المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 9207 لسنة 46ق عليا – جلسة 11/ 6/ 2005م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علناً يوم السبت الموافق 11/ 6/ 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد محمد السيد الطحان – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس
المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم و أحمد عبد
الحميد حسن عبود ود. محمد كمال الدين منير أحمد ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس
مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
فى الطعن رقم 9207 لسنة 46القضائية عليا
المقام من
1- رئيس الجمهورية "بصفته"
2- وزير الداخلية "بصفته"
ضد
ورثة المرحوم/ محمد أنور كامل محمود وهم: حميدة السيد عبد الوهاب
1- سحر محمد أنور كامل محمود
2- عزة محمد أنور كامل محمود
3- هدى محمد أنور كامل محمود
4- نادية محمد أنور كامل محمود
5- إيمان محمد أنور كامل محمود
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 6765 لسنة 51ق بجلسة
28/ 5/ 2000
إجراءات الطعن
فى يوم السبت الموافق 22 من يوليه سنة 2000 أودعت هيئة قضايا الدولة
بصفتها نائبة عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن – قيد برقم
9207 لسنة 46 قضائية عليا – فى الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضي فى منطوقه بقبول
الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام جهة الإدارة بأن تؤدي إلى ورثة/ محمد أنور كامل محمود
مبلغاً مقداره ثلاثون ألف جنيه على أن يوزع بينهم على النحو الوارد بالأسباب مع إلزامها
بالمصروفات.
وطلب الطاعنان – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون
لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية
العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى القدر الذى يتناسب
مع مدة الاعتقال التى يطالب بها المطعون ضدهن فى صحيفة الدعوى المطعون على حكمها مع
إلزامهن بالمصروفات.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني فى الطعن ارتأت فيه الحكم
بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 2/ 6/ 2003 وتدوول بجلسات المرافعة على
النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 20/ 12/ 2004 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة
الإدارية العليا – الدائرة الأولى موضوع – لنظره بجلسة 5/ 2/ 2005.
ونظرت المحكمة الطعن بالجلسة المذكورة ثم بجلسة 19/ 3/ 2005 حيث حضر وكيل المطعون ضدهن
وقدم حافظة مستندات ومذكرة دفاع وطلب تصحيح أسماء المطعون ضدهن طبقاً لشهادات الميلاد
والأعلام الشرعي، وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر هذا
الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق- فى أنه بتاريخ 3/ 6/ 1997
أقام ورثة المرحوم/ محمد أنور كامل محمود ( المطعون ضدهن ) الدعوى رقم 6765 لسنة 51ق
المطعون على حكمها أمام محكمة القضاء الإدارى/ دائرة العقود والتعويضات بالقاهرة، بطلب
الحكم بإلزام المدعي عليهما متضامنين بأن يؤديا لهن المبلغ الذى تقدره المحكمة تعويضاً
عما أصابهن وأصاب مورثهن من أضرار مادية وأدبية من جراء اعتقال مورثهن دون مسوغ قانوني
مع إلزامهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك للأسباب المبينة بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 28/ 5/ 2000 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه بإلزام جهة الإدارة
بأن تؤدي إلى ورثة/ محمد أنور كامل محمود مبلغاً مقداره ثلاثون ألف جنيه على أن يوزع
بينهم على النحو الوارد بالأسباب، وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن
مورث المدعيات اعتقل خلال المدة من 7/ 9/ 1965 حتى 14/ 11/ 1971، وساقت جهة الإدارة
تبريراً لاعتقاله أنه كان عضوا بالجهاز السري لجماعة الأخوان المسلمين المحظور نشاطها
والتى تهدف إلى قلب نظام الحكم بالقوة وتغيير الشكل الاجتماعي للبلاد، إلا أن ما ساقته
جهة الإدارة لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً لا يستند إلى دليل أو وقائع مادية تكشف عن
خطورة هذا الشخص على الأمن والنظام العام كسبب مبرر لمشروعية اعتقاله فى المدة المشار
إليها، فضلاً عن أن الاعتقال استند إلى المادة الأولى من القانون رقم 119 لسنة 1964
بشأن بعض التدابير الخاصة بأمن الدولة والتى قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريتها،
الأمر الذى يتوافر معه ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية، بالإضافة إلى تحقق ركن الضرر
حيث حال اعتقال مورث المدعيات بينه وبين ممارسة مصدر رزقه والأنفاق على أسرته كما ألحق
الاعتقال بورثته ضرراً أدبياً تمثل فى الإساءة إلى سمعتهم وكرامتهم بين ذويهم ومعارفهم
والنيل من مشاعرهم وأحاسيسهم الإنسانية وإدخال الحزن والمرارة فى وجدانهم، وهو ما تقدر
معه المحكمة مبلغ ثلاثة وعشرين ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية التى لحقت بمورث
المدعيات يوزع بينهن بحسب الأنصبة الشرعية، ومبلغ سبعة آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار
الأدبية التى لحقت بالورثة يوزع بينهن بالتساوي.
بيد أن الحكم المذكور لم يلق قبولاً من الجهة الإدارية المدعى عليها فأقامت طعنها الماثل
تنعي فيه على الحكم مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول
بأن المطعون ضدهن أقمن الدعوى المطعون على حكمها بطلب الحكم بالتعويض عن الأضرار التى
أصابتهن من جراء اعتقال مورثهم خلال الفترة من أول سبتمبر عام 1965 حتى أواخر عام 1968،
بينما قضى الحكم المطعون فيه بتعويضهن عن الفترة من 7/ 9/ 1965 حتى 14/ 11/ 1971، وبذلك
يكون قد قضى بأكثر مما طلبه الخصوم بالمخالفة لما هو مستقر عليه من أن المحكمة مقيدة
بطلبات الخصوم.
ومن حيث إن البين من أسباب الطعن الماثل، أن الجهة الإدارية الطاعنة لا تجادل فى صحة
قيام وتحقق عناصر التعويض المتمثلة فى الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، وإنما تجادل
فى تقدير قيمة التعويض بالنظر إلى مدة الاعتقال المطلوب التعويض عنها، وكان من المقرر
أن التعويض إنما يقدر على أساس الضرر بحيث يكون جابراً له، بغض النظر عن حجم الخطأ
أو الزمن الذى استغرقه، وكان حجم الضرر المادي والأدبي الذى قضى الحكم الطعين بالتعويض
عنه يتلاءم فى جملته مع التعويض الذى قدرته محكمة القضاء الإدارى بمبلغ ثلاثين ألف
جنيه، حتى مع افتراض أن مدة الاعتقال تنحصر فى المدة من أول سبتمبر عام 1965 حتى أواخر
عام 1968 حسبما قالت به الجهة الإدارية الطاعنة، أخذاً فى الاعتبار أن الحرمان من الحرية
ولو ليوم واحد بلا مسوغ قانوني وما يتركه الاعتقال من أثر سيئ فى نفس المعتقل وذويه،
لا يكفى فى جبره المال ولو تعاظم، ومن ثم فإن ما نعته الجهة الإدارية على الحكم الطعين
فى هذا الصدد يكون على غير أساس من القانون، سيما وأن طلبات المطعون ضدهن الواردة بختام
صحيفة الدعوى وهى المعول عليها قانوناً – لم تتضمن التعويض عن مدة محددة بعينها حتى
يقال بأن المحكمة قضت بأكثر مما طلبه الخصوم.
ومتى كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر مطابقاً لصحيح حكم القانون ولا
مطعن عليه، مما يضحى معه هذا الطعن فاقداً لسنده القانوني خليقاً بالرفض.
ومن حيث إنه عن طلب المطعون ضدهن تصحيح الخطأ المادي فى الأسماء الواردة بالحكم الطعين
لتتطابق مع ما ورد بشهادات ميلادهن والإعلام الشرعي، فإنه لما كانت المحكمة قد انتهت
إلى تأييد الحكم المطعون فيه على النحو سالف البيان، بما مؤداه أن التنفيذ سوف يتم
بموجب ذلك الحكم، فإن إجراء التصحيح المطلوب إنما ينعقد لمحكمة القضاء الإدارى فى ضوء
أحكام المادة 191 من قانون المرافعات، والتى تقضي بأن تتولى المحكمة تصحيح ما يقع فى
حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية كانت أو حسابية، وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها
أو بناء على طلب من أحد الخصوم من غير مرافعة، ويجري كاتب المحكمة هذا التصحيح على
نسخة الحكم الأصلية ويوقعه هو ورئيس الجلسة.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات
.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: –
بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وذلك على النحو المبين فى الأسباب وألزمت الجهة الإدارية
الطاعنة المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
