المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 5391 لسنة 44 ق 0 عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثانية
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ احمد أمين
حسان – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ بخيت محمد إسماعيل، لبيب حليم لبيب، بلال أحمد
محمد نصار، مصطفي سعيد حنفي ( نواب رئيس مجلس الدولة )
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ أسامه الورداني – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد رمضان عشماوى – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الأتي
في الطعن رقم 5391 لسنة 44 ق 0 عليا
المقام من
محافظ سوهاج.
ضد
نبيل سليم أبو عمار.
في الحكم الصادر بجلسة 25/ 3/ 1998من محكمة القضاء الإداري – الدائرة الثانية بأسيوط
في الدعوى رقم 742/ 6 ق
الإجراءات
في يوم الخميس الموافق 21/ 5/ 1998 أودعت الأستاذة/ شادية فخري
مفتاح المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة
تقريرا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 5391/ 44ق. عليا وذلك في الحكم الصادر من
محكمة القضاء الإداري – الدائرة الثانية بأسيوط – في الدعوى رقم 742 لسنة6 ق القاضي
بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب علي ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن قبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون
فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن علي النحو المبين من الأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلا، ورفضه موضوعا.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 27/ 1/ 2003 حيث نظر بالجلسة المحددة وما
تلاها من جلسات علي النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر إحالة الطعن إلي دائرة الموضوع
لنظرة بجلسة 24/ 4/ 2004 حيث نظر بالجلسة المحددة والجلسات التالية علي النحو المبين
بمحاضر الجلسات حتى تقرر إصدار الحكم في الطعن بجلسة 11/ 2/ 2006 ثم أرجئ إصدار الحكم
في الطعن إلي جلسة اليوم علي النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبهذه الجلسة صدر الحكم
وأودعت المسودة المشتملة على أسبابه عند النطق به 0
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 742 لسنة 6
ق أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط بصحيفة أودعت سكرتارية المحكمة بتاريخ 27/ 3/ 1995
طالبا في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع الجهة الإدارية
عن إصدار قرارها بتسليمه العمل المعين به وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار، مع ما يترتب
علي ذلك من آثار.
وقال شرحا لدعواه أنه حاصل علي بكالوريوس تربية في عام 1978 وعين بموجبة بمديرية التربية
والتعليم بسوهاج في وظيفة مدرس بالدرجة الثالثة التخصصية بمجموعة وظائف التعليم في
26/ 12/ 1978 وألحق للعمل بمدرسة اعدادية بدار السلام بمحافظة سوهاج، وبتاريخ 29/ 7/
1981 أنقطع عن العمل لظروف مرضية وعاد في أول ديسمبر 1994 لتسلم مهام عمله ورغم عدم
صدور قرار بإنهاء خدمته لم تقم الجهة الإدارية بتسليمه العمل، الأمر الذي حدا به إلي
أقامة دعواه، وقد ردت الجهة الإدارية علي هذه الدعوى بأن المدعي انتهت خدمته بقوة القانون
لانقطاعه عن العمل أكثر من ثلاثة عشر عاما، وبجلسة 23/ 4/ 96 قضت المحكمة بقبول الدعوى
شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبجلسة 25/ 3/ 1998 قضت المحكمة بإلغاء القرار
المطعون فيه مع ما يترتب علي ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت قضاءها علي أنه لا يجوز اعتبار العامل مستقيلا إذا أنقطع عن عمله مدة تزيد علي
خمسة عشر يوما متصلة أو ثلاثين يوما منفصلة إلا بعد إنذاره وهو ما لم يتم مع المدعي
الذي اعتبرت الجهة الإدارية أن خدمته انتهت بقوة القانون بعد انقطاعه بدون أذن أكثر
من ثلاثة عشر عاما.
وإذ لم ترتض الجهة الإدارية حكم محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار المطعون فيه فقد
طعنت عليه بالطعن الماثل الذي بني علي أن استطالة مدة الانقطاع لأكثر من ثلاثة عشر
عاما تنهي خدمة المدعي بقوة القانون بعدما وضحت نيته بعد هذه المدة في هجر وظيفته وأن
تطلب إنذار العامل في مثل هذه الحالة هو إغراق في الشكلية لا مبرر له.
ومن حيث إنه ولئن كانت المحكمة الإدارية العليا ( دائرة توحيد المبادئ ) انتهت في حكمها
الصادر بجلسة 11/ 3/ 2006 إلي اختصاص المحاكم الإدارية بالنظر في طعون الموظفين من
المستوي الثاني والثالث علي القرارات الصادرة بإنهاء خدمتهم للانقطاع، إلا أنه لما
كان الثابت من الأوراق أن محكمة القضاء الإداري أصدرت بجلستها المنعقدة في 23 من أبريل
1996 حكمها في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بقبول الدعوى شكلا ولم يطعن في هذا
الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، ومن ثم يمتنع البحث في اختصاص المحكمة التي أصدرت
الحكم المطعون فيه بالفصل في الدعوى بعدما حسمت هذه المسألة بحكم أصبح باتا بعدم الطعن
عليه.
ومن حيث إنه عن موضوع المنازعة فإن المادة من قانون العاملين المدنيين بالدولة
الصادر بالقانون رقم 47/ 1978 تنص على أن" يعتبر العامل مقدما استقالته في الحالات
الاتيه: –
1- إذا انقطع عن عمله بغير أذن أكثر من خمسه عشر يوما متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة
عشر يوما التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول، وفي هذه الحالة يجوز للسلطة المختصة
أن تقرر عدم حرمانه من أجره عن مدة الانقطاع إذا كان له رصيد من الأجازات يسمح بذلك
وإلا وجب حرمانه من أجره عن هذه المدة، فإذا لم يقدم العامل أسبابا تبرر الانقطاع أو
قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2- إذا انقطع عن عمله بغير أذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوما غير متصلة في
السنة وتعتبر خدمته منتهية في هذه الحالة من اليوم التالي لاكتمال هذه المدة.
وفى الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسه أيام في الحالة
الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية ".
ومؤدى هذا النص أن العامل يعتبر مقدما استقالته ضمنا إذا توافرت القرينة القانونية
المنصوص عليها والتي تقوم علي واقعتين أحدهما إيجابية والأخرى سلبية، أما الواقعة الإيجابية
فحاصلها أن ينقطع العامل عن عمله بغير أذن أكثر من خمسة عشر يوما متتالية أو أكثر من
ثلاثين يوما غير متصلة في السنة، أما الواقعة السلبية التي تنهض عليها قرينة الاستقالة
فهي ألا يقدم العامل خلال الخمسة عشر يوما التالية لانقطاعه مدة خمسة عشر يوما أن انقطاعه
كان لعذر مبرر تقبله جهة الإدارة.
ومن حيث إنه إذا توافرت قرينة الاستقالة المستفادة من الانقطاع عن العمل ولم يقم مانع
يحول دون انفاذ أثرها باتخاذ إجراءات تأديبية ضد العامل خلال الشهر التالي لانقطاعه
انتجت القرينة أثرها واعتبرت خدمته منتهية بحكم القانون من تاريخ انقطاعه وبذلك يكون
القرار الذي يصدر بإنهاء خدمة العامل مجرد قرار تنفيذي يعلن عن الخدمة التي انتهت فعلا
وبقوة القانون.
ومن حيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن مؤدى حكم المادة 98 المشار إليها انه يجب
لاعتبار العامل مقدما استقالته مراعاة إجراء شكلي حاصله إلزام الجهة الإدارية بإنذار
العامل كتابة بعد انقطاعه، وهذا الإجراء القصد منه أن تستبين الجهة الإدارية مدى إصرار
العامل على ترك العمل وعزوفه عنه وفي الوقت ذاته إعلامه بما يراد اتخاذه من إجراء حياله
بسبب انقطاعه عن العمل، وتمكينا له من إبداء عذره قبل اتخاذ الإجراء، غير أنه وإن كان
الإنذار إجراء استلزمه القانون قبل إنهاء خدمة العامل علي أساس قرينة الاستقالة المستفادة
من انقطاعه عن العمل، إلا أن هذا الإجراء ليس مقصوداً بذاته وإنما الهدف منه أن تتبين
جهة الإدارة مدى إصرار العامل على ترك العمل وعزوفه عنه، ومقتضى ذلك ولازمة أنه إذا
كشفت ظروف الانقطاع عن العمل بذاتها وقطعت بأن العامل لدية نية هجر الوظيفة وعازف عنها
بما لا يحتمل الجدل أو الشك، فإن الإصرار علي القول بضرورة الإنذار في مثل هذه الظروف
أمر لا مبرر له ولا جدوى منه.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده انقطع عن العمل بدون إذن اعتبارا
من 29/ 7/ 1981 حتى أول ديسمبر 1994 ولم يقدم إلي جهة الإدارة عند انقطاعه أعذارا تبرره
وأستمر هذا الانقطاع أكثر من ثلاثة عشر عاما، وهو الأمر الذي يكشف عن نيته في هجر الوظيفة
والعزوف عنها لأن المنطق والمعقول أن العامل إن كانت له رغبه في الحفاظ علي وظيفته
أن يبادر بتقديم أسباب انقطاعه عن العمل بعد اكتمال مدة الانقطاع القانونية حتى يمكن
حمل هذه الأسباب علي نية عدم رغبته في ترك الوظيفة، أما أنه لم يفعل ذلك وأستمر انقطاعه
طيلة ثلاثة عشر عاما لم يسع خلالها إلي الاتصال بجهة عمله لتبرير انقطاعه فلا تثريب
علي جهة الإدارة في ظل هذه الظروف أن تعتبر خدمته منتهية بقوة القانون من تاريخ انقطاعه
ولا موجب لتطلب ضرورة إنذار العامل في هذه الحالة لأن التمسك بضرورة الإنذار بعد هذا
الانقطاع الطويل الذي كشف عن النية في هجر الوظيفة يصبح نوعا من الإغراق في الشكليات
لا مبرر له.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون مستوجب الإلغاء مع القضاء
برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: – بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه وبرفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده مصروفات هذا الطلب
عن درجتي التقاضي.
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة اليوم السبت 24 من ربيع أول سنة 1427ه الموافق 22/ 4/
2006 بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
