المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 11030 لسنة 47 ق عليا – جلسة 18/ 6/ 2005 م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 18/ 6/ 2005 م.
برئاسة السيد الأستاذ المستشار د./ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان وأحمد عبد العزيز إبراهيم
أبو العزم و أحمد عبد الحميد حسن عبود و د. محمد كمال الدين منير أحمد – نواب رئيس
مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن رقم 11030 لسنة 47 القضائية عليا
المقام من
عبد الكريم أحمد عبد الكريم
ضد
1- وزير الداخلية "بصفته"
2- مدير مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية "بصفته"
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 12446 لسنة 54 ق بجلسة
26/ 6/ 2001
الإجراءات
فى يوم الخميس الموافق 23/ 8/ 2001 أودع الأستاذ طاهر صوفى عثمان
المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد
بجدولها تحت رقم 11030 لسنة 47 ق.ع فى الحكم المشار إليه والقاضى بقبول الدعوى شكلاً
وبرفضها موضوعا وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ ثم بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر
بمنعه من السفر ووضع اسمه على قوائم الممنوعين من السفر مع ما يترتب على ذلك من آثار,
وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار
وإلزام المطعون ضدهما المصروفات. وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 25/
9/ 2004, وبجلسة 21/ 2/ 2005 قررت إحالته إلى هذه المحكمة التى قررت إصدار الحكم بجلسة
اليوم وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن الطاعن أقام الدعوى
المشار إليها بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بتاريخ 21/ 8/
2000 طلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بمنعه من السفر ووضع اسمه
على قوائم الممنوعين من السفر مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات,
وقال شرحاً للدعوى أنه لا يوجد مبرر لمنعه من السفر لأنه ليس له نشاط إرهابى أو إجرامى
يبرر إدراجه على قوائم الممنوعين من السفر الأمر الذى يكون معه القرار المطعون فيه
مخالفا لحكم الدستور طالما لم يقم سبب يبرره, وحيث إن استمرار هذا المنع يسبب له أضراراً
جسيمة يتعذر تداركها.
ومن ثم أقام دعواه الماثلة للحكم له بطلباته.
وبجلسة 26/ 6/ 2001 صدر الحكم المطعون فيه, وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من
المستندات المقدمة من الجهة الإدارية أنها انطوت على بيانات لم يستطيع المدعى نفيها
بالدليل والبرهان,وهى بيانات تقيم حول نشاطه ومسلكه ظلالا كثيفة من الشك والريبة, وإن
كان المدعى قدم أوراقا تفيد أن هذه القضايا مقيدة بأسماء آخرين إلا أنه لم يقدم ما
يثبت أن اسمه لم يرد فى هذه القضايا من قريب أو بعيد خصوصا وأنه من المعلوم علما عاما
أن أمثال المدعى الذين لهم نشاط فى مجال الحبوب المخدرة والمخدرات بوجه عام, كما جاء
فى كتاب وزارة الداخلية المودع بالأوراق أمثال المدعى – دائماً – على درجة من الحرص
التى تباعد بينهم وبين الوقوع مباشرة فى أيدى الشرطة, وغالبا ما تكون لهم وسائلهم وأدواتهم
المنفذة فى مثل هذه الأحوال, وأن المحكمة تطمئن إلى أن ما جاء بأوراق جهة الإدارة يدعم
قرارها فى منع المدعى من السفر خصوصا وأن الأوراق خالية من الدليل القاطع والبرهان
الساطع على أن سفر المدعى تبرره ضرورة قهرية تجعل السفر بالنسبة لها مسألة فى غاية
الأهمية, وإذ احتوت أوراق الدعوى على أسباب تبرر قيام القرار المطعون فيه مما ترى معه
المحكمة الحكم برفض الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن خطأ الحكم المطعون فيه فى تطبيق القانون وتأويله فضلا عن الفساد
فى الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور المبطل فى التسبيب, ذلك أنه بصدور حكم
المحكمة الدستورية فى الدعوى رقم 243 لسنة 21 ق دستورية بعدم دستورية نص المادة من القرار الجمهورى بالقانون رقم 97 لسنة 1959 فيما تضمنه من تخويل وزير الداخلية سلطة
تحديد شروط منح جواز السفر, وبعدم دستورية نص المادة من ذات القانون وبسقوط نص
المادة من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996 فقد انهار سند وزارة الداخلية
فى إدارج بعض الأشخاص على قوائم الممنوعين من السفر أياً ما كانت مبررات هذا الطلب
ولو كان تدبيراً احترازياً لمواجهة خطورة إجرامية – وأنه إذا قام سبب لمنع أحد من الموطنين
من السفر وكان سببا حقيقيا ممثلاً لركن السبب تعين استصدار الأمر بذلك من القاضى المختص
أو النيابة العامة بحسب الأحوال والذى يجب صدوره فى نطاق ما حددته المادة 41 من الدستور
وبشرط قيام مقتضاه بأن تستلزمه ضرورة تحقيق يجرى مع المطلوب الحجر على حريته الشخصية
ولتحقيق غاية متمثلة فى صيانة أمن المجتمع, كما أن ما ذهبت إليه المحكمة يخالف الثابت
بالمستندات المقدمة من المدعى والتى تقطع بأن القضايا التى وردت سببا لمنعه من السفر
لا تخصه وإنما تخص أشخاصاً آخرين محددة أسماؤهم بكل شهادة على وجه الدقة ومن ثم لا
مجال للقول بأنه لم يقدم ما يثبت أن اسمه لم يرد فى هذه القضايا خاصة وأن القضية رقم
15/ 88 جنايات مخدرات مصر القديمة والمقيدة برقم 260 لسنة 88 قد قدم صورة رسمية من
الحكم الصادر فيها مشتملاً على أسبابه والتى لا تشير من قريب أو بعيد إلى متهمين آخرين
غير من ورد اسمه بها والذى يدعى ( كريم تاج الدين علاء الدين ), والقضية رقم 63 لسنة
1975 مقيدة ضد الرائد/ عدلى توفيق سدراك بتهمة عرض رشوة وليست باسم المدعى وخاصة برشوة
وليست مخدرات, كما أنه مما يبرر ضرورة سفره للخارج أنه شريك فى شركة البتلز لإنتاج
وصناعة الملابس الجاهزة وهى مسجلة قبل صدور القرار المطعون فيه وبما يقطع بأهمية وضرورة
سفر الطاعن للخارج لتصدير منتجات الشركة واستيراد الخامات وقطع الغيار الخاصة بالإنتاج
ومن ثم انتهى إلى الحكم له بطلباته فى الطعن.
ومن حيث إن لهذه المحكمة قضاء بأن المشرع الدستورى جعل من الحرية الشخصية حقا طبيعيا
يصونه بنصوصه ويحميه بمبادئه, فنص فى المادة منه على أن " الحرية الشخصية حق طبيعى,
وهى مصونة لا تمس, وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تقييد حريته بأى
قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا
الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة, وذلك وفقا لأحكام القانون. " ونص فى المادة
منه على أنه " لا يجوز أن يحظر على أى مواطن الإقامة فى جهة معينة, ولا أن يلزم
بالإقامة فى مكان معين, إلا فى الأحوال المبينة فى القانون ".
ونص فى المادة على أنه " لا يجوز إبعاد أى مواطن عن البلاد أو منعه من العودة
إليها " كما نص فى المادة على أن " للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو الموقوته إلى
الخارج, وينظم القانون هذا الحق, وإجراءات وشروط الهجرة ومغادرة البلاد "
ومن حيث إنه فى ضوء هذه المبادئ الدستورية, قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4 من
نوفمبر سنة 2000 فى القضية رقم 243 لسنة 21 ق دستورية بعدم دستورية نص المادتين و من القانون رقم 97 لسنة 1959 فى شأن جوازات السفر وكذلك بسقوط نص المادة من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996, استنادا إلى أن حرية الانتقال تنخرط فى
مصاف الحريات العامة, وأن تقييدها دون مقتضى مشروع إنما يجرد الحرية الشخصية من بعض
خصائصها, ويقوض صحيح بنيانها, كما أن الدستور بنص المادة منه عهد إلى السلطة التشريعية
وحدها تقدير هذا المقتضى, ولازم ذلك أن يكون الأصل هو حرية التنقل والاستثناء هو المنع
منه, وأن المنع من التنقل لا يملكه إلا قاضٍ أو عضو نيابة عامة يعهد إليه القانون بذلك
وينظم القواعد الشكلية والموضوعية لإصدار الأمر بذلك, فى ضوء الضوابط التى وضع الدستور
أصولها, وعلى هذا فإن أى نص يخالف هذه الأصول يعتبر منسوخا حتما بقوة الدستور نفسه
باعتباره القانون الوضعى الأسمى.
ومتى كان ذلك, وكان الأمر موضوع الطعن الماثل فيما جرى به من منع الطاعن من السفر لم
يصدر وفقا لأحكام تشريع ينظم قواعد إصدار ذلك الأمر, فإنه يكون قائما على غير أساس,
وإذ ذهب الحكم المطعون إلى غير هذا المذهب فإنه يكون مخالفا للقانون جديراً بالإلغاء
ويتعين القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
" فلهذه الأسباب "
حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه
وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
