المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 2235 لسنة 47 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثانية
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أحمد أمين
حسان – نائب رئيس مجلس الدولة رئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ بخيت محمد إسماعيل – نائب رئيس مجلس الدولة
/ لبيب حليم ليبب – نائب رئيس مجلس الدولة
/ محمود محمد صبحي العطار – نائب رئيس مجلس الدولة
/ بلال أحمد محمد نصار – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ حسن محمد هند – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوي – أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 2235 لسنة 47 ق. عليا
المقامة من
كمال توفيق السيد الجابري
ضد
وزير الداخلية " بصفته "
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ( دائرة العقود والتعويضات ) بجلسة 24/ 9/
2000 في الدعوى رقم 6355 لسنة 51 ق.
المقامة من
الطاعن ( مدعي )
ضد
المطعون ضده ( مدعى عليه )
الإجراءات
بتاريخ 21/ 11/ 2000 أودع الأستاذ/ محمد محمود مصطفى عمرو المحامي
بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر
من محكمة القضاء الإداري ( دائرة العقود والتعويضات ) بجلسة 24/ 9/ 2000 في الدعوى
رقم 6355 لسنة 51 ق. الذي حكمت فيه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم
الصادر في الدعوى رقم 6248 لسنة 42 ق.، وألزمت المدعي بالمصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – القضاء بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلزام الجهة الإدارية بأن تدفع إليه قيمة
التعويض الملائم جبراً للأضرار المادية والأدبية التي لحقت به بفعل قرار إنهاء خدمته
مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلاً ورفضه موضوعاً، وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 7/ 7/ 2003 وبالجلسات التالية على النحو
المبين بمحاضر جلسات الفحص حيث قررت بجلسة 9/ 2/ 2004 إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع
بالمحكمة وحددت لنظره أمامها جلسة 27/ 3/ 2004 وبها نظرته هذه المحكمة وبالجلسات التالية
على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 4/ 7/ 2005 إصدار الحكم في الطعن بجلسة
29/ 10/ 2005، وقد قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة 24/ 12/ 2005 ولجلسة 25/
2/ 2006 ثم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على
أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد والمداولة..
ومن حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن وقائع المنازعة تتحصل حسبما جاء بالأوراق – في أن الطاعن ( مدعي ) أقام
بتاريخ 20/ 5/ 1997 الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين وطلب في ختام عريضتها الحكم بإلزام
جهة الإدارة المدعى عليها بأن تدفع إليه قيمة التعويض الملائم حسبما تقدره عدالة المحكمة
جبراً للأضرار المادية والأدبية التي لحقت به بفعل قرار إنهاء خدمته مع إلزامها بالمصاريف.
وأبدى المدعي في صحيفة الدعوى شرحاً لدعواه: أنه عين بوزارة الداخلية بعد حصوله على
ليسانس الحقوق عام 1970 وظل يعمل بها منذ تاريخ تعيينه في 4/ 3/ 1972 وتدرج في وظائفها
الإدارية ثم نقل إلى مديرية أمن القاهرة وعمل بها باحث قانوني وكان طيلة المدة من 4/
3/ 1972 حتى 30/ 9/ 1986 يقوم بعمله على خير وجه ومحل حب وتقدير رؤسائه، وأضاف المدعي
أنه أصيب بحالة إكتئاب نفسي زاد مع الأيام وتحول إلى مرض نفسي لتعنت جهة الإدارة معه
في بعض الأحيان وكثرة تنقله إلى أماكن كثيرة منها غير المناسب لخبراته ومؤهلاته وأنه
ثابت بملف أجازاته حصوله على أجازات مرضية طويلة نتيجة تصرفات جهة الإدارة غير المسئولة
معه أثناء وبسبب الوظيفة، وأردف المدعي أنه وهو في قمة حالته المرضية تقدم باستقالته
من الخدمة وما لبث أن قبلت استقالته وصدر القرار الوزاري رقم 386 في 6/ 9/ 1986 بإنهاء
خدمته وأخلى طرفه في 30/ 9/ 1986 وكان كل ذلك في غيبة عن الأهل والولد وفي غيبة عن
اكتمال الإرادة لأنه مريضاُ بمرض عقلي سلبه إرادته، ثم عاد خلال شهور قليلة وتقدم بطلب
إعادته إلى الخدمة فلم تجبه جهة الإدارة لمطالبته فقام برفع الدعوى رقم 6248 لسنة 42
ق. أمام محكمة القضاء الإداري فقضت بجلسة 4/ 6/ 1990 بعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون
فيه شكلاً لرفعه بعد الميعاد فأقام على ذلك الحكم الطعن رقم 3207 لسنة 36 ق. عليا والذي
صدر الحكم فيه بجلسة 21/ 11/ 1995 بإلغاء القرار المطعون فيه وتم تنفيذ الحكم إلا أنه
لم تصرف إليه مستحقاته عن المدة التي قضاها خارج العمل رغم مطالبته بذلك الأمر الذي
أخطر معه لإقامة دعواه لأن مسلك الإدارة مخالف للقانون بعد أن قضى بإلغاء القرار بحكم
المحكمة الإدارية العليا سالف الذكر وبالتالي يتوافر ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية.
واستطرد المدعي قائلاً أن قرار إنهاء خدمته قد أصابه بأضرار مادية ومزيد من الأضرار
النفسية والأدبية وأن علاقة السببية قائمة بين قرار الفصل والأضرار التي أصابته وبالتالي
توافرت أركان المسئولية الإدارية مما يستحق معه الحكم له بالتعويض عما أصابه من أضرار
مادية وأدبية نتيجة خطأ جهة الإدارة، وخلص المدعي ( الطاعن ) من ذلك وعلى النحو الذي
أورده تفصيلاً بعريضة دعواه على طلباته المذكورة التي أختتم بها دعواه الصادر فيها
الحكم الطعين.
وقد جرى تحضير الدعوى لدى هيئة مفوضي الدولة على النحو الوارد بالأوراق ونظرتها محكمة
القضاء الإداري بأسيوط على النحو المبين بمحاضر جلساتها، حيث أصدرت فيها بجلساتها بتاريخ
24/ 9/ 2000 حكمها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها سالف الذكر ( الحكم المطعون
فيه ) وشيدت قضاءها على سند من أن المدعي يطلب الحكم بإلزام المدعي عليه بصفته بأن
يؤدي له التعويض المناسب عما لحقه من أضرار مادية وأدبية من جراء القرار الصادر بإنهاء
خدمته، وأن الثابت من الأوراق أن المدعي سبق وأن أقام الدعوى رقم 6248 لسنة 42 ق. وطلب
فيها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمته بقبول الاستقالة المقدمة
منه وتعويضه عما أصابه من مرض نفسي أثر على حياته من جراء معاملة جهة الإدارة وقراراتها
طوال مدة خدمته وبجلسة 4/ 6/ 1990 قضت المحكمة بعدم قبول طلب الإلغاء شكلاً لتقديمه
بعد الميعاد وبرفض طلب التعويض موضوعاً وأسست المحكمة رفضها لطلب التعويض على أن القرار
المطعون فيه صدر بناء على طلب المدعي بإنهاء خدمته بالاستقالة إعمالاً للمادة ( 97)
من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة وأن القرار المطعون فيه يكون لذلك قد صدر
مطابقاً لأحكام القانون الأمر الذي ينتفي معه ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية ويضحى
طلب التعويض متعيناً رفضه، وطعن المدعي في ذلك الحكم السابق أمام المحكمة الإدارية
العليا بالطعن رقم 3207 لسنة 36 ق. ع فقضت بجلسة 21/ 11/ 1995 بإلغاء الحكم المطعون
فيه وبإلغاء القرار المطعون عليه ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
واستطردت محكمة القضاء الإداري في حكمها الطعون فيه بالطعن الماثل أن محكمة القضاء
الإداري وقد قضت بجلسة 4/ 6/ 1990 برفض طلب التعويض وتأيد ذلك من المحكمة الإدارية
العليا حين قضت بعد إلغاء القرار برفض ما عدا ذلك من طلبات أي قضت برفض طلب التعويض
وهو قضاء نهائي، وتبعاً لذلك فإن المدعي وهو يطلب التعويض عن قرار إنهاء خدمته الذي
سبق أن قضى برفضه في الدعوى رقم 6248 لسنة 42 ق. على النحو السابق فإنه يتعين القضاء
بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وخلصت المحكمة في حكمها الطعين إلى القضاء
بذلك، فلم يرتض المدعي بهذا القضاء وأقام عليه طعنه الماثل على سند مما نعاه على الحكم
المطعون فيه من أنه أخطأ في تطبيق القانون وردد الطاعن في هذا الصدد في تقرير الطعن
ما سبق أن ساقه تفصيلاً في عريضة دعواه الصادر فيها الحكم الطعين وأضاف إيضاحاً لطعنه
الماثل أن الحكم المطعون فيه بالطعن الماثل قد أخطأ في الخلط بين طلب التعويض الوارد
بالدعوى رقم 6248 لسنة 42 ق. وهو بها مطالبة بتعويض عما أصابه من مرض نفسي أثر على
حياته وهو ما سجله حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3207 لسنة 36 ق. عليا
عن ذات الدعوى الذي جاء به (… عن طلب الطاعن الحكم له بتعويض عما أصابه من مرض نفس
أثر على حياته على سند من القول بأن ما أصابه من مرض كان نتيجة للمعاملة الجائرة من
قبل جهة الإدارة وقراراتها حياله طوال مدة خدمته… ).
وتأكد ذلك بأسباب المحكمة الإدارية العليا برفضها لطلب التعويض المذكور الذي أوردت
بها (… أن الخطأ الذي نسبه الطاعن للإدارة قولاً مرسلاً دون ثمة دليل يؤيد ادعائه
كما أن ملف خدمته قد خلا مما يشير من قريب أو بعيد إلى أن الإدارة قد تنكبت القانون
أو حادت عن السبيل في معاملته أو غمطت أي حق من حقوقه الوظيفية الأمر الذي يتعين معه
رفض طلب التعويض…).، وأردف الطاعن قائلاً وموضحاً اختلاف طلب التعويض محل الدعوى
موضوع الطعن الماثل ( الدعوى 6355 لسنة 51 ق ) لأنه مطالبة بتعويض عن الأضرار التي
أصابته بسبب القرار الصادر بإنهاء خدمته الخاطئ سالف الذكر، وخلص الطاعن من ذلك وعلى
النحو الذي أورده تفصيلاً بتقرير الطعن إلى طلباته سالفة الذكر التي إختتم بها تقرير
طعنه الماثل.
ومن حيث إن المادة من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 تنص على
أن ( الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز
قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام
بين الخصومة أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً وتقضي المحكمة
بهذه الحجية من تلقاء نفسها ). وتنص المادة من قانون مجلس الدولة على أن ( تسري
في شأن جميع الأحكام القواعد الخاصة بقوة الشيء المحكوم فيه…… ).
ومن حيث إن حجية الأمر المقضي به أو قوة الشيء المحكوم فيه للحكم القضائي الذي صار
نهائياً لأي سبب هي من النظام العام ومؤداها أن الحكم النهائي صار عنواناً للحقيقة
وله حرمة تمتنع المساس بها أو التعرض لها بمعاودة الخوض في ذات الخصومة أو المنازعة
التي فصل فيها على أي وجه وحتى من المحكمة ذاتها التي أصدرت الحكم والتي يتوجب عليها
نزولاً على مقتضى هذه الحرمة أو الحجية للحكم إذا ما عرضت عليها ذات المنازعة بين ذات
الخصوم ومتعلقة بذات الحق محلاً وسبباً أن تقضي بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل
فيها وكذا على سائر المحاكم إذا تكشف لها ذلك أن تلتزم ذات النهج وتقضى به ( حكم المحكمة
الإدارية العليا بجلسة 26/ 3/ 2005 في الطعن رقم 2021 لسنة 45 ق. عليا، وحكمها بجلسة
22/ 10/ 2005 في الطعن رقم 3964 لسنة 42 ق. عليا ).
ومن حيث إن الثابت مما جاء بالأوراق أن الطاعن كان قد تقدم إلى الجهة الإدارية بطلب
باستقالته من الخدمة بها استقالة صريحة فأصدرت قرارها رقم 386 في 6/ 9/ 1986 بإنهاء
خدمته بقبول استقالته، ثم عاد بعد ذلك وطالب الجهة الإدارية بإعادته إلى العمل ولما
لم تعيده سلك طريق مقاضاتها لاستصدار حكم قضائي بوقف تنفيذ وإلغاء قرار إنهاء خدمته
وتعويضه عما أصابه من مرض نفس من جراء المعاملة والقرارات الجائرة حياله من الجهة الإدارية
طيلة مدة خدمته وكان ذلك من خلال الدعوى رمق 6248 لسنة 42 ق والتي أصدرت فيها محكمة
القضاء الإداري ( دائرة التسويات أ ) حكمها بجلسة 4/ 6/ 1990 وقضت في شق طلب الإلغاء
بعدم قبوله شكلاً لتقديمه بعد الميعاد، وفي شق طلب التعويض قضت برفضه موضوعاً استناداً
لما أوردته بأسباب حكمها وما سطرته به من (…. أنه بالنسبة لطلب التعويض فإن الثابت
من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر بناء على طلب المدعي بإنهاء خدمته للاستقالة
إعمالاً للمادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم
47 لسنة 1978 وبذلك فإن القرار المطعون فيه قد صدر مطابقاً للقانون.
ومن ثم ينتفي ركن الخطأ في جانب جهة الإدارة ولا تقوم المسئولية الإدارية في هذه الحالة
ويكون طلب التعويض مما يجانبة الصواب متعين الرفض.
وإنه لا يغير مما تقدم ما قرره المدعي بأنه مريض بمرض عقلي إذ أن الأوراق قد خلت مما
يفيد أن المدعي كان يعامل بالقانون رقم 112 لسنة 1963 أو بالمادة (66 مكرراً ) من القانون
رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983، كما خلت الأوراق أيضاً مما يفيد
أنه مصاب بمرض عقلي بتقرير من إحدى اللجان التابعة للهيئة العامة للتأمين الصحي أو
مجلس طبي تابع لوزارة الصحة أو أية لجنة طبية… عملاً بقرار وزير الصحة رقم 695 لسنة
1994 في شأن تحديد الأمراض المزمنة التي يمنح عنها المريض أجازة استثنائية بأجر كامل
أو يمنح عنها تعويضاً يعادل أجرة طوال مدة مرضه إلى أن يشفى أو تستقر حالته ولا يفيد
في هذا الصور للشهادات والتذاكر الطبية التي أودعها المدعي ضمن حافظة مستنداته إذا
أنها لا تنطوي على شأن مما سبق ذكره – أسباب حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم
6248 لسنة 42 ق. )، وإذ أن هذا الحكم الأخير قد طعن عليه المدعي ( الطاعن ) وثابت من
مطالعة الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الثالثة ) بجلسة 21/ 11/
1995 في الطعن الرقيم 3207 لسنة 36 ق. عليا أنه قد استعرض وأورد ضمن أسبابه ما شيد
عليه الحكم رقم 6248 لسنة 42 ق. قضاء إداري قضائه برفض طلب التعويض بذات أسبابه المذكورة
ورددتها المحكمة الإدارية ( يراجع نهاية الصفحة الثانية والفقرة الأولى من الصفحة الثالثة
من حكم المحكمة الإدارية العليا الرقيم 3207 لسنة 36 ق.عليا )
فإذا ما كان ثابتاً ذلك وأن المحكمة الإدارية العليا وبعد أن قضت بقبول طلب الإلغاء
وألغت القرار المطعون عليه أعقبت ذلك بقضاءها ( برفض ما عدا ذلك من طلبات ) وأن ذلك
الرفض هو بلا ريب رفض لا ينصرف إلا إلى الطلب الآخر وهو طلب التعويض في الدعوى المطعون
على حكمها كما استعرضته فيما سلف بيانه وجاء رفضها على عمومه في عبارة عامة بحكمها
ودون أن تتعرض بنقض صريح أو مأخذ صريحة في أسباب حكمها للرفض وأسبابه الذي قضى به الحكم
رقم 6248 لسنة 42 ق. لطلب التعويض على النحو سالف الذكر أو أي نعى صريح عليه بأنه خاض
فيما لم يطلبه المدعي أو في غير ما طلبه، فمن ثم فإن حكم المحكمة الإدارية العليا الرقيم
3207 لسنة 36 ق. عليا لا يمكن حمله سوى على أنه يتضمن أو ينطوي أيضاً على تأييد للشق
الرافض من الحكم لطلب التعويض كما عرضه وقضى به الحكم رقم 6248 لسنة 42 ق. قضاء إداري
على النحو سالف الذكر، الأمر الذي لا مندوحة معه من القضاء بعدم جواز نظر الدعوى رقم
6355 لسنة 51 ق. المطعون في حكمها لسابقة الفصل في موضوعها بقضاء صار نهائياً – وإذ
خلص إلى القضاء بذلك الحكم المطعون فيه بالطعن الماثل فإنه قد صادف صحيح القانون مما
يكون معه هذا الطعن حقيقاً بالرفض مع إلزام الطاعن المصروفات عملاً بحكم المادة من قانون المرافعات وهو ما تقضى به هذه المحكمة – وتضيف هذه المحكمة إلى ما تقدم أنه
حتى – وبغض النظر عن كون الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين حقيقة بعدم جواز نظرها لسابقة
الفصل فيها – فإنه ومع الخوض جدلاً في صلب المسئولية الموجبة للالتزام بالتعويض عن
قرار قبول الاستقالة الصريحة المقدمة من الطاعن وحتى ومع التسليم بأن هذا القرار قد
صدر معيباً على أثر اعتلال إرادة الطاعن بسبب مرض نفسي إعتوره، فإنه وإذ لم يثبت ممارسة
ثمة إكراه عليه حال تقدمه بطلب صريح باستقالته من الخدمة فإن إرادته في هذا الصدد حتى
ولو كانت غير سليمة أو فاقدة الشفافية في التوجه فإنها لا تخلو بأي حال من أي أثر في
هذا الشأن فهي أي إرادته المرد والسبب الرئيسي الذي أخرج جهة الإدارة من سكينتها وحركها
صوب تطبيق حكم المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون
رقم 47 لسنة 1978 وإنفاذ رغبة المشرع فيها التي أوجبت احترام اختيار ورغبة وإرادة الموظف
ونبذ إرغامه على الاستمرار في عمل هو راغب عنه نبذاً للسخرة وتقديساً لحرية العمل التي
قننها الدستور المصري الدائم الصادر عام 1971 في المادة منه بنصها على أنه (………
ولا يجوز فرض أي عمل جبراً على المواطنين إلا بمقتضى قانون ولأداء خدمة عامة وبمقابل
عادل ). والموظف العام لا تنفك عنه حقه المواطنة حتى ولو اكتسى ثوب الوظيفة العامة
ولا يشمله بلا ريب الحماية المقررة بالنص الدستوري المذكور، وتبعاً لذلك فإن إصدار
جهة الإدارة لقرار قبول استقالة الطاعن نزولاً على رغبته وتلبية لطلبه الصريح المتقدم
به إليها باستقالته من خدمتها لهو أمر حتى ولو كان تلبية لإرادة غير مقطوع بشفائها
إلا أنه كاف لنفي علاقة أو رابطة السببية في هذا الصدد نفياً باتاً بين إنهاء الخدمة
بقبول الاستقالة الصريحة المقدمة من الطاعن ( تصدق أو قرار جهة الإدارة بقبول الاستقالة
) وبين الأضرار المدعى بها.
وبانتفاء رابطة السببية في هذا الصدد وتنتفي المسئولية الموجبة للالتزام بالتعويض في
جانب الجهة الإدارية في هذا الصدد مما تكون معه المطالبة بالتعويض عن إنهاء الخدمة
في هذا الشأن عن غير أساس سليم من سديد أحكام القانون وحقيقة لذلك بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وألزمت
الطاعن المصروفات.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم السبت الموافق 4 من صفر سنة 1427 ه الموافق 4/
3/ 2006 بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
