المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 7402 لسنة 44 ق عليا – جلسة 3/ 7/ 2003م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا في يوم السبت الموافق 3/ 7/ 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد أحمد الحسينى عبد المجيد مسلم، جودة عبد المقصود
فرحات، عادل محمود زكى فرغلى، إسماعيل صديق محمد راشد، كمال زكى عبد الرحمن اللمعى،
على فكرى حسن صالح، السيد محمد السيد الطحان، غبريال جاد عبد الملاك، د. حمدى محمد
أمين الوكيل، يحيى خضرى نوبى محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حتة محمود حتة – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن رقم 7402 لسنة 44 القضائية عليا
المقام من
1- وزير العدل " بصفته "
2 – رئيس محكمة الإسماعيلية الابتدائية " بصفته "
ضد
خالد عطية الله محمود فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية " الدائرة الأولى " فى الدعوى رقم 2635 لسنة 2 ق بجلسة 22/ 6/ 1998
الإجراءات
فى يوم الأحد الموافق 2/ 8/ 1998 أودع الأستاذ/ عبد الرحيم على
عثمان النائب بهيئة قضايا الدولة نائبًا عن الطاعنين بصفتهما قلم كتاب المحكمة الإدارية
العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها العمومى تحت رقم 7402 لسنة 44ق.عليا فى الحكم الصادر
من محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية " الدائرة الأولى " فى الدعوى رقم 2635 لسنة
2ق بجلسة 22/ 6/ 1998 القاضى منطوقه: (بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار رقم 26
لسنة 1991 الصادر من السيد المستشار/ رئيس محكمة الإسماعيلية الابتدائية فيما تضمنه
من تطبيق نظام الخدمة الميكروفيلمية بالمحكمة المذكورة، مع ما يترتب على ذلك من آثار،
وألزمت جهة الأداة بمصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها
وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها.
وطلب الطاعنان بصفتهما – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم: (بقبول الطعن شكلاً
وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجددًا برفض
طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن درجتى
التقاضى.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم/
بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وحدد لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى عليا فحص طعون جلسة 3/ 1/ 2000 وبجلسة 19/ 6/
2000 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى –
موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 27/ 8/ 2000 وتداولت على النحو المبين بمحاضر جلساتها
إلى أن قررت بجلستها المعقودة بتاريخ 17/ 2/ 2001 إحالة الطعن إلى الدائرة المشكلة
بالتطبيق لحكم المادة 54 مكررًا من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 المضافة بالقانون
رقم 136 لسنة 1984.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى العدول
عن المبدأ الذى قررته المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 2748 لسنة 32ق. عليا بجلسة
19/ 1/ 1991 إلى تأييد قرار السيد الأستاذ المستشار رئيس محكمة الإسماعيلية الابتدائية
بإدخال نظام الخدمة الميكروفيلمية بالمحكمة المذكورة.
وقد عين لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 5/ 4/ 2001 وتدوول بالجلسات على النحو الثابت
بمحاضرها حيث أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرتى دفاع صممت فى ختامهما على الطلبات المبينة
بتقرير الطعن تأسيسًا على أنه قد تم الاتفاق بين الهيئة العامة لصندوق أبنية المحاكم
وبعض المراكز المتخصصة فى مجال خدمة الميكروفيلم لإدخال نظام هذه الخدمة فى حفظ وثائق
ومستندات الدعاوى المنظورة أمام المحاكم والإشراف على تطبيقه فنيًا وهندسيًا وإداريًا
بحيث يكون المركز مسئولاً عن كافة الأعمال التى يؤديها فى مقر المحكمة وفقًا للنظم
التى تم الاتفاق عليها بموجب العقود التى أبرمت بشأن إدخال هذه الخدمة لذلك فقد اصدر
رئيس محكمة الإسماعيلية الابتدائية مفوضًا من جمعيتها العمومية الأمر الإداري المطعون
فيه بشأن قواعد وإجراءات التوثيق الميكروفيلمى للدعاوى والأوامر بجميع محاكم الإسماعيلية
وعلى ذلك يكون القرار الطعين قد صدر طبقًا لأحكام السلطة القضائية وفى حدود الاختصاص
المخول لرؤساء المحاكم الابتدائية تفويضًا من الجمعية العمومية بها، ولا يقدم فى ذلك
ما ذهب إليه حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 2748 لسنة 32ق. عليا بجلسة 19/
1/ 1991 الذى استند إليه الحكم المطعون فيه بشأن القرار المطعون فيه بأنه قد تضمن خطرًا
أو مانعًا على قيد الدعاوى وفرض رسم لم يقرره المشرع لأن الأخذ بهذا النظام العالمى
المستحدث الذى يعد من أكفأ الأنظمة فى حفظ أوراق ومستندات الدعاوى من الفقد والضياع
أو العبث بها أو التلاعب فى محتواها لا يعد بحال من الأحوال خطرًا على قبول وقيد الدعاوى
وخاصة إنه ليس فى قانون المرافعات أو قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ما يمنع
من تنظيم العمل بالمحاكم تمشيًا مع التكنولوجيا الحديثة المتطورة أو بإدخال الأنظمة
الحديثة بالمحاكم، كما أن المقابل المالى اليسير المقرر مقابل هذه الخدمة المتطورة
لا يعيد قيدًا أو خطرًا على قيد وقبول الدعاوى كما صوره الحكم المطعون فيه لأن القيد
أو الخطر معناه غل يد صاحب الشأن ومنعه من قيد دعواه على اية صورة من الصور أى منعه
مطلقًا من ذلك وهذا ما لا يرمى إليه نظام الخدمة الميكروفيلمية بالمحاكم فضلاً عن أن
هذا المقابل – الذى وصف بطريق الخطأ رسمًا – وهو ليس برسم وإنما هو مقابل من المال
نظير آداء هذه الخدمة، ويؤكد ذلك أن حصيلته لا تؤول إلى خزانة الدولة وإنما تؤول على
المركز أو المؤسسة التى تقوم على تنفيذ هذا النظام، كما لا يرتبط فى تحديد قيمته بالقيمة
المالية للدعوى وإنما يكون حسب عدد أوراقها ومستنداتها وعلى ذلك لا يعد تقرير هذا النظام
والعمل به مخالفًا لأحكام الدستور أو القانون باعتبار انه خدمة هامة ترمى بالفعل إلى
تحقيق مصلحة المتقاضى ذاته والمصلحة العامة فى ذات الوقت بالحفاظ على أوراق ومستندات
الدعاوى لدى دور المحاكم وسرعة الرجوع غليها والاطلاع عليها مما يكون له أكبر الأثر
فى تحقيق عدالة ناجزة وسريعة بين المتقاضين.
وبجلسة 6/ 3/ 2003 قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة 8/ 5/ 2003 مع التصريح بتقديم مذكرات
لمن يشاء فى شهر، حيث لم تقدم أية مذكرات من الطرفين وبالجلسة السالفة تقرر مد أجل
النطق بالحكم لجلسة 5/ 6/ 2003 لإتمام المداولة وبهذه الجلسة تقرر مد أجل النطق بالحكم
إداريًا لجلسة 3/ 7/ 2003 وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند
النطق بالحكم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق
– فى أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 2635 لسنة 2ق أمام محكمة القضاء الادارى
بالإسماعيلية بموجب عريضة مودعة قلم كتابها بتاريخ 24/ 7/ 1997 بطلب الحكم بقبول الدعوى
شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 26 لسنة 1991 الصادر من رئيس محكمة الإسماعيلية
الابتدائية بشأن قواعد وإجراءات نظام التوثيق الميكروفيلمى للدعاوى والأوامر والعقود
التجارية بمجمع محاكم الإسماعيلية وفى الموضوع بإلغاء القرار المذكور، مع ما يترتب
على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات على سند من القول إنه بتاريخ 1/ 11/
1991 صدر قرار رئيس محكمة الاسماعيلية الابتدائية رقم 26 لسنة 1991 بتطبيق نظام التوثيق
الميكروفيلمى للدعاوى والأوامر والعقود التجارية بمجمع محاكم الاسماعيلية فرض هذا النظام
فى تعاملات المحامين والأفراد والمتقاضين امام المحاكم الابتدائية والمحاكم الجزئية،
ناعيًا على هذا القرار أنه فرض هذا النظام مقابل رسمى بالمخالفة للقانون، وانتهاكًا
لحرمة الدستور بدعوى أن نصوص قانون المرافعات فى المواد 63 حتى 71 حددت كيفية رفع الدعوى
وقيدها أمام المحكمة باجراءات واجبة التنفيذ وعلى سبيل الحصر ولا يجوز فيها التأويل
أو التفسير وإن تقرير نظام الميكروفيلم يعتبر قيدًا على حق التقاضى ويشكل مخالفة لنص
المادة 68 من الدستور، كما إنه يخالف نصوص القانون رقم 90 لسنة 1944 بشان الرسوم القضائية
ورسوم التوثيق فى المواد المدنية المتضمن قواعد تقرير رسوم الدعوى وأحوال تخفيضها وكيفية
حسابها، وكذلك مخالفة المادة 119 من الدستور التى تنص على أن إنشاء الضرائب العامة
او تعديلها او إلغاؤها لا يكون إلا بقانون، كما إنه يتضمن إخلالاً بسرية التقاضى والانحراف
بالسلطة، كما إنه صدر معيبًا بعيب غصب السلطة وهى سلطة المشرع المنوط به اصدار القوانين.
وبجلسة 22/ 6/ 1998 اصدرت محكمة القضاء الادارى بالاسماعيلية " الدائرة الأولى " حكمها
المطعون فيه.
وشيدت المحكمة قضاءها – بعد استعراض نصوص المواد 165،69،68 من الدستور و15 من القانون
رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية و63 من قانون المرافعات المدنية والتجارية و37
و51 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية فى المواد المدنية – على أن
البادى من ظاهر الأوراق أن رئيس محكمة الاسماعيلية الابتدائية أصدر بتاريخ 1/ 11/ 1991
القرار رقم 26لسنة 1991 متضمنًا تطبيق نظام التوثيق الميكروفيلمى للمستندات والأوراق
وملفات الدعاوى بمحكمة الاسماعيلية الابتدائية وجزئياتها وحدد خطوات قيد الدعاوى الجديدة
وإلزام أصحاب الشأن بالتقدم إلى مركز الخدمة الميكروفيلمية بالعريضة والمستندات ليقوم
المركز بتقدير وتحصيل الرسوم المستحق لتوثيق تلك الأوراق وقرر عدم قبول عرائض الدعاوى
أو مستنداتها أو اية أوراق متعلقة بها إلا بعد التحقق من توثيقها بالميكروفيلم وختمها
بالخاتم الخاص بذلك، كما خطر تسليم صور الأحكام أو الشهادات أو المستندات أو الاطلاع
عليها إلا بعد اتخاذ اجراءات التوثيق الميكروفيلمى وغلزام امين السر بتكليف أصحاب الشأن
بسداد قيمة توثيق جميع المستندات والأوراق كل فيما يخصه بخزينة الميكروفيلم وبذلك يكون
رئيس محكمة الاسماعيلية الابتدائية قد وضع قواعد تنظيمية عامة بقرار ادارى يقيد به
اطلاع الخصوم على أوراق ومستندات الدعاوى الأمر الذى يشكل قيدًا على الاطلاع لم يرد
به نص فى قانون المرافعات، فضلاً عما ينطوى عليه تلك القيود من اخلال بحق الدفاع وتدخل
فى سير الدعاوى على نحو يتعارض مع اختصاص القاضى الذى ينظر الدعوى صاحب الحق الوحيد
فى الترخيص بالاطلاع من عدمه وفقًا لما يراه محققًا وكافلاً لحق الخصوم فى إبداء دفاعهم
فى الدعوى، كما إنه يكون بذلك قد فرض رسومًا بالمخالفة لصريح أحكام القانون رقم 90
لسنة 1944 المعدل بالقانون رقم 66 لسنة 1964 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى
المواد المدنية والتى نصت عليها المادتين 51،37 منه والمادة 35 من قانون الرسوم أمام
المحاكم الشرعية الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1991 وعلى ذلك يكون القرار المطعون فيه
رقم 26 لسنة 1991 على حسب الظاهر من الأوراق قد صدر بالمخالفة الصارخة لأحكام الدستور
والقانون لما قدره من وضع قيود وفرض رسوم على رفع الدعاوى وقيدها امام المحاكم والاطلاع
عليها يغير الطريق المقرر قانونًا وبأداة أدنى من التشريع اللازم لفرض الرسم فى مثل
هذه الحالة ومن ثم يكون ركن الجدية قد توافر فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه،
كما يتوافر ركن الاستعجال فيه لما يترتب على الاستمرار فى تنفيذ القرار الطعين الحاق
أضرار بالمدعى وجمهور المتقاضين يتعذر تداركها تتمثل فى تعطيل وتأخير قيد الدعاوى وإفشاء
أسرارهم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتاويله
لأسباب حاصلها أن القرار المطعون فيه لا يحمل فى مضمونه ومحتواه سوى تنظيم وتحديث اجراءات
التقاضى بما في ذلك حفظ أوراق ومستندات الدعاوى من التلف أو الضياع بما لا شك فيه تحقق
الفائدة القصوى للمتقاضين من هذا التطور الحديث. حيث إنه يحق للسلطة العامة أن تتدخل
فى أى وقت لتعديل سير المرافق العامة دون ان يؤثر فى استعمالها لهذا الحق اعتبار غير
المصلحة العامة وجهة الادارة تتولى ادارة وتنظيم المرفق العام بما يتلاءم وطبيعة المرفق
ونوع الخدمات التى يؤديها وكيفية انتفاع الجمهور به، فإذا ما ظهر فى أى وقت من الأوقات
أن هذا التنظيم لم يعد يتفق مع المنفعة المرجوة أو أن هناك تنظيمًا يكفل أداؤها على
وجه افضل كان لها أن تلجأ إلى تنظيم المرفق ولها أن تفرض رسومًا على الانتفاع أو تخفف
الرسوم الموجودة أو تشدد من الرسوم المتطلبة وحق الادارة فى هذا الشأن لا يقيده إلا
بمراعاة الصلح العام، ولا يمكن أن يقيدها فى ذلك اعتبارات مستمدة من حق يدعى اكتسابه
لموظف المرفق العام أو للمنتفعين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ما تقدم، وخلط بين الرسوم
التى فرضها القانون على اجراءات التقاضى، وبين تلك التى تحددها الادارة بحسبانها القوامة
على المرفق العام بما يكفل حفظ أوراقهم ومستنداتهم من العبث أو التلف بما يكفل بالتالى
حسن آداء المرفق وتطوير خدماته التى تؤدى للجمهور المنتفع بما يكون معه الحكم الطعين
قد أخطأ فى تطبيق القانون الأمر الذى ينتفى معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار
المطعون فيه.
ومن حيث أن مقطع النزاع فى الطعن الماثل يدور حول طبيعة الرسوم المقررة
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
" فلهذه الأسباب "
حكمت المحكمة:
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
