المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 4364 لسنة 39 ق عليا – جلسة 4/ 12/ 2004م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم السبت الموافق 4/ 12/ 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان وحسن سلامة أحمد محمود
وأحمد عبد الحميد حسن عبود ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو – نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض
الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الأتي
في الطعن رقم 4364 لسنة 39 القضائية عليا
المقام من
1 – محافظ القاهرة "بصفتة"
2 – رئيس حي مصر الجديدة "بصفته"
3 – وزير السياحة "بصفته"
ضد
هاني محمد فريد البحار صاحب ومدير شركة باكو فيك البحار للاستثمارات والخدمات والتجارة في الحكم الصادرمن محكمة القضاء الإداري " دائرة الأفراد ج " الصادر بجلسة 1/ 7/ 1993 في الدعوى رقم 6547 لسنة 46ق
الإجراءات
في يوم السبت الموافق 28/ 8/ 1993 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبًا
عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم المشار إليه ،
في حكم محكمة القضاء الإداري دائرة الأفراد (ج) الصادر بجلسة 1/ 7/ 1993 في الدعوى
رقم 6547 لسنة 46ق والذي قضي بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام
الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات.
وطلبت الهيئة الطاعنة – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي
الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بصفة أصلية بعدم قبول الدعوى شكلاً
لرفعها بعد الميعاد ، وبصفة احتياطية برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام
المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني ، ارتأت فيه الحكم بقبول
الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون
فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى فحص طعون جلسة 21/ 4/ 2003 وتدوول أمامها إلي
أن قررت بجلسة 3/ 5/ 2004 إحالة الطعن إلي المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولي
موضوع لنظره بجلسة 12/ 6/ 2004 وفيها قررت المحكمة التأجيل لجلسة 9/ 10/ 2004 حيث قررت
إصدار الحكم بجلسة اليوم ، وصدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه لدي النطق
به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 4/ 6/ 1992
أقام المطعون ضده الدعوى رقم 6547 لسنة 46ق أمام محكمة القضاء الإداري – دائرة الأفراد
(ج) – ضد الطاعنين بصفاتهم وطلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس حي مصر
الجديدة برفض الترخيص فى إقامة وإنشاء واستغلال المنشأة السياحية (كريزي برجر) كمنشأة
من النوع الأول والكائنة بالعقار رقم 14 شارع شفيق غربال بمنطقة روكسي بمصر الجديدة
، ووقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع محافظ القاهرة عن إصدار هذا الترخيص تطبيقًا لقرار
وزير السياحة رقم 579 لسنة 1991 ، وما يترتب عليهما من آثار ، وفي الموضوع بإلغاء القرارين
المطعون فيهما مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات. على سند
من أنه تقدم إلى الإدارة العامة لشئون التخطيط والمتابعة بوزارة السياحة بطلب للموافقة
على ترخيص وتشغيل مطعم سياحي تحت اسم (كريزي برجر) بالعقار المشار إليه ، وبتاريخ 8/
5/ 1990 صدرت الموافقة على أن يتقدم بالرسومات الهندسية للإدارة العامة للتراخيص التابعة
لوزارة السياحة وبتاريخ 12/ 9/ 1991 صدر قرار وزير السياحة رقم 579 لسنة 1991 باعتبار
المنشأة من المنشآت السياحية تطبيقًا لأحكام القانون رقم 1 لسنة 1973 إلا أنه فوجئ
بتاريخ 11/ 3/ 1992 بكتاب الإدارة العامة للرقابة على المحال السياحية بوزارة السياحة
الذي يفيد ضرورة رفع المناضد والكراسي الكائنة بالدور العلوي بالمطعم ، وتبين له أن
إدارة الإسكان بحى مصر الجديدة أرسلت كتابًا إلى إدارة تنشيط السياحة برفض ترخيص المحل
المذكور كمحل عام سياحي من الدرجة الأولى واعتباره محل خدمات فقط بحجة أن الشارع غير
مصرح فيه بمحال عامة من النوع الأول طبقًا لتعليمات المحافظ وينعى على هذا القرار مخالفته
للقانون لأسباب حاصلها: أنه طبقًا لأحكام القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن المنشآت الفندقية
والسياحية آلت إلى وزارة السياحة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 371 لسنة
1956 في شأن المحال العامة ، وبعد صدور قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 أصبح
الاختصاص بإنشاء وإقامة المنشآت السياحية واستغلالها وإدارتها مشتركًا بين وزارة السياحة
والمحافظات ، وبذلك يتضح أن منح الترخيص هو من اختصاص المحافظات طبقًا للشروط والإجراءات
التي يصدر بها قرار من وزير السياحة وبالتالي فلا يملك رئيس الحي سلطة منح أو منع التراخيص
بإقامة المنشآت السياحية لأن السلطة المختصة في هذا الشأن تتمثل في محافظ القاهرة الذي
لا يملك تفويض غيره لخلو النصوص مما يفيد الحق في التفويض ، وقد صدر قرار وزير السياحة
رقم 579 لسنة 1991 في 12/ 9/ 1991 باعتبار منشأة (كريزي برجر) من المنشآت السياحية
مما يدل على عدم صحة ما تعللت به الجهة الإدارية من أن الشارع الكائن به تلك المنشأة
ليس مصرحًا فيه بإدارة وتشغيل محال عامة لأن التحديد ينصب على المناطق السياحية ولا
ينصب على تحديد الشوارع ، ومنطقة روكسي هي من المناطق السياحية المصرح فيها بإقامة
وإنشاء واستغلال المنشآت الفندقية والسياحية.
وبجلسة 1/ 7/ 1993 قضت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية
المصروفات. وشيدت قضاءها على أن الجهة الإدارية قد استندت في رفضها الترخيص للمدعي
في تشغيل المنشأة السياحية إلى أن الشارع الكائنة به المنشأة ليس مصرحًا فيه بإنشاء
وإدارة محال عامة من النوع الأول (مطاعم) بموجب قرار محافظ القاهرة رقم 2261 لسنة 1983
في حين أن تحديد المناطق السياحية ومباشرة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم
371 لسنة 1956 فيما يتعلق بالمحال والمنشآت ذات الطابع السياحي هو اختصاص مشترك بين
وزارة السياحة والمحافظات وبالتالي يكون قرار المحافظ الذي عولت عليه جهة الإدارة في
إصدارها قرار الرفض – في ضوء الظاهر من الأوراق – قد صدر دون الرجوع إلى وزارة السياحة
وبالتالي يضحى القرار المطعون فيه بحسب الظاهر مخالفًا لأحكام القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله
ذلك أن تحديد الشوارع المصرح فيها بفتح محال عامة من النوع الأول سواء كانت سياحية
من عدمه يدخل في اختصاصات وحدات الإدارة المحلية كل فى دائرة اختصاصها وإذ ثبت أن الشارع
المذكور غير مرخص فيه بفتح محال من النوع الأول فإن قرار جهة الإدارة يكون قد صادف
صحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المستفاد من نصي المادتين الأولى والثانية
من القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة ، والمادتين 1و 2 من القانون رقم
1 لسنة 1973 في شأن المنشآت الفندقية والسياحية, والمادتين 2و 27 من قانون نظام الإدارة
المحلية رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته ، والمادة من اللائحة التنفيذية لقانون نظام
الإدارة المحلية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 ، أن أحكام القانون
رقم 1 لسنة 1973 المشار إليه ، قد نأت بالاختصاص بمنح تراخيص المنشآت السياحية عن الاختصاص
العام المخول لوحدات الإدارة المحلية طبقًا لأحكام قانون نظام الإدارة المحلية المشار
إليه ، فناطت الأمر فيه بوزارة السياحة كما اعتبر مرفق السياحة من المرافق ذات الطبيعة
الخاصة في مفهوم المادة الثانية من قانون نظام الإدارة المحلية التي خولت وحدات الإدارة
المحلية إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها عدا المرافق القومية
أو ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية – ومنها مرفق السياحة
– ومقتضى ذلك ولازمه خضوع المنشآت السياحية لاختصاص وإشراف وزارة السياحة دون وحدات
الإدارة المحلية فتئول إلى وزارة السياحة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم
371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة والقانون رقم 372 لسنة 1956 في شأن الملاهي بحيث
لا يجوز إنشاء أو إدارة هذه المنشآت إلا بترخيص من وزارة السياحة وهو ما نصت عليه صراحة
المادة الثانية من القانون رقم 1 لسنة 1973 المشار إليه.
ومن حيث إنه ولئن كان اختصاص وزارة السياحة في شأن المنشآت السياحية مقررًا لها طبقًا
للتشريعات سالفة الذكر فإن ممارسة هذا الاختصاص إنما تجري في حدود نطاق التنظيم القانوني
العام للمحال العامة ذلك أن ما آل إلي وزارة السياحة بالنسبة إلي هذه المنشآت هو الاختصاص
المخول لوحدات الإدارة المحلية في إصدار التراخيص بالإنشاء أو الإدارة أو الاستغلال
وهو ما لا يتأتي إلا في الشوارع أو الأحياء التي يجوز فيها إصدار هذه التراخيص طبقًا
لما تحدده السلطات في هذا الشأن أي تلك التي تحدد بناء علي اقتراح المجالس المحلية
وبموافقة المحافظ المختص وفقًا لنص المادة من القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن
المحال العامة فإن لم يصدر القرار علي هذا النحو بإجازة فتح محال عامة في شوارع أو
أحياء معينة فلا يجوز لوزارة السياحة الترخيص في إنشاء أي محال في هذا الشارع أو ذاك
الحي.
وما ينطبق علي وحدات الإدارة المحلية يشمل أيضًا وزارة السياحة إذ إن المنشآت السياحية
هي في الأصل محال عامة رأى المشرع بالقانون رقم 1 لسنة 1973 بهدف تنمية السياحة وتنشيطها
وتنظيمها وضع تعاريف محددة لها وتشجيع إقامتها ، ومن غير المستساغ في المنطق والتطبيق
القانوني الصحيح أن يكون أحد الشوارع أو الأحياء غير مصرح فيه من السلطة المختصة بفتح
المحال العامة من النوع الأول كالمطاعم والمقاهي المعدة لبيع وتقديم المأكولات والمشروبات
بقصد تناولها في ذات المحال وذلك تطبيقًا للنص الوارد في المادة الثانية من القانون
رقم 371 لسنة 1956 لعدم صدور قرار من السلطة المختصة ذات الشأن المشار إليه بإجازة
فتح هذا النوع من المحال في الشارع أو الحي المذكور ثم يصرح في ذات الوقت من وزارة
السياحة بفتح هذا النوع من المحال ذاتها التي تتوافر فيها الصفة السياحية وهي صفة إضافية
في هذه المحال ولا تغير من طبيعتها وكونها من المحال العامة من النوع الأول المشار
إليه ومن ثم فالأولي بالصحة أن فتح المطاعم والمقاهي وما يماثلها من محال النوع الأول
الواردة في المادة الأولي من قانون المحال العامة سواء كانت مجرد محال عامة أو مضافة
لها صفة المنشأة السياحية إنما يحكمه أصل عام واحد يستهدف حماية النظام العام والتخطيط
الإسكاني والسكينة العامة والصحة العامة في بعض الشوارع والأحياء التي يقتضي اعتبار
دواعي المصلحة العامة للمواطنين عدم فتح هذا النوع من المحال فيها ، وهذا الأصل يظل
لا يغير منه أن هذا المحلات العامة قد يتوافر بها وصف المنشأة السياحية إذ إن هذا الوصف
ليس بديلاً عن اشتراط أن يكون موقع الترخيص به في الشارع يجوز قانونًا صدور هذه التراخيص
لهذا النوع من المحال فيها ، وبناء علي ذلك لا يجوز لوزارة السياحة قانونًا إصدار ترخيص
إنشاء أو إدارة المحال المشار إليها إلا في الشوارع والأحياء التي صدر قرار من المحافظ
المختص بإجازة فتح المحال العامة من النوع الأول فيها طبقًا للمادة الثانية من القانون
رقم 371 لسنة 1956 سالف الذكر ، فسلطة وزارة السياحة في التراخيص تتعلق بالتحقق من
توافر اشتراطات ووصف المنشأة السياحية في المحال العامة وليس تحديد مواقع الأحياء والشوارع
التي يجوز الترخيص فيها أصلاً ، بهذه المحال العامة سياحية أو غير سياحية.
ولما كان البادئ من ظاهر الأوراق أن قرار محافظ القاهرة رقم 2261 لسنة 1983 بتحديد
الأحياء والمناطق التي يحظر فيها إقامة المحال التجارية والصناعية بمدينة القاهرة ،
قد تضمن بالنسبة لقسم مصر الجديدة تحديد شارع شفيق غربال ضمن الشوارع المصرح فيها بفتح
محلات خدمات فقط ، ولما كانت المحال العامة تشمل في النوع الأول منها المطاعم والمقاهي
وما يماثلها من المحال المعدة لبيع وتقديم المأكولات أو المشروبات بقصد تناولها في
ذات المحال طبقًا لنص المادة الأولي من القانون رقم 371 لسنة 1956 المشار إليه ، ومن
ثم فإنه لا يجوز قانونًا الترخيص بفتح هذا النوع من المحال حتى ولو توافرت فيه صفة
المنشأة السياحية بشارع شفيق غربال بمصر الجديدة ويكون القرار المطعون فيه برفض الترخيص
وامتناع محافظة القاهرة عن إصدار الترخيص يكون – بحسب الظاهر من الأوراق – قد جاء على
سند صحيح من القانون غير مرجح الإلغاء مما ينتفي معه ركن الجدية ويتعين بالتالي الحكم
برفض طلب وقف التنفيذ دون ما حاجة لبحث ركن الاستعجال لعدم جدواه.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه
وتأويله متعينًا الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار
المطعون فيه وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
