الطعن رقم 1876 لسنة 39 قضائية عليا – جلسة 27 /06 /1998
مجلس الدولة – المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة
– مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون – الجزء الثانى (من أول مارس سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة
1998) – صــ 1401
جلسة 27 من يونيه سنة 1998
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة المستشارين/ محمد مجدى محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، والإمام عبد المنعم إمام الخريبى، ومحمود سامى الجوادى نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعن رقم 1876 لسنة 39 قضائية عليا
ـ عاملون مدنيون بالدولة – ترقية – شرط قضاء المدة البينية – حكمه.
المادتان 9، 36 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، قرار رئيس
الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978 بشأن المعايير اللازمة لترتيب الوظائف
للعاملين المدنيين بالدولة والأحكام التى يقتضيها تنفيذه.
المشرع وإن تطلب ضرورة استيفاء العامل لاشتراطات شغل الوظيفة المرقى إليها ومن هذه
الاشتراطات ضرورة قضاء العامل الحد الأدنى المتطلب قانوناً كمدة بينية أو المدة الواردة
فى بطاقة الوصف للبقاء فى الوظيفة الأدنى مباشرة وذلك لكفالة تحقق الخبرة اللازمة لتقلد
مهام الوظيفة الأعلى – لا يترتب على تخلف هذا الشرط أن يصبح قرار الترقية مشوياً بعيب
جسيم يفقد هذا القرار قوامه وكيانه القانونى وصفته كقرار إدارى ويهبط به إلى درجة الانعدام
ويحيله إلى مجرد عمل مادى لا يتمتع بشئ من الحصانة المقررة للقرارات الإدارية – هذا
الشرط لا يرقى إلى مصاف العيوب الجسيمة التى تشكل مخالفة صارخه للقانون – تطبيق.
إجراءات الطعن
فى يوم الثلاثاء الموافق 16/ 3/ 1993 أودع الأستاذ ……. المحامى
نائبا عن الاستاذ …….. المحامى المقبول لدى المحكمة الإدارية العليا ووكيل الطاعن،
قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1876/ 39ق. ع ضد المطعون
ضدهما فى حكم محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة الصادر بجلسة 21/ 1/ 1993 فى الدعوى رقم
506/ 12ق والقاضى: "بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع برفضها وإلزام المدعى المصروفات".
وطلب فى ختام تقرير الطعن – ولما تضمنه من أسباب – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بأحقية الطاعن المبداه أمام محكمة أول درجة
مع كافة ما يترتب على ذلك من آثار قانونية، وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب
المحاماة عن درجتى التقاضى.
وأعلن تقرير الطعن، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانونى ارتأت
فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء
القرار رقم 144 لسنة 1990 فيما تضمنه من تعديل أقدمية الطاعن فى الدرجة الثانيه التخصصية
إلى 1/ 9/ 1987 بدلاً من 25/ 7/ 1985 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة
– المصروفات.
وتحددت جلسة 9/ 2/ 1998 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون وبها نظر الطعن على النحو
المبين بمحاضر الجلسات. وبجلسة 13/ 4/ 1998 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية
العليا – الدائرة الثانية – لنظره بجلسة 23/ 5/ 1998 حيث نظر على النحو المبين بمحضر
الجلسة وتقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على
أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أن السيد ……. أقام الدعوى رقم 506 لسنة 12ق
ضد المطعون ضدهما بصفتيهما بموجب صحيفة مودعة بتاريخ 11/ 11/ 89 قلم كتاب محكمة القضاء
الإدارى بالمنصورة طلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار
رقم 442 لسنة 1989 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل
أتعاب المحاماة. استناداً إلى أنه حاصل على دبلوم معلمين سنة 1972 وبموجبه عين بوظيفة
مدرس ابتدائى فى 1/ 9/ 1972، وأثناء الخدمة حصل على ليسانس الحقوق عام 1977 وبمقتضاه
عين عضوا قانونيا بالدرجة الثالثة التخصصية اعتباراً من 14/ 8/ 1979 ثم رقى إلى الدرجة
الثانية بالقرار رقم 940 لسنة 1985 اعتباراً من 25/ 7/ 1985، ثم فوجئ بصدور القرار
رقم 442 لسنة 1989 متضمناً تعديل أقدميته فى الدرجة الثانية إلى 13/ 6/ 1989 بدلاً
من 25/ 7/ 1985، وبجلسة 28/ 7/ 1990 أضاف المدعى طلبا جديدا إلى طلباته وهو إلغاء
القرار رقم 144 لسنة 1990 فيما تضمنه من تعديل أقدميته فى الدرجة الثانية إلى 1/ 9/
1987 بدلاً من 25/ 7/ 1985.
وبجلسة 21/ 1/ 1993 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع برفضها وألزمت المدعى
المصروفات. وشيدت قضاءها فى موضوع الدعوى على أساس أن المشرع فى القانون رقم 47 لسنة
1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة قد اعتد بالمجموعة النوعية المغلقة والمتميزة
فى كافة المجالات ومنها الترقية، فلا يرقى العامل إلا داخل المجموعة النوعية التى ينتمى
إليها ومع استيفائه لاشتراطات شغلها ومنها قضاء المدة البينية اللازمة لإجراء هذه الترقية
ولم يجعل المشرع لجهة الادارة سلطة تقديرية فى هذا الشأن فإذا انفلت شرط من الشرط الجوهرية
المحددة سلفاً فى بطاقة وصف الوظيفة – عند التعيين أو الترقية – سواء من حيث المؤهل
أو مدد الخدمة البينية المطلوب توافرها لشغل الوظيفة كان قرارها بالتعيين أو الترقية
منعدماً ولا أثر له قانوناً ومن ثم يجوز سحبه وتصحيحه دون التقيد بالمواعيد المقررة
لسحب القرارات الإدارية غير المشروعة.
وأضافت المحكمة أنه متى كان الثابت فى الأوراق أن المدعى يشغل الدرجة الثالثة بوظائف
القانون اعتباراً من 14/ 8/ 1979 بعد حصوله على ليسانس حقوق سنة 1977 ومن ثم فإنه لا
يستحق الترقية إلى الدرجة الثانية بمجموعة وظائف القانون إلا بعد انقضاء المدة البينية
اللازمة للترقية ومقدارها ثمان سنوات أى اعتباراً من 1/ 9/ 1987 وبالتالى فإن قرار
الجهة الإدارية رقم 940 لسنة 1985 بترقية المدعى إلى الدرجة الثانية اعتباراً من 25/
7/ 1985 دون استيفاء المدة البينية المشار إليها يعتبر قراراً منعدماً لا يتحصن بفوات
مواعيد السحب المقررة للقرارات الباطلة، ومن ثم يكون القرار رقم 144 لسنة 1990 فيما
تضمنه من تعديل أقدمية المدعى من 25/ 7/ 1985 إلى 1/ 9/ 1987 قد أصاب صحيح حكم القانون
مما يتعين معه الحكم برفض الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه
وتأويله تأسيساً على أن القرار رقم 940 لسنة 1985 بترقية الطاعن إلى الدرجة الثانية
اعتباراً من 25/ 7/ 1985 ليس قراراً منعدماً باعتباره صادراً من جهة إدارية وفى حدود
ولايتها ولا يمثل اعتداء على اختصاص جهة أخرى، ومن ثم فلم تلحق به مخالفة جسيمة للقانون
تجرده من صفته كتصرف قانونى. كما أن القرار المشار إليه هو قرار فردى أكسب الطاعن حقاً
بترقيته إلى الدرجة الثانية اعتباراً من 25/ 7/ 1985 وبالتالى لا يجوز سحبه إلا فى
المواعيد المقررة قانوناً للطعن القضائى ويتحصن بفوات هذه المواعيد.
ومن حيث إن المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم
47/ 1978 تنص على أن "يصدر رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة القرارات المتضمنة
للمعايير اللازمة لترتيب الوظائف والأحكام التى يقتضيها تنفيذه ويدخل ضمن ذلك الحد
الأدنى للخبرة المطلوبة لشغل الوظيفة الأدنى مباشرة".
وتنص المادة منه على أن "مع مراعاة استيفاء العامل لاشتراطات شغل الوظيفة المرقى
إليها تكون الترقية إليها من الوظيفة التى تسبقها مباشرة فى الدرجة والمجموعة النوعية
التى تنتمى إليها…..".
ومن حيث إنه إعمالاً للمادة التاسعة المشار إليها صدر قرار رئيس الجهاز المركزى للتنظيم
والإدارة رقم 134 لسنة 1978 بشأن المعايير اللازمة لترتيب الوظائف للعاملين المدنيين
بالدولة والأحكام التى يقتضيها تنفيذه، ونص هذا القرار فى الملحق رقم الخاص "بتعريف
الدرجات" على أن "الحد الأقصى بين مطالب التأهيل اللازمة لشغل وظائف الدرجة الثانية
قضاء مدة بينية قدرها ثمانى سنوات على الأقل فى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة".
ومن حيث إنه من المستقر أن القرارات الإدارية المنشئة لمراكز قانونية ذاتية لا يجوز
سحبها إذا صدرت مشوبة بعيب من عيوب عدم المشروعية إلا خلال المواعيد المقررة للطعن
بالإلغاء، ومن ثم فإنها تتحصن بفوات هذه المواعيد طالماً أن ما شابها من عوار لا يهوى
بها إلى درك الانعدام على وجه يفقدها صفة القرار الإدارى ويحيلها إلى مجرد أعمال مادية
لا تتمتع بشئ من الحصانة المقررة للقرارات الإدارية، ومن ثم أن يبلغ العيب الذى يلحق
بالقرار درجة كبيرة من الجسامة، ومرد ذلك إلى الحرص على عدم زعزعة المراكز القانونية
الذاتية المستقرة التى اكتسبها أربابها بمقتضى تلك القرارات.
ومن حيث إن المشرع وإن تطلب ضرورة استيفاء العامل لاشتراطات شغل الوظيفة المرقى إليها،
ومن هذه الاشتراطات ضرورة قضاء العامل الحد الأدنى المتطلب قانوناً كمدة بينية أو المدة
الواردة فى بطاقة الوصف للبقاء فى الوظيفة الأدنى مباشرة وذلك بكفالة تحقق الخبرة اللازمة
لتقلد مهام الوظيفة الأعلى، فأنه لا يترتب على تخلف هذا الشرط – حسبما استقر عليه قضاء
هذه المحكمة – أن يصبح قرار الترقية مشوباً بعيب جسيم يفقد هذا القرار قوامه وكيانه
القانونى وصفته كقرار إدارى ويهبط به إلى درجة الانعدام ويحيله إلى مجرد عمل مادى لا
يتمتع بشئ من الحصانة المقررة للقرارات الإدارية، إذ لا يرقى هذا الشرط إلى مصاف العيوب
الجسيمة التى تشكل مخالفة صارخة للقانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعى حصل أثناء الخدمة على مؤهل عال هو ليسانس الحقوق
عام 1977، وعين بمقتضاه فى 14/ 8/ 1979 على الدرجة الثالثة التخصصية، ثم صدر القرار
رقم 940 بتاريخ 30/ 11/ 1985 بترقيته إلى الدرجة الثانية اعتبارا من 25/ 7/ 1985،
ثم صدر القرار المطعون فيه رقم 442 لسنة 1989 بتاريخ 24/ 8/ 1989 – تعديل تاريخ ترقية
المدعى إلى الدرجة الثانية ليكون اعتباراً من 13/ 6/ 1989 بدلاً من 25/ 7/ 1985، ثم
صدر القرار المطعون فيه الثانى رقم 144 بتاريخ 27/ 2/ 1990 متضمناً تعديل تاريخ ترقية
المدعى إلى الدرجة الثانية ليكون اعتباراً من 1/ 9/ 1987 بدلاً من 25/ 7/ 1985، على
سند أن المدعى لم يكن قد توافر فى حقه فى التاريخ الأخير المدة البينية المشترطة للترقية
للدرجة الثانية، فإن القرارين الساحبين – رقمى 442 لسنة 1989، – 144 لسنة1990 – إذ
ورداً على القرار رقم 940 لسنة 1985 الذى استقر حصينا ضد السحب بفوات المواعيد المقررة
للطعن فيه قضائياً يغدو كل منهما قراراً باطلاً ومخالفاً للقانون، لمساسه بمركز قانونى
مكتسب، ومن ثم يتعين إلغاؤهما.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذهب غير هذا المذهب، فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون
مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول
الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرارين رقمى 442 لسنة 1989، 144 لسنة 1990 فيما
تضمناه من سحب القرار رقم 940 بتاريخ 3/ 11/ 1985 الصادر بترقية المدعى إلى الدرجة
الثانية اعتباراً من 25/ 7/ 1985 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية
المصروفات.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلا وفى موضوعها بالغاء القرارين رقمى 442 لسنة 1989، 144 لسنة 1990 فيما تضمناه من سحب القرار رقم 940 بتاريخ 30/ 11/ 1985 الصادر بترقية المدعى إلى الدرجة الثانية اعتبارا من 25/ 7/ 1985 وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الادارية المصروفات.