة قضت بجلستها المعقودة بتاريخ 4/ 2/ 2006 برفض الطعن
رقم 15496 لسنة 50ق. كما رفضت الطلب المقدم إليها في 8/ 2/ 2006 من رئيس مجلس إدارة
شركة مكة للصرافة ورئيس مجلس إدارة شركة القنال للصرافة بإعادة الطعنين رقمي 18249
لسنة 50ق و 14143 لسنة 50ق إلى المرافعة وإحالة الطعنين إلى الدائرة المنصوص عليها
في المادة 54 مكرر من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972. وقضت بجلستها المعقودة بتاريخ
25/ 2/ 2006 برفض هذين الطعنين. وأنه ما دامت هناك أحكاماً أصدرتها هذه الدائرة تخالف
بعضها البعض وأن هذه الأحكام تخالف ما استقرت عليه المبادئ التي أرستها المحكمة الإدارية
العليا فإن ما استقر عليه قضاء هذه الدائرة يخشى تطبيقه على الطعن المقام منه. كما
أن الدائرة التي يرأسها المستشار المطعون رده أصدرت بعض الأحكام بتأييد قرارات محافظ
البنك المركزي الصادرة بإلغاء القرارات الصادرة بالترخيص لهم بالتعامل في النقد الأجنبي
وبشطب هذه الشركات من سجل الشركات بالبنك المركزي وهو مبدأ يخشى تطبيقه على الطعن المقام
منه.
ومن حيث إن هذه الأسباب ليست من الأسباب التي وردت على سبيل الحق بالمادة 148 مرافعات.
لا سيما وأن إحالة أي طعن إلى دائرة توحيد بالمبادئ إنما هو من اطلاقات الدائرة المنظور
أمامها الطعن. فضلاً عن إبداء السيد المستشار رئيس الدائرة المطلوب رده رأيا قانونياً
في طعن آخر كان منظوراً أمامه ومشاركته في إصدار حكم فيه لا يمكن أن يكون سبباً للرد
في قضية أو طعن أخر منظور أمامه وإلا كان أثر ذلك أن يصبح ممنوعاً من الحكم في أي طعون
متشابهة.
ومن حيث إنه عن السبب الذي ساقه الطلب في رد السيد الأستاذ المستشار الدكتور محمد كمال
منير نائب رئيس مجلس الدولة وعضو المحكمة الإدارية العليا – فحص وموضوع من أنه يعمل
مستشاراً لمحافظ البنك المركزي ويشارك في نظر الطعون المتاحة ضد البنك المذكور وأنه
بالتالي يعد خصماً وحكماً وأنه من المؤكد ضمن التشكيل الذي ينظر الطعن المقام منه.
ومن حيث إن المادة 88 من القانون رقم 47 لسنة 1972 في شأن مجلس الدولة أجازت ندب أعضاء
مجلس الدولة كل الوقت أو في غير أوقات العمل الرسمية أو إعارتهم للقيام بأعمال قضائية
أو قانونية لوزارات الحكومة ومصالحها أو الهيئات أو المؤسسات العامة وذلك بقرار من
رئيس مجلس الدولة بعد موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية.
وإذ لم يرد بقانون مجلس الدولة أو قانون العاملين المدنين بالدولة ما يفيد حظر هذا
الندب ومن ثم فإن ندب عضو مجلس الدولة للقيام بأي عمل قانوني في الوزارات والمصالح
الحكومية فإنما يتم وفقاً لأحكام القانون.
وإذ كان الهدف من الندب هو تنوير الجهة الإدارية بالأصول القانونية فإنه لا يمكن أن
يؤثر على العضو المنتدب ولا يجعله واقعاً تحت أي مؤثر مادي أو معنوي لأن الندب مؤقت
بطبيعته ويستطيع العضو المنتدب إنهاء ندبه إذا استشعر الحرج في أدائه لعمله طبقاً لما
يمليه عليه ضميره الذي يسره في عمله الأصلي كما أن طلب رد العضو المنتدب مستشاراً للبنك
المركزي لا يكون له وجه قانوناً ولا يقوم سببه المبرر له إلا إذا كان لا مندوحة من
مشاركته في الحكم عن إصداره أما وأن حكم دائرة الموضوع يصدر من خمسة أعضاء منهم الرئيس
وأن الدائرة الأولى عليا موضوع مشكلة من عدد أكثر من خمسة أعضاء بخلاف الرئيس فإن سبب
الرد لا يكون متحققاً في الحالة موضوع التداعي. الأمر الذي يكون معه طلب الرد في هذا
الشق غير مقبول.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة/ أولاً: برفض طلب رد السيد الأستاذ المستشار
الدكتور عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة الإدارية العليا.
ثانياً: بعدم قبول طلب رد السيد الأستاذ المستشار الدكتور محمد كمال منير نائب رئيس
مجلس الدولة وعضو المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الأولى.
وبتغريم طالب الرد ألف جنيه عن كل واحد من المستشارين المطلوب ردهم مع مصادرة الكفالة
وألزمته المصروفات.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم السبت الموافق 28من جماد أول 1427 ه و الموافق
24/ 6/ 2006م. بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
