المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 46 لسنة 48 ق عليا – جلسة 18/ 12/ 2004م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
(الدائرة الأولى – موضوع)
بالجلسة المنعقدة علنًا يوم السبت الموافق 18/ 12/ 2004م.
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان وحسن سلامة أحمد محمود
وأحمد عبد الحميد حسن عبود ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو – نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض
الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 46 لسنة 48 القضائية عليا
المقام من
خميس مرسي محمد
ضد
وزير الأشغال العامة والموارد المائية "بصفته" في حكم محكمة القضاء الإداري – الدائرة السادسة الصادر بجلسة 3/ 6/ 2001 في الدعوى رقم 9836 لسنة 52ق
" الإجراءات "
في يوم الثلاثاء الموافق 2/ 10/ 2001 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير طعن
قيد بجدولها تحت الرقم المشار إليه ، في حكم محكمة القضاء الإداري – الدائرة السادسة
الصادر بجلسة 3/ 6/ 2001 فى الدعوى رقم 9836 لسنة 52ق والذي قضى بسقوط الحق فى المطالبة
بالتعويض بالتقادم الثلاثي وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بالتعويض المناسب مع إلزام المطعون ضده المصروفات
عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني ، ارتأت فيه الحكم بقبول
الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلزام الجهة الإدارية
بأن تؤدى للطاعن التعويض الذي تقدره المحكمة جبرًا لما أصابه من أضرار ، وإلزام المطعون
ضده بصفته المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى فحص طعون جلسة 21/ 4/ 2003وتدوول نظره أمامها
إلى أن قررت بجلسة 17/ 5/ 2004 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى
موضوع لنظره بجلسة 26/ 6/ 2004 وتأجل نظره أمامها إلى جلسة 16/ 10/ 2004 وفيها قررت
المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق
به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، والمداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية حيث تقدم الطاعن في 17/ 7/ 2001 بطلب المساعدة
القضائية وقررت اللجنة في 26/ 8/ 2001 قبول الطلب وأقيم الطعن فى 2/ 10/ 2001 خلال
المواعيد المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 13/ 9/ 1998
أقام الطاعن الدعوى رقم 9836 لسنة 52ق أمام محكمة القضاء الإداري طالبًا فيها الحكم
بالتعويض المناسب عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقته وأسرته من جراء انهيار مصرف
حسين عبد الله والمصارف المتصلة به ، ذلك أن الماء ارتفع منسوبه فى هذا المصرف على
نحو غير مسبوق ، مما ترتب عليه أن غرقت أكثر من مائة وخمسة قرى ببلدة سيدي غازي ، بما
فيها من أراضِ زراعية ومن بينها قطعة الأرض التي يحوزها الطاعن ومساحتها ستة أفدنة
كان يزرعها بالمحاصيل الزراعية وتدر عليه دخلاً سنويًا قدره ألفان ومائتا جنيه للفدان
الواحد وذلك بخلاف الحيوانات والمواشي والأغنام التي نفقت وبوار الأرض الزراعية التي
أصبحت أرضًا مالحة غير صالحة للزراعة فضلاً عن تعرضه وأسرته للجوع والعراء والدمار
الذي حل به على مدى ثمانية وثلاثين يومًا عاشها وأسرته فى المياه المالحة فى شتاء البرد
القارس واضطراره للاستدانة لكي يسدد ما تراكم عليه من ديون للجمعية الزراعية ، فضلاً
عن تهدم مسكنه الذى يأويه هو وأسرته ، وتمثل الضرر الأدبى فيما أصابه وأسرته من تشرد
واستدانة وافتراش الأرض والشعور بالمذلة والاحتقار.
وبجلسة 3/ 6/ 2001 قضت المحكمة بسقوط حق المدعي فى المطالبة بالتعويض بالتقادم الثلاثي
، وشيدت قضاءها على أن واقعة الغرق تمت فى شهر ديسمبر 1991 وباشرت النيابة الإداره
التحقيق وحكمت المحكمة التأديبية بمعاقبة المسئول بعقوبة الفصل من الخدمة بجلسة 24/
2/ 1993 وبالتالي فإنه اعتبارا من هذا التاريخ يكون المدعي قد علم بالمتسبب فى وقوع
الضرر فكان متعينًا عليه إقامة الدعوى خلال موعد أقصاه 23/ 2/ 1996 تاريخ مضي مدة ثلاث
سنوات طبقًا للفقرة من المادة من القانون المدني ، وإذ أقام المدعي الدعوى
فى 14/ 9/ 1998 فإنها تكون قد أقيمت بعد مضي المدة المقررة ولا يغير من ذلك أن هذا
الحكم قد طعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا التى صدر حكمها فى 24/ 6/ 2000 بتخفيض
الجزاء إلى عقوبة اللوم بدلاً من الفصل من الخدمة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله
لأسباب حاصلها: أنه خالف عدة أحكام صدرت فى أنزعه مماثلة وتتعلق بانهيار المصرف المذكور
وتأيدت تلك الأحكام من المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى ، فضلاً عن أن دعوى
التعويض فى هذه الحالة لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية ، والتقادم يحسب اعتبارًا
من تاريخ صيرورة الحكم نهائيًا أي فى تاريخ 24/ 6/ 2000 وهو تاريخ آخر إجراء صحيح فى
الدعوى التأديبية.
ومن حيث إن الفصل فى النزاع الماثل يكمن فى الوقوف على أمرين: الأول – تاريخ العلم
بالمسئول عن الضرر ، والثاني – مصدر الضرر وما إذا كان عملاً ماديًا أم قرارًا إداريًا.
ومن حيث إنه عن الأمر الأول – وهو تاريخ العلم بالمسئول عن الضرر – فإنه لا جدال أن
كون الحادث الذى تسبب عنه الضرر ناشئًا عن أحد مصارف الري الخاضعة لإشراف وزارة الأشغال
العامة والموارد المائية – وهى معلومة للطاعن – يقتضي بحسب الأحوال أن يكون تاريخ وقوع
الحادث هو تاريخ العلم بالضرر وبالمسئول عنه فى ذات الوقت ، ذلك أن مرفق الري هو المسئول
قانونًا عن أعمال التطهير والصيانة للمصارف العمومية – ومنها المصرف محل النزاع – ومن
ثم فإن أي إهمال أو تقصير من جانبه فى إجراء هذه الأعمال يترتب عليه ضرر للغير يسأل
المرفق عن نتائجه بغض النظر عن تابعيه الذين تتحدد مسؤليتهم المدنية قبل المرفق على
أساس قواعد ومعايير الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي ، وهي مسئولية لا شأن للغير بها حيث
تنهض مسئولية المرفق عن تعويض المضرور مباشرة سواء تحققت مسئولية التابع أو لم تتحقق
، والقول بغير ذلك مؤداه انتفاء مسئولية المرفق إذا لم تقم مسئولية التابع المدنية
عن التعويض وهو ما لم يقل به الطاعن ذاته ، وعلى ذلك فإنه لا وجه لاتخاذ تاريخ الحكم
التأديبي – سواء الابتدائي أو النهائي – أساسًا للعلم بالمسئول عن الضرر الذي أصاب
الطاعن ، لا سيما أن الحكم قد فصل فقط فى مسئولية المحال التأديبية ولم يتعرض لمسئوليته
المدنية عن الخطأ الذي حوكم من أجله ، ويتعين تبعًا لذلك حساب تاريخ العلم بالمسئول
عن الضرر من تاريخ وقوع الضرر.
ومن حيث إنه عن الأمر الثاني – وهو تحديد طبيعة مصدر الضرر – فإنه لما كان التعويض
الذى يطالب به الطاعن ، يقوم على أساس خطأ الجهة الإدارية المتمثل فى الإهمال والتقصير
فى صيانة وتطهير المصرف محل النزاع ، مما نجم عنه ارتفاع منسوب المياه فى المصرف واندفاعها
إلى الخارج لتغرق أموال وممتلكات الطاعن ، وهذا الإهمال والتقصير لا يعدو أن يكون فعلاً
ماديًا أو مسلكًا إداريًا لا يرقى إلى مرتبة القرار الإداري بمفهومه الاصطلاحي ، وذلك
لتجرده من القصد أو الإرادة التى هى المناط فى قيام القرار الإداري سواء فى صورته الإيجابية
أو السلبية ، ومن ثم فهو يندرج فى نطاق العمل غير المشروع الذى يخضع الحق فى المطالبة
بالتعويض عنه للتقادم الثلاثي الوارد بالفقرة من المادة من القانون المدني
، والتى تنص على أن " تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء
ثلاث سنوات من اليوم الذى علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه ، وتسقط
هذه الدعوى فى كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع… " وغني
عن الذكر أن مناط سقوط الحق فى التعويض بانقضاء خمس عشرة سنة وفقًا لهذا النص ، هو
أن تمضي هذه المدة دون أن يعلم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه ، فإذا ما
علم بهما قبل انقضاء المدة فإن السقوط يخضع للتقادم الثلاثي.
من حيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان الثابت من الأوراق أن الحادث الذي تسبب عنه الضرر
للطاعن هو ارتفاع منسوب المياه بمصرف/ حسين عبد الله الخاضع لإشراف وزارة الأشغال العامة
والموارد المائية ، قد وقع فى عام 1991 ، الأمر الذى يفيد أن الطاعن علم بحدوث الضرر
وبالمسئول عنه – وهو وزارة الأشغال العامة – فى هذا التاريخ ، ومن ثم كان يتعين عليه
أن يقيم دعواه بطلب التعويض عن هذا الضرر فى ميعاد غايته ثلاث سنوات من هذا التاريخ
، وإذ لم يقم الطاعن برفع دعواه إلا فى عام 1998 بعد مرور ما يقرب من سبع سنوات ، فإن
حقه فى المطالبة بالتعويض يكون قد سقط بمضي ثلاث سنوات على النحو السابق بيانه.
وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد أصاب وجه الحق ولا مطعن عليه
، الأمر الذي يضحى معه هذا الطعن غير قائم على أساس من القانون خليقًا بالرفض.
ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الطاعن من أن الفقرة الواجبة التطبيق على النزاع ليست
هى الفقرة من المادة مدني وإنما الفقرة التى تقضي بعدم سقوط دعوى التعويض
إلا بسقوط الدعوى الجنائية ، ذلك أن المقصود بالجريمة فى هذه الفقرة هى الجريمة الجنائية
فى حين الجريمة الماثلة هى جريمة تأديبية وقد خص المشرع كلا من الجريمتين بميعاد سقوط
مستقل فى قانوني الإجراءات الجنائية والعاملين المدنيين بالدولة ، وبالتالي فلا وجه
لقياس إحداهما على الأخرى فى مجال سقوط الحق فى التعويض بالتقادم.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وألزمت الطاعن المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
