الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 4308 لسنة 45 ق عليا – جلسة 28/ 2/ 2004م

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
(الدائرة الأولى – موضوع)

بالجلسة المنعقدة علنًا يوم السبت الموافق 28/ 2/ 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأستاتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان ود. محمد ماجد محمود أحمد وأحمد عبد الحميد حسن عبود وأحمد حلمي محمد أحمد حلمي – نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ حتة محمود حتة – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 4308 لسنة 45 القضائية عليا

المقام من/

1 – وزير العدل "بصفته"
2 – رئيس محكمة طنطا الابتدائية "بصفته"
3 – رئيس محكمة مأمورية المحلة الكبرى الابتدائية للمتابعة"بصفته"
4 – كاتب أول محكمة مأمورية المحلة الكبرى الابتدائية "بصفته"

ضد/

نجيب عبد الغني ناصف المحامي في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بطنطا بجلسة 21/ 2/ 1999 في الدعوى رقم 4551لسنة 5ق


" الإجراءات "

بتاريخ 20/ 4/ 1999 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت الرقم عاليه وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري المشار إليه والقاضي " بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الإدارة مصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في الطلب الموضوعي " وطلب الطاعنون – بصفاتهم – في ختام طعنهم وللأسباب الواردة به – وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا أصليًا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري واحطياتيًا: برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن ، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وبرفضه موضوعًا مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 3/ 4/ 2000 وبجلسة 3/ 9/ 2000 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 3/ 12/ 2000 ، وقد نظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسات التالية ، وبجلسة 29/ 11/ 2003 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم ومذكرات في شهر ، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة قد أحاط بها الحكم المطعون فيه فإن المحكمة تحيل إليه منعًا من التكرار.
وبجلسة 21/ 2/ 1999 أصدرت محكمة القضاء الإداري الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وقد شيدت المحكمة قضاءها على سند أن رئيس محكمة طنطا الابتدائية أصدر القرار المطعون فيه بفرض رسوم على إقامة الدعاوي مقابل خدمة الميكروفيلم وحظر على أعوان القضاء قبول الدعوى أو قيدها إلا بعد تصويرها ميكروفيلميًا وسداد الرسوم عليه ومن ثم فإنه يكون قد أوجد قيدًا لم يتطلبه المشرع وهو أمر يخرج عن اختصاصه وبالتالي يكون هذا القرار غير مشروع مما يتوافر معه ركن الجدية فضلاً عن توافر ركن الاستعجال ، وانتهت المحكمة إلى قضائها سالف الذكر.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ، حيث لا يوجد قرار إداري حيث إن المطعون عليه ما هو إلا أوامر داخلية وتعليمات موجهة للعاملين بالمحاكم ومن ثم فإنه لا يرتب أثر بالنسبة للمواطنين ولا ترقى لمرتبة القرارات الإدارية.
ومن حيث إنه قد صدر بجلسة 3/ 7/ 2003 حكم دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة في الطعن رقم 7402 لسنة 44 ق.عليا بعدم مشروعية قرار رئيس محكمة الإسماعيلية الابتدائية بفرض رسوم على المتقاضين بسبب تصوير المستندات ميكروفلميًا ، وقد شيدت المحكمة قضاءها على سند أن القرار المطعون فيه قد فرض مقابلاً ماليًا نظير الخدمات الميكروفلمية المشار إليها فيه ، وأنه قد توافرت في شأن أسعار هذه الخدمة الميكروفيلمية خصائص الرسوم على أساس أنها مبلغ محدد من النقود ، يسدد جبرًا عن أصحاب الشأن من المتقاضين ويبدو عنصر الجبر واضحًا في استغلال مصدر هذا القرار بوضع نظامه القانوني من حيث تحديد مقداره وحالات استحقاقه وطريقة تحصيله ، وأن هذا السعر يدفع مقابل انتفاع صاحب الشأن بالخدمة الميكروفلمية وأنه يترتب على هذه الخدمة تحقيق نفع خاص إلى جانب النفع العام ، ويبدو هذا واضحًا بين أسعار الخدمة الميكروفلمية التي يدفعها المتقاضون نظير خدمة مرفق القضاء يترتب عليها تحقيق نفع خاص للمتقاضي لا يشاركه فيه غيره من الأفراد يتمثل في تمكين صاحب الشأن من الرجوع إلى الأوراق والمستندات المودعة بملف الدعوى والإطلاع عليها في سهولة ويسر والحفاظ على صور مستنداته وأوراقه التي أودعها بملف الدعوى خشية فقدها أو التلاعب فيها وفي ذلك مراعاة المصالح الخاصة حتى يتم حصوله على حقه وضمان عدم منازعة أحد فيه بعد ذلك وفي نفس الوقت تحقيق نفع عام يتمثل في تقديم أساليب متقدمة للحفاظ على المستندات والأوراق وتيسير إجراءات التقاضي وتحقيق سرعة الفصل في الدعاوي وبذلك يستفيد المجتمع نتيجة استقرار الحقوق فيه وإقرار العدل وتوفير العدالة لأفراده.
ومن حيث إنه ليس صحيحًا ما ذهبت إليه الجهة الإدارية الطاعنة من أن القرار الطعين استهدف نظامًا حديثًا لتيسير التقاضي وأن المقابل المادي للخدمة الميكروفيلمية لا يعتبر رسمًا بدعوى أن حصيلته تئول إلى خزينة الشركة القائمة على هذه الخدمة وليس لخزانة الدولة ذلك لأن تطوير نظام الخدمة التي يؤديها الرفق العام مسايرة للتقدم العلمي والتكنولوجي والاستفادة من منجزاته يلقي على عاتق المشرع التزامًا بمواكبة هذا التقدم نزولاً على مقتضيات المحافظة على الشرعية وسيادة القانون ، بما لا يجوز معه تطوير هذه الخدمة وتحديثها إلا من خلال الأساليب والوسائل الشرعية والتشريعية اللازمة ، كما أنه لاوجه للتحدي بأن مقابل الخدمة الميكروفلمية لا يعتبر رسمًا تأسيسًا على أن حصيلة هذا المقابل لا تذهب إلى الخزانة العامة ذلك أنه لما كان من المتفق عليه أن الغرض الأساسي من اقتضاء الرسوم مقابل الخدمة التي يؤديها المرفق العام هو غرض مالي فجهة الإدارة تستهدف من فرض الرسم الحصول على إيرادات للخزانة العامة تواجه بها جزءًا من النفقات العامة التي تتحملها الخزانة العامة في سبيل توفير هذه الخدمة ، ولما كان الثابت أن مقابل هذه الخدمة الميكروفيلمية لا تتحمله وزارة العدل ، ولا تتحمل أية نفقات في هذا الشأن طبقًا للعقد المبرم بينها وبين الشركة القائمة على هذه الخدمة ومن ثم فإن تحصيل هذه الرسوم والتي تئول حصيلتها لخزانة الشركة تمثل نفقة الخدمة الميكروفيلمية وبالتالي فإنه وإن كانت وزارة العدل لا تتحمل أية نفقة في مقابل هذه الخدمة فإن ذلك لا يغير من طبيعة هذا المقابل كرسم.
ومن حيث إنه من المقرر دستورًا وقانونًا أن الرسوم القضائية تعتبر مساهمة من جانب المتقاضين مع الدولة في تحمل نفقات مرفق القضاء ، والسبيل في ذلك فرض الرسوم القضائية بالأداة التشريعية المقررة دستورًا.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن الدستور قد مايز بنص المادة 119 منه بين الضريبة العامة وبين غيرها من الفرائض المالية سواء من حيث أداة إنشاء كل منها أو من حيث مناطها ، فالضريبة العامة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا من المكلفين بأدائها ، إسهامًا من جهتهم في الأعباء المالية ، دون أن يقابلها نفع خاص يعود عليهم من وراء التحمل بها ، في حين أن مناط استحقاق الرسم قانونًا أن يكون مقابل خدمة محددة بذلها الشخص العام لمن طلبها كمقابل لتكلفتها وإن لم يكن بمقدارها ، ومن ثم فإن تدخل المشرع بفرض رسوم على الدعاوي القضائية بوجه عام عوضًا عما تتكبده الدولة من نفقة في سبيل تسيير مرفق العدالة لا ينطوي على إخلال بحق الملكية أو بالحق في الميراث.
ومن حيث إن النص الطعين – بعدم الدستورية – نص المادة 75 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية في شأن تقدير الرسوم النسبية لا يتضمن مساسًا بحق التقاضي الذي كفله الدستور للناس كافة وإلزام الدولة بتقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في الدعاوي لأن ذلك لا يتعارض ومساهمة المتقاضين في نفقات تسيير مرفق العدالة على الوجه الذي لا يرهق وصول الحقوق لأصحابها (حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 136 لسنة 21ق.دستورية جلسة 5/ 5/ 2001).
ومن حيث إنه – بالبناء على ما تقدم جميعه – فإنه لما كان من المقرر أن الدستور لم يستلزم لفرض الرسم صدور قانون بتقريره بل اكتفى بأن يكون فرض الرسم بناء على قانون ، ومن ثم فإنه يتعين أن تستند القرارات الإدارية بفرض الرسوم إلى قوانين تجيز لها هذا الفرض ، وأن يكون ذلك في حدود إجازتها وإلا كانت هذه القرارات باطلة دستوريًا وافتقدت أساس الإلزام بها.
ومن حيث إن خلاصة القول في ذلك كله – فإن السبيل الوحيد لتقرير مساهمة المتقاضين في نفقات تسيير مرفق العدالة زيادة الرسوم القضائية المقررة في قوانين الرسوم القضائية والتوثيق والشهر أو صدور قانون بفرض الرسم ، وهذا ما أكده مسلك المشرع بإصدار القانون رقم 8 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 96 لسنة 1980 بفرض رسم إضافي لدور المحاكم.
ومن حيث إنه متى ثبت ما تقدم ، فإن القرار المطعون فيه يشكل خروجًا على مبدأ المشروعية الدستورية وغايتها أن تكون النصوص القانونية والقرارات الإدارية مطابقة لأحكام الدستور وتتبوأ هذه المشروعية قمة البنيان القانوني في الدولة وذلك لما شابه من عيب تمثل في غصب سلطة المشرع بفرض رسوم بالمخالفة لحكم المادة 119 من الدستور.
ومن حيث إنه لا يغير من ذلك القول بأن القرار الطعين كان يستهدف تنظيم مرفق القضاء بأساليب علمية حديثة عن طريق اتباع أسلوب تكنولوجي متقدم بإدخال نظام الميكروفيلم لتصوير القضايا وحفظها حتي يمكن الرجوع إليها بسهولة وحفظ وثائق ومستندات الدعاوى ، فإن مواجهة متطلبات العصر الحديث والاستفادة من الثورة العلمية والتكنولوجية واستخدام أحدث الوسائل العلمية في تدعيم نظام المحاكم وتطوير عمل الهيئات القضائية كإدخل نظام الحاسب الالكتروني لتخزين وضبط المعلومات والرجوع إليها بسهولة ، ونظام الخدمة الميكروفيلمية وغيرها من مخترعات العلم الحديث ومنجزات التقدم التكنولوجي ، فإن ذلك لا يكون إلا عن طريق تدخل المشرع بزيادة الرسوم القضائية لتقرير مساهمة المتقاضين في نفقات تلك الخدمات إعمالاً لمبدأ الشرعية وسيادة القانون.
ومن حيث إنه من جهة أخرى فإن القرار المطعون فيه قد تضمن قواعد تنظيمية عامة بقرار إداري بشأن نظام الخدمة الميكروفلمية ، فإنه للوصول إلى الرأي الراجح في المسألة المطروحة بشأن ما إذا كانت هذه القواعد تخالف نصوص قوانين أخرى من عدمه ، فإنه يتعين الرجوع إلى النصوص الحاكمة في هذا الشأن بداءة بالدستور الذي أفرد الباب الرابع منه لبيان المبادئ الدستورية التي يقوم عليها عنوان هذا الباب " سيادة القانون " وفيها خضوع الدولة للقانون ، واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات وكذا حق التقاضي ، وحق الدفاع ، كما أفرد المشرع الدستوري الفصل الرابع من الباب الخامس لبيان الأحكام الدستورية المتعلقة " بالسلطة القضائية " وأناط المشرع العادي تنظيم السلطة القضائية وتحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها.
ومن حيث إنه من المقرر أن الحقوق التي كفلها الدستور ومنها حق التقاضي ، وحق الدفاع ، فإنها ليست حقوقًا مطلقة ، وإنما يجوز تنظيمها تشريعيًا بما لا ينال من محتواها إلا بالقدر وفي الحدود التي ينص عليها الدستور.
ومن حيث إن المشرع أصدر التشريعات المنظمة لحق التقاضي وحق الدفاع ، وتنظيم الوظيفة القضائية وتحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها وإجراءات الالتجاء إلي القضاء وفيها قانون المرافعات وقوانين الرسوم القضائية والتوثيق والشهر وقانون السلطة القضائية رقم 46لسنة 1972 0
ومن حيث إن القرار المطعون فيه اعتورته عيوب أخرى بتحميله المتقاضين رسومًا أو نفقات بالمخالفة للقانون رقم 90 لسنة 1944 معدلاً بالقانون رقم 66 لسنة 1964 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية فضلاً عن انطوائه على وضع قيود على حق التقاضي وحق الدفاع والاختصاص الولائي للدائرة التي تنظر الدعوى لم يرد بها نص في القانون بالمخالفة لأحكام قانون المرافعات ، كما يتضمن مشاركة العاملين بالشركة القائمة على نظام خدمة الميكروفيلم لأعوان القضاء في سير العمل الإداري والقضائي بالمحاكم بالمخالفة لأحكام قانون السلطة القضائية آنف الذكر.
وقد انتهت المحكمة إلى حكمها سالف الذكر.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك ، وكان الثابت أن قرار السيد المستشار رئيس محكمة طنطا الابتدائية الصادر في 1/ 6/ 1998 المطعون فيه فيما تضمنه من قواعد تنظيمية عامة بشأن تطبيق نظام الخدمة الفيلمية بمحاكم طنطا قد شابته عيوب جسيمة طبقًا لما سلف بيانه مما يوصمه بعدم المشروعية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد نهج هذا المنهج فإن النعي عليه يكون في غير محله واجب الرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته إعمالاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلاً ، ورفضه موضوعًا ، وألزمت الطاعنين المصروفات.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات