الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 4584 لسنة 48 ق عليا – جلسة 26/ 3/ 2005م

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع

بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم السبت الموافق 26/ 3/ 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم ود. محمد كمال الدين منير أحمد ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي

فى الطعن رقم 4584 لسنة 48 القضائية عليا

المقام من

رئيس مجلس إدارة شركة بترول بلاعيم "بتروبل"

ضد

رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية
فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة فى الدعوى رقم 8721 لسنة 51ق بجلسة 10/ 1/ 2002


الإجراءات

فى يوم الخميس الموافق 7 من مارس سنة 2002 أودع الأستاذ/ وحيد محمد على المحامى بالنقض والإدارية العليا، قلم كتاب المحكمة تقرير طعن – قيد برقم 4584 لسنة 48 قضائية عليا – فى الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضي فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام الشركة المدعية المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي الصادر من الهيئة المطعون ضدها والمتضمن الامتناع عن الامتثال لأحكام القانون رقم 4 لسنة 1988 بالسماح بمرور خطوط أنابيب البترول والغاز فى الأراضي المملوكة للدولة وبدون أداء أية رسوم، ومنع تعرض الهيئة للشركة بما تطلبه من إتاوات مقابل الترخيص للشركة بالعمل فى المناطق ولايتها، وذلك لحين الفصل فى موضوع الطعن، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بالطلبات الواردة بصحيفة الدعوى وإلزام الهيئة المطعون ضدها بالمصروفات.
وجرى إعلان الطعن إلى الهيئة المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلزام الهيئة المطعون ضدها بأن تؤدى للشركة الطاعنة مبلغاً مقداره 97075 جنيهاً وكف المطالبة بأية مبالغ أخرى كمقابل انتفاع وعدم التعرض القانوني للشركة الطاعنة وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 5/ 1/ 2004 وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 3/ 7/ 2004 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولى – موضوع ) لنظره بجلسة 13/ 11/ 2004.
ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 29/ 1/ 2005 قررت إصدار الحكم بجلسة 26/ 3/ 2005 وصرحت بتقديم مذكرات فى شهر، وإبان هذا الأجل قدمت الهيئة المطعون ضدها مذكرة بدافعها.
وهذه الجلسة صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 18/ 12/ 1996 أقامت الشركة الطاعنة الدعوى رقم 16518 لسنة 1996 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، طالبة الحكم بكف التعرض القانوني للشركة المدعية وبراءة ذمتها من أداء مبلغ 53391.25 جنيهاً وبإلزام الهيئة المدعى عليها بأن تسدد لها مبالغ 97075 جنيهاً مع إلزامها بالمصروفات، وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً بصحيفة الدعوى.

وبجلسة 31/ 5/ 1997 قضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص مع إبقاء الفصل فى المصروفات، ونفاذاً لذلك الحكم وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى/ الدائرة الخامسة بالقاهرة وقيدت بجدولها العام برقم 8721 لسنة 51 قضائية.
وبجلسة 10/ 1/ 2002 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه برفض الدعوى وإلزام الشركة المدعية المصروفات، وشيدت المحكمة قضاءها على أنه طبقاً لأحكام قراري رئيس الجمهورية رقم 190 لسنة 1983 بإنشاء الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية ورقم 465 لسنة 1983 بتحديد المسطحات المائية التى تتولى الهيئة العامة لتنمية الثورة السمكية تنميتها والإشراف على تنفيذ قوانين الصيد بها، فقد آل إلى الهيئة المذكورة اعتبارا من تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 465 لسنة 1983 الإشراف على الأراضي المحيطة بالبحيرات حتى مساحة مائتي متر من شواطئها وأضحى للهيئة وحدها دون غيرها الحق فى استئداء مقابل الانتفاع بهذه الأراضي، وبناء عليه ولما كانت الشركة المدعية قد ارتبطت بعقد اتفاق مع الهيئة المدعى عليها للانتفاع بمساحة 19415 متراً مربعاً بمقابل 2.5 جنيه للمتر الواحد، على أن تزيد القيمة سنوياً بنسبة 10%، وقامت الشركة بسداد مبلغ 48537.500 جنيهاً قيمة الانتفاع سنة كتأمين، إلا أنها تقاعست عن تنفيذ التزاماتها قبل الهيئة بسداد قيمة الانتفاع السنوي ومقداره 53391.25 جنيهاً، وكانت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع قد أفتت بأنه ولئن كان الأصل فى الانتفاع بالمال العام أن يكون بدون مقابل لأنه لا يخرج عن أن يكون استعمالا للمال العام فيما أعد له، إلا أن ذلك لا يحول دون اتفاق الجهة المنتفعة والجهة المالكة على مقابل لهذا الانتفاع إذا ارتضت الجهة المنتفعة، ومن ثم فإن تقاعس الشركة المدعية عن سداد مقابل الانتفاع لا يؤازره صحيح القانون وعليها الالتزام بما تضمنه عقد الاتفاق المبرم مع الهيئة المدعى عليها لكون العقد شريعة المتعاقدين.
إلا أن الشركة المدعية لم ترتض الحكم المذكور فأقامت طعنها الماثل تنعى فيه على الحكم مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: أن الأسانيد التى قام عليها الحكم المطعون فيه وإن كانت صحيحة فى مواجهة الأفراد والجهات التى يتصل نشاطها بالثروة السمكية، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة للشركة الطاعنة باعتبارها إحدى الشركات المستفيدة من الحماية المقررة بالقانون رقم 4 لسنة 1988 الذى قضى بعدم خضوع أعمال وضع ومد خطوط أنابيب البترول والغاز الطبيعي فى الأراضي المملوكة للدولة لأي مقابل أو أية رسوم تحت أى مسمى، وذلك لما ارتآه المشرع من فائدة عظيمة للبلاد من وراء هذه الأعمال والمشروعات لا توازيها أية رسوم أو إتاوات ولا يجوز تعطيلها بسبب ذلك.
ثانياً: أن الاتفاق الذى أبرم مع الهيئة المطعون ضدها هو اتفاق باطل،لأنه لم يكن وليد إرادة حرة وإنما نتيجة إذعان لشروط الهيئة وتحت ضغط خشية ما يترتب على تعطيل الأعمال من أضرار تفوق الإتاوة التى تفرضها الهيئة، وقد أوضحت الشركة الطاعنة للهيئة رسمياً وكتابة لدى إخطارها بمد خط الأنابيب سيمر بحرم بحيرة المنزلة أن هذه الأعمال يجب أن تتم بدون سداد أية رسوم طبقاً للقانون مادامت الأرض من أملاك الدولة وليست ملكاً للأفراد، إلا أن الهيئة أجبرتها على الرضوخ عسفاً لسداد مقابل للترخيص مما اضطر الشركة إلى السداد ثم التوقف عنه فى السنة التالية بعد أن أوضحت للهيئة فى مكاتباتها أن تحصيل هذا المقابل مخالف للقانون، وأنه إزاء إصرار الهيئة على المطالبة بسداد مقابل الترخيص لم تجد الشركة الطاعنة بداً من اللجوء إلى القضاء بغية الحصول على حكم بإعمال صحيح القانون بشأن النزاع وتقرير الإعفاء الوارد بنص القانون رقم 4 لسنة 1988 بما يترتب عليه من براءة ذمة الشركة الطاعنة من المبلغ المطالب به من قبل الهيئة المطعون ضدها وكف تعرضها للشركة مع رد ما استأدته عسفا وإجباراً.
ثالثاً: أن الحكم المطعون فيه قد التفت عن كل هذه الحقائق ولم يتناول الرد على طلبات الشركة ولا على سندها فى هذه الطلبات المتمثل فى أحكام القانون رقم 4 لسنة 1988، وكيَّف الترخيص الصادر عن الهيئة بأنه عقد اتفاق بينما هو ترخيص إذعان وليد ضغط وإكراه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على القانون رقم 4 لسنة 1988 فى شأن خطوط أنابيب البترول، أنه قد ألزم فى المادة الأولى منه مالك العقار أو واضع اليد عليه بالسماح بمرور خطوط أنابيب المواد الهيدروكربونية السائلة أو الغازية بباطن الأرض، كما ألزمه بالسماح بتنفيذ جميع الأعمال اللازمة لوضع أو تركيب أو صيانة هذه الخطوط، وقضى فى المادة الرابعة بأن يكون وضع خطوط الأنابيب المشار إليها وإقامة المنشآت اللازمة لها فى الأراضي المملوكة للدولة بغير مقابل وبدون أداء أية رسوم، كما قضى فى المادة الحادية عشرة بأن يلغى كل نص يخالف أحكام هذا القانون.
ومن هذه الأحكام يتضح أن المشرع فى القانون رقم 4 لسنة 1988 المشار إليه قد أولى الجهات العاملة فى مجال مد خطوط أنابيب البترول رعاية خاصة، وأسبغ بأسلوب آمر الحماية على نشاطها ضد أي تعرض من شأنه أن يعرقل ممارسته، كما أعفاها من أية رسوم عن قيامها بمد خطوط الأنابيب أو إقامة المنشآت اللازمة لها فى الأراضي المملوكة للدولة، وأكد على هذه الحماية بأن جعل الإلغاء مصير كل نص أو اتفاق يخالف أحكام هذا القانون، وذلك كله تقديراً من المشرع لأهمية قطاع البترول وما يمثله هذا المنتج من ثروة هائلة ومصدر حيوي من مصادر الدخل القومي للبلاد.
ومن حيث إنه ولئن كان قد صدر فى تاريخ سابق على القانون رقم 4 لسنة 1988 سالف الذكر قرار رئيس الجمهورية رقم 190 لسنة 1983 بإنشاء الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، وناط بتلك الهيئة العمل على تنمية الثروة السمكية ومصادرها والإشراف على تنفيذ قوانين الصيد والقرارات المنفذة لها وذلك بالنسبة للمسطحات المائية التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية، وأنه تنفيذاً لذلك صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 465 لسنة 1983 محدداً هذه المسطحات لتشتمل جميع المسطحات المائية الداخلة فى بحيرات المنزلة والبرلس وأدكو وكذلك الأراضي المحيطة بالبحيرات حتى مسافة مائتي متر من شواطئها، إلا أن المشرع فى هذين القرارين لم ينقل ملكية الدولة لهذه المسطحات والأراضي إلى الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، ومن ثم فهى تظل على أصلها مملوكة للدولة وليس للهيئة المذكورة عليها سوى حق التنمية والإشراف فحسب، وبالتالى يكون للشركة الطاعنة الحق فى مد خطوط أنابيب البترول والغاز الخاصة بها داخل هذه الأراضي والمسطحات دون أية رسوم أو مقابل، وذلك عملاً بصريح نص المادة الرابعة من القانون رقم 4 لسنة 1988، لاسيما وقد نصت المادة الحادية عشرة من هذا القانون على إلغاء كل نص يخالف أحكامه.
من حيث إنه متى كان ذلك، فإن مطالبة الهيئة المطعون ضدها للشركة الطاعنة بأداء المبالغ محل النزاع والناجمة عن مد خطوط أنابيب الغاز الطبيعي بشاطئ مدينة بورسعيد مروراً بشاطئ بحيرة المنزلة لتهيئة الغاز لأن يكون صالحاً للتصدير، تكون والحالة هذه غير قائمة على أساس من القانون.
وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى غير هذه النتيجة، فإنه يكون قد تنكب وجه الصواب وخالف صحيح حكم القانون، مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء مجدداً بعدم أحقية الهيئة المطعون ضدها فى تقاضي أية رسوم من الشركة الطاعنة مقابل قيامها بمد أنابيب الغاز عبر المسطحات التى تشرف عليها الهيئة مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها براءة ذمة الشركة من المبالغ المطالب بها وإلزام الهيئة برد ما سبق أن قامت الشركة بسداده فى هذا الشأن.
ولا ينال من ذلك أن يكون ثمة اتفاق بين الطرفين على تقاضي مثل هذه الرسوم، إذ إن هذا الاتفاق قد جاء مخالفاً لأحكام القانون رقم 4 لسنة 1988 فيما تضمنه من إعفاء مد أنابيب البترول والغاز الطبيعي عبر المسطحات المائية والأراضي المملوكة للدولة من أية رسوم مع إلغاء كل نص يخالف أحكامه، وبالتالي فإنه يضحى إتفاقاً باطلاً وغير منتج لأي أثر قانوني، خاصة وأنه جاء على خلاف الإرادة الحرة للشركة الطاعنة حسبما أوضحت بصحيفة طعنها ولم تقدم الهيئة المطعون ضدها ما يدحض ذلك، فضلاً عن أنه من المقرر قانوناً أنه لا يجوز الاتفاق على ما يخالف النصوص الآمرة فى القانون.
كما لا يغير من ذلك ما دفعت به الهيئة المطعون ضدها من عدم قبول الدعوى المطعون على حكمها شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر للطعن بالإلغاء ولاختصاص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بنظر النزاع، ذلك أن الثابت من صحيفة الدعوى أن طلبات الشركة الطاعنة قد انصبت على طلب الحكم ببراءة ذمتها من المبالغ المطالب بها من قبل الهيئة المطعون ضدها وبرد ما سبق أن سددته إلى تلك الهيئة، وبهذه المثابة فإن الدعوى تعد من قبيل دعاوى الأحقية التى لا تتقيد بميعاد وإجراءات دعوى الإلغاء، كما أن الثابت أن الشركة الطاعنة – وهى طرف أصيل فى النزاع – من أشخاص القانون الخاص، وبالتالي ينحسر اختصاص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع عن نظر النزاع بينها وبين هيئة الثروة السمكية ( المطعون ضدها ) لكونه ليس بين طرفين من أشخاص القانون العام، وعليه يكون هذا الدفع فى غير محله ولا يعول عليه قانوناً.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

" فلهذه الأسباب "

حكمت المحكمة: –
بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم أحقية الهيئة المطعون ضدها فى تقاضي أية رسوم من الشركة الطاعنة مقابل قيامها بمد خطوط أنابيب الغاز الطبيعي عبر المسطحات المائية والأراضي التى تشرف عليها تلك الهيئة مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وألزمتها المصروفات.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات