المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 681 لسنة 47 ق ع
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثانية (موضوع)
بالجلسة المنعقدة علنًا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أحمد أمين
حسان – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ بخيت محمد إسماعيل – نائب رئيس مجلس الدولة/ محمود
محمد صبحي – نائب رئيس مجلس الدولة
/ بلال أحمد محمد – نائب رئيس مجلس الدولة/ مصطفى سعيد حنفي – نائب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسام محمد إكرام – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد رمضان عشماوي – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الأتي
في الطعن رقم 681 لسنة 47 ق. ع
المقامة من
ناصف كامل عوض
ضد
وزير المالية "بصفته".
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري – الدائرة السابعة – في الدعوى رقم 8823 لسنة
52 ق بجلسة 20/ 8/ 2000
الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق 17/ 10/ 2000 أودع الأستاذ/ غبريال إبراهيم
غبريال – المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا، بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم
كتاب هذه المحكمة تقرير طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء – الإداري – الدائرة السابعة
– في الدعوى رقم 823 لسنة 58 ق بجلسة 10/ 8/ 2000 والقاضي بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها
موضوعًا. وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير طعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء له بطلباته السابق له إبدائها أمام محكمة القضاء
الإداري، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات عن الدرجتين.
وتم إعلان الطعن قانونًا للمطعون ضده.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الطاعن في التعويض الذي تقدره
المحكمة لجبر الضرر الذي لحق به مع إلزام الإدارية بالمصاريف عن درجتي التقاضي وتدوول
الطعن أمام الدائرة الثانية عليا لفحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى
أن قررت بجلسة 22/ 11/ 2004 إحالته إلى دائرة الموضوع بالمحكمة لنظره بجلسة 5/ 2/ 2005
حيث نظر الطعن وتدوول وبجلسة 19/ 11/ 2005 قررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة 28/
1/ 2006 وبهذه الجلسة تقرر إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم 18/ 2/ 2006 حيث صدر الحكم
وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا,
ومن حيث إن الطعن استوفي سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن وقائع هذا الطعن تتحصل حسبما يبين من الإطلاع على أوراقه
في أن المدعي – الطاعن – كان قد أقام الدعوى رقم 8823 لسنة 52 لسنة ق أمام محكمة القضاء
الإداري – الدائرة السابعة – بإيداع عريضتها قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 11/ 8/ 1998
تطلب الحكم بقبولها شكلاً، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع له مبلغ
مائة ألف جنيه تعويضًا له عما لحقه من أضرار مادية ومعنوية – مع إلزام المدعى عليه
بصفته بالمصروفات والأتعاب.
وقال المدعي – الطاعن – شرحًا لدعواه أنه من العاملين بوزارة المالية – وكان قد حصل
علم أجازة بدون مرتب للعلاج في هولندا بعد تقديم ما ثبت مرضه تنتهي في 17/ 11/ 1989
بالقرار رقم 1295 لسنة 1991 رغم تقديمه جميع المستندات العلاجية الموثقة من جهات ركن
بهولندا والسفارة المصرية بها والتي تثبت حاجته لاستكمال العلاج. وعن عودته وعلمه بصدور
قرار بإنهاء خدمة أقام الدعوى رقم 2271 لسنة 46 ق لطلب إلغاء قرار إنهاء خدمته مع ما
يترتب على ذلك من آثار، وقد قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا
فطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 4286 لسنة 39 ق. عليا
فأصدرت المحكمة حكمها بجلسة 28/ 10/ 1997 بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، وتم تنفيذ الحكم
بقرار وزير المالية رقم 1326 لسنة 1998 بتاريخ 19/ 10/ 1998 بإلغاء القرار رقم 1295
لسنة 1991 وما يترتب على ذلك من آثار، وإعادة المدعي إلى عمله.
وانتهى المدعي في دعواه إلى القول بأنه بذلك تعتبر مدة خدمة متصلة، وقد أجيب في جراء
حرمانه في العمل لمدة تزيد على ثمان سنوات بأضرار مادية وأدبية جسيمة تمثلت في حرمانه
في المرتب والحوافز والمكافآت والمنح والأجر الإضافي فضلاً عن حرمانه في الترقية إلى
درجة مدير عام التي يستحقها منذ عام 1991 وحرمانه في فرق المرتب والبدلات المترتبة
على الترقية وما تحمله من مصروفات علاج خلال هذه السنوات نظرًا لحرمانه في الاشتراكات
في صندوق التكافل للعاملين بالوزارة الذي يكفل العلاج وإجراء العمليات الجراحية مجانًا
إضافة إلى ما أصابه من أضرار معنوية ونفسية، لذا فإنه يطلب الحكم له بالطلبات سالفة
البيان.
وبجلسة 20/ 8/ 2000 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه والقاضي بقبول الدعوى
شكلاً ورفضها موضوعًا، وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أنه ولئن كان قضاء المحكمة الإدارية
العليا قد ألغى قرار إنهاء خدمة الطاعن – إلا أن أسباب الحكم وهي جزء منه لا تنفى الخطأ
عن المدعي إذ أثبت الحكم أن المدعي تأخر عام بعد انتهاء أجازته حتى طالب بمد الأجازة
لمدة عام آخر ولم يرفق بمستنداته التي يطلبها القانون ما يترتب المرض – وإن كانت جهة
الإدارة على علم بهذا المرض، ومن ثم فإن الخطأ مشترك بين المدعي – الطاعن – والجهة
الإدارية.
كما وأن الضرر المادي الذي يدعيه الطاعن جبره تنفيذ الحكم الصادر لصالحه أما من حيث
التعويض عن الحوافز والمكافآت والعلاوات التشجيعية…. فإن صرفها له في حالة وجوده
بالخدمة فقد كان ذلك احتماليا وليس مؤكدًا خاصة مع حالة المدعي – الطاعن – المرضية
المتمثلة في إصابته بضعف في الإحساس بالذراع والساق اليمنى والتحرك دون توازن وعدم
القدرة على الرؤية، كما وأن حرمانه في الترقية إلى وظيفة مدير عام فإن الترقية إلى
هذه الوظائف لم يعد الأقدمية قي الدرجة وتقارير الكفاية وذلك طبقًا لأحكام القانون
رقم 5 لسنة 1991.
أما في حيث ما يطالبه به الطاعن من التعويض عن مصروفات وتكاليف العلاج وإجراء العمليات
الجراحية، فإن الثابت من الأوراق أن المدعي قبل إنهاء خدمته لم يكن يعالج على حساب
الدولة أو التأمين الصحي بل كان في أجازة بدون مرتب للعلاج على نفقته الخاصة، ومن ثم
فلا يستقيم ما يدعيه في طلب التعويض عن هذه التكاليف.
ومن حيث إنه طبقًا لما سبق فإن ركن الضرر المباشر ينتفي عن القرار المطعون فيه وينتفي
بالتالي مسئولية جهة الإدارة عن التعويض الذي طالب به المدعي – مما يتعين معه الحكم
برفضه الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله
تأسيسًا على أن الطاعن لم يسهم في الخطأ كما ذهب إلى ذلك الحكم الطعين لأنه وإن تأخر
في تقديم طلب مد الأجازة فقد كان ذلك راجعًا إلى شدة مرضه وإصابته بغيبوبة، كما وأنه
كان يوالي تقديم الطلبات وحرر عشرات الخطابات لمد أجازته وهي محفوظة بملف القضية رقم
2271 لسنة 46 ق.
يضاف إلى ما تقدم أن ملحقات المرتب تصرف دائمًا بانتظام وإجراء لجميع العاملين، كما
وأن ترقيته إلى درجة مدير عام لم تكن أمر احتمالي والدليل على ذلك أنه عندما تحت معالجته
من المرض فقد تولى منصب قيادي تمثل في شغل وظيفة مدير عام الإدارة العامة للمتابعة
بالمديرية المالية ببني سويف. كما وأن قرار إنهاء خدمته ترتب عليه حرمانه من عضوية
صندوق الزمالة للعاملين بالمالية.
ومن حيث إنه طبقًا لما سبق فإن الحكم المطعون فيه وإذ قضى برفض طلب التعويض فإنه يكون
قد خالف القانون مما يتعين الحكم بإلغائه…
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى فإن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الصادرة منها هو
قيام خطأ من جانبها، بأن يكون قرارها غير مشروع أي شابه عيب أو أكثر من العيوب المنصوص
عليها في قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وذلك بأن يحيق بصاحب الشأن ضرورة أن تقوم
علاقة السببين بين هذا الخطأ الصادر من الإدارة والضرر الذي لحق بصاحب الشأن.
ومن حيث إنه عن ركن الخطأ فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن كان قد طعن على
القرار الصادر بإنهاء خدمته رقم 1295 لسنة 1991 بالدعوى رقم 2271 لسنة 46 ق. فأصدر
حكمها برفض الدعوى – فقام بالطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن
رقم 4286 لسنة 39 ق. عليا فقضت بجلسة 28/ 10/ 1997 بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأسست المحكمة الإدارية العليا قضائها على أساس أن منح جهة الإدارة للطاعن أجازة خاصة
بدون مرتب بسبب سوء حالته المرضية وحاجته للعلاج بالخارج على نفقته الخاصة لا يتوقف
ابتداء على ثبوت المرض بالطريق الذي رسمه القانون أو على تقديمه المستندات الموقفة
الدالة على مرضه، ومن ثم فما كان على ذلك أن تعلق موافقتها على مد الأجازة الخاصة الممنوحة
له على تقديمه مستندات موثقة من السلطات المختصة بهولندا أو من القنصلية المصرية لإثبات
حالته المرضية؛ لأنه لم يمنح ابتداءً أجازة مرضية ولم يطلب في النهاية منحه أجازة مرضية
وإنما كان يكفيها في هذا الصدر ما تعلمه يقينيًا عن الحالة المرضية للطاعن وإذ ثبت
من الأوراق إصابة المدعي بأمراض شديدة فإن حالته أنما تقوم أساس لتقدير مدى حاجته إلى
مد الأجازة، كما تقوم عذرًا ويبرر تأخره في طلب مدها في الفترة من 17/ 11/ 1989 تاريخ
الأجازة الخاصة الممنوحة له في 18/ 12/ 1990 تاريخ تقدمه بطلب المد الأمر الذي يحول
دون إنهاء خدمته بسبب الانقطاع خاصة وأن الإدارة لم تبادر خلال هذه الفترة بإنذاره
باعتباره منقطعًا إلا بعد أن طلب منها مد الأجازة في 18/ 12/ 1992 وبناءً على ذلك فإن
قرينة الاستقالة الحكمية المنصوص عليها في المادة من القانون رقم 47 لسنة 1978
تنتفي في حق الطاعن إذ لا يمكن والحال هذه افترض عزوفه عن الوظيفة العامة والقول بعدم
تمسكه بها وبالتالي يكون قرار إنهاء خدمته رقم 1295 لسنة 1991 غير قائم على السبب المبرر
له. وحيث إنه بصدور هذا الحكم تأسيسًا على ما سبق ذكره فإن الخطأ يكون قد توافر في
جانب الجهة الإدارية لإصداره القرار رقم 1295 لسنة 1991 المقضي بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن العذر فإنه ولئن كان الطاعن – المدعي – قد قام بتنفيذ الحكم الصادر
من المحكمة الإدارية العليا بعودته إلى العمل وقامت جهة الإدارة بإصدار القرار رقم
1326 لسنة 1998 بإلغاء القرار رقم 1295 لسنة 1991 إلا أنه ومما لا ريب فيه فإن رجوع
الطاعن بعد ما يقرب من ست سنوات إلى عمله قد أصابه بأضرار مادية ومعنوية. تمثلت في
حرمانه من الفرق بين ما كان يتقاضاه من مرتب وما تقاضاه من معاش طوال تلك الفترة –
وكذلك الاستفادة من المميزات المادية والعلاجية للوظيفة وفرصة الترقية للدرجة الأعلى
خلال تلك الفترة – فضلاً عن التقاضي وهو وأن كان حقًا للكافة إلا أنه يمثل عبئًا ماديًا
على المتقاضي ليس فقط لما يؤديه من رسوم قضائية وإنما يمتد إلى كل ما يتكبده المتقاضي
من جهة ونفقات في سبيل الحصول على حقه.
كذلك فإنه ولئن كان من المقرر أن إلغاء القرار بعد جبر تعويض للطاعن عن الأضرار الأدبية
التي أصابته – إلا أنه من المقرر أيضًا أن حرمان الطاعن طيلة المدة السابقة من شغله
لوظيفته دونما سبب أو مبرر قانوني هو خطأ ترتب عليه إلحاق ضرر أدبي به تمثل في الحزن
والأسى والآلام النفسية التي أصابته من جراء حرمانه من حقه في شغل الوظيفة ومباشرة
مهامها وجنى مزايا طوال تلك الفترة.
ولما كانت تلك الأضرار بنوعيها للخطأ. فمن ثم تتوافر الرابطة السببية بين الخطأ والضرر
– مما يوفر للطاعن الحق في طلب التعويض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف جميع القانون
– ويكون الطعن عليه بالإلغاء قائمًا على ما يبرره، جديرًا بالقبول.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة مرافعات.
– فلهذه الأسباب –
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن مبلغ وقدره (خمسة
آلاف جنيه) كتعويض عن الأضرار التي لحقت به مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
صدر هذا الحكم وتلي علنًا بجلسة يوم السبت الموافق 19 من محرم سنة 1427ه، والموافق
18/ 2/ 2006م بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
