المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 7334 لسنة 47 ق عليا – جلسة 12/ 3/ 2005 م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 12/ 3/ 2005 م.
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان وأحمد عبد العزيز إبراهيم
أبو العزم و د. محمد كمال الدين منير أحمد و محمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس
الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو – نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض
الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن رقم 7334 لسنة 47 القضائية عليا
المقام من
المستشار/ النائب العام " بصفته"
ضد
هشام أحمد لبيب
فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 6930 لسنة 54 ق بجلسة
13/ 3/ 2001
الإجراءات
بتاريخ 7/ 5/ 2001 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن بصفته
قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم عاليه فى الحكم الصادر
عن محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 6930 لسنة 54 ق بجلسة 13/ 3/ 2001
والقاضى فى منطوقه " برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها
وبقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت
الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد
تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها ".
وطلب الطاعن بصفته للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ
وإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً أصلياً: بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر
الدعوى واحتياطيا: بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد. ومن باب الاحتياط الكلى: برفض
طلب وقف تنفيذ قرار النائب العام بإدراج المطعون ضده على قوائم الممنوعين من السفر,
وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً
وفى الموضوع برفضه وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون ( الدائرة الأولى ) وبجلسة 6/ 2/ 2004 قررت الدائرة
إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولى/ موضوع ) وحددت لنظره جلسة
13/ 3/ 2004, وقد نظرته المحكمة بتلك الجلسة والجلسات التالية لها وذلك على النحو الثابت
بمحاضر الجلسات, حيث قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن الماثل بجلسة اليوم, وفيها
أودعت مسودة الحكم المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة قد أحاط بها الحكم المطعون فيه على النحو الذى تحيل إليه
هذه المحكمة منعاً من التكرار, وهى تخلص بالقدر اللازم لحمل منطوق الحكم الماثل على
الأسباب فى أنه بتاريخ 16/ 4/ 2000 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 6930 لسنة 54 ق أمام
محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة طالباً الحكم له بوقف تنفيذ وإلغاء قرار النائب العام
بإدراج اسمه على قوائم الممنوعين من السفر, وما يترتب على ذلك من آثار.
وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة المذكورة وذلك على النحو الثابت بمحاضر
الجلسات, وبجلسة 13/ 3/ 2001 أصدرت المحكمة الحكم موضوع الطعن الماثل, وأقامت رفضها
للدفع بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى على أساس أن القرار المطعون فيه لا يصدق عليه
وصف القرار القضائى و لا يعدو أن يكون من قبيل القرارات الإدارية التى تخضع لرقابة
القضاء الإدارى. واستظهرت المحكمة توافر ركن الأسباب الجدية بناء على ما تبين لها من
الاطلاع على الأوراق أن قرار الاتهام الصادر من النائب العام فى القضية رقم 8693 لسنة
99 جنايات الأزبكية بإحالتها إلى محكمة أمن الدولة العليا قد جاء خلواً من اسم المدعى
رغم سبق اتهامه مع من شملهم قرار الإحالة فى تلك القضية أثناء تحقيقها بواسطة نيابة
الأموال العامة العليا, ولم تقدم جهة الإدارة ما يفيد اتهام المدعى فى قضايا أخرى أو
أن ثمة تحقيقات تجريها استلزمت استمرار إدراج اسم المدعى على قوائم الممنوعين من السفر,
وبعد أن كشفت المحكمة عن توافر ركن الاستعجال أصدرت الحكم المطعون فيه سالف البيان.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله
لأسباب حاصلها أن القرار الذى تصدره النيابة العامة لاستكمال تحقيق لديها بمنع أحد
الأشخاص من السفر لاستكمال التحقيق أو بدئه أو التحضير له هو قرار قضائى صادر من النيابة
العامة باعتبارها الأمينة على الدعوى الجنائية ولا يعد قراراً إدارياً كما أن العبرة
فى مشروعية قرار النائب العام المطعون فيه هى بوقت إصداره حيث كانت الدلائل تشير إلى
تورط المطعون ضده فى قضية اختلاس مال عام, هذا فضلاً عن أنه لا محل لتطبيق حكم المحكمة
الدستورية العليا الذى أشار إليه الحكم الطعين, وأخيراً فإن الدعوى مقامة بعد الميعاد,
وخلص الطاعن بصفته إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة البيان.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن مناط وقف تنفيذ القرار الإدارى توافر ركنين
هما: ركن الجدية بأن يكون القرار قد شابه عيب من عيوب المشروعية مما يرجح معه إلغاؤه,
وركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإنه باستعراض أحكام الدستور يبين أن المشرع الدستورى جعل
من الحرية الشخصية حقاً طبيعياً يصونه بنصوصه, ويحميه بمبادئه, فنص فى المادة منه على أن " الحرية الشخصية حق طبيعى, وهى مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا
يجوز القبض على أحد أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل, إلا بأمر تستلزمه ضرورة
التحقيق وصيانة أمن المجتمع, ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة,
وذلك وفقاً لأحكام القانون " ونص فى المادة منه على أنه " لا يجوز أن يحظر على
أى مواطن الإقامة فى جهة معينة, ولا أن يلزم بالإقامة فى مكان معين, إلا فى الأحوال
المبينة فى القانون " ونص فى المادة على أنه " لا يجوز إبعاد أى مواطن عن البلاد
أو منعه من العودة إليها " كما نص فى المادة على أن للمواطنين حق الهجرة الدائمة
أو الموقوتة إلى الخارج, وينظم القانون هذا الحق, وإجراءات وشروط الهجرة ومغادرة البلاد.
ومن حيث إنه فى ضوء هذه المبادئ الدستورية, قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4 من
نوفمبر سنة 2000 فى القضية رقم 243 لسنة 21 ق الدستورية بعدم دستورية نصى المادتين
و من القانون رقم 97 لسنة 1959 فى شأن جوازات السفر, وكذلك بسقوط نص المادة
من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996, استناداً على أن حرية الانتقال تنخرط
فى مصاف الحريات العامة, وأن تقييدها دون مقتضٍ مشروع إنما يجرد الحرية الشخصية من
بعض خصائصها, ويقوض صحيح بنيانها, كما أن الدستور بنص المادة منه عهد إلى السلطة
التشريعية وحدها تقدير هذا المقتضى, ولازم ذلك أن يكون الأصل هو حرية التنقل, والاستثناء
هو المنع منه, وأن المنع من التنقل لا يملكه إلا قاضٍ أو عضو نيابة عامة يعهد إليه
القانون بذلك وينظم القواعد الشكلية والموضوعية لإصدار الأمر بذلك, فى ضوء الضوابط
التى وضع الدستور أصولها, وعلى هذا فإن أى نص يخالف هذه الأصول يعتبر منسوخاً حتماً
بقوة الدستور نفسه, باعتباره القانون الوضعى الأسمى.
لما كان ذلك فإنه وإن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن النيابة العامة شعبة أصيلة
من السلطة القضائية, تتولى أعمالاً قضائية أهمها وظيفة التحقيق ثم وظيفة الاتهام أمام
المحاكم الجنائية, وإن القرارات والإجراءات التى تتخذها بحكم وظيفتها القضائية تعتبر
من صميم الأعمال القضائية, إلا أن النيابة العامة لا تستنهض ولايتها فى خصوص المنع
من السفر إلا وفقا لقانون ينظم القواعد الموضوعية والشكلية لإصدار قرارات بذلك, وأنه
فى غياب هذا القانون وفى ضوء ما قضت به المحكمة الدستورية العليا بحكمها سالف الذكر
فلا تستنهض النيابة العامة هذه الولاية, ولا تقوم لها قائمة, ويكون ما تصدره النيابة
العامة فى هذا الشأن مجرد إجراء فاقد لسنده الدستورى والقانونى مما تختص محاكم مجلس
الدولة باعتبارها صاحبة الولاية العامة فى المنازعات الإدارية وفقا لنص المادة 172
من الدستور, وقانون مجلس الدولة, بمراقبة مشروعيته ووقف تنفيذه أو إلغائه حسب الأحوال
وذلك هو ما أكدته محكمة النقض فى الطعن رقم 2361 لسنة 55 ق بجلسة 15/ 11/ 1988.
ومتى كان ذلك, وكان الأمر موضوع الطعن الماثل فيما جرى به من منع المطعون ضده من السفر
لم يصدر وفقاً لأحكام قانون ينظم قواعد إصدار ذلك الأمر, فإنه يكون قائماً على غير
أساس, ويتوافر معه ركن الجدية وكذلك ركن الاستعجال لتعلق الأمر بالمساس بحق من الحقوق
الدستورية بحرية من الحريات العامة, ومن ثم يغدو متعيناً صدقاً وعدلاً القضاء بوقف
تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بحسب الظاهر
من الأوراق فإنه يكون قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون محمولاً على أسباب هذا الحكم
ويضحى الطعن عليه غير قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون متعيناً الحكم برفضه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة مرافعات .
" فلهذه الأسباب "
حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
