المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 9091 لسنة 46 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية)
بالجلسة المنعقدة علنا
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أحمد أمين حسان – نائب رئيس مجلس
الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / بخيت محمد إسماعيل – نائب رئيس مجلس الدولة
/ لبيب حليم لبيب – نائب رئيس مجلس الدولة
/ محمود محمد صبحي العطار – نائب رئيس مجلس الدولة
/ مصطفي سعيد حنفي – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشارالدكتور/ حسن محمد هند – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد رمضان عشماوى – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الأتي
في الطعن رقم 9091 لسنة 46 ق. عليا
المقام من
محافظ المنيا وآخر
ضد
السيد/ نافع سيد مرعي
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 24/ 5/ 2000 في الدعوى رقم 656
لسنة 11 ق
الإجراءات
في يوم السبت 19/ 7/ 2000 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة
عن السيد محافظ المنيا والسيد وزير التعليم قلم كتاب هذه المحكمة تقرير بالطعن في الحكم
الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 24/ 5/ 2000 في الدعوى رقم 656 لسنة 11ق
المقامة ضدهما من المطعون ضده والقاضي بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار
المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء خدمة المدعي مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة
الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب التي أورداها في تقرير طعنهما أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف
تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن
شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا: أصليا: بعدم قبول الدعوى
شكلا لرفعها بعد الميعاد واحتياطيا: برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا ارتأت فيه قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وعرض الطعن عن دائرة فحص الطعون فقررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 14/ 3/ 2005 إحالة الطعن
إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثانية موضوع – ونظرته الأخيرة بالجلسات على
النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 4/ 7/ 2005 قررت حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة اليوم
وفيها أصدرت الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفي كافة أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في انه بتاريخ 18/ 8/ 1998
أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1248 لسنة 55ق أمام المحكمة الإدارية بأسيوط بطلب إلغاء
القرار رقم 13 لسنة 1991 فيما تضمنه من إنهاء خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام
الجهة الإدارية بالمصروفات. وذكر شرحا لدعواه انه كان يعمل مدرسا بمدرسة المودة الإعدادية
وحصل علي أجازة للعمل بالسعودية واستمر في العمل حتى عام 1998 وعند عودته علم بأن قرارا
قد صدر بإنهاء خدمته.
ونعى المدعي علىهذا القرار مخالفته للقانون لعدم سابقة إنذاره وخلص إلى ما تقدم من
طلبات وبجلسة 28/ 9/ 1999 قضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها وأمرت بإحالة الدعوى
إلى محكمة القضاء الإداري بأسيوط فقيدت برقم 656 لسنة 11ق.
وبجلسة 24/ 5/ 2000 قضت المحكمة المذكورة بحكمها المتقدم وإقامته على أن مدير مديرية
التربية والتعليم بمحافظة المنيا هو الذي أصدر القرار المطعون فيه دون أن يكون مفوضا
بإصداره من السلطة المختصة وبالتالي فانه يكون قد صدر مخالفا للقانون واجب الإلغاء.
ويقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأن مرور
سبع سنوات على صدور القرار المطعون فيه إنما هو قرينة على العلم به وبالتالي فإن الدعوى
تكون قد رفعت بعد الميعاد وأن انقطاع المطعون ضده عن عمله هذه المدة يقطع بأن لديه
نيته فما هو الوظيفة وبالتالي فانه لا محل لإنذاره بعد أن كشفت ظروف الانقطاع أن الإنذار
لا مبرر له ولا جدوى منه.
ومن حيث إن المادة 98 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة
1978 تعتبر العمل مقدما استقالته إذا انقطع عن عمله بغير أذن خمسة عشر يوما متتالية
ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخص له فيها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوما التالية
ما يثبت أن انقطاعه كان لعذر مقبول. فإذا لم يقدم العامل أسبابا تبرر الانقطاع أو قدم
هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل شريطة أن تقدم جهة
العمل بإنذار العامل كتابة وبعد مرور خمسة أيام من الانقطاع المتصل وعشرة أيام في حالة
الانقطاع غير المتصل ويتعين صراحة إعلان العامل بما يراد اتخاذه حياله من إجراءات بسبب
انقطاعه عن العمل تؤدي في النهاية إلى إنهاء خدمته. ومن ثم فان هذا الإجراء يعد إجراء
جوهري فهو يمثل ضمانة للعامل وبالتالي فإن إغفال هذا الإجراء يعد إهدار لهذه الضمانة
ويكون قرار إنهاء الخدمة دون مراعاة هذا الإجراء مخالفا للقانون.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الإنذار ولئن كان إجراء ليس متصورا لذاته وإنما
الهدف منه هو أن تبين جهة الإدارة مدي إصدار العامل على تركه العمل وهجرة الوظيفة فإذا
كان هذا هو القصد من الإنذار ومراد الشارع منه فإن مقتضي ذلك انه إذا كشفت ظروف عن
العمل بذاتها وقطعت بأن العامل لديه نية هجر الوظيفة وانه عازف عنها فان الإصرار على
القول بضرورة الإنذار في مثل هذه الظروف لا مبرر له ولا جدوى منه.
وترتيبا على ما تقدم فان انقطاع العامل انقطاعا متصلا مدة طويلة من الزمن دون أن يحاول
فيها الاتصال بجهة عمله أو مخاطبتها بما يفيد أن لديه أعذارا تبرر انقطاعه إنما يكشف
بحق عن انه لا يرغب في العودة إلى وظيفته وانه عازف عنها ذلك أن العامل الذي لديه الرغبة
في الحفاظ علي وظيفته فهو ملزم بأحكام الوظيفة ولوائحها وهو ملزم بتقديم أسباب انقطاعه
عن العمل بعد المدة التي حددها القانون فإذا لم يفعل واستطالت مدة انقطاعه زمنا غير
مألوف في عرف الانقطاع فإن هذا الانقطاع كاف وحده للقطع بأن العامل لا يرغب في وظيفته
فإذا كان هذا القصد بات واضحا وجليا حاسما في دلالته على نيته ترك الوظيفة فلا جدوى
من الإنذار ولا فائدة منه.
ومتى توافرت شرائط قرينة الاستقالة المستفادة من الانقطاع عن العمل ولم يقم مانع يحول
دون إنقاذ أثرها أنتجت تلك القرينة أثرها واعتبرت خدمة العامل المنقطع عن عمله منتهية
بحكم القانون من تاريخ انقطاعه ومن ثم فان القرار الذي يصدر بإنهاء خدمته هو في حقيقته
مجرد قرار تنفيذي يعلن عن الخدمة التي انتهت فعلا وبقوة القانون.
ومن حيث انه لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده انقطع عن عمله
اعتبارا من 12/ 9/ 1990 ولم يتصل بجهة عمله إلا في عام 1998 أي بعد حوالي ثمانية سنوات
من الانقطاع فقد بات واضحا أن انقطاعه الطويل حاسما في دلالته على نية ترك الوظيفة
وبالتالي فانه لا محل لبحث الإنذار إذ لا جدوى منه أو فائدة ومتى تحقق الانقطاع على
النحو السالف بيانه فان شرائط قرينة الاستقالة المستفادة من هذا الانقطاع فكون قد توافرت
مادام قد خلت الأوراق من قيام أي مانع يحول دون إنقاذ أثرها ومن ثم فإن القرار المطعون
فيه وقد صدر بإنهاء خدمته يكون قد صدر مطابقا للقانون وبمنأى عن الإلغاء.
ولا يغير مما تقدم أن هذا القرار لم يصدر من السلطة المختصة ذلك لأن هذا القرار في
حقيقته قرار تنفيذي يعلن عن الخدمة التي انتهت فعلا بقوة القانون.
ومن حيث إن الحكم الطعين خالف هذا النظر فانه يكون قد صدر معيبا متعين الإلغاء.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً, وفى الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم السبت الموافق 22 من ذو القعدة سنة 1426 ه والموافق
24/ 12/ 2005 بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
