المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 11797 لسنة 51 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثانية موضوعي
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/
محمد أحمد عطيه إبراهيم – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ بخيت محمد إسماعيل – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ بلال أحمد محمد نصار – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ ناجي سعد الزفتاوي – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ حسين عبد الله قايد – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد الوهاب سيد عبد الوهاب – مفوض الدولة
وحضور السيد الأستاذ/ سيد رمضان عشماوى – سكرتير الجلسة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 11797 لسنة 51 ق. عليا
المقام من
محمد نجيب عبد الرحيم حمدون
ضد
محافظ سوهاج "بصفته"
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط في الدعوى رقم 2789 لسنة 15 ق جلسة
23/ 2/ 2005
الإجراءات
أنه في يوم الأربعاء الموافق 27/ 4/ 2005 أودع الأستاذ/ سمير عبد
المنعم المحامي نائباً عن الأستاذ/ مالك محمود عرام المحامي المقبول للمرافعة لدي هذه
المحكمة – قلم كتابها تقرير الطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط
في الدعوى رقم 2789 لسنة 15 ق بجلسة 23/ 2/ 2005 والقاضي "بقبول الدعوى شكلاً ورفضها
موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات".
وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه فيما تضمنه من رفض الدعوى والقضاء مجدداً بطلبات الطاعن الواردة في ختام
صحيفة افتتاح الدعوى المبتدأه وإلزام الجهة المدعي عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن الطعن للمطعون ضده قانوناً.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت في ختامه الحكم بقبول
الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وقد تدوول الطعن جلسات دائرة فحص الطعون علي النحو الثابت بمحاضرها إلي أن قررت إحالته
إلي دائرة الموضوع لنظره بجلسة 14/ 4/ 2007 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم
وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة علي منطوقه وأسبابه لدي النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الحكم الطعين صدر بتاريخ 23/ 2/ 2005 وأقام الطاعن طعنه الماثل في 27/ 4/
2005 فإنه بمراعاة مواعيد المسافة حيث يقيم الطاعن بمحافظة سوهاج والتي تبعد أربعمائة
كيلو متر عن مقر المحكمة التي أصدرت الحكم محل الطعن وقد استوفي الطعن أوضاعه الشكلية
فيكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فيلخص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن أقام دعواه إبتداءً
أمام المحكمة الإدارية بأسيوط بتاريخ 12/ 3/ 2001 وطلب فيها الحكم بإلغاء قرار إنهاء
خدمته رقم 1450 الصادر في 24/ 6/ 2000 واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب علي ذلك من
آثار.
وقال شرحاً لدعواه أنه يعمل بوظيفة مراقب صحي بإدارة طما الصحية منذ 1979 وحصل علي
أجازة بدون مرتب للعمل بالسعودية وأثر عودته من آخر أجازة لاستلام عمله فوجئ بصدور
قرار إنهاء خدمته رقم 1450 لسنة 2000 وقد لجأ إلي لجنة التوفيق في بعض المنازعات التي
أوصت برفض طلبه وذكر أنه لم يتم إنذاره عملاً بالمادة من القانون رقم 47 لسنة
1978 مما يشوب هذا القرار بالبطلان وأضاف الطاعن أن عنوانه بالسعودية معلوم لدي جهة
عمله حيث إنه حاصل علي أجازة بدون مرتب منها وقدم عنوانه لها كما أنه لم يخطر بصدور
هذا القرار واختتم صحيفة دعواه بما سلف ذكره من طلبات.
فأودعت هيئة مفوضي الدولة لدي المحكمة الإدارية بأسيوط تقريراً بالرأي القانوني في
الدعوى ارتأت في ختامه الحكم أصلياً: عدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى والأمر
بإحالتها بحالتها إلي محكمة القضاء الإداري بأسيوط (الدائرة الثانية) للاختصاص وإرجاء
البت في المصروفات.
احتياطياً: بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 1450 لسنة
2000 فيما تضمنه من إنهاء خدمة المدعي مع ما يترتب علي ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة
المصروفات.
وبجلسة 9/ 3/ 2003 أصدرت المحكمة الإدارية بأسيوط حكمها في الدعوى "بقبولها شكلاً ورفضها
موضوعاً وألزمت المدعي مصروفاتها".
وقد شيدت قضائها بعد أن استعرضت المادة من القانون رقم 47 لسنة 1978 الصادر بنظام
العاملين المدنيين بالدولة علي أن الثابت من الأوراق أن المدعي حصل علي أجازة بدون
مرتب للعمل في المملكة العربية السعودية خلال الفترة من 1/ 11/ 1991 حتى 11/ 4/ 2000
وعقب انتهاء أجازته لم يقم بتجديدها أو بالعودة إلي عمله وقامت الجهة الإدارية بإنذاره
علي عنوانه بالخارج وبداخل الوطن بتواريخ 2/ 5، 15/ 5، 5/ 6/ 2000 ثم أصدرت الجهة الإدارية
قرارها بإنهاء خدمته من تاريخ انتهاء إجازته وأضافت المحكمة أن المدعي لم يقدم عذراً
وأن قرار إنهاء خدمته أصاب صحيح القانون.
ولم يرتض الطاعن هذا القضاء وبادر بالطعن عليه أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط بهيئة
استئنافية والتي تصدت للطعن وقضت بجلسة 12/ 11/ 2003 بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة الإدارية بأسيوط وإحالته
بحالته إلي محكمة القضاء الإداري بأسيوط لنظره بدائرة عادية مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وقد أحيلت الدعوى إلي محكمة القضاء الإداري بأسيوط وقيدت بجدولها برقم 2789 لسنة 51
ق وقد تصدت لها كمحكمة أول درجة وبجلسة 23/ 2/ 2005 قضت بقبول الدعوى شكلاً ورفضها
موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات.
وقد شيدت قضائها علي أنه تم إنذار الطاعن إنذاراً قانونياً سليماً وأن قرار إنهاء خدمته
جاء متفقاً مع صحيح الواقع والقانون.
ولم يرتض الطاعن هذا القضاء وبادر بالطعن عليه ناعياً علي الحكم الطعين البطلان بدعوى
أن أحد أعضاء هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم محل الطعن وهو المستشار/ خالد جمال محمد
السباعي كان يرأس هيئة مفوضي الدولة لدي المحكمة الإدارية وشارك في إعداد تقرير هيئة
المفوضين ثم شارك في إصدار الحكم مما يعد مانعا ًقانوناً يحول دون قيامه بنظر الدعوى
ويصم الحكم بالبطلان كما استطرد قائلاً بأن الحكم صدر مشوباً بالخطأ الجسيم في تطبيق
القانون وذلك لأن الجهة الإدارية أدعت أنها قامت بإنذار الطاعن ولم تقدم ما يفيد استلامه
لهذه الإنذارات رغم حجز الدعوى للحكم لجلسة 15/ 9/ 2004 وإعادتها للمرافعة لجلسة 9/
11/ 2004 لإلزام الجهة الإدارية بتقديم هذا الدليل دون جدوى وكان يتعين علي المحكمة
أن تستجيب لطلبات الطاعن بسبب عجز الجهة الإدارية من إثبات صحة ادعائها وأخيراً ذكر
الطاعن نعياً علي الحكم الطعين صدوره مشوباً بالقصور في التسبيب وذلك لأن الجهة الإدارية
كلفت الطاعن فور عودته من الأجازة بسداد المبالغ التأمينية المستحقة عليه وقام بسدادها
وبلغت 1106.80 جنيه وهو ما ينفي رغبته في هجر الوظيفة وينبئ عن استمرارية الرابطة الوظيفة
ويدل علي صورية الإنذارات لأن لو كانت بالفعل أنهت خدمته ما قامت بتكليفه بسداد مبلغ
التأمينات المستحقة عليه وهو ما التفت عنه الحكم الطعين.
ومن حيث إنه بالنسبة لما نعاه الطاعن من بطلان الحكم الطعين بدعوى اشتراك أحد أعضاء
هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم الطعين في إعداد تقرير مفوضي الدولة لدي المحكمة الإدارية
إبان عمله رئيساً لدائرة هيئة مفوضي الدولة لديها فإن الثابت من مطالعة هذا التقرير
أنه لم يحمل اسم هذا العضو لا بصفته العضو المقرر في التقرير أو بصفته من اعتمد التقرير
وهو ما يجعل هذا القول مرسلاً ولا سند له من الواقع ويتعين الالتفات عنه وأما ما ذكره
الطاعن من أن الجهة الإدارية عجزت عن تقديم ما يفيد استلامه للإنذارات المرسلة إليه
رغم إعادة الدعوى للمرافعة بعد حجزها للحكم تمكيناً لها من تقديم هذا المستند دون جدوى.
ومن حيث إنه مطالعة المادة من القانون رقم 47 لسنة 1978 السابق الإشارة إليه يبين
أنها أوجبت علي الجهة الإدارية إنذار العامل الذي ينقطع عن عمله بدون إذن أكثر من خمسة
عشر يوماً متتالية بعد مضي خمسة أيام من انقطاعه عن العمل وذلك حتى يمكن اعتباره مستقيلاً
من عمله وعازفاً عنه.
وقد استقر قضاء هذه المحكمة علي أنه "يجب لاعتبار العامل مقدماً لاستقالته مراعاة إجراء
شكلي مؤداه إلزام جهة الإدارة بإنذار العامل كتابة بعد انقطاعه عن العمل وهذا الإجراء
الجوهري القصد منه أن تستبين الجهة الإدارية مدي إصرار العامل علي تركه العمل وعزوفه
عنه وفي ذات الوقت إعلانه بما يراد اتخاذه حياله بسبب انقطاعه عن العمل وتمكينه من
إبداء عذره قبل اتخاذ هذا الإجرء حتى لا يفاجئ بإعمال قرينة الاستقالة وإنهاء خدمته
في الوقت الذي لا يرغب فيه في الاستقالة وإن كان لديه من الأعذار ما يبرر الانقطاع.
ومن حيث إنه بإعمال ما تقدم في شأن الواقعة المعروضة يبين أن الطاعن كان يعمل بوظيفة
فني المراقبة الصحية والدرجة الثالثة بالإدارة الصحية بطما وحصل علي أجازة بدون مرتب
للعمل بدولة السعودية اعتباراً من 1/ 11/ 1991 حتى 11/ 4/ 2000 ورغم انتهاء أجازته
لم يقدم ما يفيد طلب تجديدها كما لم يعد إلي عمله وقامت الجهة الإدارية بإنذاره في
2/ 5/ 2000، 15/ 5/ 2000، 5/ 6/ 2000 علي عنوانه الثابت لديها بالخارج وكذا علي عنوانه
داخل أرض الوطن إلا أنه لم يعد لعمله.
ومن حيث إنه ولئن كانت الجهة الإدارة قد ذكرت أنها قامت بإنذار الطاعن علي النحو السابق
بيانه إلا أنها عجزت عن تقديم ما يفيد وصول الإنذارات له حتى تتحقق الغاية من تطلب
إجراء الإنذار كإجراء جوهري يتعين علي الإدارة اتخاذه قبل إنهاء خدمته الأمر الذي يعد
معه القرار الصادر بإنهاء خدمته بهذه المثابة قد صدر دون أن يسبقه إجراء الإنذار مما
يلحق بهذا القرار البطلان ويجعله جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن الحكم الطعين قد انتهج نهجاً مغايراً لهذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون
ويتعين إلغائه.
من حيث إن من يخسر دعواه يلزم مصروفاتها عملاً بالمادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة/ بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون
فيه وبإلغاء القرار 1450 لسنة 2000 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن وما يترتب علي
ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم 9 من شهر جماد الأول سنة 1428ه، السبت الموافق 26/
5/ 2007م بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
