المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 8761 لسنة 46 ق عليا – جلسة 22/ 2/ 2003 م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنا فى يوم السبت الموافق 22/ 2/ 2003 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح ويحيى خضرى نوبى محمد وأحمد
عبد الحميد حسن عبود وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى – نواب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو – نائب رئيس مجلس الدولة مفوض
الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن رقم 8761 لسنة 46 القضائية. عليا
المقام من
1- رئيس مجلس الوزراء " بصفته "
2- محافظ الدقهلية " بصفته"
ضد
1- حلمى يس عوض
2- السيد عبد القادر محمد المنداروى
3- عبد الله المرغلى على
4- بهية على أبو ريا
5- فتحية رزق محمد الزقرد
6- إيمان محمد محمد أبو النجا
7- حسن أحمد محمد الششتاوى
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة " الدائرة الأولى " بجلسة 22/ 5/
2000 فى الدعوى رقم 611 لسنة 20 ق
الإجراءات
فى يوم الخميس الموافق 13/ 7/ 2000 أودع الأستاذ/ عبد العاطى الفهمى
المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نائبًا عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية
العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 8761 لسنة 46 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة
القضاء الإدارى بالمنصورة الدائرة الأولى فى الدعوى رقم 611 لسنة 20 ق بجلسة 22/ 5/
2000 والقاضى منطوقه (بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما
تضمنه من الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على مساحة 13 ط 13 ف بناحية ميت خميس مركز
المنصورة، مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنان – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم/ بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة
بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون
ضدهم المصروفات عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم/
بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 18/ 2/ 2000 وبجلسة 3/ 7/
2002 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة (الأولى/ موضوع)
وحددت لنظره أمامها جلسة 12/ 10/ 2002.
وقد نظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسة التالية لها فى 21/ 12/ 2002 على النحو
الثابت بمحضريهما وقررت إصدار الحكم بجلسة 22/ 2/ 2003 مع التصريح بتقديم مذكرات فى
شهر، وبتاريخ 30/ 12/ 2002 أودع محامى الدولة مذكرة بدفاع الجهة الإدارية صمم فى ختامها
على الطلبات المبينة بتقرير الطعن.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق
– فى أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 611لسنة 20 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة
بموجب صحيفة مودعة قلم كتابها بتاريخ 27/ 12/ 1997 بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار
رئيس مجلس الوزراء رقم 2342 لسنة 1977 فيما تضمنه من نزع ملكية الأراضى الزراعية الواقعة
بقرية ميت خميس – مركز المنصورة، مع تنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان، وإلزام الإدارة
المصروفات، على سند من القول إن رئيس مجلس الوزراء أصدر القرار رقم 3342 لسنة 1997
متضمنا الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأرض اللازمة لتنفيذ مشروع إقامة محطة
مياه المنصورة الجديدة بمدينة المنصورة محافظة الدقهلية باعتبارها من أعمال المنفعة
العامة بمساحة قدرها 13 ط 13 ف – والمبين حدودها وأسماء ملاكها بالكشف والرسم التخطيطى
الإجمالى والمذكرة المرفقة، ناعين على هذا القرار مخالفته للقانون لأسباب حاصلها أن
مشروع محطة المياه الجديدة بمدينة المنصورة فى حين أن الأرض الصادر بشأنها القرار تقع
بميت خميس بمركز المنصورة وهى خارجة تماما عن كردون مدينة المنصورة وأن المشرع حظر
تبوير الأراضى الزراعية أو إقامة أية مبان أو منشآت عليها وذلك بموجب قرار رئيس مجلس
الوزراء ونائب الحاكم العسكرى رقم 1 لسنة 1996، فضلا عن أن إقامة هذا المشروع يتعارض
مع أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2603 لسنة 1996 بحظر إنشاء مبان أو إقامة أعمال
فى الأراضى الزراعية والحدائق والبساتين وسائر المساحات الخضراء التى يحوزها الجهاز
الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية وغيرها من الجهات المنصوص عليها بهذا القرار،
كما خالف القرار الطعين قرار مجلس المحافظين الذى وافق عليه رئيس مجلس الوزراء والذى
وافق على تخصيص الأراضى اللازمة لمشروعات النفع العام وتبلغ مساحتها (110 فدادين) –
بمحافظات القاهرة والجيزة والدقهلية والغربية والإسماعيلية والشرقية وبنى سويف والفيوم
ودمياط والمنوفية والمنيا والبحيرة وكانت المشروعات التى قدمت من محافظة الدقهلية قد
خلت من ذكر محطة تنقية المياه فى قرية ميت خميس – مركز المنصورة .
وبجلسة 22/ 5/ 2000 قضت محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة " الدائرة الأولى " بقبول الدعوى
شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من الاستيلاء بطريق التنفيذ
المباشر على مساحة 13 ط 13 ف بناحية ميت خميس – مركز المنصورة، مع ما يترتب على ذلك
من آثار، وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها – بعد استعراض نصوص المواد 2، 3، 14 من القانون رقم 10 لسنة 1990
بشان نزع العقارات للمنفعة العامة – على أن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه
قد صدر استنادًا على اختبار الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى لهذه المساحة
محل القرار وموافقة المجلس المحلى للمحافظة بجلسة 2/ 8/ 1996 على تقرير صفة النفع العام
للمشروع، فى حين أن الثابت من محضر اجتماع الوحدة المحلية لأويش الحجر التابعة لرئاسة
مركز ومدينة المنصورة أن الدولة تمتلك مواقع ثلاثة بحوض ساتر نمرة 7 وحوض القلع نمرة
8 وحوض ضلعة البحرى نمرة 58 بمساحة إجمالية قدرها 32 فدانًا وكلها تصلح لإقامة المحطة
اللازمة لمياه الشرب لمدينة المنصورة ولم تنكر جهة الإدارة ذلك ولم تدحض صلاحية تلك
المواقع من الناحية الفنية لإقامة المشروع، مما كان يتعين عليها اللجوء إلى هذه الوسيلة
العادية المتاحة قبل اللجوء إلى الوسيلة الاستثنائية التى تقتضيها الضرورة الملجئة،
وعلى ذلك يكون مسلك الإدارة بنزع ملكية المساحة محل القرار المطعون فيه قد تم دون سبب
يبرره.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه لأسباب
توجز فى أن لجهة الإدارة سلطة تقديرية واسعة النطاق فى مجال اختيار الموقع وتحديد العقارات
اللازمة للمشروع الذى قررت له صفة النفع العام بما تراه محققا للمصلحة العامة وبما
يجتمع لها من مقومات الخبرة والدراية، ما دام رائدها فى ذلك المصلحة العامة ولم ينهض
من الشواهد ما ينبئ عن أنها انحرفت عن غايات المصلحة العامة وأساءت استعمال السلطة،
وكان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قامت باختيار موقع مشروع محطة مياه الشرب
الجديدة بالمنصورة، الذى تقرر له صفة النفع العام بموجب القرار المطعون فيه باعتباره
أنسب المواقع من ناحية القرب من نهر النيل الذى يحده من الناحية البحرية ويتحقق الغرض
منه بأقل تكلفة ممكنة من ناحية المأخذ للمحطة، وقد وافق على ذلك المجلس الشعبى المحلى
للمحافظة بجلسته المنعقدة فى 2/ 8/ 1996، ووافق وزير الزراعة واستصلاح الأراضى على
موقع المشروع وإقامته – بكتابه رقم 7158 المؤرخ فى 13/ 10/ 1996 بما يقطع بأن اختيار
موقع المشروع كان رائده تحقيق المصلحة العامة بما تملك جهة الإدارة المعنية من دراية
وخبرة فى هذا المجال – ولم يَشٌبه عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها إلا أن
الحكم الطعين قد أغفل هذا المفهوم الصحيح لحكم القانون والواقع فى الدعوى.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة الأوراق أنه بتاريخ 15/ 11/ 1997 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء
رقم 3342 لسنة 1997 باعتبار مشروع إقامة محطة مياه المنصورة الجديدة بمدينة المنصورة
بمحافظة الدقهلية من أعمال المنفعة العامة والاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأراضى
اللازمة لتنفيذه – طبقًا لأحكام القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات
للمنفعة العامة وبناء على قرار رئيس الجمهورية رقم 23 لسنة 1996 بالتفويض فى بعض الاختصاصات
مقررًا فى مادته الأولى ما يلى (يعتبر من أعمال المنفعة العامة مشروع إقامة محطة مياه
المنصورة الجديدة بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية). وناصًا فى مادته الثانية على
أنه: (يستولى بطريق التنفيذ المباشر على الأراضى اللازمة لتنفيذ المشروع المشار إليه
فى المادة السابقة ومساحتها الإجمالية 13 ط 13 ف – والمبين موقعها وحدودها وأسماء ملاكها
بالكشف والرسم التخطيطى الإجمالى والمذكرة المرفقة).
وجاء بالمذكرة الإيضاحية لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3342 لسنة 1997 المشار إليه الآتى:
(أنه نظرًا لقصور محطات مياه الشرب بمدينة المنصورة عن تغطية احتياجات المدينة والمناطق
المجاورة، فقد قامت الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى بإدراج مشروع محطة مياه
المنصورة الجديدة ضمن مشروع المدن الثانوية الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية
فقد وقع اختيار الهيئة على مساحة 13 فدانًا و13 قيراطًا بحوض الساحل الشرقى…… بناحية
ميت خميس وكفر الموجى – مركز المنصورة مملوكة لورثة/ الدسوقى السيد الشاعر وآخرين ومحددة
بالحدود الآتية…..).
ومن حيث إن المادة 34 من الدستور تنص على أن: (الملكية الخاصة مصونة، ولا يجوز فرض
الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون وبحكم قضائى، ولا تنزع الملكية إلا
للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقًا للقانون وحق الإرث فيها مكفول.
كما تنص المادة 36 من الدستور على أنه: (المصادرة العامة للأموال محظورة، ولا تجوز
المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى).
وتنص المادة 805 من القانون المدنى على أنه: (لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا فى الأحوال
التى يقررها القانون، وبالطريقة التى يرسمها، ويكون ذلك فى مقابل تعويض عادل).
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة
العامة تنص على أنه: (يجرى نزع ملكية العقارات اللازمة للمنفعة العامة والتعويض عنه
وفقًا لأحكام هذا القانون).
كما تنص المادة 2 من ذات القانون على أنه: " يعد من أعمال المنفعة العامة فى تطبيق
أحكام هذا القانون: أولاً:…………….. ثانيًا: مشروعات المياه والصرف الصحى……….
ويكون تقرير المنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهورية مرفقًا به:
( أ ) مذكرة ببيان المشروع المطلوب تنفيذه.
(ب) رسم بالتخطيط الإجمالى للمشروع وللعقارات اللازمة له ".
وتنص المادة 11 من القانون المشار إليه على أنه: (يوقع أصحاب العقارات والحقوق التى
لم تقدم فى شأنها معارضات على نماذج خاصة بنقل ملكيتها للمنفعة العامة، أما الممتلكات
التى يتعذر فيها ذلك لأى سبب كان فيصدر بنزع ملكيتها قرار من الوزير المختص، وتودع
النماذج أو القرار الوزارى فى مكتب الشهر العقارى المختص، ويترتب على هذا الإيداع بالنسبة
للعقارات الواردة بها جميع الآثار المترتبة على شهر عقد البيع…) وأخيرًا تنص المادة
12 من القانون آنف الذكر على أنه: (إذا لم تودع النماذج أو القرار الوزارى طبقًا للإجراءات
المنصوص عليها فى المادة السابقة خلال سنتين من تاريخ نشر قرار المنفعة العامة فى الجريدة
الرسمية، عُد القرار كأن لم يكن بالنسبة للعقارات التى لم تودع النماذج أو القرار الخاص
بها).
ومن حيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة منذ دستور سنة 1923 حتى الدستور الدائم القائم
حاليًا قد حرصت جميعها على النص على مبدأ صون الملكية الخاصة وحرمتها وحظر العدوان
عليها، والتأكيد على احترام حق الملكية باعتباره حقًا نافذًا فى مواجهة الكافة، ومؤدى
صون احترامها فى نطاق الروابط بين أشخاص القانون الخاص ألا تزول ملكيتها عن أصحابها
إلا طبقًا لما هو مشروع من صور كسبها التى تعد سببًا لتلقيها أو لانتقالها من يد أصحابها
إلى آخرين وفقًا للقانون، كما حظر على الدولة وأشخاص القانون العام المساس بها إلا
استثناء وبمراعاة الوسائل القانونية السليمة التى نظمت إسقاط الملكية عن أصحابها حيث
حظرت المادة 34 من الدستور فرض الحراسة على الملكية الخاصة إلا فى الأحوال المبينة
فى القانون وبحكم قضائى، وكذا نزع الملكية الخاصة جبرًا عن أصحابها إلا للمنفعة العامة
ومقابل تعويض، كما نص الدستور فى المادة 35 منه على حظر التأميم إلا لاعتبارات المصلحة
العامة وبقانون ومقابل تعويض بل إنه إمعانًا فى حماية الملكية الخاصة وصونها من الاعتداء
عليها بغير حق فقد نصت المادة 36 من الدستور على حظر المصادرة العامة حظرًا مطلقًا
ولم يجز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى.
ومن حيث إنه انطلاقًا مما تقدم، فإن المشرع فى القانون رقم 10 لسنة 1990 سالف الذكر
– المطبق على وقائع النزاع الماثل – قد حدد على سبيل الحصر وسيلتين أو إجراءين، يترتب
على اتباع إحداهما نقل ملكية العقارات المنزوعة ملكيتها إلى الدولة، فى حين لم يترتب
على إجراءات نزع الملكية الأخرى المنصوص عليها فى القانون المذكور والتى تكتمل بموجبها
عملية نزع الملكية – أى أثر منشئ فى نقل الملكية إلى الدولة وتنحصر هاتان الوسيلتان
أو الإجراءان الناقلان الملكية للدولة فى الآتى:
أولاً: إيداع النماذج الخاصة التى وقع أصحاب الحقوق فيها على نقل ملكيتها للمنفعة العامة
بمكتب الشهر العقارى المختص فى مدة أقصاها سنتان من تاريخ نشر القرار المقرر للمنفعة
العامة فى الجريدة الرسمية.
ثانيًا: إيداع القرار الوزارى بنزع الملكية الصادر نتيجة رفض الملاك التوقيع على تلك
النماذج أو تعذر الحصول على توقيع أصحاب الشأن فيها لأى سبب كان بمكتب الشهر العقارى
المختص خلال المدة المذكورة، حيث رتب المشرع على إيداع النماذج أو القرار الوزارى بالنسبة
للعقارات الواردة بها ذات الآثار المترتبة على شهر عقد البيع فإذا تقاعست جهة الإدارة
عن اتخاذ أى إجراء من الإجراءين المذكورين سلفًا فإن المشرع رتب جزاء على ذلك، يقع
بقوة القانون وهو اعتبار قرار نزع الملكية كأن لم يكن، ومقتضى ذلك إعادة الحال إلى
ما كان عليه، قبل صدور قرار نزع الملكية، حيث يتحرر العقار محل هذا القرار من كافة
آثار نزع الملكية التى قيدته خلال المدة المذكورة، وتلتزم جهة الإدارة بإعادة العقار
بعد تطهره من تلك الآثار إلى أصحابه، وإلا كانت غاصبة له ليتخلف السبب القانونى المبرر
لاستيلاء عليه.
ومن حيث إنه انطلاقًا من حرص الدستور والقانون على التوفيق بين حق الدولة فى الحصول
على العقارات اللازمة لمشروعاتها العامة لتحقيق ثمرتها المرجوة فى خدمة المصلحة العامة
وبين حقوق ذوى الشأن من ملاك هذه العقارات، فأرسى ضابطًا أساسيًا فى هذا المجال – يتعين
مراعاته قبل المساس بملكية الأفراد الخاصة – هو لزوم العقارات المملوكة ملكية خاصة
للمنفعة العامة – وعلى ذلك فإن أحكام نزع الملكية للمنفعة العامة المنصوص عليها فى
القانون رقم 10 لسنة 1990 سالف الذكر – لم تقرر إلا استثناءً وفى حدود معينة، ومن ثم
فإن الاستيلاء على العقارات المملوكة للأفراد هو وسيلة استثنائية لا يسوغ للإدارة اللجوء
إليها – ولو كان ذلك سعيًا من جانبها لتحقيق مصلحة عامة – إلا إذا كانت هناك حاجة ملحة
وضرورة ملجئة أجبرتها على سلوك هذا الطريق الاستثنائى بعد أن استنفدت جميع الوسائل
العادية المتاحة أمامها لتحقيقها فلم تجد بعد ذلك بٌدًا من الالتجاء إلى هذه الوسيلة
– بعد أن صارت هى الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا الهدف الذى ترمى إليه – ففى هذه الحالة
وحدها تكون الإدارة أمام ضرورة ملجئة إليه بحسبانه الوسيلة الوحيدة المحققة للغاية
منه وشرط الضرورة الملجئة للاستيلاء هو شرط مشروعية القرار الصادر به، وشرط بقائه بحيث
لا يجوز أن يزايله أو يغيب عنه، وإلا أضحى القرار غير مشروع.
وهذا الشرط يتكشف من ظروف ووقائع الأحوال، فما تقدره الجهة الإدارية فى هذا الشأن يجب
أن يكون مستمدًا من حاجتها الملحة لهذه العقارات لإقامة مشروعاتها بما يقتضيه ذلك من
تقرير صفة المنفعة العامة لها والاستيلاء عليها للمصلحة العامة، فإن دلت الظروف ووقائع
الحال على غير ذلك وقعت الإجراءات المتخذة فى هذه الحالة مشوبة بالبطلان لمساسها بالملكية
الخاصة التى كفلها الدستور والقانون.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة الأوراق أن مجلس المحافظين بجلسته المنعقدة بتاريخ 25/
6/ 1997 برئاسة رئيس مجلس الوزراء – قد استعرض التقرير الذى قدمه وزير الإدارة المحلية
بشأن مشروعات النفع العام المطلوبة إقامتها على أراضٍ زراعية فى ضوء الأمر العسكرى
رقم 1 لسنة 1996، وهى مشروعات خاصة بمياه الشرب والصرف الصحى ووافق رئيس مجلس الوزراء
على تخصيص الأراضى اللازمة لهذه المشروعات وتبلغ مساحتها 110 فدادين – بالقاهرة والجيزة
والدقهلية والغربية والإسماعيلية…….. ومن ضمن مشروعات محافظة الدقهلية: مشروع إقامة
محطة تنقية مياه المنصورة بمدينة المنصورة.
ومن حيث إنه إزاء تضرر أهالى قرية ميت خميس من اختيار موقع محطة مياه مدينة المنصورة
داخل زمام قريتهم بموجب قرار محافظ الدقهلية رقم 1338 لسنة 1996 فى 22/ 8/ 1996 المتضمن
الاستيلاء المؤقت ولمدة عام على العقارات الموضحة بهذا القرار – والمقضى بوقف تنفيذه
بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة فى الدعوى رقم 3617 لسنة 18 ق بجلسة
25/ 1/ 1997 – فقد تقدموا بالشكاوى إلى الجهات المسئولة تأسيسًا على أن مشروع النفع
العام المذكور مقرر إقامته داخل كردون مدينة المنصورة فى حين أن قريتهم تقع فى كردون
مركز المنصورة كما أن الأراضى التى سبق نزع ملكيتها من هذه القرية لمشروعات نفع عام
أخرى بلغت مساحتها 10 س 2 ط 247 ف من المسطح الإجمالى للقرية ومقداره 563 ف حسبما ثبت
من كتاب مديرية المساحة بالمنصورة المؤرخ فى 20/ 7/ 1996 فضلاً عن وجود مواقع أخرى
صالحة لإقامة هذا المشروع.
واستجابة إلى هذه الشكوى فقد تم تشكيل لجنة من الإدارة الهندسية – أملاك برئاسة مركز
ومدينة المنصورة والوحدة المحلية بأويش الحجر لدراسة المواقع المقترحة من الأهالى وقامت
تلك اللجنة بتاريخ 9/ 11/ 1997 بالانتقال إلى تلك المواقع ومعاينتها على الطبيعة وتبين
لها الآتى:
الموقع الأول: مقلب القمامة القديم أملاك دولة ويقع بحوض لوساتو نمرة 7 ويقع على الجانب
القبلى للطريق السريع (مشروع 195) ومساحته 32 فدانًا وهو غير مستغل حاليًا ويمكن إقامة
المحطة به مع مد مواسير السحب إلى نهر النيل بحرم الطريق السريع.
الموقع الثانى: يقع بحوض خلة البحرى نمرة 58 وبه موقعان…. مساحة كل موقع 12 فدانًا
– وهى أرض تابعة للإصلاح الزراعى وأى منهما يصلح لإقامة المحطة مع مد مواسير السحب
إلى نهر النيل بحرم الطريق السريع.
الموقع الثالث: يقع بحوض أم زينة نمرة 90 وحوض القلع نمرة 8 ومساحته 70 فدانًا تقريبا
– وهى أرض تابعة للأوقاف….. وهى صالحة لإقامة المحطة ويمكن تغذية المحطة من الرياح
التوفيقية التى تبعد حوالى 15 مترًا. أما باقى المواقع المقدمة فهى ملكيات خاصة بقرية
ميت بدر خميس – وهى صالحة لموقعها على النيل مباشرة (يراجع حافظة مستندات المطعون ضدهم
المودعة أمام محكمة أول درجة بجلسة 23/ 9/ 1999).
كما تقدم أهالى قرية ميت خميس بشكوى إلى رئيس مجلس الوزراء متضررين من إقامة محطة مياه
الشرب الجديدة لمدينة المنصورة بقريتهم بعد تعرضها لنزع أكثر من نصف مساحة القرية لزوم
مشروعات نفع عام ومقترحين ستة مواقع بديلة صالحة لإقامة هذه المحطة وطالبين تشكيل لجنة
من مكتب المتابعة بمجلس الوزراء لفحص هذه المواقع ملتمسين إيقاف المحطة المذكورة محل
القرار رقم 3342 لسنة 1997 – محل الطعن الماثل. وإجابة على شكواهم وجه وزير شئون مجلس
الوزراء والمتابعة كتابة الرقيم 8493 فى 27/ 10/ 1997 إلى محافظ الدقهلية متضمنًا أنه
بالعرض على رئيس مجلس الوزراء أشار بأن تقوم المحافظة بالبحث عن أرض بديلة غير التى
يعترض الأهالى على اختيارها لتنفيذ المشروع إلا أن الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف
الصحى قامت بإدراج مشروع محطة مياه المنصورة الجديدة ضمن مشروع المدن الثانوية الممول
من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ووقع اختيارها على مساحة 13 فدانًا و13 قيراطًا
بناحية ميت خميس وكفر الموجى مركز المنصورة ووافقت اللجنة المؤقتة بالمجلس الشعبى المحلى
للمحافظة بجلستها بتاريخ 2/ 8/ 1996 على تقرير صفة النفع العام للمشروع كما وافق نائب
رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضى على إقامة المشروع بالكتاب رقم 7158
بتاريخ 13/ 10/ 1996 على النحو الوارد بالمذكرة الإيضاحية لقرار نزع الملكية رقم 3342
لسنة 1997 المنشور بالجريدة الرسمية – العدد الأول فى 1/ 1/ 1998 مثار النزاع الماثل.
ومن حيث إنه يستفاد من سياق هذه الوقائع أنه توجد مواقع عديدة صالحة من الناحية الفنية
لإقامة مشروع النفع العام سالف الذكر، وإنه لا خلاف بين أطراف الخصومة حول موقع من
أملاك الدولة يقع بحوض لوساتو نمرة 7 بمدينة المنصورة وغير مستغل فى أى غرض آخر ومساحته
32 فدانًا وأنه يصلح من الناحية الفنية لإقامة محطة مياه الشرب المذكورة إلا أن الجهة
الإدارية المختصة لم تقم بما يمليه عليها واجبها بالبحث بداءة عن المواقع التى تملكها
الدولة حيث إنه لا يجوز لها اللجوء إلى وسيلة نزع الملكية إذا كانت جهة الإدارة تملك
العقارات التى تصلح من الناحية الفنية لمشروع النفع العام المزمع إقامته، وكان فى مكنتها
اختيار الموقع المشار إليه وتجنيب الدولة سداد التعويضات لمن نزعت ملكية أراضيهم لأجل
هذا المشروع فضلاً عن تبوير أرض زراعية البلاد فى أشد حاجة لإنتاجها، وهذا أمر محرم
شرعًا ومحظور قانونًا بغير مسوغ مشروع.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك فلا تتحقق الاعتبارات التى من أجلها أجاز الدستور والقانون
اتخاذ إجراءات نزع ملكية العقارات اللازمة للمنفعة العامة بالنسبة لأرض المطعون ضدهم،
بل إن اتخاذ هذه الإجراءات ضدهم رغم هذه الوقائع والظروف إنما ينطوى على إساءة لاستعمال
السلطة وتجاوز فى تطبيق أحكام الدستور والقانون لمساسها بالملكية الخاصة فى غير الأحوال
المقررة وتشويه للغاية التى قامت عليها فكرة التضحية بالمصالح الشخصية لحساب المصلحة
العامة، وإذ صدر القرار المطعون فيه منطويا على هذه المثالب والعيوب، فإنه يكون قرارًا
باطلاً جديرًا بالإلغاء.
ومن حيث إنه لا وجه لما جاء بمذكرة دفاع الجهة الإدارية الطاعنة المودعة بتاريخ 30/
12/ 2002 بأنه قد تم تنفيذ مشروع النفع العام محل القرار المطعون فيه، فإنه فضلاً عن
أنه من المقرر أن مشروعية القرار الإدارى توزن بمجموع الظروف والأوضاع القائمة وقت
إصداره دون تلك التى تطرأ بعد ذلك، فإن تلك الأقوال مجرد أقوال مرسلة غير مؤيدة بأى
دليل، فإن المادة 12 من القانون رقم 10 لسنة 1990 سالف الذكر لم ترتب أى أثر على واقعة
تنفيذ القرار المقرر للمنفعة العامة على كيانه القانونى حيث لم يرد فى القانون المذكور
نص مماثل لنص المادة 29 مكررًا من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات
للمنفعة العامة أو التحسين المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1962 (الملغى) والتى رتبت على
واقعة البدء فى تنفيذ مشروع النفع العام خلال مدة السنتين المذكورتين عدم سقوط قرار
نزع الملكية ونقل ملكية العقار الى الدولة، حتى ولو تراخى إيداع نماذج نقل الملكية
أو القرار الوزارى بنزع الملكية بمكتب الشهر العقارى المختص، الى ما بعد الميعاد المذكور.
وقد نصت المادة 26 من القانون رقم 10 لسنة 1990 على أنه "… يلغى القانون رقم 577
لسنة 1954….. كما يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القانون ".
ومن حيث إنه ترتيبًا على ما تقدم جميعه يكون الحكم المطعون فيه، وقد انتهى إلى ذات
النتيجة التى انتهى إليها هذا الحكم، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون مما يتعين معه
الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعنين بصفتيهما المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون
المرافعات.
" فلهذه الأسباب "
حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا، وألزمت الطاعنين بصفتهما المصروفات.
سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |