السيد الأستاذ الدكتور/ وزير الموارد المائية والرى
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
ملف رقم 7/ 2/ 258
جلسة 15 نوفمبر 2006
السيد الأستاذ الدكتور/ وزير الموارد المائية والرى
تحية طيبة وبعد،،،،،،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم 1683 بتاريخ 9/ 7/ 2006 بشأن مدى جواز إنشاء محلات سياحية على السور الخارجى لمبنى مديرية المساحة بالأقصر.وحاصل واقعات الموضوع _ حسبما يبين من الأوراق _ أن رئيس المجلس الأعلى لمدينة الاقصر طلب من وزير الموارد المائية والرى بموجب كتابه رقم 651 لسنة 2005 السماح بإنشاء محلات سياحية على السور الخارجى لمبنى مديرية المساحة بمدينة الاقصر، مع قيام المجلس بتجهيز هذه المحلات وعرضها للايجار و دفع 25% من الحصيلة سنوياً لهيئة المساحة بالمدينة للإنفاق على خطة الصيانة والتطوير، فأحال الوزير هذا الطلب إلى الهيئة المصرية العامة للمساحة التى وافقت من حيث المبدأ على إنشاء هذه المحلات بمعرفتها ومن موازنتها بحسبانها هيئة اقتصادية منوط بها تغطية عوائدها وإدارة مواردها إدارة اقتصادية، إلا أن الوزير رفض الموافقة استنادا إلى أن هذا الاقتراح سوف يخفى واجهة مبنى الهيئة بمدينة الاقصر كمبنى خدمى، ويقضى على معظم الرصيف مقابل دخل غير مؤكد وإنه أجدى بالهيئة أن تقوم بتجميل الرصيف ليكون واجهة نظيفة وجميلة. وتم إبلاغ رئيس المجلس الأعلى لمدينة الاقصر بمضمون ما تقدم، إلا انه عاود الطلب مرة أخرى مؤكداً على تجميل واجهة مبنى مديرية المساحة بطريقة مميزة لتتماشى مع واجهة المحلات الخاصة بالفندق المجاور لهذا المبنى، وعلى قصر عمل تلك المحلات بعد مواعيد العمل الرسمية مع توحيد نشاطها بقدر الإمكان. فعرض الأمر مجددا على مجلس إدارة الهيئة الذى وافق مبدئيا مع انجاز كافة الإجراءات بإضافة بند فى اللائحة المالية للهيئة بما يتيح لها ممارسة هذا النشاط ليتوائم مع وضعها كهيئة اقتصادية، مع استطلاع رأى إدارة الفتوى المختصة. وإزاء ما تقدم طلبت الهيئة الرأى فى هذا الموضوع من إدارة الفتوى المختصة بموجب الكتاب رقم 21 بتاريخ 17/ 1/ 2006 ثم طلب الوزير الرأى من الجمعية العمومية بموجب كتابه المشار إليه الموجه الى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس مجلس الدولة مع الاسترشاد بفتوى الجمعية رقم 938 بتاريخ 14/ 8/ 2005 الصادرة بجلسة 7/ 7/ 2005 ملف رقم 32/ 2/ 3635، والتى انتهت فيها الجمعية إلى أحقية الهيئة القومية لسكك حديد مصر فى الانتفاع بالأرض المقام عليها بعض المحلات، وإلزام الوحدة المحلية المختصة بإصدار تراخيص لتشغيلها.
ونفيد أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة فى 15 من نوفمبر سنة 2006م، الموافق 23 من شوال سنة 1427هـ، فاستبان لها أن المادة من القانون المدنى تنص على أن " 1 – الشخص الاعتبارى يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعية وذلك فى الحدود التى قررها القانون. 2 – فيكون له: [أ] 0000 [ب] أهلية فى الحدود التى يعينها سند إنشائه أو التى يقررها القانون [ج] 0000000 " وأن المادة من ذات القانون تنص على أن " تعتبر أموالا عامة العقارات و المنقولات التى للدولة أو للاشخاص الاعتبارية العامة، و التى تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون او مرسوم أو قرار من الوزير المختص. 000." وأن المادة منه تنص على أن " تفقد الأموال العامة صفتها العامة بإنتهاء تخصيصها للمنفعة العامة، وينتهى التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص أو بالفعل، أو بانتهاء الغرض الذى من اجله خصصت تلك الاموال للمنفعة العامة."، كما استبان لها أن المادة من قانون الموازنة العامة للدولة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1973 معدلاً بالقوانين أرقام 11 لسنة 1979و104 لسنة 1980 و 87 لسنة 2005 تنص على أن " تشمل الموازنة العامة للدولة جميع الاستخدامات والموارد لأوجه نشاط الدولة التى يقوم بها كل من الجهاز الإدارى ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة وصناديق التمويل، ولا تشمل الموازنة العامة للدولة موازنات الهيئات العامة الاقتصادية وصناديق التمويل ذات الطابع الإقتصادى التى يصدر بتحديدها قرار من رئيــس مجلس الوزراء ويعد بشأنها موازنات مستقلة تقدم من وزير المالية إلى مجلس الوزراء لإحالتها إلى مجلس الشعب لاعتمادها، و تقتصر العلاقة بين هذه الموازنات المستقلة والموازنة العامة للدولة على الفائض الذى يؤول للدولة وما يتقرر لهذه الموازنات من قروض ومساهمات 0000 "
واستبان للجمعية العمومية أيضا، أن المادة من قرار رئيس الجمهورية رقم [ 827 ] لسنة 1975 بشأن إعادة تنظيم الهيئة المصرية العامة للمساحة معدلاً بقرار رئيس الجمهورية رقم 328 لسنة 1983، تنص على أن " الهيئة المصرية العامة للمساحة _ هيئة عامة ذات شخصية اعتبارية مقرها مدينة القاهرة _ وتتبع وزير الرى " وأن المادة من ذات القرار تنص على أن " تقوم الهيئة المصرية العامة للمساحة بالأعمال الأساسية الآتية:_ 0000 وللهيئة أن تؤدى الخدمات الآتية للغير نظير تحصيل تكاليف تأديتها 000000000" فى حين تنص المادة منه على أن "يكون لمجلس إدارة الهيئة السلطات اللازمة لإدارة شئون الهيئة وتحقيق أغراضها ويباشر على الأخص ما يأتى:_ 1 – 0000000000 2 – إصدار القرارات واللوائح الداخلية المتعلقة بالشئون الفنية والإدارية والمالية للهيئة وذلك دون التقيد بالقواعد والنظم الحكومية 0000 " وتنص المادة منه على أن " تتكون موارد الهيئة مما يأتى: 1 – 0000 2 – الإيرادات الناتجة عن مباشرة نشاطها 3 – 0000 " كما تنص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم [ 1686 ] لسنة 2000 على أن " تعتبر الهيئة المصرية العامة للمساحة التابعة لوزير الموارد المائية والرى من الهيئات الاقتصادية اعتباراً من موازنة العام المالى 2001/ 2002 "
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم _ وعلى ما استقر عليه افتاؤها _ أن الأصل فى ملكية الدولة أو وحداتها أو مصالحها أو هيئاتها العامة، أنها ملكية عامة تتغيا منها إدارة المرافق العامة التى تضطلع بأعبائها، وأن الانتفاع بالمال العام لا يخرج عن كونه استعمالاً للمال العام فيما أُعد له. ويكون نقل الانتفاع بين الجهات الإدارية بنقل الإشراف الإداري عليه، ونقل تخصيصه من وجه من وجوه النفع العام إلى وجه آخر من هذه الوجوه. وأن مفهوم المال العام يختلف من حيث الطبيعة عن مفهوم المال الخاص لأن المال العام ليس مملوكاً للدولة أو هيئاتها العامة بذات السلطات التى تملكها الدولة أو الأفراد بالنسبة لما يملكونه ملكية خاصة، إذ هو خارج إطار التعامل بموجب تخصيصه للنفع العام، ويد الدولة عليه أقرب إلى يد الأمانة والرعاية منها إلى يد التصرف والاستغلال وذلك حتى تنتهى صفته كمال عام بانتهاء تخصيصه للنفع العام بموجب سند قانونى أو بالفعل.
و يضاف إلى ذلك أن قرار إنشاء الهيئة المصرية العامة للمساحة حدد على سبيل الحصر الأعمال الأساسية المنوط بالهيئة القيام بها دون مقابل، والأعمال التى يجوز لها القيام بها للغير نظير تحصيل تكاليف تأديتها، وجميعها ذات صلة مباشرة بأعمال المساحة. وبذلك يكون القرار المشار إليه قد رسم نطاق ما تتمتع به الهيئة من مكنات وسلطات. وإذ خلت أحكام هذا القرار مما يجيز للهيئة مكنة القيام بإنشاء المحلات التجارية وتأجيرها للغير، فمن ثم تكون الأهلية القانونية لها قاصرة عن هذا النشاط قصوراً مرده تحديد القرار الحاكم لنطاق أهليتها من غير اشتمال على هذا الوجه من النشاط. فالأصل فى أهلية الشخص الاعتبارى هو الحظر، ما لم ينص القانون على الإباحة، فالنص الحاكم للكيان القانونى هو الذى يمنح قدر القوامة وحد الأهلية الذى يتمتع به الشخص الاعتبارى، وداخل هذا الاطار يتعين فهم ما ورد بالمادتين و من قرار إنشاء الهيئة، والذى منح مجلس إدارتها سلطة إصدار اللوائح المالية دون التقيد بالقواعد والنظم الحكومية، حيث أن ذلك مشروط _ بحسب صريح النص _ بتحقيق أغراض الهيئة المنصوص عليها حصرا فى ذلك القرار، والذى جعل من بين إيرادات الهيئة تلك الناتجة عن مباشرة نشاطها، حيث إن ذلك ينصرف إلى تلك الأعمال التى تؤديها للغير من ذات جنس الأعمال المنوط بها قانوناً القيام بها دون غيرها.
ولا يغير من ذلك كون الهيئة المذكورة من الهيئات الاقتصادية، على النحو الذى نص عليه قرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه إذ فضلا عن أن هذه الصفة ترتبط فى الأصل بالنشاط المنوط بالهيئة القيام به والمحدد على سبيل الحصر فى سند إنشائها، فإنها فى ذات الوقت ينحصر نطاق إعمالها فى مجال تنفيذ أحكام قانون الموازنة العامة للدولة، وما يقرره من إخراج موازنات الهيئات الاقتصادية التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس الوزراء، من الموازنة العامة للدولة، بحيث تقتصر العلاقة بين هذه الموازنات والموازنة العامة للدولة _ كأصل عام _ على الفائض الذى يؤول للدولة، وما يتقرر لهذه الموازنات من قروض ومساهمات.
وحيث إنه بإنزال ما تقدم على وقائع الموضوع المعروض يتضح، عدم جواز قيام الهيئة العامة للمساحة بإنشاء محلات سياحية على السور الخارجى لمبنى مديرية المساحة بالأقصر، حيث إن السور المشار إليه من الأموال العامة. وبالتالى فإن يد الهيئة عليه تكون أقرب إلى يد الأمانة والرعاية منها إلى يد التصرف والاستغلال حتى تنتهى صفته كمال عام وهو ما لم يحدث، فضلا عن خلو قرار إنشاء الهيئة من منحها هذه المكنة مما مؤداه عدم إمكان قيامها بهذا النشاط.
ولا يغير من ذلك ما صدر عن الجمعية العمومية من إفتاء فى الملف رقم 32/ 2/ 3635 جلسة 7/ 7/ 2005 إذ إن الهيئة القومية لسكك حديد مصر _ الصادر فى شأنها هذا الإفتاء _سمح لها بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 114 لسنة 2005 استغلال بعض الأراضى، ومنها، الأراضى التى أقامت عليها هذه الهيئة محلات تجارية كانت محلاً للإفتاء المشار إليه، سواء بذاتها أو عن طريق أى من شركاتها فى المشروعات الاستثمارية التى تستهدف تنمية وزيادة مواردها، وذلك بعد إنهاء تخصيصها بمقتضى ذات القرار للمنفعة العامة، بما يختلف تماماً عن حالة الهيئة الماثلة، ويتنافر بالتالى من كافة الوجوه مع إعمال حكم القياس.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى عدم جواز إنشاء محلات سياحية على السور الخارجى لمبنى مديرية المساحة بمدينة الاقصر .وتفضلوا بقبول فائق الاحترام ،،،
رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشــار / نبيل مرهم
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة
