المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 13154 لسنة 49 ق عليا – جلسة 6/ 5/ 2006 م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم السبت الموافق 6/ 5/ 2006 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان وأحمد عبد الحميد حسن
عبود و د. محمد كمال الدين منير أحمد ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد الجيد مسعد العوامى – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن رقم 13154 لسنة 49 القضائية عليا
المقام من
رئيس هيئة مفوضى الدولة
فى الحكم الصادر فى محكمة القضاء الإدارى ( دائرة بنى سويف والفيوم, فى الطعن رقم 22
لسنة 2 ق. س بجلسة 3/ 6/ 2003
المقام من
ياسر أحمد على خليل
ضد
1) وزير العدل " بصفته "
2) ) أحمد سعد بهنسى عبد النبى
فى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية للرئاسة وملحقاتها فى الدعوى رقم 25 لسنة 44 ق
بجلسة 30/ 10/ 1999
الإجراءات
بتاريخ 31/ 7/ 2003 أودع رئيس هيئة مفوضى الدولة – بصفته قلم كتاب
هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم عاليه فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى
( دائرة بنى سويف والفيوم ) فى الطعن رقم 22 لسنة 2 ق. س بجلسة 3/ 6/ 2003 والقاضى
فى منطوقه " حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعا, وألزمت الطاعن المصروفات,
ومائه جنيه مقابل أتعاب المحاماة ".
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة فى تقرير الطعن – إرساء مبدأ قانونى جديد حول تفسير
عبارة " المذهب الحنفى " للمفاضلة بين المتقدمين لشغل وظيفة مأذون الواردة بالمادة
من لائحة المأذونين, وبيان نوعية الدراسة المتطلبة لوصف المتقدم بحنفى المذهب,
والفصل فى ضوء ذلك فى الطعن الماثل, وإلزام من يصيبه الخسران المصروفات.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسببا فى الطعن ارتأت فى ختامه قبول الطعن شكلاً,
وفى الموضوع بتأييد الحكم المطعون فيه, وإلزام الطاعن المصروفات.
وعينت جلسة 21/ 3/ 2005 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون, وبجلسة 24/ 9/ 2005 قررت
إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 19/ 11/ 2005 حيث نظرته على النحو المبين بمحاضر
جلساتها, حتى تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم, مع التصريح بمذكرات فى شهر.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 10/ 10/
1996 أقام المطعون ضده الثانى أحمد سعد بهنسى عبد النبى الدعوى رقم 25 لسنة 44 ق أمام
المحكمة الإدارية للرئاسة, بطلب الحكم بقبولها شكلاً, وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم
3605 لسنة 1996 بتعيين الطاعن ياسر أحمد على, وإعادة المادة لتعيينه هو, مع إلزام المدعى
المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة تأسيسا على مخالفة القرار المطعون فيه لأحكام القانون
ولائحة المأذونين, لأن التفضيل بالمذهب لا يكون إلا بين الطلاب الأزهريين فقط, ولأنه
يفضل المطعون على تعيينه فى المؤهل والمجموع وسنة التخرج ونوع الدراسة: إذ تخرج فى
كلية أصول الدين والدعوة بجامعة الأزهر 1984 بتقدير عام جيد, والمطعون على تعيينه تخرج
فى كلية الحقوق 1992 بتقدير مقبول, كما أنه درس المذاهب الفقهية الأربعة, فى حين أن
المذكور درس مذهبا واحدا كما أنه عمل إماما وخطيبا وحفظ القرآن, فى حين أن المذكور
ليس كذلك.
وبجلسة 3/ 10/ 1999 أصدرت حكمها بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تعيين ياسر
أحمد على خليل مأذونا لناحية دسيا مركز الفيوم إلغاء مجرداً, مع ما يترتب على ذلك من
آثار, وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقد تأيد هذا الحكم بحكم محكمة القضاء الإدارى
( دائرة بنى سويف والفيوم ) الصادر فى الطعن رقم 22 لسنة 2 ق. س بجلسة 3/ 6/ 2003 (
الحكم المطعون فيه بالطعن الماثل ) وقد أسس قضاءه على ما ثبت لها من الأوراق من أن
الطاعن ياسر أحمد على خليل حاصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة عام 1992 وأن المطعون
ضده حاصل على ليسانس أصول الدين والدعوة بالمنوفية من جامعة الأزهر عام 1984, فيكون
كلاهما حاملاً مؤهلاً أعلى, ومن ثم فلا يعمل بشأنهما معيار التفضيل المتعلق بالحصول
على الدرجات الأكثر فى الامتحان المنصوص عليه فى المادة التاسعة من لائحة المأذونين,
وبالحصول على الدرجات الأكثر فى أحكام الزواج والطلاق لما سلف بيانه, وإنما يعمل فى
شأنهما معيار التفضيل المتعلق بتقديم من يكون منهما حنفى المذهب.. ولما كان الطاعن
لا يعد حنفى المذهب وكذلك المطعون ضده لأن الأخير مالكى المذهب حسبما هو ثابت بالأوراق
من اختياره ذلك المذهب عند التحاقه بالمرحلة الإعدادية الأزهرية مذهبا له, ومن ثم فلم
يتبق سوى التفضيل بينهما بطريق القرعة, فإذا كان ذلك وكانت الجهة الإدارية قد أصدرت
القرار المطعون فيه رقم 3605 لسنة 1996 بتعيين الطاعن مأذونا دون إجراء القرعة بينه
وبين المطعون ضده لتفضيل أيهما, فمن ثم يكون قرارها مخالفا لصحيح حكم القانون مما تقضى
معه المحكمة بإلغائه مجرداً, مع ما يترتب على ذلك من آثار… وإذ انتهى الحكم المطعون
فيه إلى هذه النتيجة فمن ثم يكون قد أصاب الحق فى قضائه ويضحى الطعن عليه فاقداً لسنده
متعينا الرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن التفسيرات قد تباينت حول مدلول عبارة " حنفى المذهب
" الواردة بالمادة من لائحة المأذونين كمعيار للتفضيل بين المتقدمين لشغل وظيفة
المأذون عند التساوى بالمؤهل الأعلى وذلك بالنسبة لخريجى كليات الحقوق خلاف جامعة الأزهر,
الذين يدرسون ضمن دراستهم مادة الشريعة الإسلامية, وما إذا كانت هذه المادة كافية بذاتها
لأن يصدق على خريجى هذه الكليات وصف " حنفى المذهب " أم أن هذا الوصف لا يصدق إلا على
نوعية دراسية معينة, وهو ما لا يتوافر إلا فى شأن خريجى جامعة الأزهر دون غيرهم, وإذ
لم يسبق للمحكمة الإدارية العليا أن تطرقت لمثل هذه الإشكالية, الأمر الذى اقتضى له
الطعن على الحكم المشار إليه أمام المحكمة الإدارية العليا لإرساء مبدأ قانونى فى هذا
الصدد.
ومن حيث إنه غير صحيح ما استند إليه تقرير الطعن من أن المحكمة الإدارية العليا لم
تتطرق لمثل هذه الإشكالية وإنما سبق للمحكمة الإدارية العليا أن قضت فى موضوع مماثل,
بجلستها المنعقدة فى 12 يناير سنة 1997 فى الطعن رقم 3270 لسنة 39 ق. عليا بأن مفاد
المواد وومن لائحة المأذونين الصادرة بقرار وزير العدل فى 10/ 1/ 1955
المعدلة بالقرار رقم 635 لسنة 1972 أن اللائحة بعد أن حددت الشروط الواجب توافرها فيمن
يرشح للتعيين فى وظيفة مأذون نظمت حالة تعدد المرشحين الذين تتوافر فيهم هذه الشروط,
ومن ثم وضعت بعض المعايير للمفاضلة بين هؤلاء المرشحين, جاءت وفقا لحكم المادة 12 من
اللائحة على الترتيب الآتى:
من يحمل مؤهلاً أعلى.
الحائز لدرجات أكثر فى الامتحان المنصوص عليه فى المادة .
الحائز لدرجات أكثر فى أحكام الزواج والطلاق.
حنفى المذهب.
القرعة.
ومن حيث إنه غنى عن البيان أن المعيار الثانى يقتصر على حملة المؤهلات المنصوص عليها
فى المادة من اللائحة, أما باقى المعايير فهى تصدق على جميع المرشحين, إلا أنه
جدير بالتنوية أن المعيار الرابع, والمتعلق بتفضيل حنفى المذهب كان يمكن التعويل عليه
أثناء سريان حكم المادة من اللائحة قبل تعديلها بقرار وزير العدل المشار إليه,
إذ كان نص البند (ج) من المادة المذكورة يجرى على النحو الآتى " (ج) أن يكون حائزاً
لشهادة التخصص أو شهادة العالمية أو شهادة الدراسة العالمية من إحدى كليات الجامع الأزهر,
ومن ثم كان من اليسير – عند إجراء المفاضلة بين المرشحين للتعيين فى وظيفة مأذون من
بين حملة المؤهلات المشار إليها – التعرف على من ينتمى منهم إلى المذهب الحنفى, فى
ضوء ما هو متعارف عليه من أن الدراسة فى الكليات التابعة للجامع الأزهر كانت تتم وفقا
للمذاهب الفقهية المعروفة, ويتم تحديد المذهب الذى ينتمى إليه الدارس فى الشهادة الحاصل
عليها, أما بعد إجراء تعديل المادة من اللائحة بالقرار سالف الذكر بإضافة عبارة
" أى شهادة من كلية جامعية أخرى تدرس فيها الشريعة الأسلامية كمادة أساسية " فقد أصبح
معيار تفضيل حنفى المذهب معياراً غير منضبط, لأن دراسة الشريعة الإسلامية فى الكليات
المشار إليها – فضلاً عن أنها تتم دون التقيد بمذهب معين – فإنه حتى مع التسليم بأن
قوانين الأحوال الشخصية التى تدرس فى هذه الكليات مصدرها الرئيسى أو الذى يرجع إليه
لاستجلاء بعض النصوص هو المذهب الحنفى, إلا أنها لا تلزم الدارس باتباع هذا المذهب
دون سواه, كما لا تتضمن الشهادات الدراسية الصادرة عنها أى بيان يتعلق بالمذهب الذى
ينتمى إليه الدارس, الأمر الذى يمكن أن يطلق معه على الدارس بالكليات السالف الإشارة
إليها أنه حنفى الدراسة وليس حنفى المذهب, ومن ثم فإن خريج كليات الحقوق ليس بالضرورة
أن يكون حنفى المذهب لمجرد دراسته لأحكام قوانين الأحوال الشخصية وفقا لهذا المذهب,
إلا أنه فى ذات الوقت لا يجوز إهدار معيار الأفضلية الخاص بحنفى المذهب, ومن ثم وإلى
أن يتدخل المشرع بوضع ضوابط محددة لتطبيق هذا المعيار على خريجى الكليات الجامعية التى
تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية, فإنه يتعين الأخذ بإقرار المرشح وما يقدمه
من مستندات معززة لهذا الإقرار, أيا كانت طبيعة هذه المستندات طالما لم يقدم باقى المرشحين
ما يناقض هذا الإقرار أو يشكك فى سلامة تلك المستندات.
ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد أرفق ضمن مستندات ترشيحه شهادة صادرة
من كلية الحقوق جامعة القاهرة تفيد أنه درس مادة الشريعة الإسلامية فى السنوات الأربع
حسب المعمول به أمام محاكم الأحوال الشخصية فى مصر وهو المذهب الحنفى بينما ثابت من
الشهادة الصادرة عن كلية أصول الدين والدعوة بالمنوفية جامعة القاهرة أن المطعون على
تعيينه خريج دور مايو 1984 شعبة التفسير والحديث ومذهبه مالكى, ولم يجحد أى من المرشحين
ما ورد بهاتين الشهادتين, ومن ثم فإن قيام الجهة الإدارية بتفضيل الطاعن وتعيينه مأذونا
للناحية المذكورة بالقرار المطعون فيه يكون قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ لم يأخذ بهذه الوجهة من النظر فمن ثم يكون قد خالف
القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله, وأضحى متعينا القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
" فلهذه الأسباب "
حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلاً, وبإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المطعون ضده المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
