الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 4625 لسنة 49 ق عليا – جلسة 14/ 5/ 2005م

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع

بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم السبت الموافق 14/ 5/ 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد محمد السيد الطحان – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم وحسن سلامة أحمد محمود و أحمد عبد الحميد حسن عبود ود.محمد كمال الدين منير أحمد – نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 4625 لسنة 49 القضائية عليا

المقام من

السيد/ ماجد عبد الباقي محمد فؤاد

ضد

1 – النائب العام " بصفته"
2- رئيس مصلحة وثائق السفر و الهجرة و الجنسية " بصفته "
3- رئيس مجلس إدارة شركة مركز التجارة العالمي " بصفته "
في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 707 لسنة 57ق بجلسة 28/ 1/ 2003


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 20/ 2/ 2003 أودع الأستاذ حمدي الدسوقي محمد نائباً عن الأستاذة/ نفيسة حسن زكريا المحامية بالنقض والإدارية العليا، بصفتها وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن، قيد بجدولها بالرقم عاليه، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 707 لسنة 57ق بجلسة 28/ 1/ 2003 فيما قضى به في منطوقه: أولاً: برفض الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، وباختصاصها. ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً، ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعي المصروفات "
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة في تقرير طعنه – " إحالة هذا الطعن إلى دائرة فحص الطعون، لإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا، لتقضي فيه: أولاً: بقبول الطعن شكلاً، وثانياً: بإلغاء الحكم الطعين والقضاء مجدداً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم وما يترتب على ذلك من آثار، من وقف تنفيذ القرار الصادر من المطعون ضده الأول لحين الفصل في موضوع الدعوى، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي ".
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني في الطعن ارتأت فيه، قبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى محكمة جنايات القاهرة للاختصاص، مع إبقاء الفصل في المصروفات للحكم الذي ينهي الخصومة في الدعوى.
وعينت جلسة 9/ 3/ 2004 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون وبجلسة 26/ 9/ 2004 أحالت الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 30/ 10/ 2004 حيث نظرته على النحو المبين بالأوراق، وبجلسة 12/ 2/ 2005 قررت النطق بالحكم بجلسة اليوم، مع التصريح بمذكرات في شهر حيث أودع طرفا الخصومة كل مذكرة بدفاعه، حيث أودع المطعون ضده الثالث بصفته مذكرة بدفاعه.
وبجلسة اليوم، صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 707 لسنة 57ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 9/ 10/ 2002 بطلب الحكم – بصفة مستعجلة – بوقف تنفيذ القرار الصادر من المدعي عليه الأول ( المطعون ضده الأول ) بتاريخ 30/ 9/ 2002 بإدراج اسمه بقوائم الممنوعين من السفر، وترقب الوصول، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار، وباعتباره كأن لم يكن، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات، وذكر – شرحاً لدعواه – أنه بتاريخ 30/ 9/ 2002 أصدر النائب العام القرار المطعون فيه استناداً إلى أن هناك أحكاماً جنائية صدرت ضده في القضيتين رقمي 9038 و8061 لسنة 2000 جنح بولاق أبو العلا، والمستأنفتين برقمي 3556 و 2671 لسنة 2001 جنح مستأنف أبو العلا، والمقضي فيهما بسقوط الاستئناف، ونعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون، وأن الأحكام التي استند إليها ليست نهائية ويحق له الطعن عليها بالمعارضة الاستئنافية والنقض.
وبجلسة 28/ 1/ 2003 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، تأسيساً على ما بدا لها من ظاهر الأوراق من أن " المدعي صدر ضده حكم في القضية رقم 8061 لسنة 2000 جنح بولاق أبو العلا ( إصدار شيك بدون رصيد ) وقد قضى هذا الحكم غيابياً بالحبس ثلاث سنوات مع الشغل، وكفالة خمسة آلاف جنيه، وتعويض مؤقت مقداره 501 جنيه، وقد عارض في هذا الحكم، وقضت المحكمة بجلسة 25/ 3/ 2001 بقبول ورفض وتأييد الحكم والمصاريف، فقام باستئناف هذا الحكم، وبجلسة 16/ 6/ 2001 قضت المحكمة غيابياً بسقوط الاستئناف، ولم يعارض المحكوم ضده ( المدعي ) في هذا الحكم بعد، كما صدر ضده حكم في القضية رقم 9038 لسنة 2000 جنح بولاق أبو العلا ( إصدار شيك بدون رصيد ) وقد قضى الحكم بمعاقبته غيابياً بالحبس ثلاث سنوات مع الشغل، وكفالة خمسة آلاف جنيه، ومبلغ 501 جنيه تعويض، وقد عارض في هذا الحكم، وبجلسة 24/ 3/ 2001 قضت المحكمة بقبول ورفض وتأييد الحكم و المصاريف، فقام باستئناف الحكم، وبجلسة 16/ 6/ 2001 قضت المحكمة غيابياً بسقوط الاستئناف، ولم يعارض المحكوم ضده ( المدعي ) في هذا الحكم بعد، ولدى عرض الأمر على النائب العام أمر بإدراج اسمه على قوائم الممنوعين من السفر، وترقب الوصول" واستخلصت المحكمة من ذلك أن " القرار الطعين قد صدر لضمان بقاء المدعي داخل البلاد، وعدم مغادرتها وذلك حتى يتسنى اتخاذ إجراءات تنفيذ الأحكام الصادرة ضده للحيلولة دون هروبه خارج البلاد، ومتى كان الأمر على هذا النحو، فإن القرار المطعون فيه يكون قد قام على سببه الصحيح المبرر له قانوناً، الأمر الذي ينتفي معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه مما يتعين معه القضاء برفض هذا الطلب، ودون حاجة إلى بحث ركن الاستعجال لعدم جدواه ". واستطردت المحكمة مقررة أنه " لا محل لما أثاره المدعى من أن أمره معروض على المحكمة الجنائية مما تكون معه النيابة العامة قد اغتصبت سلطة المحكمة في شأن أمر منعه من السفر، ذلك لأن الأوراق لم تكشف أنه قام بالطعن على الحكمين الصادرين بإدانته عن طريق المعارضة الاستئنافية حتى يمكن القول بأن أمره معروض على المحكمة الجنائية، والتي تملك وحدها النظر في أمر منعه من السفر من عدمه ".
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه صدر مخالفاً للدستور والقانون، فضلاً عن أنه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن هذا القرار صدر من النائب العام بصفته دون أن يكون ثمة تنظيم قانوني مخالفاً بدوره أحكام الدستور، كما أن الأحكام الصادرة ضده ما زال الطعن فيها قائماً بالمعارضة الاستئنافية والنقض، وبذلك تكون النيابة العامة قد استنفدت سلطتها القضائية، إذ الدعويان منظورتان أمام المحاكم الجنائية ويكون قرارها مشوباً بعدم الاختصاص الجسيم ويضحى مخالفاً للقانون، كما أن الحكم المطعون فيه شابه التناقض في الأسباب، فضلاً عن صدوره على خلاف أحكام سابقة حائزة لقوة الشيء المحكوم فيه، بالإضافة إلى مخالفة الحكم الطعين لأوراق ومستندات الدعوى وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بتقرير طعنه، وتحيل إليه هذه المحكمة تفادياً للتكرار.
ومن حيث إن الطاعن يستهدف من طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار الطعين فيما تضمنه من إدراج اسمه على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة ارتأت في تقريرها برأيها القانوني في الطعن إلغاء الحكم والقضاء بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة جنايات القاهرة للاختصاص تأسيساً على أن القرار الصادر من النائب العام قرار قضائي مما ينتفي عنه وصف القرار الإداري، ويخرج من الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن مناط وقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين هما: ركن الجدية بأن يكون القرار قد شابه عيب من عيوب المشروعية مما يرجح معه إلغاؤه، وركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإنه باستعراض أحكام الدستور يبين أن المشرع الدستوري جعل من الحرية الشخصية حقاً طبيعياً يصونه بنصوصه، ويحميه بمبادئه، فنص في المادة منه على أن " الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تمس " وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل، إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقاً لأحكام القانون ". ونص في المادة منه على أنه لا يجوز أن يحظر على أي مواطن الإقامة في جهة معينة، ولا أن يلزم بالإقامة في مكان معين، إلا في الأحوال المبينة في القانون ". ونص في المادة على أنه " لا يجوز إبعاد أي مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها ". كما نص في المادة ( 52) على أن " للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة إلى الخارج، وينظم القانون هذا الحق، وإجراءات وشروط الهجرة ومغادرة البلاد ".
ومن حيث إنه في ضوء هذه المبادئ الدستورية، قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4 من نوفمبر سنة 2000 في القضية رقم 243 لسنة 21 ق الدستورية بعدم دستورية نصي المادتين و من القانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر، وكذلك بسقوط نص المادة من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996، استناداً إلى أن حرية الانتقال تنخرط في مصاف الحريات العامة، وأن تقييدها دون مقتض مشروع إنما يجرد الحرية الشخصية من بعض خصائصها، ويقوض صحيح بنيانها، كما أن الدستور بنص المادة منه عهد إلى السلطة التشريعية وحدها تقدير هذا المقتضى، ولازم ذلك أن يكون الأصل هو حرية التنقل والاستثناء هو المنع منه، وأن المنع من التنقل لا يملكه إلا قاض أو عضو نيابة عامة يعهد إليه القانون بذلك وينظم القواعد الشكلية والموضوعية لإصدار الأمر بذلك، فى ضوء الضوابط التى وضع الدستور أصولها، وعلى هذا فإن أى نص يخالف هذه الأصول يعتبر منسوخاً حتماً بقوة الدستور نفسه، باعتباره القانون الوضعي الأسمى.
لما كان ذلك فإنه وإن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن النيابة العامة شعبة أصيلة من السلطة القضائية، تتولى أعمالاً قضائية أهمها وظيفة التحقيق ثم وظيفة الاتهام أمام المحاكم الجنائية، وأن القرارات والإجراءات التى تتخذها بحكم وظيفتها القضائية تعتبر من صميم الأعمال القضائية، فإن النيابة العامة لا تنهض ولايتها فى خصوص المنع من السفر إلا وفقاً لقانون ينظم القواعد الموضوعية والشكلية لإصدار قرارات بذلك وأنه فى غياب هذا القانون وفى ضوء ما قضت به المحكمة الدستورية العليا بحكمها سالف الذكر فلا تستنهض النيابة العامة هذه الولاية ولا تقوم لها قائمة، ويكون ما تصدره النيابة فى هذا الشأن مجرد إجراء فاقد لسنده الدستورى والقانوني مما تختص محاكم مجلس الدولة باعتبارها صاحبة الولاية العامة فى المنازعات الإدارية وفقاً لنص المادة 172 من الدستور وقانون مجلس الدولة بمراقبة مشروعيته ووقف تنفيذه أو إلغائه حسب الأحوال، وذلك هو عين ما أكدته محكمة النقض فى الطعن رقم 2361 لسنة 55ق بجلسة 15/ 11/ 1988.
ومتى كان ذلك، وكان الأمر موضوع الطعن الماثل فيما جرى به من منع المطعون ضده من السفر لم يصدر وفقاً لأحكام تنظيم قواعد إصدار ذلك الأمر، فإنه يكون قائماً على غير أساس، ويتوافر معه ركن الجدية وكذلك ركن الاستعجال لتعلق الأمر بالمساس بحق من الحقوق الدستورية أو بحرية من الحريات العامة، ومن ثم يغدو متعيناً صدقاً وعدلاً القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذه الوجهة من النظر فمن ثم يكون قد صدر بالمخالفة للقانون، واجب الإلغاء، ودون أن ينتقص من ذلك ما ذهبت إليه هيئة مفوضي الدولة من عدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى لأن القرار الصادر من النائب العام بالمنع من السفر قرار قضائي وينتفي عنه وصف القرار الإدارى ذلك لأن الأمر القضائي بمفهومه المتقدم ينحسر عن القرار الطعين.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات