المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 3860 لسنة 44 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثانية – موضوع
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد أحمد عطية إبراهيم – نائب
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ بلال أحمد محمد نصار – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ ناجي سعد الزفتاوي – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ منير عبد الفتاح غطاس – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ د. حسين عبد الله قايد – نائب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد الوهاب سيد عبد الوهاب – مفوض الدولة
وحضور السيد/ سيد رمضان عشماوي – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 3860 لسنة 44 ق. عليا
المقام من
فتح الله مصطفي فتح الله
ضد
1- محافظ الإسكندرية بصفته
2- مدير مديرية الشئون الصحية بالإسكندرية بصفته
الإجراءات
في يوم الأربعاء الموافق 25/ 3/ 1998 أودع الأستاذ/ محمد عبد اللطيف
رشوان المحامي بالنقض والإدارية العليا-بصفته وكيلا عن الطاعن-قلم كتاب محكمة القضاء
الإداري تقريرا بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في الدعوى
رقم 2879 لسنة 50ق بجلسة 20/ 1/ 1998 الذي قضي باعتبار الخصومة منتهية في خصوص طلب
الإلغاء.. وبإلزام جهة الإدارة بأن تؤدي للمدعي تعويض مقداره 200 جنيه والمصروفات.
وطلب الطاعن-للأسباب المبينة بتقرير الطعن-الحكم بقبول الطعن شكلا، وبتعديل الحكم المطعون
فيه بإلغاء القرارين رقم 478 لسنة 1993 ورقم 290 لسنة 1994 وبإعادته إلى عمله بقسم
البلهارسيا المركزي مع ما يترتب على ذلك من آثار وبتعويضه بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه.
وقد أعلن الطعن قانونا وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا برأيها القانوني في الطعن.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت إحالته إلى دائرة الموضوع بهذه المحكمة
حيث نظر أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 28/ 4/ 2007 إصدار
الحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق
به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن-وبمراعاة إضافة ميعاد مسافة بحسبان أن محل إقامة الطاعن مدينة الإسكندرية-أقيم
مستوفيا أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن الطاعن كان قد أقام بتاريخ 14/ 2/ 1994 الدعوى
رقم 2879 لسنة 50ق بإيداع عريضتها ابتداء قلم كتاب المحكمة الإدارية بالإسكندرية طالبا
في ختامها الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر بنقله إلى مستشفي الأطفال وقرار مدير
المستشفي بتوزيعه للعمل بقسم الأغذية وما يترتب على ذلك من آثار والتعويض عما أصابه
من أضرار مادية ومعنوية.
وذكر شرحا لدعواه أنه عين بمديرية الشئون الصحية بالإسكندرية بوظيفة مهندس زراعي اعتبارا
من 16/ 9/ 1986 وتسلم عمله بقسم مكافحة البلهارسيا وحصل على دبلوم الصحة العامة عام
1991 ثم صدر القرار رقم 478 لسنة 1993 بنقله إلى منطقة الجمرك الطبية التي قامت بتوزيعه
على مستشفي رأس التين العام التي عهدت إليه بالمسئولية عن النظافة العامة للمستشفي
فتقدم بشكوى إلى مدير المنطقة فتدارك الأمر وتم توزيعه على مستشفي الأطفال بالأنفوشي
كمشرف أغذية بناءا على تعليمات شفوية من مدير المستشفي ويعيب المدعي على القرار صدوره
بالمخالفة للقانون لأن وظيفة أخصائي أغذية تنتمي للمجموعة النوعية لوظائف التغذية والتدبير
المنزلي. وقد تظلم معه هذا القرار إلى وزير الصحة ثم أقام دعواه للحكم له بالطلبات
سالفة البيان.
وبجلسة 12/ 11/ 1995 حكمت المحكمة الإدارية بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وأمرت
بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للاختصاص فوردت الدعوى إلى المحكمة
الأخيرة وقيدت بالرقم عاليه وتدوول نظرها أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى
أن أصدرت بجلسة 20/ 1/ 1998 حكمها المطعون فيه والذي أقامته على أساس أن جهة الإدارة-على
أثر الشكاوي التي تقدم بها المدعي-قامت بنقله بالقرار رقم 290 لسنة 1994 من مستشفي
الأطفال بالأنفوشي إلى قسم التطهير المركزي بالمديرية وهو ما انطوي على سحب ضمني للقرار
المطعون فيه وبذلك تعتبر الخصومة منتهية في خصوص هذا الطلب.
وعن طلب التعويض ارتأت المحكمة توافر أركان المسئولية من جانب جهة الإدارة وقدرت للمدعي
تعويضا عما أصابه من ضرر أدبي مبلغ مائتي جنيه.
ولما لم يلق ذلك قبولا لدى الطاعن فقد أقام عليه طعنه الماثل على سند من أن الحكم المطعون
فيه خالف القانون لأن القرار رقم 290 لسنة 1994 لم يعيده إلى مكان عمله الأصلي وهو
قسم البلهارسيا المركزي وإنما تضمن نقله إلى قسم التطهير المركزي وهي تختلف عن وظيفته
الأولى ولم يقصد بذلك صالح العمل، كما أن المحكمة لم تعويضه عن الضرر المادي المتمثل
في حرمانه من البدلات التي كان يحصل عليها قبل نقله وقد بلغ ذلك آلاف الجنيهات وخلص
الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة البيان.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلب الحكم بإلغاء القرار رقم 478 لسنة 1993 فيما تضمنه من
نقل الطاعن من قسم البلهارسيا المركزي بمديرية الشئون الصحية إلى منطقة الجمرك الطبية
وتوزيعه داخليا للعمل بقسم الأغذية بمستشفي الأطفال بالأنفوشي، فإن المادة من قانون
العاملين المدنيين بالدولة تنص على أن "تشكل في كل وحدة بقرار من السلطة المختصة لجنة
أو أكثر لشئون العاملين… وتختص اللجنة بالنظر في تعيين ونقل وترقية ومنح العلاوات
الدورية والتشجيعية لشاغلي الدرجة الأولى فما دونها…".
وتنص المادة من ذات القانون على أن "تقسم وظائف الوحدات التي تخضع لأحكام هذا
القانون إلى مجموعات توعية وتعتبر كل مجموعة وحدة متميزة في مجال التعيين والترقية
والنقل والندب.
وتنص المادة من ذات القانون على أنه "مع مراعاة النسبة المئوية المقررة في المادة
من هذا القانون يجوز نقل العامل من وحدة إلى أخرى من الوحدات التي تسرى عليها
أحكامه… وذلك إذا كان الفضل لا يفوت عليه دوره في بالترقية بالأقدمية… ولا يجوز
نقل من وظيفة إلى أخرى درجتها أقل ويكون النقل بقرار من السلطة المختصة بالتعيين.
وتنص المادة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه على أن
"يكون نقل العامل من وحدة إلى أخرى بقرار من السلطة المختصة بناء على موافقة لجنتي
شئون العاملين في الوحدة المنقول منها والوحدة المنقول إليها".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة استقر على أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية
تحكمها القوانين واللوائح ومركز الموظف هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت وفقا
لمقتضيات المصلحة العامة وليس للموظف حق مكتسب في البقاء في وظيفة بينها وأن قرارات
النقل التي تصدرها الجهات الإدارية لا معقب عليها طالما صدرت من السلطة المختصة بإصدارها
مواعيد الضوابط القانونية في ذلك مثل موافقة لجنة شئون العاملين المختصة وعدم تنزيل
الدرجة الوظيفية وإلا يفوت النقل على العامل دوره في الترقية.
كما لا يجرى قضاء المحكمة إذ القرار الصادر بالنقل يجب أن يتضمن تحديدا للوظيفة المنقول
إليها العامل والمدرجة بهيكل الوظائف المعتمدة لهذه الجهة وذلك لأن قانون العاملين
المدنيين بالدولة قائم على أساس نظام موضوعي في الوظيفة العامة جوهره الاعتداد باشتراطات
شغل الوظيفة طبقا لبطاقة وصفها وإذا خالف قرار النقل تلك القاعدة الموضوعية فإنه يقع
باطلا لمخالفته للقانون.
ومتى كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن كان يشغل وظيفة بالدرجة الثالثة التخصصية
بقسم البلهارسيا بمديرية الشئون الصحية بالإسكندرية وأن جهة الإدارة أصدرت قرارها المطعون
فيه رقم 478 لسنة 1993 بتقله إلى منطقة الجمرك الطبية، وإذ خلت الأوراق مما يفيد عرض
أمر نقل الطاعن على لجنة شئون العاملين المختصة وموافقتها على النقل قبل إصدار القرار
الإداري، فإن الجهة الإدارية بذلك تكون قد أسقطت مرحلة جوهرية عن مراحل تكوين القرار
المطعون فيه وحرمت الطاعن من ضمانه كفلها له القانون خشية النقل التعسفي، وفضلا عن
ذلك فإن قرار النقل لم يتضمن تحديدا للوظيفة المنقول إليها وهو ما يكشف عن نية التنكيل
بالطاعن واستعمال النقل في غير ما شرع له الأمر الذي يكون معه القرار الطعين قد صدر
بالمخالفة لأحكام القانون متعينا إلغاؤه، ولا يعتبر صدور قرار جهة الإدارة رقم 290
لسنة 1994 بإعادة الطاعن إلى مديرية الشئون الصحية انتهاءا للخصومة في طلب الإلغاء
المقامة به الدعوى، كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه طالما لم يتضمن القرار إعادة
الطاعن إلى ذات وظيفته السابقة بقسم البلهارسيا بالمديرية.
وإذ قضي الحكم المطعون فيه بخلاف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون
مستوجب الإلغاء في هذا الشق.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض فإن جهة الإدارة لم تجحد ما أشار إليه الطاعن بعريضة دعواه
من أنه عين بوظيفة أخصائي زراعي بالمجموعة النوعية لوظائف الزراعة ويختص شاغلها-حسب
بطاقة الوصف بإنجاز أعمال مكافحة الأمراض المتوطنة (ملاريا-بلهارسيا) وهذه الوظيفة
والحال كذلك تكون من الوظائف المركزية التي توجد عادة بديوان عام مديرية الشئون الصحية،
ومتى كان ذلك فإن نقل الطاعن من عمله بقسم مكافحة البلهارسيا إلى منطقة الجمرك الطبية
وتوزعيه ابتداءا على مستشفي رأس التين العام ثم على مستشفي الأطفال بالأنفوشي ليكون
مسئولا عن الأغذية بها لا يعتبر مجرد نقل مكاني يستهدف الصالح العام وإنما انطوي على
نقل نوعي من وظيفة تخصيصه في مجال مكافحة الأمراض المتوطنة إلى وظيفة أخرى مغايرة لوظيفته
والمجموعة النوعية التي ينتمي إليها وذلك على النحو سالف الذكر، وهو ما يثبت ركن الخطأ
في جانب جهة الإدارة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية
الصادرة منها هو ثبوت خطأ في جانبها بأن يكون القرار غير مشروع وأن يحيق بصاحب الشأن
ضرر وأن تقوم علاقة سببية بين الخطأ والضرر وإذ حاق بالمطعون ضده في الحالة الماثلة
أضرارا مادية تمثلت في حرمانه من المزايا المادية المقررة لوظيفته المنقول منها واضطراره
للالتجاء إلى القضاء بطلب الحكم بإلغاء قرار النقل غير المشروع بالإضافة إلى الأضرار
الأدبية والنفسية التي أشار إليها الحكم المطعون فيه.
وإذ لم يقض الحكم سوى بتعويض الطاعن عما أصابه من ضرر أدبي فإنه يتعين تعديله ليشمل
بالإضافة إلى ذلك تعويض الطاعن عن الأضرار المادية المشار إليها بهذا الحكم وتقدر المحكمة
التعويض المستحق عن ذلك كله بمبلغ 2000 جنيه (ألفي جنيه).
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات كنص المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه فيما قضي به من اعتبار الخصومة منتهية في طلب الإلغاء وبإلغاء القرار المطعون
فيه رقم 478 لسنة 1993 فيما تضمنه من نقل الطاعن من قسم البلهارسيا بمديرية الشئون
الصحية بالإسكندرية وبتعديل الحكم المطعون فيه فيما يتعلق بطلب التعويض ليكون بإلزام
جهة الإدارة بأن تؤدي للطاعن تعويضا قدره 2000 جنيه (ألفان من الجنيهات) والمصروفات.
صدر هذا الحكم وتلي علنا في جلسة يوم السبت الموافق 8 من جماد الأخر سنة 1428هجريه،
والموافق 23/ 6/ 2007 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
