المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 1157 لسنة 41 ق عليا – جلسة 18/ 12/ 2004م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم السبت الموافق 18/ 12/ 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان وأحمد عبد الحميد حسن
عبود ود. محمد كمال الدين منير أحمد ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو – نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض
الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 1157 لسنة 41 القضائية عليا
المقام من
عبد العزيز جمال الدين الغرياني
ضد
نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع "بصفته " في الحكم الصادرمن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 26/ 12/ 1994 في الدعوى رقم 1567 لسنة 42ق
الإجراءات
بتاريخ 30/ 1/ 1995 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية
العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها بالرقم عاليه في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري
بالإسكندرية في الدعوى رقم 1567 لسنة 42ق بجلسة 26/ 12/ 1994 والقاضي في منطوقه باعتبار
الخصومة منتهية في طلب إلغاء القرار المطعون فيه ورفض ما عدا ذلك من طلبات على الوجه
المبين بالأسباب وألزمت المدعي بالمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم له بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار الإداري رقم 22 لسنة 1988 الصادر من
المطعون ضده ، وبإلزامه بأن يؤدي للطاعن مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض الكامل
عما أصابه من أضرار مادية وأدبية فضلاً عن المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد تم إعلان تقرير الطعن وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً
، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب التعويض والقضاء مجددًا
بأحقية الطاعن في التعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية جراء القرار رقم 22 لسنة
1988 بمبلغ عشرة مليمات ، ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الطاعن وجهة الإدارة المصروفات
مناصفة.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة الأولى) وبجلسة 3/ 5/ 2004 قررت الدائرة
إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى/ موضوع) وحددت لنظره جلسة
26/ 6/ 2004 وقد نظرته المحكمة بتلك الجلسة وبجلسة 16/ 10/ 2004 وذلك على النحو المبين
بمحاضر الجلسات ، حيث قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم ، وفيها صدر الحكم الماثل وأودعت
مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة قد أحاط بها الحكم المطعون فيه على النحو الذي تحيل إليه
هذه المحكمة منعًا من التكرار ، وهى تخلص بالقدر اللازم لحمل منطوق الحكم الماثل على
الأسباب في أن المطعون ضده أقام بتاريخ 21/ 3/ 1988 الدعوى رقم 1567 لسنة 42ق أمام
محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية طالبًا في ختام صحيفتها الحكم له بوقف تنفيذ وإلغاء
قرار وزير الدفاع والإنتاج الحربي رقم 22 لسنة 1988 الصادر بتاريخ 27/ 1/ 1988 وما
يترتب على ذلك من آثار ، وتعويضه بمبلغ عشرة مليمات على سبيل التعويض المؤقت ، وإلزام
الجهة الإدارية المصروفات. وشيد المدعي دعواه على أساس صدور القرار المطعون فيه مشوبًا
بعيب إساءة استعمال السلطة لأنه صدر بغرض تعطيل تنفيذ الحكم المستعجل الصادر لصالحة
برد حيازة الأرض ، ولعدم توافر السبب المبرر لإصداره وفقًا لقانون التعبئة العامة رقم
87 لسنة 1960.
وتدوولت الدعوى أمام المحكمة المذكورة على النحو المبين بمحاضر الجلسات ، حيث قضت المحكمة
بجلسة 11/ 1/ 1990 بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، وفي الشق الموضوعي من الدعوى أصدرت
المحكمة الحكم المطعون فيه بجلسة 26/ 12/ 1994 وشيدت المحكمة قضاءها باعتبار الخصومة
منتهية في طلب الإلغاء تأسيسًا على ما أقر به المدعي من أنه تسلم الأرض محل التداعي
بتاريخ 30/ 9/ 1990 بمعرفة اللجنة المشكلة من وزير الدفاع لهذا الغرض. وبالنسبة لطلب
التعويض فقد شيدت المحكمة قضاءها برفضه تأسيسًا على انتفاء ركن الخطأ في جانب الجهة
الإدارية مما يجعل القرار المشار إليه مبرءًا من عيوب المشروعية على اعتبار أن المشرع
لم يقيد وزير الدفاع في استخدام سلطته فى الاستيلاء على ما يلزم من الأراضى اللازمة
لأغراض المجهود الحربي ، كما أن المدعي لم يقدم سند ملكيته للأرض وارتكن إلى الحكم
المستعجل الصادر برد حيازة الأرض له وهو حكم لا يفصل في أصل الحق ولا يفحص مستندات
الملكية. وخلصت محكمة أول درجة إلى إصدار حكمها سالف البيان.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله
لأن الأرض محل النزاع ليست أرضًا صحراوية ولا ينطبق عليها القانون رقم 143 لسنة 1981
بل داخلة ضمن كردون مدينة الإسكندرية ومن ناحية أخرى فإن الغاية من رفع دعواه بحث مدى
مطابقة القرار المطعون فيه للقانون من عدمه ، ومن ثم فإن تسلمه للأرض لا يبرر الحكم
باعتبار الخصومة منتهية في طلب الإلغاء ، وخلص الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة
البيان.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح حكم القانون فيما قضى به من اعتبار الخصومة
منتهية في طلب إلغاء قرار الاستيلاء رقم 22 لسنة 1988 ذلك في ضوء قيام الجهة الإدارية
بتسليم الطاعن الأرض محل النزاع ، وهو ما تأخذ به هذه المحكمة لما ورد في الحكم المطعون
فيه من أسباب وتعتبرها جزءًا من قضائها دون أن ينال من ذلك ما أثاره الطاعن من أن غاية
النزاع ليس تسليم الأرض وإنما بحث مشروعية قرار الاستيلاء المطعون فيه ، فذلك مردود
بأن واقع الحال في المنازعة الماثلة يكشف عن زوال القرار المطعون فيه مما لا يكون هناك
معه مصلحة قائمة تبرر الاستمرار فى نظر طلب إلغائه.أما عن بحث مشروعية ذلك القرار ،
فإن محله طلب التعويض.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب التعويض عن قرار الاستيلاء مثار المنازعة ، فإنه يجدر بداءة
تصحيح الخطأ المادي الوارد في طلبات الطاعن الختامية المبينة في تقرير طعنه ، إذ إنه
جاء بهذه الطلبات أنه يطلب الحكم له بتعويض مقداره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض الكامل
عما أصابه من أضرار من جراء القرار المشار إليه ، وذلك في حين أن البين من مطالعة تقرير
الطعن والمذكرات التي قدمها الطاعن فى أثناء مرحلة نظر الطعن أنه يبتغي القضاء له مجددًا
بطلباته التي أبداها أمام محكمة الدرجة الأولى ومن بينها تعويضه بالمبلغ المشار إليه
كتعويض مؤقت وعلى ذلك فإن المحكمة تصحح الخطأ المادي المشار إليه دون الحاجة إلى إيراده
في منطوق حكمها.
ومن حيث إنه من المقرر أن القضاء الإداري لا يحكم بالتعويض عن القرار الإداري إلا إذا
كان القرار غير مشروع أى مشوبًا بعيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس
الدولة ، وأن يترتب عليه ضرر، وأن تقوم علاقة سببية بين عدم مشروعية القرار والضرر
الذي أصاب الفرد ، فإذا كان القرار الإداري سليمًا مطابقًا للقانون فلا تسأل الإدارة
عن نتيجته مهما بلغت الأضرار التي قد تلحق بالفرد من جراء تنفيذه.
ومن حيث إنه يتبين من الرجوع إلى أحكام القانون رقم 87 لسنة 1960 في شأن التعبئة العامة
أن القانون لم يضع أي قيد على سلطة الإدارة في اتخاذ التدابير المنصوص عليها في المادة
من القانون المذكور ومن بينها إصدار قرارات الاستيلاء على العقارات أو شغلها (البند
رابعًا من المادة المذكورة) إلا أن يكون للمجهود الحربي ، ومن ثم فإنه يتعين – وقد
خلت تلك النصوص من أية شروط أو قيود يتعلق التصرف الإداري بتحقيق واحد منها أو أكثر
– أن يكون النظر في مشروعية القرار الذي صدر مستندًا إليها على أساس أن سلطة الإدارة
في هذا الشأن لا يحدها إلا التزام الغاية التي استهدفها القانون وخولها تلك السلطة
من أجل تحقيقها. ذلك أن الرقابة القضائية على تصرفات الإدارة وإن اتحدت في طبيعتها
بالنسبة لجميع التصرفات الإدارية ، فإنها لا شك تختلف في مداها بحسب الشروط والقيود
التي تلازم السلطة المخولة لمصدر القرار ، ومتى تحررت هذه السلطة من كل قيد أو شرط
كما هى الحال في قانون التعبئة الذي يعالج الخطير من المسائل المتعلقة بالمجهود الحربي
فليس للقاضي الإداري في هذه الحالة أن يقيد هذه السلطة بغير قيد من القانون أو يخصصها
بغير مخصص منه. وهديًا على ما تقدم ، فإنه لما كان الثابت من مطالعة قرار الاستيلاء
مثار النزاع أنه صدر من وزير الدفاع استنادًا إلى قانون التعبئة العامة سالف الذكر
، وأنه تضمن الاستيلاء على أرض التداعي لأغراض المجهود الحربي وهو الغرض الذي من أجله
منح المشرع للسلطة المختصة إصدار قرار الاستيلاء على العقارات أو شغلها ، ولما كان
الثابت من مطالعة مذكرة الدفاع المقدمة من هيئة قضايا الدولة أمام محكمة الدرجة الأولى
جلسة 17/ 11/ 1988 أنها بينت تفصيلاً الغرض من الاستيلاء على أرض التداعي ذلك أنها
تقع داخل حدود المدينة العسكرية بالعامرية وأنها ملاصقة لقيادة الفوج 711 حرب إلكترونية
، وأن أي وجود مدني أو إقامة أي إنشاءات تتصف بالارتفاع يتعارض مع النواحي الأمنية
والفنية لعمل معدات الفوج ، كما أن هذه المنطقة يمر بها جميع الكوابل الخطية المدفونة
التي تحقق الاتصال الخطي بين قيادة المنطقة الشمالية العسكرية وجميع الوحدات العسكرية
المتمركزة بالمدينة العسكرية بالعامرية ، فمن ثم فإنه وبالبناء على ما تقدم كله يكون
قرار الاستيلاء على أرض التداعي قد صدر من السلطة المختصة بإصداره ، ومبتغيًا تحقيق
أغراض ذات صلة بالمجهود الحربي ، وهى الأغراض التي من أجلها أجاز قانون التعبئة العامة
للجهة الإدارية اتخاذ التدبير المطعون فيه ، الأمر الذي يكون معه قرار الاستيلاء مثار
المنازعة صدر صحيحًا ولا مطعن عليه ، ودون أن ينال من ذلك ما أثاره الطاعن من أن الهدف
من إصدار قرار الاستيلاء المشار إليه تعطيل تنفيذ أحكام قضائية صادرة لصالحة ، فذلك
مردود بأن الثابت من الأوراق أن الأحكام التي يستند إليها الطاعن صادرة من القاضي المستعجل
في دعوى حيازة والتي لا يصدر فيها الحكم على أساس ثبوت الحق أو نفيه في شأن الملكية
حيث يحظر عليه التعرض له ، ولذلك فإن هذه الأحكام ليست مانعًا من إصدار الجهة الإدارية
لقرار الاستيلاء مثار المنازعة بحسبان أن واقع الحال ينبئ عن أن الإدارة بعد أن كانت
قد تنكبت السبيل في بداية الأمر ولم تقم باتخاذ إجراءات إخلاء أرض التداعي والاستيلاء
عليها ارتكانًا إلى سند قانوني صحيح ، فإنها قامت – ولا تثريب عليها في ذلك بالاستيلاء
عليها متكئة على سند قانوني صحيح ومبتغية المصلحة العامة المتمثلة في أغراض المجهود
الحربي.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم تكون مسئولية الإدارة عن الأضرار التي ذهب الطاعن
إلى أنها أصابته من جراء قرار الاستيلاء رقم 22 لسنة 1988 غير قائمة لانتفاء ركن الخطأ
الركن الأول من أركان المسئولية الإدارية لصدور القرار المذكور مبرءًا مما يعيبه.
ومن حيث إن هذه المحكمة تؤيد الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب التعويض عن
قرار الاستيلاء المشار إليه ، إلا أنها تحل أسبابها الواردة في الحكم الراهن محل أسباب
الحكم المطعون فيه الواردة في هذا الخصوص.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وألزمت الطاعن المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
