أصدرت الحكم الآتيلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علنًا يوم الأحد الموافق 6/ 7/ 2003 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان عزوز – رئيس مجلس الدولة ورئيس
المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ علي فكري حسن صالح ، د. محمد ماجد محمود أحمد ،
أحمد عبد الحميد حسن عبود ، احمد حلمي محمد أحمد حلمي – نواب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ حتة محمود حتة – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في دعوى البطلان الأصلية رقم 2881 لسنة 47 ق.عليا
المقامة من:
عطيات محمد كامل محمد
ضد:
1 – وزير العدل " بصفته "
2 – رئيس مصلحة الشهر العقاري والتوثيق " بصفته "
3 – أمين عام مصلحة الشهر العقاري والتوثيق " بصفته "
4 – أمين مكتب شهر عقاري شمال القاهرة " بصفته "
5 – رئيس مأمورية شهر عقاري حدائق القبة " بصفته"
في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 21/ 5/ 2000 في الطعن رقم 3666 لسنة
44ق.عليا
الإجراءات
في يوم الأربعاء الموافق 20/ 12/ 2000 أودع الأستاذ/ سعيد عبد الخالق
المحامي بالنقض وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا عريضة دعوى بطلان
أصلية قيدت بجدولها تحت رقم 2881 لسنة 47 ق.عليا وذلك في الحكم الصادر من محكمة الإداري
بالقاهرة بجلسة 21/ 5/ 2000 في الطعن رقم 3666 لسنة 44ق.عليا والقاضي في منظوقه " بقبول
الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضدها
المصروفات " وطلبت الطاعنة – للأسباب الواردة بعريضة دعوى البطلان الأصلية – أولاً:
قبول الدعوى شكلاً. ثانيًا: ببطلان الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة الإدارية
العليا لتفصل فيها دائرة أخرى وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد جرى إعلان عريضة الدعوى إلى المطعون ضدهم بصفاتهم على النحو الثابت بالأوراق.
وبتاريخ 13/ 1/ 2000 أودع محامي الطاعنة حافظة مستندات ومذكرة دفاع.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الدعوى أرتآت فيه الحكم
بعدم قبول دعوى البطلان الأصلية مع إلزام الطاعنة المصروفات.
وقد عين لنظر الدعوى أمام هذه المحكمة جلسة 23/ 1/ 2001 وجرى تداولها بالجلسات على
النحو الثابت بالمحاضر حيث حضر الخصوم ، وبجلسة 12/ 4/ 2003 قررت المحكمة إصدار الحكم
بجلسة 6/ 7/ 2003 ومذكرات في شهر وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على
أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطاعنة تطلب الحكم ببطلان حكم المحكمة الإدارية العليا ، وقد خلا القانون
من تحديد تاريخ معين لإقامة دعوى البطلان الأصلية في أحكام المحكمة الإدارية العليا
، ومن ثم تكون الدعوى مقبولة شكلاً إذ استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر الموضوع تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 8/ 3/ 1997
أقامت الطاعنة (مدعية أصلاً) الدعوى رقم 4222 لسنة 51ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة
القضاء الإداري بالقاهرة وطلبت في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه
بالامتناع عن تسجيل عقد شراء المدعية المؤرخ 29/ 9/ 1995 لكامل أرض وبناء العقار الكائن
على حارة المليجي من شارع العشري قسم حدائق القبة – محافظة القاهرة مع ما يترتب على
ذلك من أثار.
وذكر شرحًا لذلك أنه بتاريخ 1/ 5/ 1965 اشترى صلاح الدين على عبد الرحمن من والده علي
عبد الرحمن المليجي بموجب عقد ابتدائي قطعة أرض فضاء كائنة 3 حارة علي المليجي بحدائق
القبة بالقاهرة تبلغ مساحتها 66م2 ، ثم أقام المشتري عليها بناء على نفقته من ماله
الخاص ، وبتاريخ 3/ 2/ 1977 أقام المشتري دعوى بصحة ونفاذ عقد البيع للأرض موضحًا أنه
أقام عليها بناء من أربعة طوابق وقيدت هذه الدعوى برقم 3138 لسنة 1977 مدني كلي شمال
القاهرة ، وبجلسة 21/ 8/ 1991 تم تسجيل الحكم بالمشهر رقم 2259 لسنة 1991 ، وبتاريخ
29/ 9/ 1995 اشترت المدعية كامل أرض ومباني العقار المشار إليه والذي بلغ عدد طوابقه
خمس ، وقامت بتاريخ 14/ 4/ 1996 بتقديم طلب إلى مأمورية الشهر العقاري بحدائق القبة
لتسجيل عقد الشراء حيث قيد الطلب تحت رقم 105 لسنة 1996 المعدل لطلب الشهر رقم 317
لسنة 1995 ، إلا أن المأمورية امتنعت عن إنهاء إجراءات تسجيل عقد البيع وأخطرتها بأن
العقد المسجل منصب على الأرض فقط ، وأنه يتعين تقديم ما يفيد ملكية البائع لها للبناء
وإلا ستقصر التسجيل على الأرض فقط ، كما طالبتها المأمورية بتقديم كشف رسمي بمكلفة
العوائد من مأمورية الإيرادات تفيد ملكية البائع لها لكامل أرض وبناء العقار مشتري
الدعية ، إلا أن العوائد رفضت سوى نقل تكليف الأرض فقط ، وأنهم لا ينقلون التكليف سوى
بعقد مسجل.
وأضافت المدعية أنه طبقًا لنص المادتين 803 ، 922 من القانون المدني فإن كل ما على
الأرض يعتبر من عمل صاحب الأرض ما لم يقم الدليل على غير ذلك ، وعليه فإن امتناع مأمورية
الشهر العقاري عن تسجيل عقد بيع المدعية لا أساس له من الواقع أو القانون ويشكل قرارًا
سلبيًا غير مشروع.
وردًا على ذلك قدمت جهة الإدارة مذكرة دفاع ذكرت فيها أن ما ثبت من العقد المسجل رقم
2259 لسنة 1991 سند ملكية البائع للمدعية موضوعه قطعة الأرض الفضاء المحددة به ، وأن
الثابت من الكشف الرسمي المقدم جرد 91/ 1995 أن المباني مكلفة باسم علي عبد الرحمن
المليجي وهو ما يقطع بأن ملكية البائع للمدعية قاصر فقط على الأرض الفضاء دون المباني
المقامة عليها ، لذا فقد طلب الشهر العقاري إدخال مالك المباني أو تصحيح الكشف الرسمي
بتكليف المباني باسم البائع للمدعية حتى يمكن تسجيل العقد المقدم منها طبقًا لنص المادتين
6، 22 من قانون تنظيم الشهر العقاري.
وبجلسة 20/ 1/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن الثابت أن
البائع للمدعية اشترى أرض النزاع خالية من أي مبان حسبما هو ثابت بعقد شرائه والحكم
الصادر بصحته ونفاذه والذي قام بتسجيله إلا أنه أقام بناء عليه فإن هذا البناء يكون
مملوكًا له ولا يجوز مطالبته بدليل أو اثبات ملكيته لتلك المباني ذلك أن المشرع قد
سن قرينة قانونية بسيطة لمالك الأرض مؤداها أن ما عليها من منشآت أو غراس يكون ملكًا
له إلا إذا ثبت خلاف ذلك ، وحيث إن المدعية اشترت أرض النزاع بما عليها من مباني بمقتضى
العقد العرفي المشار إليه فإن ملكية الأرض والمباني تنتقل لها بعد تسجيل ذلك العقد
ولا وجه لمطالبتها بتقديم ما يفيد ملكية البائع لها لتلك المباني فهو المالك للأرض
بمقتضى الحكم الصادر بصحة ونفاذ البيع والذي سجل برقم 2259 بتاريخ 21/ 8/ 1991.
وإذ لم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى الجهة الإدارية فقامت بالطعن عليه أمام المحكمة
الإدارية العليا بالطعن رقم 3666 لسنة 44 ق.عليا وذلك لمخالفته للقانون وذلك على أساس
أن المشرع أناط بالشهر العقاري مراجعة المحررات المقدمة للشهر والشروط الواجب توافرها
في المحررات المطلوب شهرها ، وأوجب ألا تتخذ إجراءات الشهر إلا بعد تقديم المستندات
الوارد ذكرها بالقانون واللوائح المتعلقة بموضوع المحرر ، ولما كان الحكم الصادر بصحة
ونفاذ عقد البيع لم يشر إلى المباني المقامة عليها ، كما أن تكليف المباني ما زال على
اسم البائع فإن طلب الشهر العقاري من المطعون ضدها تقديم سند ملكية البائع لها للمباني
المقامة على الأرض يكون طلبًا صحيحًا ومتفقًا وصحيح حكم القانون.
تدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون والتي قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى/ موضوع لنظره بجلسة 27/ 6/ 1999 حيث جرى تداوله بجلسات المحكمة على
النحو الثابت بالمحاضر ، وبجلسة 21/ 5/ 2000 أصدرت حكمها المطعون فيه.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن المشرع في المواد 9 ، 10 ، 22 من القانون رقم 114
لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري وتعديلاته أوجب أن تشتمل طلبات الشهر على البيانات
الخاصة بأصل حق الملكية أو الحق العيني محل التصرف ، وكذلك على اسم المالك أو صاحب
الحق العيني السابق ، وسبب انتقال الملكية والبيانات الخاصة بالتكليف إذا كان موضوع
المحرر يقتضي تغييرًا من دفاتر التكليف ، ولم يجز لمكتب الشهر العقاري المختص أن يقبل
فيما يتعلق بإثبات أصل الملكية إلا المحررات التي سبق شهرها بشرط عدم تعارضها مع مستندات
المالك الحقيقي ، ولما كان الثابت من سند ملكية البائع للمدعية وهو المشهر رقم 2259
بتاريخ 2/ 8/ 1991 أن الملكية قد انتقلت إليه عن قطعة الأرض الفضاء فقط المحددة الحدود
والمعالم بعقد البيع المؤرخ 1/ 5/ 1965 فإن طلب المطعون ضدها بالسير في إجراءات تسجيل
كامل الأرض والمباني المقامة عليها يكون أمرًا متعارضًا مع مستندات المالك الحقيقي
للأرض، ومن ناحية أخرى وإذ أوجب القانون تضمين طلبات الشهر البيانات الخاصة بالتكليف
إذا كان موضوع المحرر يقتضي تغييرًا في دفاتر التكليف ، وكان الثابت من الأوراق أن
المباني المقامة على الأرض التي قامت المدعية بشرائها كانت مكلفة حتى جرد 1968 أي بعد
إبرام عقد البيع الابتدائي بين البائع لها والبائع له باسم علي عبد الرحمن المليجي
وأن التكليف ظل باسم المذكور بعد إزالة المباني القديمة وإقامة مباني حديثة وحتى صدور
الحكم في الدعوى رقم 3138 لسنة 1977 وشهره بالمشهر رقم 2259 لسنة 1991.
ومن ثم فإن إمتناع جهة الإدارة عن السير في إجراءات التسجيل يكون له ما يبرره في ضوء
ما يستلزمه قانون الشهر العقاري من مستندات ، وتكون دعوى المدعية غير قائمة على أساس
سليم من القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن على حكم المحكمة الإدارية العليا المطعون فيه بدعوى البطلان
الأصلية في أنه قد صدر معدومًا ومفتقدًا لمقومات الأحكام للأسباب الآتية:-
أولاً: أن القضاة الذين إ شتركوا في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة غير
القضاة الذين أصدروا الحكم لأن الثابت بمحاضر الجلسات أن جلسة 5/ 12/ 1999 أنعقدت برئاسة
المستشار/ حنا ناشد وعضوية المستشارين سعيد برغش ، سامي الصباغ، محمود رسلان ، أحمد
أبو العزم حيث قررت الهيئة المذكورة إصدار الحكم بجلسة 13/ 2/ 2000 وبهذه الجلسة قررت
المحكمة بذات تشكيلها مد أجل النطق بالحكم لجلسة 12/ 3/ 2000 وبالجلسة الأخيرة تغير
تشكيل الدائرة وعقدت برئاسة المستشار/ جودة فرحات وباقي السادة المستشارين المذكورين
وقررت الهيئة بتشكيلها المذكور مد أجل النطق بالحكم لجلسة 16/ 4/ 2000 لإتمام المداولة
وبالتالي فإن المداولة مازالت تجري بين قضاة لم يسمعوا المرافعة ، وبجلسة 16/ 4/ 2000
انعقدت الدائرة بذات التشكيل وقررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 21/ 5/ 2000لإتمام المداولة
، وبجلسة 21/ 5/ 2000 فوجئت الطاعنة بصدور الحكم من هيئة جديدة غير التي اشتركت في
المداولة حيث صدر الحكم برئاسة المستشار حنا ناشد وعضوية السادة المستشارين المذكورين
، ومن ثم تكون تلك الهيئة قد أصدرت حكمها دون مداولة حيث إن المداولة قد جرت وفقًا
لمحضر الجلسة السابق من دائرة أخرى وتكون المداولة قد جرت من هيئة وصدر الحكم من هيئة
أخرى غير التي اشتركت في المداولة مما يبطل الحكم المطعون فيه. ثانيًا: بطلان الحكم
لعدم توقيع القضاة الذين اشتركوا في المداولة على مسودة الحكم لأن الثابت بمحضر جلسة
12/ 3/ 2000 أن الدائرة عقدت برئاسة المستشار/ جودة فرحات وفيها تم مد أجل النطق بالحكم
إلى جلسة 16/ 4/ 2000 لإتمام المداولة ثم عقدت جلسة 16/ 4/ 2000 برئاسته أيضًا وتم
مد أجل النطق بالحكم لجلسة 21/ 5/ 2000 لإتمام المداولة وبتلك الجلسة الأخيرة صدر الحكم
وتلى دون حضور السيد المستشار المذكور الذي أجرى المداولة وكان يتعين توقيعه على مسودة
الحكم والإشارة في النسخة الأصلية للحكم إلى عدم حضور سيادته جلسة النطق بالحكم إلا
أن الثابت أن المسودة تضمنت توقيع المستشار/ حنا ناشد رغم أن المداولة تمت بمشاركة
المستشار جودة فرحات. ثالثا: الإخلال بحق الدفاع بمقولة أن الحكم المطعون فيه لم يرد
على دفاع الطاعنة الذي أخذ به حكم محكمة القضاء الإداري وتقرير هيئة مفوضي الدولة للمحكمة
الإدارية العليا والذي لم تكن الطاعنة في حاجة إلى إعادة ترديده أمام المحكمة الإدارية
العليا باعتبار أن الطعن أمامها يطرح النزاع برمته أمامها لتزن الحكم المطعون فيه بميزان
القانون بحيث يتعين على المحكمة إن هي عدلت عن الحكم وألغته أن تفند الأسباب التي استند
إليها الحكم وهو ما لم تقم به المحكمة الإدارية العليا ، هذا وقد أرفقت الطاعنة بتقرير
طعنها حافظة مستندات ومذكرة دفاع.
ومن حيث إنه وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فإن الأصل السائد أنه لا يجوز الطعن
في أحكام المحكمة الإدارية العليا بأي طريق من طرق الطعن باعتبارها أعلى محكمة طعن
في القضاء الإداري فلا يجوز أن يعقب عليها ولا أن يقبل طعن فيها إلا إذا إنتفت عن أحكامها
صفة الأحكام القضائية كأن يصدر الحكم من مستشار قام به سبب من أسباب عدم الصلاحية للفصل
في الدعوى ، أو أن يقترن الحكم بعيب جسيم يمثل إهدارًا للعدالة يفقد فيها الحكم وظيفته
، أما إذا اقتصر الطعن في أحكام المحكمة الإدارية العليا على مناقشة الأدلة التي استند
إليها الحكم وعلى موضوع الطعن من حيث تأويل القانون وتطبيقه وليست مما يعتبر عيبًا
جسيمًا أو قام الطعن على مسائل موضوعية تندرج كلها تحت الخطأ في تفسير القانون وتأويله
أو حتى إذا صدر الحكم عل خلاف حكم آخر حائز لقوة الأمر المقضي به فإن هذه الأسباب لا
تمثل إهدارًا للعدالة يفتقد معها الحكم وظيفته وبالتالي لا تصمه بأي عيب ينحدر به إلى
درجة الانعدم مما يجعل الطعن فيه بعد ذلك غير مقبول.
ومن حيث إن مفاد نصوص المواد 116 ، 167 ، 170 من قانون المرافعات – وفقًا لما استقر
عليه قضاء هذه المحكمة – أن المشرع قد أوجب لقيام الحكم القضائي قانونًا أن يصدر من
الهيئة المشكلة وفقًا لأحكام القانون والتي سمعت المرافعة وأتمت المداولة قانونًا ووقعت
مسودة الحكم المشتملة على أسبابه باعتبارها – بمراعاة ما تقدم – تمثل القاضي الطبيعي
للخصوم الذين مثلوا أمامها وتقدموا بدفاعهم لديها لتنزل القول الفصل في النزاع القائم
بالنظر إلى أن الحكم يمثل خلاصة ما أسفرت عنه المداولة قانونًا حتى لحظة النطق به وضمانًا
لأداء أمانة القضاء كما شاء لها الشارع أن تكون فقد أوجب أن يتضمن الحكم رصدًا وتسجيلاً
لسير الخصومة وأرتسام الإجراءات الجوهرية فيها وبيانًا لقضائها حتى النطق بالحكم حتى
يكون الحكم بيانًا بما قدم في سبيل الوصول إلى كلمة القانون في النزاع وعنوانًا للحقيقة
فيما فصل فيه ، كما أوجب المشرع أن تحصل المداولة الأحكام وأسبابه بعد انتهاء المرافعة
وقبل النطق به وذلك ضمانًا لحرية اراء القضاة وأوجب الا يشترك في المداولة غير أعضاء
المحكمة الذين سمعوا المرافعة ، كما أوجب لكل ذلك إيداع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه
موقعة من رئيس المحكمة ومن القضاة عند النطق بالحكم حتى يضفي الاطمئنان على نفوس المتقاضين
بأن الحكم صدر بعد تمحيص أوجه النزاع ومناقشة أدلة الخصوم وإيداع مسودة الحكم بتوافره
على ما سلف بيانه يعد دليلاً على تحقق الضمانة المشار إليها ، وأن القضاة الذين وقعوا
المسودة هم الذين تداولوا في أسبابه واتفقوا عليها واستقرت عقيدتهم على أساس ما فيها.
ولما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن هيئة المحكمة الإدارية العليا التي أصدرت
الحكم المطعون فيه كانت تتكون برئاسة المستشار/ حنا ناشد وعضوية المستشارين سعيد برغش
، سامي الصباغ ، محمود رسلان ، وأحمد أبو العزم وهم القضاة الذين سمعوا المرافعة وقام
رئيس المحكمة بجلسة 5/ 12/ 1999 بحجز الطعن للحكم فيه بحسبانه رئيسًا للهيئة المذكورة
لجلسة 13/ 2/ 2000 وبهذه الجلسة قررت المحكمة بذات تشكيلها السابق مد أجل النطق بالحكم
لجلسة 12/ 3/ 2000 ، ثم قررت المحكمة بتشكيل آخر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 16/ 4/
2000 ثم لجلسة 21/ 2/ 2000 ، وبتلك الجلسة صدر الحكم المطعون فيه من ذات الدائرة التي
قامت بحجزه للحكم والتي استمعت فيه للمرافعة وهي التي قامت بالمداولة فيه قانونًا ووقعت
مسودة الحكم المشتملة على أسبابه ، ومن ثم فإن توقيع الهيئة التي سمعت المرافعة واشتركت
في المداولة مسودة الحكم يعصمه من البطلان ، ولا ينال من ذلك قيام السيد المستشار/
جودة فرحات بمد أجل النطق بالحكم إلى جلسة 16/ 4/ 2000 ثم إلى جلسة 21/ 5/ 2000 ذلك
أن مد أجل النطق بالحكم هو في حقيقة تكييفه السليم هو تأجيل إصدار الحكم إلى جلسة أخرى
قريبة تحددها المادة من قانون المرافعات أو تأجيل إصدار الحكم مرة ثانية وفقًا
لنص المادة من قانون المرافعات مع تعيين اليوم الذي يكون فيه النطق به وأن تأجيل
إصدار الحكم إلى جلسة أخرى هو من قبيل إدارة الجلسات في المحاكم ، وقد يكون ذلك لعذر
طارئ قد يلحق بأحد القضاة مثل المرض ويمنعه من حضور الجلسة المقررة للنطق بالحكم أو
قبل توقيع مسودة الحكم من أحد القضاة الذين سمعوا المرافعة ، وأتموا المرافعة ومنعه
عذر طارئ من حضور الجلسة المقررة للنطق بالحكم أو حدوث طارئ لرئيس المحكمة منعه من
حضور الجلسة المقررة للنطق بالحكم فيها ، فإنه يكون لأقدم المستشارين بعده في الأقدمية
أن يصدر قرارًا بتأجيل النطق بالحكم إلى جلسة أخرى يقوم بتحديدها ، وقد جرى قضاء محكمة
النقض بأن مجرد تأجيل النطق بالحكم من يوم إلى آخر لا يمكن أن يبطل الإجراءات ويعد
مؤثرًا في الحكم الصادر فيها ، كما لا يترتب أي بطلان بسبب عدم التوقيع على أسباب التأجيل
في ورقة الجلسة أو في المحضر ، كما جرى قضاء محكمة النقض على أنه ليس ثمة ما يمنع من
تأجيل النطق بالحكم إداريًا إلى اليوم التالي لليوم الذي كان محددًا للنطق بالحكم،
متى كان النطق به في حضور المحكمة بكامل هيئتها ، وقد يستدعى الأمر ذلك بسبب انشغال
أحد أعضاء المحكمة بجلسة أخرى.
ومن ثم فإن قيام أحد أعضاء المحكمة – غير الذين سمعوا المرافعة وأتموا المداولة وقاموا
بالتوقيع على نسخة الحكم الأصلية – بتأجيل النطق به إلى جلسة تالية لا يبطل الحكم ولا
يعدو هذا العمل إلا أن يكون عملاً إجرائيًا بحتًا يقصد به إعلان الخصوم بتاريخ صدور
الحكم في جلسة قادمة ، ومن ثم يكون نعي الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالبطلان يكون
قد جاء على غير سند صحيح من القانون ويتعين رفض هذا النعي.
ومن حيث إنه عن الوجه الآخر من أوجه النعي على الحكم الطعون فيه والذي قام على حجة
أساسية هو قول الطاعنة أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحقها في الدفاع الذي أخذ به حكم
محكمة القضاء الإداري وتقرير هيئة مفوضي الدولة أمام المحكمة الإدارية العليا ، فإن
ذلك القول لا يعدو أن يكون مجادلة معادة حول الأدلة التي طرحها أطراف الخصومة ، وأنها
فصلت فيها برأي لم يعتد بأدلة الطاعنة ، ومن ثم لا يعتبر مسلك المحكمة منطويًا على
عيب جسيم أو إهدار للعدالة ولا ينحدر بالحكم إلى درجة الانعدام ، ومن ثم لا يكون هناك
وجه للطعن بدعوى البطلان الأصلية على حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 21/
5/ 2000 في الطعن رقم 3666 لسنة 44 ق.عليا ويتعين الحكم برفض الطعن رقم 2881 لسنة 47
ق.عليا ، وإلزام الطاعنة المصروفات عملاً بحكم المادة من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
برفض الطعن ببطلان الحكم الصادر في الطعن رقم 3666 لسنة 44 قضائية عليا وألزمت الطاعنة
المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
