المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 8791 لسنة 47 ق عليا – جلسة 3/ 7/ 2004م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
(الدائرة الأولى – موضوع)
بالجلسة المنعقدة علنًا يوم السبت الموافق 3/ 7/ 2004م.
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان ويحيى خضري نوبي محمد
ود. محمد ماجد محمود احمد وأحمد عبد الحميد حسن عبود – نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 8791 لسنة 47 القضائية عليا
المقام من/
نبيل شوقي سدراك
ضد/
1 – وزير العدل " بصفته "
2 – النائب العام " بصفته "
3 – وزير الداخلية " بصفته "
4 – مدير عام مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية " بصفته "
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الدائرة الأولى) في الدعوى رقم 2486 لسنة
55ق بجلسة 17/ 4/ 20001
الإجراءات
في يوم السبت الموافق 16/ 6/ 2001 أودع الأستاذ/ إبراهيم محمد إسماعيل
المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد
بجدولها العمومي تحت رقم 8791 لسنة 47 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري
" الدائرة الأولى " بجلسة 17/ 4/ 2001 في الدعوى رقم 2486 لسنة 55 ق والقاضي منطوقه:
’’ بعدم جواز نظر طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لسابقة الفصل فيه ، وإلزام المدعى
مصروفاته ، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي
القانوني في موضوعها ".
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم
المطعون فيه والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه بإدراج واستمرار إدراج
الطاعن ضمن قوائم الممنوعين من السفر وما يترتب على ذلك من آثار مع الأمر بتنفيذ الحكم
بمسودته الأصلية وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم
بقبول الطعن شكلاً ، ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 16/ 6/ 2003 وبجلسة 16/ 2/
2004 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية (الدائرة الأولى – موضوع)
وحددت لنظره أمامها جلسة 13/ 3/ 2004 ونظر الطعن بهذه الجلسة والجلسة المنعقدة بتاريخ
15/ 5/ 2004 على النحو الثابت بمحضر كل جلسة، وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار
الحكم بجلسة 3/ 7/ 2004 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء في شهر وبتاريخ 25/ 5/ 2004
أودع محامى الدولة مذكرة بدفاع الجهة الإدارية اختتمت بطلب الحكم/ أصليا: برفض الطعن
وإلزام الطاعن المصروفات.
واحتياطيًا: بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيًا
بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الجنائية المختصة مع إبقاء الفصل في المصروفات وبجلسة
اليوم صدر الحكم أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق
– في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2486 لسنة 55 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة
بموجب عريضة مودعة قلم كتابها بتاريخ 16/ 1/ 2001 بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة
مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بإدراج اسمه واستمرار إدراجه على قوائم الممنوعين
من السفر ، مع الأمر بتنفيذ الحكم بمسودته الأصلية وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون
عليه بكافة مشتملاته وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام جهة الإدارة المصروفات والأتعاب.
ومن حيث إن الوقائع سبق وأن أحاط بها الحكم المطعون فيه فالمحكمة تحيل إليه في هذا
الشأن تفاديًا للتكرار فيما عدا ما يقتضيه حكمها من بيان موجز حاصله أنه سبق أن أصدر
النائب العام قرارًا بتاريخ 18/ 6/ 1998 بإدراج اسمه على قوائم الممنوعين من السفر
بناء على طلب المحامي العام لشمال قنا بمناسبة التحقيقات التي تجريها النيابة العامة
في المحضر الإداري رقم 2779 لسنة 1998 إداري – دشنا – بناء على بلاغ شركة مصر للبترول
الذي اتهمته فيه بتبديد بضاعة مسلمة إليه قيمتها مليون وخمسمائة وتسعة وخمسون ألفا
وثمانمائة وتسعة وثلاثون جنيهًا وقد طعن على هذا القرار بالدعوى رقم 1994 لسنة 53 ق
وصدر فيها الحكم بجلسة 19/ 1/ 1999 بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى ثم عاود
الطعن على القرار بعد أن أمر النائب العام باستمرار إدراجه على تلك القوائم بتاريخ
23/ 5/ 2000 بالدعوى رقم 671 لسنة 55 ق وقضى في الشق العاجل فيها بجلسة 9/ 1/ 2001
بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ثم بتاريخ 23/ 11/ 2000
صدر قرار النائب العام المطعون فيه باستمرار إدراجه على قوائم الممنوعين وهو يعد بمثابة
قرار جديد وليس استمرارًا للقرار السابق إذ انتهت النيابة العامة من التحقيق في المحضر
الإداري سالف الذكر وقيدت الأوراق جنحة برقم 3963 لسنة 1998 جنح دشنا وأحيلت إلى محكمة
الجنح والمخالفات بدشنا وتد وولت بجلساتها ناعيًا على هذا القرار بالانعدام وأنه فاقدًا
لمشروعيته ويعد قرارًا إداريا ينعقد الاختصاص بنظره لقضاء المشروعية إذ صدر القرار
الطعين من النائب العام بعد إحالة القضية إلى محكمة الجنح وزالت بذلك ولاية النيابة
العامة عليها، فإنه يكون قد اغتصب سلطة المحكمة ويكون القرار صادرًا من غير مختص جزاؤه
البطلان.
وبجلسة 17/ 4/ 2001 أصدرت محكمة القضاء الإداري " الدائرة الأولى " حكمها المطعون فيه.
وحيث إن أسباب الحكم تضمنت قضاءها برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى تأسيسا
على أنه إزاء الفراغ التشريعي الذي نتج بعد الحكم بعدم دستورية المادتين رقمي 8 و11
من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر وإلى أن يسن
المشرع تشريعًا تنتظم أحكامه ذلك القيد على حرية التنقل الذي تستلزمه ضرورة التحقيق
وصيانة أمن المجتمع وفقًا للمادة 41 من الدستور والمتمثل في المنع من السفر وإنه إزاء
كون النيابة العامة شعبة من السلطة التنفيذية أصالة وتضم إلى جانب ذلك اختصاصًا قضائيا
وفق أحكام القانون ولما كان ما يصدر عن النيابة العامة في شأن المنع من السفر غير مندرج
ضمن تلك الإجراءات والتدابير التي تتخذها طبقًا لقانون الإجراءات الجنائية الذي أتى
تنظيما لما أحال إليه الدستور تنظيمه وفقًا للمادة سالفة الذكر ، فمن ثم يكون الاختصاص
بالفصل فيما يقدم بشأنها من دعاوى منعقدًا لمحكمة القضاء الإداري.
كما شيدت المحكمة قضاءها بعدم جواز نظر طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لسابقة الفصل
فيه على أن الثابت أن المدعي سبق أن أقام الدعوى رقم 671 لسنة 55ق طعنًا على ذات القرار
المطعون فيه في الدعوى الماثلة ، وصدر الحكم في الشق العاجل منها بجلسة 9/ 1/ 2001
برفض طلب وقف تنفيذ قرار إدراج اسمه على قوائم الممنوعين من السفر ، فمن ثم لا يجوز
طرح المنازعة فيه ثانية لكون هذا القضاء حجة فيما صدر به وأنه توافرت فيه شروط ثبوت
حجية الأمر المقضي طبقًا لحكم المادة 101 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية
الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 وذلك لاتحاد الدعويين – المشار إليها والماثلة –
خصومًا دون تغير في صفاتهم ومحلاً وسببًا.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل على الحكم سالف الذكر – وعلى ما جاء تفصيلاً بتقريره
– يتبلور في السببين التاليين:
أولاً: أن ما قرره الحكم الطعين من أن قرار النائب العام المطعون فيه لا يعد قرارًا
جديدًا قائمًا بذاته وإنما تأكيد لاستمرارية ما صدر بشأن المدعي من قرار بإدراجه على
قوائم الممنوعين من السفر بناء على السلطة المخولة للجهة مصدرة القرار من مراجعة قراراتها
في هذا الصدد بحسبان أنها من القرارات المستمرة – يشكل إهدارًا للدستور الذي حرص على
صيانة الحرية الشخصية وجعل منها حقًا طبيعيًا لا يمس بما نص عليه في المادة 41 منه
وعلى ذلك فإذا كان للنيابة العامة أن تصدر قرارات قضائية في شأن من تجري التحقيق معه
بمنعه من السفر لمصلحة التحقيق إلا أن هذا الاختصاص ينحسر عنها بعد إحالة القضية إلى
المحكمة المختصة وينتقل إليها هذا الاختصاص ، فإذا ما تصدت النيابة العامة بعد ذلك
للمحال وأصدرت قرارها بمنعه من السفر ، فإن هذا القرار يضحى قرارًا إداريًا وكانت في
ذلك مغتصبة لسلطة المحكمة المقررة لها وفقًا للدستور مما يوصمه بعدم المشروعية ، وبذلك
فإن ما ذهبت إليه المحكمة من أن النيابة العامة عند إصدارها قرارًا باستمرار الإدراج
هو مراجعة لقرارها الأول… فهو قول لا سند له لأن قرار استمرار الإدراج هو قرار إداري
يخضع لرقابة قضاء مجلس الدولة.
ثانيًا: أن ما ذهب إليه الحكم المطعون عليه من سبق صدور حكم في طلب وقف التنفيذ في
الدعوى رقم 671 لسنة 55ق وقبوله الدفع بعدم جواز نظر الشق العاجل لسابقة الفصل فيه
فهو قول مخالف للقانون والواقع لأن الحكم الصادر في الشق العاجل في الدعوى رقم 671
لسنة 55ق لم يحز حجية لأنه مطعون عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 4248
لسنة 47ق.عليا وبذلك يكون هذا الدفع فاقدًا سنده القانوني لفقدانه شروط قبوله.
ومن حيث إن البحث في مسألة الاختصاص الولائي يعتبر دائمًا مطروحًا أمام المحكمة لتعلقه
بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها أحد الخصوم ، وتثيره المحكمة من تلقاء نفسها ،
وتفصل فيه قبل أي دفع أو دفاع آخر.
ومن حيث إن الفصل في مسألة الاختصاص يتوقف على بيان ما إذا كان القرار محل الطعن الصادر
من النائب العام يعتبر قرارًا إداريًا أو عملاً من الأعمال القضائية ويخرج بالتالي
عن اختصاص القضاء الإداري.
ومن حيث إنه من المستقر عليه ، فقهًا وقضاءً أن النيابة العامة هي شعبة أصيلة من السلطة
القضائية تتولى أعمالاً قضائية أهمها وظيفة التحقيق التي ورثتها عن قاضي التحقيق ثم
وظيفة الاتهام أمام المحاكم الجنائية ، حيث يتعين تمثيلها في تشكيل هذه المحاكم وإلا
كان قضاؤها باطلاً ، وهذا هو ما أكدته المحكمة العليا (الدستورية) في قرارها التفسيري
في طلب التفسير رقم 15 لسنة 8ق بجلسة 1/ 4/ 1978 – ومن ثم فإن القرارات والإجراءات
التي تتخذها النيابة العامة بحكم وظيفتها القضائية تعتبر من الأعمال القضائية وهي المتعلقة
بإجراءات التحقيق والاتهام – كالقبض على المتهم وتفتيشه وتفتيش منزله وحبسه احتياطيا
والتصرف في التحقيق سواء برفع الدعوى العمومية ومباشرتها أم بالتقرير أن لا وجه لإقامتها
أم بحفظ التحقيق مؤقتًا إلى غير ذلك من الإجراءات والاختصاصات المخولة لها قانونًا
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن قرار المنع من السفر محل الطعن
صدر من النائب العام بحكم وظيفته القضائية وبمناسبة تحقيق قضائي في اتهام نسب إلى الطاعن
وكان البادي أن محكمة جنح دشنا المحال إليها المتهم (الطاعن) قررت بجلسة 7/ 12/ 1999
وقف السير في الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها بشأن تحقيق الطعن
بالتزوير فإنه يكون قرارًا قضايئا يخرج عن اختصاص القضاء الإداري.
ولا ينال من ذلك ما أثاره الطاعن من أن القرار الطعين قد صدر بعد انتهاء التحقيق ورفع
الدعوى الجنائية فإن هذه المطاعن لا تغير من طبيعة القرار المطعون فيه القضائية لأن
قرار النيابة العامة يعتبر قضائيا مادام يصدر عنها كسلطة تحقيق وبمناسبة هذا التحقيق
وبسببه أيا كان وقت صدور القرار فيستوي في ذلك أن يصدر قبل بدء التحقيق مباشرة أو في
أثنائه بعد إحالة المتهم إلى المحكمة الجنائية المختصة ، فتوقيت صدور القرار أمر تقدره
النيابة العامة باعتبارها السلطة القائمة بالتحقيق والاتهام والأمينة على الدعوى العمومية
وهي التي تقدر ذلك وليس من شأن هذا التوقيت أن يؤثر في طبيعة القرارات القضائية ويكون
الطعن عليه منوطًا بالقاضي الجنائي المختص ومن ثم فلا تختص محاكم مجلس الدولة ولائيًا
بنظر الطعن عليه وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب ، فإنه يكون قد أخطأ في
تطبيق القانون وتأويله، الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء بعدم اختصاص محكمة
القضاء الإداري بنظر الدعوى.
ومن حيث إن الحكم بعدم الاختصاص يقتضي الإحالة إلى المحكمة المختصة إعمالاً لنص المادة
110 من قانون المرافعات وإذ ثبت من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية
ضد الطاعن أمام محكمة جنح دشنا تحت رقم 3963 لسنة 1998 – جنح دشنا – بمحافظة قنا ،
ومن ثم فإن تلك المحكمة هي المختصة بنظر الطعن على قرار المنع من السفر الصادر ضد الطاعن
بمناسبة الاتهام المنسوب إليه ، الأمر الذي يتعين معه إحالة الطعن في هذا القرار إليها
للاختصاص الولائي وأبقت الفصل في المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص محكمة
القضاء الإداري ولائيًا بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة جنح دشنا للاختصاص
وأبقت الفصل في المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
