المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 7321 لسنه 47 ق0 عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثانية موضوع
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أحمد أمين
حسان – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ بخيت محمد إسماعيل – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ لبيب حليم لبيب – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / محمود محمد صبحي – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / بلال أحمد محمد – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / د. حسن محمد هند – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد رمضان عشماوي – أمين السر
أصدرت الحكم الأتي
في الطعن رقم 7321 لسنه 47 ق0 عليا
المقام من
وزير الصناعة بصفته
رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للتوحيد القياسي وجودة الإنتاج بصفته
ضد
سعيد محمد نجيب إبراهيم
وفي الطعن رقم 7412 لسنه 47ق0 عليا
المقام من
رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للتوحيد القياسي وجودة
الإنتاج بصفته
وزير الصناعة بصفته
ضد
سعيد محمد نجيب إبراهيم
وفي الطعن رقم 616 لسنه 48ق0 عليا
المقام من
سعيد محمد نجيب إبراهيم
ضد
رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للتوحيد القياسي وجودة
الإنتاج بصفته
وزير الصناعة بصفته
والطعون الثلاثة عن: الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ( الدائرة السادسة ) بجلسة
11/ 3/ 2001 في الدعوى رقم 9408 لسنه 50ق
المقامة من
سعيد محمد نجيب إبراهيم ( مدعي )
ضد
رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للتوحيد القياسي وجودة
الإنتاج بصفته
وزير الصناعة بصفته ( مدعي عليهما )
الإجراءات
بتاريخ 6/ 5/ 2001 أودع الأستاذ/ مهدي محمد سرار المستشار م 0 بهيئة
قضايا الدولة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن رقم 7321 لسنه 47ق0 عليا, ثم أودع بتاريخ
9/ 5/ 2001 قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن رقم 7412 لسنه 47ق 0عليا – نيابة عن الطاعنين
– طعنا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ( الدائرة السادسة ) بجلسة 11/ 3/
2001 في الدعوى رقم 9408 لسنه 50ق الذي حكمت فيه: –
أولا: – برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعي عليه الثاني
بصفته 0
ثانيا: – بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلزام المدعي عليهما بصفتيهما متضامنين بأن
يؤديا للمدعي مبلغا مقداره (5000 جنيه ) خمسة آلاف جنية والمصروفات )0
وطلب الطاعنين في ختام تقريري طعنيهما – للأسباب الواردة بهما – تحديد أقرب جلسة أمام
دائرة فحص الطعن لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى
المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون
فيه, والقضاء مجددا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي 0
وفي شهر مايو 2002 قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعنين المذكورين
ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلا ورفضهما موضوعا وإلزام الطاعنين بصفتيهما المصروفات
0
وبتاريخ 29/ 10/ 2001 أودع الأستاذ/ غبريال إبراهيم غبريال المحامي بالنقض نيابة عن
الأستاذ/ فوزي مرسي محمد المحامي بالنقض والوكيل عن الطاعن/ سعيد محمد نجيب إبراهيم
قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الرقيم 616 لسنه 48ق 0عليا المشار إليه وذلك طعنا
في ذات الحكم المشار إليه الصادر من محكمة القضاء الإداري ( الدائرة السادسة ) بجلسة
11/ 3/ 2001 في الدعوى رقم 9408 لسنه 50ق0 وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه – للأسباب
الواردة به – قبول الطعن شكلا, وفي الموضوع بتعديل الحكم الطعين بإلزام المطعون ضدهما
بالتضامن بأن يؤديا إليه مبلغ (174550 جنيه ) تعويضا عما أصابه من أضرار مادية وأدبية
مع إلزام المعلن إليهما بالمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين 0
وفي شهر يوليو 2004 قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا برأيها القانوني في الطعن ارتأت
فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات 0
وقد نظرت الطعون المذكورة أمام دائرة فحص الطعون على النحو الوارد بالأوراق والمبين
بمحاضر جلسات الفحص وذلك بجلسة 3/ 7/ 2004 وبالجلسات التالية حيث قررت بجلسة 14/ 3/
2005 إحالتها إلى دائرة الموضوع بالمحكمة وحددت لنظرها أمامها جلسة 28/ 5/ 2005 وبها
نظرتها هذه المحكمة وبالجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات – وبعد أن إستمعت
المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من أقوال وإيضاحات الخصوم – قررت بجلسة 29/ 10/ 2005
إصدار الحكم في الطعون بجلسة 17/ 12/ 2005 وصرحت بمذكرات لمن يشاء خلال أسبوع 0
وقد قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة 18/ 2/ 2006 ولجلسة 25/ 3/ 2006 لإتمام
المداولة ثم قررت التأجيل إداريا لجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة
على أسبابه عند النطق به 0
المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات, وبعد المداولة 0
ومن حيث إن الطعنين رقمي 7321 و 7412 لسنه 47ق0 عليا تم رفعهما بتاريخ 6/ 5/ 2001 و
9/ 5/ 2001 على التوالي على النحو سالف الذكر, وأن الطعن الرقيم 616 لسنه 48ق0 عليا
قد سبق الطاعن وقدم بشأنه بتاريخ 8/ 5/ 2001 طلب الإعفاء من الرسوم رقم 240 لسنه 47ق0
عليا والذي تقرر بجلسة 1/ 9/ 2001 قبوله ثم وبتاريخ 29/ 10/ 2001 أقام الطاعن هذا الطعن
( الرقيم 616 لسنه 48ق 0عليا ), فمن ثم فإن الطعون الثلاثة المذكورة جميعا تكون مقدمة
أثناء الميعاد المقرر قانونا, وقد حازت سائر أوضاعها الشكلية, ومن ثم تكون مقبولة شكلا
0
ومن حيث إن وقائع المنازعة والتداعي تخلص حسبما جاء بالأوراق في أن المدعو/ سعيد محمد
نجيب إبراهيم أقام بتاريخ 22/ 8/ 1996 الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه بالطعون
الثلاثة الماثلة وطلب في ختام عريضة الدعوى الحكم بأداء التعويض المناسب إليه عما حاق
به من أضرار مادية وأدبية من جراء قرار الندب الملغي وما ترتب عليه من تخطيه في الترقية
إلى درجة مدير عام وإلزام المدعي عليه بالمصروفات 0
وأبدي المدعي في الصحيفة شرحا لدعواه أنه التحق في عام 1958 بالعمل لدي الهيئة المدعي
عليها بوظيفة من الدرجة الثامنة المكتبية ثم حصل على ليسانس الآداب أثناء العمل وحصل
على دورة تدريبية من معهد التخطيط القومي وتدرج في مناصب الهيئة إلى أن عمل مديرا للشئون
الإدارية ثم قام بعمل مدير عام الشئون المالية والإدارية وكان مثالا يحتذي به في الجهد
والنشاط فحصل على ثلاث علاوات تشجيعية وظل ملف خدمته ناصع البياض حتى أواسط عام 1987,
ثم عين السيد/ محمد هلال عبد القادر في 11/ 7/ 1987 رئيسا جديدا للهيئة وهو من غير
العاملين بها فتعامل معه ( المدعي ) بكل إخلاص وتفاني إلا أنه سرعان ما دبت الخلافات
بين رئيس الهيئة وبينه هو وآخرين, وأضاف المدعي أنه أراد وزملائه التصدي لمخالفات رئيس
الهيئة ومنها على سبيل المثال: –
1- تغيير مواصفات زيت الشلجم القاتل 0
2- تعديل صلاحية المدة للكبد المستورد0
3- السماح بزيادة نسبة الدهون في اللحوم المستوردة وغير ذلك 0
فتعرض هو وزملائه على أثر ذلك لحملة ضارية من الإضطهاد والعنت الذي أسفر عن إصدار القرار
رقم 22 لسنه 1988 بإلغاء تكليفه ( أي المدعي ) بمباشرة أعمال مدير عام الشئون المالية
والإدارية, والقرار رقم 71 لسنه 1988 بنقله من عمله الأصلي بالأميرية إلى مقر الهيئة
بجاردن سيني دون مباشرة أي عمل, والقرار رقم 38 لسنه 1988 بمجازاته بخصم عشرة أيام
من راتبه والذي قضت المحكمة التأديبية للصناعة في الطعن رقم 173 لسنه 33ق بإلغائه,
ثم أحيل( المدعي ) إلى النيابة الإدارية للصناعة للتحقيق وانتهت التحقيقات إلى أن الأمر
لا يعدو وأن يكون خلافا شخصيا بين المدعي ورئيس الهيئة, ثم أحيل أيضا إلى النيابة الإدارية
للصناعة في 24/ 10/ 1989 وقدم للمحاكمة التأديبية بشأن ضياع بعض الأوراق وقضت المحكمة
بجلسة 17/ 10/ 1990 ببراءته مما نسب إليه, وأضاف المدعي أنه وفي شهر يوليو 1989 تم
تشكيل لجنة نقابية من العاملين بالهيئة لمقاومة الفساد والإنحلال بالهيئة مما حدا برئيسها
إلى إستصدار القرار الوزاري رقم 615 لسنه 1989 بتاريخ 10/ 7/ 1989 بندب أعضاء اللجنة
النقابية إلى ديوان عام وزارة الصناعة فأقام المدعي وزملائه الدعوى رقم 6180 لسنه 44ق
أمام محكمة القضاء الإداري والتي أصدرت بجلستها بتاريخ 26/ 10/ 1992 حكمها بإلغاء القرار
المذكور, وأردف المدعي أنه قد ترتب على هذا الندب الذي ألغي إصابته بأضرار مادية وأدبية
جسيمة وتمثلت الأضرار المادية في إنتقاص أجوره المتغيرة مما أثر في معاشه سلبا وأنقص
عن نظيره بمبلغ مائتي جنيه شهريا, وإنقاص أجره خلال فترة عمله عن زملائه, وتكبد نفقات
وجهد التقاضي للحصول على حكم بإلغاء قرار الندب, تخطيه في الترقية إلى درجة مدير عام
إبان تنفيذه لقرار الندب الباطل, وتمثلت الأضرار الأدبية في المعاناة والألم والأضرار
النفسية وشعوره بالظلم والاضطهاد والإجحاف بحقوقه وهو يري الأحدث منه بعشر سنوات وكانوا
يعملون تحت رئاسته وقد رقوا إلى درجة مدير عام الشئون المالية والإدارية بالهيئة وهم
على سبيل المثال السيدة/ منى مصطفي كامل والمهندس/ محمد رضا شندي وكان قرار ندبه وإبعاده
عن عمله بالهيئة قد حرمه من ذلك, وأنه قد بلغ سن التقاعد في 7/ 10/ 1993 أي بعد صدور
الحكم بإلغاء الندب بسبعة أشهر, وخلص المدعي من ذلك إلى طلباته سالفة الذكر التي اختتم
بها عريضة دعواه 0
وجري تحضير الدعوى لدي هيئة مفوضي الدولة على النحو الوارد بالأوراق ونظرتها محكمة
القضاء الإداري على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث أصدرت فيها بجلستها بتاريخ 11/
3/ 2001 حكمها سالف الذكر ( المطعون فيه ) الذي خلص إلى القضاء بإلزام المدعي عليهما
بصفتيهما متضامنين بأداء مبلغ خمسة آلاف جنية للمدعي, وشيدت المحكمة قضاءها على سند
من أن المدعي طلب القضاء له بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء قرار الندب رقم
615 لسنه 1989 وأن الثابت من الأوراق أن المدعي قد إستصدر حكما قضائيا من محكمة القضاء
الإداري بجلسة 26/ 10/ 1992 في الدعوى 6180 لسنه 44ق بإلغاء قرار وزير الصناعة رقم
615 لسنه 1989 الصادر بالندب ( المطلوب التعويض عنه ) وأن هذا الحكم القضائي صار نهائيا
بعد أن قضت المحكمة الإدارية العليا بجلستها بتاريخ 21/ 3/ 1998 – بإجماع الآراء برفض
الطعن رقم 491 لسنه 39ق0 عليا المقدم عليه وألزمت جهة الإدارة المصروفات وأن ذلك يقوم
به ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية, وأن الثابت من الأوراق أنه قد ترتب على قرار
ندب المدعي حرمانه من الحوافز والبدلات والأجور الإضافية والمكافآت التي كانت الجهة
الإدارية تقوم بصرفها للموظفين التابعين لها وتكبد المدعي مصاريف التقاضي لإلغاء قرار
ندبه الخاطئ الذي ترتب عليه إبعاده عن جهة عمله الأصلية, ومن ثم تخطيه في الترقية بحجة
إنتدابه مما أضاع عليه فرصة الترقي لوظيفة مدير عام التي كان يتطلع لتقلدها خاصة وأن
الثابت من الأوراق أن تلك الوظيفة قد عينت فيها زميلته الأحدث منه اعتبارا من 29/ 6/
1992 وخلال فترة ندبه وقبل القضاء له بإلغاء قرار الندب, بالإضافة إلى الأضرار النفسية
التي أصابته نتيجة إنتدابه خارج الجهة في عجزه عن تلبيه كثير من المتطلبات الأساسية
للحياة وتقصيره في تحمل الأعباء المادية لأسرته فضلا عن الضرر النفسي الواقع عليه لكون
قرار الندب الملغي لم يكن القصد منه تحقيق الصالح العام بل لمعاقبته وآخرين نتيجة موقفهم
المعارض لموضوع زيت الشلجم الضار بالصحة العامة, وأن وزارة الصناعة أفادت بعدم جواز
صرف حوافز للعاملين المنتدبين إليها من جهات أخري وأن الهيئة المدعي عليها ( جهة العمل
الأصلية ) هي الأخرى أفادت بأنه لا يجوز لها أن تصرف حوافز للعاملين المنتدبين منها
خارجها, الأمر الذي يستفاد منه أنه قد نتج عن قرار ندب المدعي حرمانه من الحوافز التي
تصرف من الهيئة وكذا التي تصرف من الوزارة فضلا عن البدلات والأجور الإضافية والمكافآت
التي صرفت لزملائه بالهيئة خلال فترة ندبه الخاطئ وتحمله نفقات الطعن على قرار الندب
وهو ما يمثل في مجموعه ضررا ماديا حاق بالمدعي نتيجة صدور ذلك القرار وتنفيذه بالإضافة
إلى الضرر الأدبي الأمر الذي يتوافر معه ركن الضرر بشقيه المادي والأدبي والذي كان
نتيجة مباشرة لخطأ جهة الإدارة مما تقوم معه مسئوليتها عن التعويض الذي تقدره المحكمة
بمبلغ خمسة آلاف جنية يلزم المدعي عليهما متضامنين بأدائه للمدعي 0, وخلصت المحكمة
إلى القضاء بذلك على النحو سالف الذكر, فلم ترتض الجهة الإدارية بهذا القضاء وأقامت
عليه طعنيها رقمي 7321, 7412 لسنه 47ق0 عليا سند مما نعته بهما على الحكم المطعون فيه
من أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأن القضاء بالتعويض ليس من مستلزمات
القضاء بالإلغاء وأن مسئولية الإدارة لا تقوم إلا بتوافر أركان الخطأ في جانبها والضرر
وعلاقة السببية بينهما, وأن من الأصول المقررة أن الندب مؤقت بطبيعته وأن المشرع أطلق
يد الجهة الإدارية في إجرائه حتى تستطيع تلبية حاجات العمل العاجلة إبتغاء حسن تسييره
وإنتظامه وأرجع لها اختيار من تأنس منه القدرة والكفاية للإضطلاع بمهام الوظيفة والنهوض
بأعبائها واختصاصاتها, وأن قرار ندب المطعون ضده ( محل التعويض ) قد صدر ممن يملك قانونا
إصداره وفقا لدواعي مصلحة المرفق وحسن تسييره وقائما على سنده المشروع وبذلك ينتفي
ركن الخطأ في جانب جهة الإدارة, كما أن الضرر غير متوافر لأنه من المقرر أن الحوافز
والبدلات ومزايا الوظيفة لا تستحق للعامل كأثر من آثار مركزه القانوني بالجهة المنقول
منها وإنما مناط استحقاقها هو إسناد ولاية وظيفة معينة إليه من جانب الجهة الإدارية
ولا يجوز التمسك تجاه الجهة الإدارية بها بوصفها حقا مكتسبا وبناء على ذلك فإن الإدعاء
بالأضرار المادية عن قرار النقل لا أساس له, وأن الضرر الأدبي لا موجب له لآن القضاء
بإلغاء قرار نقل المدعي وتنفيذ الحكم الصادر به من جانب جهة الإدارة كاف لجبر هذا الضرر
الأدبي, وتبعا لذلك فلا يكون هناك أصل حق للمدعي للمطالبة بالتعويض مما يتعين معه القضاء
برفض المطالبة بالتعويض, وخلصت الجهة الإدارية من ذلك على النحو الذي أوردته تفصيلا
بتقريري طعنيهما الرقيمين 7321 و 7412 لسنه 47ق0عليا إلى طلباتها سالفة الذكر التي
اختتمت بها تقريري طعنيها المذكورين كما لم يرتض المدعي/ سعيد محمد نجيب إبراهيم بقيمة
مبلغ التعويض الذي قضي له به الحكم المطعون فيه سالف الذكر, وعلى أثر ذلك أقام عليه
طعنه الرقيم 616 لسنه 48ق 0عليا وردد في تقرير طعنه ما سبق أن سطره تفصيلا بعريضة دعواه
على النحو سالف الذكر, وأضاف إلى ذلك نعيه على الحكم المطعون فيه أنه قد شابه الخطأ
في تطبيق القانون, وعدم ملائمة ومناسبة ما قضي به له من تعويض مع ما أصابه من أضرار,
إضافة إلى الإخلال بحقه في الدفاع لعدم الرد على ما أوضحه في مستنداته ودفوعه ومذكرات
دفاعه بالدعوى التي لو أحاط بها الحكم الطعين وأخذها في اعتباره لما قضي بتعويضه بالقدر
الذي قضي به الذي لا يتناسب ولا يجبر كامل ما أصابه من أضرار, وخلص المدعي ( الطاعن
) من ذلك على النحو الذي أورده تفصيلا بتقرير طعنه الرقيم 616 لسنه 48ق عليا إلى طلباته
سالفة الذكر التي اختتم بها تقرير طعنه المشار إليه 0
ومن حيث إن رحى المنازعة في التداعي موضوع الطعون الماثلة جميعا تدور حول مطالبة المدعي/
سعيد محمد نجيب إبراهيم بالتعويض عما يدعي إصابته به من أضرار مادية وأدبية مما تضمنه
القرار رقم 615 لسنه 1989 الصادر من وزير الصناعة من ندبه من عمله الأصلي القائم به
بالهيئة العامة للتوحيد القياسي وجودة الإنتاج ( مدير إدارة الشئون الإدارية بالهيئة
) للعمل بالشئون الإدارية بديوان عام وزارة الصناعة 0
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي قد ولج باب التقاضي بتاريخ 22/ 8/ 1996 رافعا
دعواه بالمطالبة بالتعويض المشار إليه, وإذ أن دعوى التعويض عن القرارات الإدارية وفق
الأصول التي جري بها قضاء هذه المحكمة لا تتقادم إلا بمضي خمسة عشر عاما على صدور القرار
المطلوب التعويض عنه, فمن ثم فإن دعوى المطالبة بالتعويض المشار إليه تكون مقامة في
الميعاد القانوني, وإذ حازت المطالبة سائر أوضاعها الشكلية فإنها تكون مقبولة شكلا0
ومن حيث إنه عن موضوع المطالبة بالتعويض محل التداعي فإنه من الأصول القانونية المقررة
والتي جري بها قضاء هذه المحكمة أن مسئولية الجهة الإدارية الموجبة لإلتزامها بالتعويض
عن قراراتها لا تتحقق إلا بتوافر أركان ثلاثة هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما
وذلك بثبوت صدور القرار الإداري المطالب بالتعويض عنه مخالفا للقانون بمعناه الواسع
على نحو يصمه بعدم المشروعية لصدوره مشوبا بأي عيب من العيوب المنصوص عليها في قانون
مجلس الدولة، وأن يحيق بصاحب الشأن المطالب بالتعويض ضررا من القرار, وأن تقوم علاقة
السببية بين الخطأ والضرر0
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم, وأن الثابت مما جاء بالأوراق أن المدعي استصدر حكما قضائيا
نهائيا من محكمة القضاء الإداري ( دائرة الجزاءات ) بجلسة 26/ 10/ 1992 في الدعوى رقم
6180 لسنه 44ق المقامة منه وآخرين ضد/ وزير الصناعة, ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة
للتوحيد القياسي وجودة الإنتاج قضي بإلغاء قرار وزير الصناعة رقم 615 لسنه 1989 فيما
تضمنه من ندبه لوزارة الصناعة ( القرار المطالب بالتعويض عنه ) والذي وصم القرار بعدم
المشروعية والمخالفة للقانون لخلوه من تحديد الوظيفة والعمل الذي جري ندبه للقيام به
والإضطلاع بمهامه بوزارة الصناعة وهو القضاء الذي صار نهائيا بعد أن قضت المحكمة الإدارية
العليا بجلستها بتاريخ 21/ 3/ 1998 – بإجماع الآراء – برفض الطعن الرقيم 491 لسنه 39ق
0عليا المقدم عليه من الجهة الإدارية, ولما كان ذلك كاف في حد ذاته من الناحية القانونية
لتحقق وثبوت ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية بموجب حجية الأمر المقضي به الثابتة
للحكم القضائي النهائي المشار إليه الذي دمغ القرار محل المطالبة بالتعويض بعدم المشروعية
والمخالفة للقانون 0 وهو النهج الذي يشايعه ما جري به قضاء المحكمة الإدارية العليا
( من وصم قرار الندب الذي يصدر خلوا من تحديد الوظيفة التي يجري إليها الندب وبيانها
على وجه التحديد بعدم المشروعية والمخالفة للقانون على نحو يقوم به ركن الخطأ في مسئولية
الجهة الإدارية الموجبة للإلتزام بالتعويض بحسبان أن القرار الإداري الذي يصدر بالندب
هو الأداة القانونية التي تصل العامل بالوظيفة التي يصير ندبه إليها أو همزة الوصل
في هذا الصدد وبهذه الأداة ومن خلالها تتحدد حقوق وواجبات العامل المنتدب وليس يتأتى
تحديد حقوقه ومركزه القانوني في الندب ليكون على بصيرة من تبينه ذلك, كما لا يتأتى
تحديد واجباته على نحو تتحدد به المسئولية عما قد يقع من إخلال بمقتضيات أعمال الوظيفة
التي تقتضي المصلحة العامة شغلها بأداة الندب وعلى نحو يمنع من شيوع المسئولية وما
ينجم عن ذلك من أضرار بالمصلحة العامة والإفلات من المسائلة إلا بتضمين القرار الذي
يتقرر به الندب بيان العمل الوظيفي الذي يجري الندب إليه على وجه التحديد في هذا الصدد
– ينظر حكمي المحكمة الإدارية العليا الصادرين بجلسة 10/ 1/ 2004 في الطعن رقم 1493
لسنه 44 ق0عليا, وبجلسة 8/ 5/ 2004 في الطعن رقم 9675 لسنه 47ق 0عليا ), ولما كان ذلك
كذلك, وثبت تحقق ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية على النحو المتقدم ذكره, وإذ أن
هذا الخطأ لم يخلو الأمر معه من أضرار حاقت بالمدعي بسببه تتمثل في أضرار مادية تقدر
بما لحقه من خسارة وما فاته من كسب أثناء فترة الندب وبسببه وفق ما جري به نص المادة
من القانون المدني من أنه: -(- إذا لم يكن التعويض مقدرا في —— أو بنص في
القانون, فالقاضي هو الذي يقدره, ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من
كسب 0000000 ) ولا ريب أنه يعد مما لحق المدعي من خسارة وما فاته من كسب في هذا الصدد
إبان فترة ندبة وبسببه ما جاء بالأوراق وسطرته أسباب الحكم الطعين من حرمانه من الحوافز
والبدلات والأجور الإضافية والمكافآت التي كانت تصرف له من عمله بالهيئة وكانت تصرف
لقرنائه المستمرين بالعمل بها أثناء فتره ندبه للعمل بديوان عام وزارة الصناعة خارج
الهيئة منذ سنه 1989 وحتى القضاء له في 26/ 10/ 1992 بإلغاء الندب, ويضاف إلى ذلك بلا
ريب الأضرار المادية الناجمة عن إثقال الجهة الإدارية لكاهله بعناء ومشقة ونفقات إضطراره
لمقاضاتها وتحمله بذل الوقت والجهد والمال في ذلك لإدراك حقوقه المسلوبة في هذا الصدد,
بالإضافة إلى الضرر الأدبي الذي لا محالة هو حاق به في هذا الصدد المتمثل في الإيذاء
النفسي ومعاناة الشعور بالظلم والغبن والآلام النفسية والشعور بالإنكسار والخذلان وسط
أقرانه في محيط عمله وعلى المستوي الأسري والإجتماعي وهي الأضرار الأدبية التي أوجب
القانون التعويض عنها أيضا فيما جري به نص المادة من القانون المدني بأن (1-
يشمل التعويض الضرر الأدبي ايضا،00000 ), ولما كان البين مما تقدم تحقق المسئولية الموجبة
لإلتزام الجهة الإدارية بالتعويض في هذا الصدد بأركانها الثلاثة من خطأ وضرر وعلاقة
السببية بينهما, وأن مبلغ التعويض الذي قضي به الحكم الطعين للمدعي بقيمة 5000 جنية
خمسة آلاف جنية لا يتناسب البته مع جملة الأضرار المادية والأدبية التي سلف بيانها
وحاقت بالمدعي وينطوي على بخس ورهق لحقه في التعويض الذي يجبر كامل ما أصابه من أضرار
مادية وأدبية في ضوء ما ألمعت إليه هذه المحكمة من بيان لهذه الأضرار فيما سلف, فمن
ثم فإن الطعنين رقمي 7321 و 7412 لسنه 47ق. عليا يكونان قد جاءا على غير سند من صحيح
أحكام القانون وحقيقين لذلك برفضهما مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات عنهما عملا
بحكم المادة من قانون المرافعات 0000
ومن حيث إنه ولئن كان الحكم الطعين قد صادف صحيح القانون فيما سجله قضائه من ثبوت أركان
المسئولية الموجبة لإلتزام الجهة الإدارية بالتعويض, إلا أنه أي الحكم الطعين لم يصادف
صحيح القانون في تقديره لقيمة الضرر المادي والأدبي محل طلب التعويض المشار إليه وجاء
منطويا على بخس في تقديره لقيمة التعويض بمبلغ خمسة آلاف جنية الذي قضي به للمدعي على
النحو المتقدم ذكره, ومن ثم فإنه وفي ضوء ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون حريا
بتعديله إلى القضاء بإلزام الجهة الإدارية بأداء التعويض الذي يطمئن وجدان هذه المحكمة
إلى كونه جابرا للأضرار المادية والأدبية التي حاقت بالمدعي من جراء القرار المطالب
بالتعويض عنه سالف الذكر والذي تقدره هذه المحكمة بمبلغ (20000 جنيه ) عشرين ألفا من
الجنيهات وتقضي له به مع إلزام الجهة الإدارية مصروفات الطعن الرقيم 616 لسنه 48ق0
عليا عملا بحكم المادة من قانون المرافعات 0
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: – بالآتي: –
بقبول الطعون شكلا 0
برفض الطعنين رقمي 7321 و 7412 لسنه 47 ق 0عليا موضوعا 0
وفي موضوع الطعن رقم 616 لسنه 48ق0 عليا بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام
الجهة الإدارية المطعون ضدها بأداء مبلغ عشرين ألفا من الجنيهات إلى الطاعن 0
بإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذه الطعون 0
صدر هذا الحكم وتلي علنا يوم السبت الموافق 3 من ربيع أول 1427 هجرية والموافق 1/ 4/
2006 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره 0
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
