المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 10327 لسنة 46 ق عليا – جلسة 25/ 12/ 2004
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علنًا في يوم السبت الموافق 25/ 12/ 2004
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان وأحمد عبد العزيز إبراهيم
أبو العزم وحسن سلامة أحمد محمود ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 10327 لسنة 46 القضائية عليا
المقام من
رئيس مجلس الوزراء
ضد
رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصرى
في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري " بالقاهرة " في الدعوى رقم 2926 لسنة 44
ق بجلسة 25/ 6/ 2000
إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق 13 من أغسطس سنة 2000 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن
الطاعن ، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن – قيد برقم 10327 لسنة 46 قضائية
عليا – فى الحكم المشار إليه بعاليه ، والقاضي فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع
بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 1614 لسنة 1989 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة
الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون
بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، ثم بإحالة
الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء
الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام البنك المطعون ضده بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني فى الطعن ارتأت فيه الحكم
بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7/ 1/ 2002 وتدوول بجلسات المرافعة على
النحو المبين بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 17/ 5/ 2004 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة
الموضوع لنظره بجلسة 3/ 7/ 2004.
ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 23/ 10/ 2004 قررت إصدار
الحكم بجلسة 25/ 12/ 2004 وصرحت بتقديم مذكرات فى شهر ، ومضى هذا الأجل دون أن يقدم
أي من الطرفين شيئًا ، وبهذه الجلسة صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه
لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 22/ 2/ 1990
أقام البنك المطعون ضده الدعوى رقم 2926 لسنة 44 ق المطعون على حكمها أمام محكمة القضاء
الإدارى/ الدائرة الثانية بالقاهرة ، طالبًا الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع
بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1614 لسنة 1989 فيما تضمنه من الاستيلاء بطريق الإيجار
لمدة ثلاث سنوات على الطوابق من السادس المتكرر حتى العاشر من مبنى برج القطن الكائن
بميدان أحمد عرابي بالمنشية بمدينة الإسكندرية – والمرتهن لصالح البنك – لاتخاذه مقرًا
للجامعة الدولية التى تستخدم اللغة الفرنسية لخدمة التنمية الافريقية ، مع ما يترتب
على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ، وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً
بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 25/ 6/ 2000 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها الطعين بإلغاء القرار المطعون
فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وشيدت المحكمة قضاءها على أن القرار المطعون فيه
صدر دون توافر حالة ضرورة أو ظروف استثنائية أو عاجلة تبرره، ومن ثم يكون قد صدر فى
غير الحالات المحددة بالمادة 15 من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات
للمنفعة العامة ومن ثم يكون مخالفًا للقانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه مع ما يترتب
على ذلك من آثار.
إلا أن الحكم المذكور لم يصادف قبولاً لدى الجهة الإدارية المدعى عليها فأقامت طعنها
الماثل تنعى فيه على الحكم مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، وذلك على سند
من القول بأن الحكم استند إلى أحكام القانون رقم 10 لسنة 1990 فى حين أنه لا ينطبق
على الواقعة محل التداعي ، وذلك لكون القرار رقم 1614 لسنة 1989 المطعون فيه صدر قبل
العمل بالقانون المذكور والذى لم يرد به نص على سريان أحكامه بأثر رجعي ، بل أن المحكمة
لم تطالع ديباجة القرار المطعون فيه لتتبين النصوص القانونية التى صدر استنادًا إليها
، فقد استند هذا القرار إ لى القانون رقم 521 لسنة 1955 بشأن الاستيلاء على العقارات
اللازمة لوزارة التعليم ومعاهد التعليم والقوانين المعدلة ، وكذلك بروتوكول إنشاء الجامعة
الدولية التى تستخدم اللغة الفرنسية لخدمة التنمية فى البلدان الأفريقية وفى مقدمتها
مصر ، كما استند إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 431 لسنة 1987 بتفويض رئيس مجلس الوزراء
فى بعض الاختصاصات ، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر صحيحًا ممن يملك سلطة إصداره
ولا مطعن عليه.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر
الدعوى استنادًا إلى المادة من القانون رقم 97 لسنة 1983 فى شأن هيئات القطاع
العام وشركاته والتى تعقد الاختصاص بنظر المنازعات التى تقع بين شركات القطاع العام
وبأية جهة حكومية لنظام التحكيم ، فإنه لما كانت الدعوى المطعون على حكمها تنصب على
طلب إلغاء قرار إدارى صادر من رئيس مجلس الوزراء بالاستيلاء على بعض طوابق العقار محل
التداعي ، وكان الفصل فى مثل هذا الطلب معقودًا لمحاكم مجلس الدولة عملاً بحكم المادة
بند عاشرًا من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 والمتعلق بالطلبات التى يقدمها
الأشخاص أو الهيئات بالطعن فى القرارات الإدارية النهائية ، كما أن الحكم الوارد بالمادة
من القانون رقم 97 لسنة 1983 المشار إليه ، ليس من شأنه أن يحجب الاختصاص الأصيل
المعقود لمحاكم مجلس الدولة بنظر دعاوى إلغاء القرارات الإدارية طبقًا لأحكام الدستور
والقانون ، حيث لا تملك هيئات التحكيم ممارسة مثل هذا الاختصاص على القرارات الإدارية
، وفضلاً عن ذلك فإن البنك الأهلي المصرى أقام الدعوى المطعون على حكمها عن نفسه وبصفته
وكيلاً عن الدائنين المرتهنين للعقار المملوك للجمعية التعاونية لإسكان العاملين بمشروع
قصر القطن ، مما يعني أن النزاع لم يكن قائمًا بين البنك ورئيس مجلس الوزراء مباشرة
حتى يقال إنه من الأنزعة الخاضعة لنظام التحكيم ، ومن ثم فإن الدفع الماثل يغدو على
غير سند من القانون حريا بالرفض .
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى أحكام القانون رقم 521 لسنة 1955 بشأن الاستيلاء على
العقارات اللازمة لوزارة التربية والتعليم ، وكذلك القانون رقم 252 لسنة 1960 فى شأن
تعديل بعض الأحكام الخاصة بنزع الملكية للمنفعة العامة والاستيلاء على العقارات ، أن
المشرع قد أجاز لرئيس الجمهورية الاستيلاء على أى عقار خال يراه لازمًا لحاجة الوزارة
المذكورة أو إحدى الجامعات المصرية أو غيرها من معاهد التعليم على اختلاف أنواعها أو
إحدى الهيئات التى تساهم فى رسالة وزارة التربية والتعليم.
ومن حيث إن مفاد ذلك أنه يشترط لمشروعية القرار الصادر بالاستيلاء استنادًا إلى أحكام
القانونين المذكورين توافر شروط ثلاثة: – الأول: أن يصدر القرار من السلطة المختصة
(رئيس الجمهورية أو من يفوضه). الثاني: أن يكون العقار المراد الاستيلاء عليه خاليا.
والثالث: أن يكون العقار لازمًا لحاجة وزارة التربية والتعليم أو إحدى الجهات المشار
إليها سلفًا ومن بينها الهيئات التى تساهم فى رسالة وزارة التربية والتعليم، وفيما
يختص بهذه الأخيرة فإن المشرع وإن كان قد أطلق مفهوم الهيئات المعنية فى هذا الصدد
فيشمل بذلك الهيئات الحكومية وغير الحكومية ، إلا أنه اشترط لإعمال سلطة الاستيلاء
لصالح أي من هذه الهيئات أن يتحقق بشأنها وصف المساهمة فى رسالة وزراة التربية والتعليم
، أي تقدم خدمات تسهم فى النهوض بالتعليم الذى تتولاه الوزارة المذكورة وفى تطويره
، فإذا لم تقدم مثل هذه الخدمات خرجت تلك الهيئات عن نطاق الجهات التى يجوز الاستيلاء
لمصلحتها على العقارات ، وبالتالي يكون القرار الصادر على خلاف ذلك مفتقدًا للمشروعية
ومخالفًا لأحكام القانون والدستور ، ذلك أن سلطة الاستيلاء على العقارات هى سلطة استثنائية
أملتها ضرورات المصلحة العامة تغليبًا له على مصلحة الأفراد ، من ثم يتعين على جهة
الإدارة أن تستعملها وفقًا للقيود والضوابط المرسومة لها فى القانون ، وإلا تكون قد
اعتدت على حق من الحقوق الأساسية التى كفلها الدستور وهو حق الملكية الخاصة.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1614 لسنة 1989 المطعون
فيه – والصادر بناء على تفويض رئيس الجمهورية بالقرار 431 لسنة 1987 – أنه قد تضمن
الاستيلاء على الطوابق من السادس مكررًا حتى العاشر من العقار محل التداعي والكائن
بميدان أحمد عرابي بالمنشية بمدينة الإسكندرية ، وذلك لاتخاذه مقرًا للجامعة الدولية
التى تستخدم اللغة الفرنسية لخدمة التنمية الإفريقية ، استنادًا إلى أحكام القانونين
رقمي 521 لسنة 1955 و252 لسنة 1960 سالفي الذكر ، وهذه الجامعة – بحسب بروتوكول إنشائها
المنشور بالجريدة الرسمية فى العدد رقم 42 بتاريخ 19/ 10/ 1989 هى هيئة دولية مستقلة
تهدف إلى خدمة التنمية الأفريقية ولا شأن لها برسالة التعليم فى مصر التى تنهض بها
وزارة التربية والتعليم ، ومن ثم فهى لا تندرج فى عداد الجهات التى يجوز الاستيلاء
لأجلها على بعض العقارات طبقًا لأحكام القانون رقم 521 لسنة 1955 المشار إليه ، وبالتالي
فإن مصدر القرار المطعون فيه يكون قد استخدم السلطة المخولة له فى القانون المذكور
فى غير الحالات المنصوص عليها فيه ، مما يصم هذا القرار بعيب مخالفة القانون والانحراف
فى استعمال السلطة ، ويتعين لذلك القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ولا مطعن
عليه ، مما يضحى معه الطعن الماثل على غير سند من القانون خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: –
بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
