الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 7711 لسنة 47 ق عليا – جلسة 5/ 2/ 2005م

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع

بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم السبت الموافق 5/ 2/ 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم ود.محمد كمال الدين منير أحمد ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي

فى الطعن رقم 7711 لسنة 47 القضائية عليا

المقام من

هاني إسماعيل محمد

ضد

المستشار/ النائب العام "بصفته"
فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة فى الدعوى رقم 951 لسنة 55ق بجلسة 20/ 3/ 2001


" الإجراءات "

بتاريخ 16/ 5/ 2001 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها بالرقم عاليه فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة فى الدعوى رقم 951 لسنة 55ق بجلسة 20/ 3/ 2001 والقاضي فى منطوقه " أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها. ثانياً: بانتهاء الخصومة بالنسبة للمدعي الأول وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. ثالثاً: بقبول دعوى المدعيين الثاني والثالث شكلاً ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمتهما مصروفاته، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فى موضوعها ".
وطلب الطاعن – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم له بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بوقف تنفيذ القرار رقم 6194/ 2000 الصادر من المطعون ضده ( بصفته ) بمنع الطاعن من السفر، مع إلزامه المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى مع إلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة الأولى) بجلسة 5/ 5/ 2003، وبجلسة 17/ 5/ 2004 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولى/ موضوع ) وحددت لنظره جلسة 26/ 6/ 2004، وقد نظرته المحكمة بتلك الجلسة والجلسات التالية لها وذلك على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حيث قررت المحكمة إصدار الحكم الماثل بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة قد أحاط بها الحكم المطعون فيه وذلك على النحو الذي تحيل إليه هذه المحكمة منعاً من التكرار، وهى تخلص بالقدر اللازم لحمل منطوق الحكم الماثل على الأسباب فى أن الطاعن وآخرين أقاموا بتاريخ 9/ 11/ 2000 الدعوى رقم 951 لسنة 55ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة طالبين فى ختام صحيفتها الحكم لهم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار النائب العام بإدراج اسم كل منهم على قوائم الممنوعين من السفر وما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر المدعون – شرحاً لدعواهم – أن القرار المطعون فيه صدر من النائب العام بمنعهم من السفر وإدراجهم على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول لما نسب إليهم من ارتكاب جرائم الاعتداء على المال العام والاشتراك فيها المؤثمة بالمواد الواردة فى الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وفق المبين بمذكرة نيابة الأموال العامة المؤرخة فى 30/ 8/ 2000 من أن ثمة اتفاقا جنائياً بين المدعين بقصد الاستيلاء على أصول وأموال الشركة العربية للراديو والترانزستور والأجهزة الكهربائية " تليمصر" وقد تم قيد بلاغ مفتش إدارة مكافحة جرائم الاختلاس قضية برقم 615 لسنة 2000 حصر أموال عامة المقيدة برقم تحقيق 83/ 2000 حصر تحقيق أموال عامة عليا، وبعد سماع أقوال المبلغ وكذا أقوال المدعين الثلاثة صدر قرار برفع اسم المدعي عليه الأول من قوائم الممنوعين، فى حين ظل اسما المدعي عليه الثاني (الطاعن) والمدعي عليه الثالث. وقد خلص المدعون إلى طلب الحكم لهم بطلباتهم سالفة البيان على سند من مخالفة القرار المطعون فيه للدستور والقانون، لأن الاتهام الموجه إليهم لا يستند إلى دليل ويتعارض مع منطق الأمور حيث إن كلا من المدعيين الثاني (الطاعن) والثالث.. يمتلكان حوالي 70% من أسهم الشركة بعد أن قاما بشراء حصة الشركة القابضة للصناعات الهندسية وبالتالي فهما أكثر الناس حرصاً على مصلحة الشركة.
وبجلسة 20/ 3/ 2001 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيساً على الأسباب التى فصلها الحكم.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم لقواعد الإسناد وفساد التدليل، ومخالفة القانون، ولما هو ثابت بالأوراق. وقد خلص الطاعن فى تقرير الطعن الحكم له بالطلبات آنفة البيان. وقدمت هيئة قضايا الدولة بتاريخ 3/ 11/ 2004 مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم أصلياً برفض الطعن لأن هناك قضية برقم 615/ 2000 حصر أموال عامة عليا مقيدة ضد الطاعن وآخرين بسبب الاتهام سالف البيان. واحتياطيا: بالحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى المطعون على حكمها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن مناط وقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين هما ركن الجدية بأن يكون القرار قد شابه عيب من عيوب المشروعية مما يرجح معه إلغاؤه وركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإنه باستعراض أحكام الدستور يبين أن المشرع الدستوري جعل من الحرية الشخصية حقاً طبيعياً يصونه بنصوصه، ويحميه بمبادئه، فنص فى المادة منه على أن " الحرية الشخصية حق طبيعي، وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقاً لأحكام القانون. " ونص فى المادة منه على أنه "لا يجوز أن يحظر على أي مواطن الإقامة فى جهة معينة، ولا أن يلزم بالإقامة فى مكان معين، إلا فى الأحوال المبينة فى القانون. " ونص فى المادة على أنه " لا يجوز إبعاد أي مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إلها " كما نص فى المادة على أن " للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة إلى الخارج، وينظم القانون هذا الحق، وإجراءات وشروط الهجرة ومغادرة البلاد ".
ومن حيث إنه فى ضوء هذه المبادئ الدستورية، قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4/ 11/ 2000 فى القضية رقم 243 لسنة 21ق دستورية بعدم دستورية نصي المادتين (8 و11) من القانون رقم 97 لسنة 1959 فى شأن جوازات السفر، وكذلك بسقوط نص المادة من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996، استناداً إلى أن حرية الانتقال تنخرط فى مصاف الحريات العامة، وأن تقييدها دون مقتض مشروع إنما يجرد الحرية الشخصية من بعض خصائصها، ويقوض صحيح بنيانها، كما أن الدستور بنص المادة منه عهد إلى السلطة التشريعية وحدها تقدير هذا المقتضى، ولازم ذلك أن يكون الأصل هو حرية التنقل، والاستثناء هو المنع منه، وأن المنع من التنقل لا يملكه إلا قاض أو عضو نيابة عامة يعهد إليه القانون بذلك وينظم القواعد الشكلية والموضوعية لإصدار الأمر بذلك، فى ضوء الضوابط التى وضع الدستور أصولها، وعلى هذا فإن أي نص يخالف هذه الأصول يعتبر منسوخاً حتماً بقوة الدستور نفسه، باعتباره القانون الوضعي الأسمى.
لما كان ذلك فإنه وإن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن النيابة العامة شعبة أصيلة من السلطة القضائية، تتولى أعمالاً قضائية أهمها وظيفة التحقيق ثم وظيفة الاتهام أمام المحاكم الجنائية، وأن القرارات والإجراءات التى تتخذها بحكم وظيفتها القضائية تعتبر من صميم الأعمال القضائية، إلا أن النيابة العامة لا تستنهض ولايتها فى خصوص المنع من السفر إلا وفقاً لقانون ينظم القواعد الموضوعية والشكلية لإصدار قرارات بذلك، وأنه فى غياب هذا القانون، وفى ضوء ما قضت به المحكمة الدستورية العليا بحكمها سالف الذكر فلا تستنهض النيابة العامة هذه الولاية ولا تقوم لها قائمة، ويكون ما تصدره النيابة فى هذا الشأن مجرد إجراء فاقد لسنده الدستوري والقانوني مما تختص محاكم مجلس الدولة باعتبارها صاحبة الولاية العامة فى المنازعات الإدارية وفقاً لنص المادة من الدستور وقانون مجلس الدولة بمراقبة مشروعيته ووقف تنفيذه وإلغائه حسب الأحوال، وذلك هو عين ما أكدته محكمة النقض فى الطعن رقم 2361/ 55ق بجلسة 15/ 11/ 1988.
ومتى كان ذلك، وكان الأمر موضوع الطعن الماثل فيما جرى به من منع الطاعن من السفر لم يصدر وفقا لقانون ينظم قواعد إصدار ذلك الأمر، فإنه يكون قائماً على غير أساس، ويتوافر معه ركن الجدية، وكذلك ركن الاستعجال لتعلق الأمر بالمساس بحق من الحقوق الدستورية وبحرية من الحريات العامة، ومن ثم يغدو متعيناً صدقاً وعدلاً القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير النظر المتقدم، فإنه يكون قد صدر بالمخالفة للقانون فيما قضى به من رفض وقف تنفيذ قرار إدراج اسم الطاعن على قوائم الممنوعين من السفر مما يتعين معه الحكم بإلغائه فى هذا الخصوص، كما يتعين رفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة المبدى من هيئة قضايا الدولة لانتفاء الأمر القضائي بالمعنى المتقدم.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة مرافعات.

" فلهذه الأسباب "

حكمت المحكمة: –
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات