المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 11447 لسنة 50 ق – جلسة 4/ 3/ 2006
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثانية "موضوع"
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 4/ 3/ 2006.
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أحمد أمين حسان – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
عضوية السيد الأستاذ المستشار/ بخيت محمد إسماعيل – نائب رئيس مجلس الدولة
عضوية السيد الأستاذ المستشار/ لبيب حليم لبيب – نائب رئيس مجلس الدولة
عضوية السيد الأستاذ المستشار/ محمود محمد صبحي – نائب رئيس مجلس الدولة
عضوية السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى سعيد حنفي – نائب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ د/ حسن محمد هند – وض الدولة
سكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوي – أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 11447 لسنة 50 ق.
المقامة من
السيد المستشار عبد العاطي محمد حمد الطحاوي
ضد
1- السيد/ وزير العدل.
2- السيد/ رئيس هيئة قضايا الدولة.
3- السيد/ رئيس إدارة التفتيش الفني بهيئة قضايا الدولة.
في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 2/ 9/ 2003 في الطعن رقم 10635 لسنة46ق.
عليا.
الإجراءات
بعريضة مودعة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 5/ 6/ 2004
أقام المدعي دعوى البطلان الأصلية رقم 11447 لسنة 50ق. عليا في الحكم الصادر من المحكمة
الإدارية العليا – الدائرة السابعة – بجلسة 2/ 9/ 2003 في الطعن رقم 10635 لسنة 46ق.
المقام من المدعي ضد المدعي عليهم والقاضي: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه. وبإلغاء القرار الصادر من لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة
في الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 1996 فيما تضمنه من توقيع عقوبة اللوم على الطاعن مع
ما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وطلب المدعي للأسباب التي ساقها في عريضة دعواه الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع
ببطلان الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا – الدائرة السابعة – بجلسة 2/ 9/ 2003
في الطعن رقم 10635 لسنة 46ق.عليا في شقة الخاص برفض طلب التعويض والقضاء له بالتعويض
المطالب به مع إلزام المدعي عليهم بالمصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه رفض الدعوى.
وإذ كان الحكم المقام في شآنه هذه الدعوى قد صدر من الدائرة السابعة عليا وهي المختصة
أصلاً بنظره فقد تقدم المدعي بطلب إلى السيد المستشار رئيس مجلس الدولة بتاريخ 6/ 6/
2004 طالباً تحديد إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا لنظر الدعوى فأمر سيادته بتحديد
الدائرة الثامنة عليا لنظر الدعوى. وبتاريخ 31/ 1/ 2005 تقدم المدعي بطلب آخر إلى السيد
المستشار رئيس مجلس الدولة طالباً إحالة الدعوى من الدائرة الثامنة إلى أحدى دوائر
المحكمة الإدارية العليا لما استبان له من أن هذه الدائرة ضمت في تشكيلها عضوان سبق
أن اشتركا في إصدار الحكم المطعون عليه بهذه الدعوى. فأشر سيادته بتحديد الدائرة الثانية
لنظر الدعوى. فنظرتها بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها حيث قدم المدعي بجلسة 31/
5/ 2005 مذكرة صمم فيها على الحكم له بطلباته وبجلسة 21/ 1/ 2006 قررت المحكمة حجز
الدعوى لإصدار الحكم فيها بجلسة اليوم وفيها أصدرت الحكم وأودعت مسودته المشتملة على
أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث أن وقائع هذه الدعوى تخل حسبما يبين من الأوراق في أن السيد وزير العدل أقام
ضد المدعي بتاريخ 7/ 1/ 1996 الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 1996 أمام لجنة التأديب والتظلمات
بهيئة قضايا الدولة لأنه بتاريخ 26/ 7/ 1994 وجه كتاباً بتوقيع منسوب إليه – مع موظف
– إلى السيد المستشار محمود سلامة جبر تضمن الفاظا غير لائقة تتمثل في وصف ما يقوم
به المستشار المذكور بأنها أعمال غير مشروعة فأن أفعاله تتسم بالكيد والغلوائيه والإخلال
بالواجب وبأنه ورغم سبق التنبيه عليه في 15/ 9/ 1986 باطاعة أوامر مرؤسية أعاد تكرار
المخالفة أكثر من مرة وبجلسة 4/ 5/ 1996 قرر مجلس تأديب هيئة قضايا الدولة مجازاته
بعقوبة اللوم. ولم يرتضي المدعي هذا القضاء فطعن عليه ابتداء بالدعوى رقم 7222 لسنة
52ق طالباً وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بمجازاته بعقوبة اللوم. كما أقام الدعوى
رقم 7223 لسنة52ق طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار هيئة قضايا الدولة السلبي بالامتناع
عن تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 7/ 3/ 1998 في القضية رقم 162
لسنة19ق بمحو عقوبة اللوم الموقعة عليه في 2/ 1/ 1995 و 4/ 5/ 1996. وبجلسة 25/ 10/
1999 قررت محكمة القضاء الإداري ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد وبجلسة 19/ 6/ 2000
قضت بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها.
ولم يرتضى المدعي هذا القضاء فطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 10635
لسنة46ق. وبجلسة 2/ 9/ 2003 قضت الأخيرة بحكمها المتقدم واقامته على أن الثابت من الأوراق
أن السيد رئيس هيئة قضايا الدولة هو الذي طلب من السيد المستشار وزير العدل اقامه الدعوى
التأديبية على الطاعن وهو الذي أعد تقريراً ضمنه الوقائع التي نسبها إليه وأن السيد
رئيس الهيئة هو الذي رأس أيضاً لجنة التأديب والتظلمات فان القرار المطعون فيه الصادر
بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم يكون قد صدر معدوما بسبب عدم صلاحية المستشار رئيس هيئة
قضايا الدولة لرئاسة هذه اللجنة. وأضافت المحكمة أن أساس مسئولية الإدارة عن القرارات
الصادرة منها هو أن يثبت خطأ في جانبها وأن يلحق ضرر بصاحب الشأن وأن تقوم علاقة سببية
بين هذا الخطأ وذاك الضرر. وأشارت إلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن عيب الشكل
الذي يشوب القرار الإداري ويؤدي إلى بطلانه لا يصلح حتماً وبالضرورة أساساً للتعويض
وأنه إذا كان القرار سليماً في مضمونه محمولاً على أسبابه فلا يكون ثمة محل لمساءلة
الجهة الإدارية والقضاء عليها بالتعويض لأن القرار كان سيصدر على أية حال بذات المضمون
لو أن تلك القاعدة قد روعيت وأن الثابت من الأوراق أن الطاعن وجه خطاباً إلى المستشار
محمود سلامة وأشار إليه إلى أنه سبق أن أبلغه كتابه باعتراضاته على الأعمال غير المشروعة
التي يقوم بها وأنه انتزع منه اختصاصاً ينحسر عنه غير أنه استمرأ المسألة في إصرار
وكبر وغلوائية نكايه به كما تقدم بشكوى إلى رئاسة الهيئة يتضرر فيها من تجاوزات رئاسة
القسم ضده بتحريض من المستشار المذكور وأن من شأن استمرار مشاركة الأخير في تلك الأفعال
أن تتحقق مسئوليته عن الإخلال بواجباته. وأنه بالتحقيق مع الطاعن في شأن ما سطرة فأقر
بأرسال ذلك الخطاب إليه مسترعياً نظره إلى المسائل التي ضمنها كتابه المشار إليه وحتى
يمتنع عن الأفعال التي يقوم بها ضده.
وأنه لما كان ما تقدم فإن الطاعن يكون قد خاطب المستشار المذكور بطريقة غير لائقة واصفاً
ما يقوم به من أفعال بأنها غير مشروعة ومدبرة ضده وتتسم بالكيد والغلوائية وأنه إذ
كان ما تقدم وكان الثابت أيضاً أنه سبق أن صدرت قرارات تنبيهه إليه بوجوب أطاعة أوامر
مرؤسية فأن القرار المطعون عليه رغم ما أنطوى عليه من مخالفة شكلية يكون قد صدر محمولاً
على أسبابه لاسيما وأنه لا يسوغ أن يستفيد العضو المخطئ من خطأ جهة الإدارة في اتخاذ
إجراء سليم لمؤاخذته.
وتقوم دعوى البطلان على أن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فيما تضمنه من
رفض طلب التعويض أهدر تماماً الآثار المترتبة على أحكام المحكمة الدستورية التي قضت
بعدم دستورية المادتين 25و26 من قانون تنظيم هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة1963 بشأن
بطلان تشكيل لجنة التأديب والتظلمات. وبالتالي فإن بطلان قرار لجنة التأديب والتظلمات
بسبب عدم صلاحية رئيس الهيئة الذي قام بإحالته إلى المحاكمة التأديبية يكون قد جرد
هذا القرار من صفته كحكم وبالتالي فإنه لا يستقيم في ميزان الحق أن تنقض المحكمة غزلها
بيدها وتهدم حكمها بنفسها فضلاً عن أن المحكمة لم تدرك حقيقة وعصب التقاضي المطروح
عليها الذي لا ينصب على طعن في قرار جزاء إداري معيب بعيب شكلي بل يدور في طلب انعدام
العقوبة الموقعة كأثر مترتب على حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية تشكيل تلك اللجنة
فضلاً عن أن الحكم ارتكن في مناقشة طلب التعويض على حكم صادر من لجنة قضائية قضت هي
بذاتها ببطلانه وبالتالي فإنه لا يقبل منها بعد ذلك اعادة بحثه ومعاودة مناقشته. لاسيما
وأن هذا الحكم تصدي لبحث مشروعية العقوبة وبعد أن قضي بإلغائها. وأقام قضائه على وجود
تحقيق وهو أمر لا دليل عليه في الأوراق فضلاً عن وقوع الحكم في تناقض ظاهر وجسيم ما
بين أسبابه ومنطوقة وتعرضه لمسائل لم تكن موضوعاً للطعن. وهو الأمر الذي أدى إلى اتخاذه
ذريعة باطلة لإعادة محاكمته.
ومن حيث أن المشرع حصر طرق الطعن في الأحكام ووضع لها أجالاً محدودة وإجراءات معينة
بحيث يمتنع بحث أسباب العوار التي تلحق بالأحكام إلا عن طريق التظلم منها بطرق الطعن
المناسبة بحيث إذا كان الطعن غير جائز أو استغلق فإنه لا سبيل لإهدار تلك الأحكام بدعوى
البطلان الأصلية وذلك تقديراً لحجية الأحكام باعتبارها عنوان الحقيقة إلا إنه يستثنى
من ذلك الأصل العام حالة تجرد الحكم من أركانه الأساسية بحيث يشوبه عيب جوهري يصيب
كيانه ويفقده صفته كحكم ولا يرتب حجية الأمر المقضي ولا يرد عليه التصحيح لأن المعدوم
لا يمكن رأب صدعه. والعيب الجسيم الذي يجرد الحكم من مقوماته وأركانه الأساسية على
نحو يفقده كيانه وصفته كحكم ويطيح بماله من حصانة ويحول دون اعتباره موجوداً منذ صدوره
فلا يستفند سلطة القاضي ولا يرتب حجية الأمر المقضي ولا يرد عليه التصحيح فإذا لم يتوافر
في العيب هذه الصفة فإنه لا يكون جسيماً فلا يجرد الحكم من صفته ولا يؤدي إلى انعدامه.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه ولئن كان لا يجوز أن يطعن في الأحكام بطريق
البطلان الأصلي وأنه إذا كان الحكم باطلاً وانقضت مواعيد الطعن فيه أو استنفذت اعتبر
الحكم صحيحاً من كل الوجوه ولا يجوز بأي حال من الأحوال التمسك بأي وجه من أوجه بطلانه
إلا أن هذه القاعدة تخضع لعدة استثناءات وهي الأحكام التي تصدر من فرد أو أفراد عاديين
ليس لهم ولاية القضاء والأحكام الصادرة من محكمة لا وظيفة لها أو على خلاف القواعد
الأساسية الموضوعة للنظام القضائي والقرارات القضائية التي لا تفصل في منازعة ما ولو
اتخذت شكل الأحكام والأحكام التي تصدر في الدعوى في مواجهة شخص بدون إعلانه للجلسة
المحددة لنظر الدعوى إعلاناً صحيحاً أو ضد شخص متوفي. ففي هذا الحال وأشباهها يكون
الحكم باطلاً لبنائه على إجراءات باطلة.
ومن حيث أن الحكم المطعون عليه بدعوى البطلان الأصلية صدر من محكمة مشكلة تشكيلاً صحيحاً
ومن أعضاء لهم ولاية القضاء وكانت المحكمة هي المختصة قانوناً بنظر المنازعة التي قضت
فيها وكانت الأسباب التي أقام عليها المدعي دعوى البطلان جميعاً تتعلق بتأويل القانون
وتطبيقه وتهدف إلى إعادة مناقشة ما قام عليه قضاء الحكم المطعون فيه لاسيما وأن كل
الأسباب التي ساقها المدعي تبريراً لدعواه لا تتعلق بالأركان الأساسية للحكم ولا يترتب
عليها اعتبار الحكم معدوماً أو متجرداً من أركانه الأساسية وبالتالي فان الطعن على
هذا الحكم بدعوى البطلان يكون غير جائز.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بعدم جواز قبول الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة اليوم السبت الموافق 4 صفر1427ه والموافق4/ 3/ 2006بالهيئة
المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
