المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 4100 لسنة 42 ق عليا – جلسة 22/ 2/ 2003م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا في يوم السبت الموافق 22/ 2/ 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح ويحيى خضرى نوبى محمد وأحمد
عبد الحميد حسن عبود ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو – نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض
الدولة
وبحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن رقم 4100 لسنة 42 ق. عليا
المقام من
1- وزير الداخلية " بصفته "
2- مدير الإدارة العامة لوثائق السفر والهجرة والجنسية " بصقته "
ضد
السيد/ فاروق يوسف عبد الله البارونى فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة فى الدعوى رقم 6732 لسنة 44 ق بجلسة 26/ 3/ 1996
الإجراءات
فى يوم الأربعاء الموافق 22/ 5/ 1996 أودعت هيئة قضايا الدولة،
بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن، قيد
بجدولها برقم 4100 لسنة 42ق.عليا، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بالقاهرة
فى الدعوى رقم 6732 لسنة 44ق، والقاضى فى منطوقه " بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع
بإثبات تمتع المدعى بالجنسية المصرية، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات". وطلبت الهيئة
الطاعنة – للأسباب الواردة فى تقرير الطعن – تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة
فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، لتأمر – وبصفة مستعجلة – بوقف تنفيذ الحكم المطعون
فيه، لحين الفصل فى موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا، لتقضى
بقبوله شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، وإلزام
المطعون ضده المصروفات،ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فى ختامه
الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع برفضه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن الماثل بجلسة 5/ 10/ 1998، على النحو الثابت بمحاضر جلساتها،
وبجلسة 4/ 1/ 1999 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الأولى
موضوع لنظره بجلسة 7/ 3/ 1999 حيث نظرته هذه الدائرة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات،
وبجلسة 21/ 12/ 2002 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات فى شهر.
وبجلسة اليوم، صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات،والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المطعون ضده –
فاروق يوسف عبد الله البارونى – كان قد أقام الدعوى رقم 6732 لسنة 44ق أمام محكمة القضاء
الادارى بالقاهرة فى 18/ 8/ 1990 بطلب الحكم بإثبات تمتعه بالجنسية المصرية، مع ما
يترتب على ذلك من آثار، وذكر – شرحًا لدعواه – أنه من مواليد الفيوم سنة 1937، وقد
ولد لأب مصرى هو يوسف عبد الله البارونى المولود بمصر سنة 1895، وظل مقيمًا بها حتى
وفاته عام 1973، ووالدته مصرية، وأشقاؤه عبد الفتاح وثريا وعواطف وأنهار ووفاء مصريو
الجنسية، ويعملون بالحكومة المصرية، وأنه يعامل بالبلاد باعتباره كذلك، حيث أتم الدراسة
الثانوية بالبلاد، وتخرج فى كلية الشرطة وعين ضابطًا بوزارة الداخلية، وتدرج فى الترقى
حتى وصل إلى رتبة رائد، ثم استقال من الخدمة عام 1971، وسافر إلى ليبيا للعمل مستشارًا
قانونيًا لها، وأنكرت عليه وزارة الداخلية وعلى شقيقاته تمتعهم بالجنسية المصرية، وقد
استصدروا أحكامًا من القضاء بإثبات تمتعهم بهذه الجنسية، مما ألجأه إلى إقامة هذه الدعوى
، وبجلسة 26/ 3/ 1996 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيسًا على أن " الثابت من
الأوراق أن المدعى من مواليد سنة 1937، وأن شقيقته أنهار يوسف عبد الله البارونى، أقامت
الدعوى رقم 2966 لسنة 36ق طالبة وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن إعطائها
شهادة تفيد ثبوت جنسيتها المصرية، فأجابتها المحكمة إلى طلبها، وطعن فى هذا الحكم أمام
المحكمة الإدارية العليا، بموجب الطعن رقم 1238 لسنة 30ق، وقضى برفض هذا الطعن، وعند
نظر الدعوى الموضوعية، قضت محكمة القضاء الإدارى بإلغاء القرار المطعون فيه، ولم يتم
الطعن فى هذا الحكم، وأصبحت شقيقة المدعى تتمتع بالجنسية المصرية، بموجب هذه الأحكام
التى اعترفت لها بجنسية البلاد لما ثبت لها من أن المدعية ولدت فى مصر لأب أجنبى ولد
هو أيضًا فيها، وأن أباها ينتمى بجنسيته إلى الجمهورية العربية الليبية، وهى دولة يتحدث
غالبية سكانها العربية ويدينون بالإسلام، وعلى ذلك فإن المدعى يتوافر له لذات السبب
التمتع بجنسية البلاد، باعتباره قد ولد فى الفيوم سنة 1937 (أى فى النطاق الزمنى لتطبيق
المادة 6/ 4 من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929) لأب أجنبى ولد هو أيضا فيها، وأن
والده ينتمى بجنسيته إلى الجمهورية العربية الليبية، وهى دولة يتحدث غالبية سكانها
العربية، ويدينون بالإسلام" وأضافت المحكمة " أنه لا يغير من هذا النظر القول بما هو
ثابت من أن والد المدعى قيد بكشف الطرابلسيين بسجلات القنصلية الإيطالية سنة 1922،
وأن الاتفاقات التى عقدتها مصر مع ليبيا تمنع من اعتبار أولاده مصريين ذلك بأن هذه
الاتفاقات لا تتنافى مع نص الفقرة الرابعة من المادة السادسة التى اشترطت ضمن ما اشترطت
أن يكون الأب أجنبيًا، فاعتراف الحكومة المصرية فى اتفاق سابق على تشريع الجنسية لبعض
الطرابلسيين بأن لهم جنسية أجنبية لا يمنع من تطبيق النص المذكور على أولادهم، بل على
العكس يساعد على تطبيقه، إذ يحقق شرطًا من الشروط التى يتطلبها النص".
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، وأخطأ فى تطبيقه وتأويله
على سند من القول أن المشرع المصرى حدد حق التمتع بالجنسية المصرية، وشروط هذا التمتع
وضوابطه، وأن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده لم يقدم أية مستندات تقطع بإقامة والده
فى البلاد خلال أى من الفترات المتطلبة قانونًا للتمتع بالجنسية المصرية، أو ميلاده
بها، ولا ينال من ذلك ما استند إليه الحكم من صدور أحكام لصالح شقيقة المطعون ضده بثبوت
تمتعها بالجنسية المصرية، لأن هذه الأحكام لا ينسحب أثرها على حالة المطعون ضده، والذى
يتعين عليه إثبات تمتعه بالجنسية المصرية، وتقديم المستندات الدالة على ذلك، هذا فضلاً
عن أن والده مقيد بكشف الطرابلسيين بسجلات القنصلية الإيطالية سنة 1922، وأن الاتفاقات
التى عقدتها مصر مع إيطاليا تمنع من اعتبار أولاده مصريين.
ومن حيث إن هذه المحكمة استعرضت حكمها الصادر بجلسة 20/ 12/ 1986 فى الطعن رقم 1238
لسنة 30ق المقام من الجهة الإدارية ضد السيدة/ أنهار يوسف عبد الله البارونى (شقيقة
المطعون ضده) طعنًا على الحكم الصادر لصالحها فى الدعوى رقم 2966 لسنة 36ق – واستظهرت
المحكمة ما ورد به من أن " البادى من ملفات الإدارة المقدمة فى الدعوى ومن مستندات
المطعون ضدها أن جدها لأبيها عبد الله بن أحمد السادس البارونى طرابلسى الأصل، وقدم
إلى القطر المصرى عام 1891، على وجه التقريب، وقت أن كانت كل من طرابلس ومصر تابعة
للدولة العلية، وقبل ميلاد ابنه يوسف عبد الله البارونى (والد المطعون ضدها) والذى
تأرجح تاريخ ميلاده فى الأوراق بين عامى 1893، 1895 فى مصر، وتكشف الأوراق عن إقامة
الجد والأب معًا بالفيوم، وكانا يشتغلان بالتجارة وقت إجراء تحريات المديرية عنهما
فى عام 1928 على ما جاء بملف التبعيات رقم 10/ 27/ 508 والأوراق الأخرى, وقد استمرت
إقامة الجد منذ قدومه إلى القطر المصرى والأب بعد مولده إلى ما بعد هذا التاريخ إلى
10/ 3/ 1929 حيث رزق بابنته أنهار التى ولدت فى بندر الفيوم بتاريخ 11/ 6/ 1932، وقيدت
هذه المدينة كموطن للأسرة…. إلخ " وخلصت المحكمة إلى أن المستفاد من ظاهر الأوراق
ميلاد المذكورة فى مصر سنة 1932 لأب عثمانى ولد فيها فى 1893 أو 1895 لأب عثمانى من
مواليد طرابلس بليبيا، حضر إلى مصر سنة 1891، وبذلك فإن الظاهر فى حق الجد أنه عثمانى،
كان يقيم بمصر منذ مجيئه إليها سنة 1891، وكان يقيم فيها عادة فى5 من نوفمبر سنة 1914
حتى 10من مارس سنة 1929، تاريخ العمل بالمرسوم بقانون، المشار إليه، ولم يكن استيلاء
إيطاليا على طرابلس الذى تم فى سنة 1912 ليزيل بذاته صفة العثمانية عن الليبيين، طالما
لم تكن الدولة العثمانية قد أقرت هذا الاستيلاء، وبذلك يكون مصريا طبقا للمادة ثالثًا من المرسوم بقانون المذكور……. إذ نصت على أن " يعتبر مصريا من عدا هؤلاء
من الرعايا العثمانيين الذين كانوا يقيمون عادة فى القطر المصرى فى 5من نوفمبر سنة
1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى تاريخ نشر هذا القانون، وإذا كان الأب من مواليد
1893 أ و1895 فقد كان رشيدا عند العمل بالمرسوم بقانون وينطبق النص عليه ولم يتبين
من ملفات الإدارة إلا أنه مقيد بكشوف الطرابلسيين بناء على طلبه فى عام 1922، وذلك
قبل عقد الاتفاق بين مصر وإيطاليا فى شأن جنسية الليبيين المقيمين بالقطر المصرى فى
14 من إبريل سنة 1923، وقد أخضع هذه الكشوف للفحص والمراجعة والمحو إن اقتضى الأمر،
ولم يقرر صفة التبعية الإيطالية إلا لمن ورد ذكرهم فيه بشروط معينة منها شرط الميلاد
فى ليبيا، وأن تكون المهاجرة منها على نية العودة إليها، والمستفاد ميلاد الأب بمصر،
واستمرار إقامته بها، فلم يعد إلى طرابلس حتى عام 1929، ولاسيما وأنه ورد بملف الإدارة
عنه أنه لا يوجد بأرشيف الجنسية ملف باسمه ".
ومن حيث إنه عند نظر الشق الموضوعى من الدعوى المقامة من السيدة أنهار شقيقة المطعون
ضده قضت محكمة القضاء الإدارى بجلسة 20/ 6/ 1989 بإلغاء القرار المطعون فيه ولم يتم
الطعن على هذا الحكم، كما استصدر شقيق المطعون ضده وشقيقته (عبد الفتاح ووفاء) حكما
من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 3803 لسنة 41 ق بجلسة 7/ 6/ 1988 يقضى بإلغاء
قرار جهة الإدارة بعدم تجديد جواز سفر الأول بعدم استخراج جواز سفر للثانية مستندًا
فى ذلك إلى حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 1238 لسنة 30 ق. عليا المشار
إليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه استند هو الآخر – ضمن الأسباب التى أقام عليها قضاءه
– إلى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا لصالح شقيقته أنهار فى الطعن رقم 1238
لسنة 30 ق. ع المشار إليه، واعترف للمطعون ضده بالجنسية المصرية ومن ثم فإن هذا الحكم
قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون، ولا وجه للطعن عليه، ويكون الطعن الماثل، جديرًا برفضه،
وهو ما تقضى به هذه المحكمة.
ومن حيث إنه لا ينال من ذلك ما ساقته جهة الإدارة فى معرض الطعن على الحكم المطعون
فيه من أن الاتفاقات التى عقدتها مصر مع إيطاليا تمنع من اعتبار المطعون ضده مصريا
لأن والده مقيد بكشف الطرابلسيين بالقنصلية الإيطالية سنة 1922 ذلك أن هذا القول مردود
عليه بما تضمنه حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 1238 لسنة 30 ق. ع المشار
إليه من أن الاتفاق المشار إليه لم يقرر صفة التبعية الإيطالية إلا لمن ورد ذكرهم فيه
بشروط معينة منها شرط الميلاد فى ليبيا وأن تكون المهاجرة منها على نية العودة إليها
والمستفاد ميلاد الأب بمصر واستقرار إقامته بها، فلم يعد إلى طرابلس حتى سنة 1929،
وهو ما أكدته جهة الإدارة من أنه لا يوجد بأرشيف الجنسية ملفات باسم الأب.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184مرافعات.
" فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
